أدانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، اليوم، استخدام قوات الأمن للعنف المفرط ضد المتظاهرين في محيط دار القضاء العالي بقلب القاهرة، كما أدانت تعدي هذه القوات على مقر نقابة المحامين وحصارها لمقرات مراكز حقوقية فتحت أبوابها للمصابين في الأحداث لتوفير الإسعافات الأولية لهم. وأشارت الشبكة في بيان لها، اليوم، أن حركة شباب السادس من إبريل قد قامت أمس 6 إبريل 2013، بتنظيم عدد من المسيرات السلمية في القاهرة وعدد من المحافظات، وذلك احتفالا بالذكرى الخامسة لإضراب المحلة في نفس اليوم من عام 2008 والذي كان علامة هامة على مسار تطور الحركة الاحتجاجية الشعبية ضد نظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، كما كان الحدث الذي أدي إلى تكوين حركة شباب السادس من إبريل التي حملت اسمه تخليدا له، وقد تحركت مسيرات القاهرة من عدة مناطق منها ميدان مصطفى محمود بالمهندسين في الجيزة ومنطقة دوران شبرا شمال القاهرة، وميدان السيدة زينب، ووصل المشاركون فيها إلى قلب القاهرة دون أي احتكاك بالأمن، وتجمع بعضهم بميدان التحرير بينما نظم البعض الآخر وقفة أمام دار القضاء العالي حيث يوجد مكتب النائب العام للمطالبة بتنفيذ أحكام القضاء التي ألغت قرار رئيس الجمهورية المنفرد بتعيين المستشار طلعت عبدالله نائبًا عامًا. وحسب روايات شهود عيان، فوجئ المشاركون بالوقفة بقوات الأمن تطلق الغاز المسيل للدموع عليهم بكثافة كبيرة من داخل مبنى دار القضاء العالي ومن مدرعاتها التي اندفعت نحو المتظاهرين لتفريقهم، واندلعت على إثر ذلك اشتباكات بين الطرفين، استخدمت قوات الأمن فيها إلى جانب القنابل المسيلة للدموع، الحجارة والأسلحة النارية (الخرطوش)، وشارك في الاشتباكات بين صفوف قوات الأمن مدنيون مجهولون، وأدت الاشتباكات إلى إصابة عشرات من بينهم ثلاثة على الأقل أصيبوا بشكل مباشر بأعينهم، كما أسفر تربص كمائن قوات الأمن المنتشرة في الشوارع الجانبية بالمتظاهرين عن اعتقال عدد مازال غير محدد منهم. وفي أثناء الاشتباكات فتح مقر نقابة المحامين الواقع في محيط الأحداث أبوابه للمصابين وتم إقامة مستشفى ميداني به، كما اسهم في إسعاف المصابين كل من مركز هشام مبارك للقانون، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وأدى ذلك إلى اعتداء قوات الأمن على مبنى نقابة المحامين بالقنابل المسيلة للدموع وطلقات الخرطوش كما حاولت اقتحامه بالقوة، وحاصر أفراد من قوات الأمن مدخل المبنى الذي توجد به مقرات المركزين الحقوقيين ومنعت الدخول إليه كما منعت من بالداخل من المغادرة. وقالت الشبكة العربية، إن وزارة الداخلية المصرية تعمل في إطار منظومة من مؤسسات الدولة على رأسها النيابة العامة في منهج باتت معالمه واضحة يستهدف بالأساس رفع كلفة الممارسات الاحتجاجية السلمية بغرض وقفها بشكل كامل، وتتلخص المعالم الرئيسية لهذا المنهج في مبادرة قوات الأمن إلى استخدام العنف في مواجهة المتظاهرين السلميين لجرهم إلى اشتباكات تستخدم فيها هذه القوات القوة المفرطة بهدف إيقاع أكبر عدد ممكن من الإصابات بين صفوف المتظاهرين، وتسمح هذه القوات لمدنيين مجهولين بمشاركتها في ممارسة العنف خارج إطار القانون ضد المتظاهرين، كما تسمح لهم بمشاركتها في إعداد كمائن في محيط الأحداث بهدف اعتقال أكبر عدد ممكن من المتظاهرين بشكل عشوائي أثناء تفرقهم بعد التعدي عليهم، ويتمثل دور النيابة العامة في توجيه الاتهام إلى المعتقلين بشكل جماعي دون وجود قرائن تثبت ارتكابهم لأي جرم ثم تأمر باحتجازهم لمدد متفاوتة أو تطلق سراح بعضهم بكفالات مالية باهظة على ذمة تحقيقات وقضايا تخلو من أي مضمون. وأضافت الشبكة إن هذا النهج الذي يحظى بغطاء سياسي لا لبس فيه من القيادة السياسية ومن جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي (حزب الحرية والعدالة)، بخلاف كونه ينطوي على عدد كبير من الانتهاكات القانونية والحقوقية، هو يعرض أمن وسلامة المواطنين للخطر بشكل جماعي، ومن ثم يهدد الاستقرار والأمن بالبلاد. وأعربت الشبكة العربية عن إدانتها بشكل خاص للاعتداء على مبنى نقابة المحامين والمتواجدين فيه، وقالت “إن الاعتداء على مؤسسة نقابية هو في ذاته انتهاك شديد الخطورة، فاذا اقترن بذلك العدوان على مكان تقدم فيه الإسعافات الأولية لمصابين وهو انتهاك يرقى لمرتبة الجريمة ضد الإنسانية اذا ما ارتكب في وقت الحرب، فإن هذا الانتهاك يصبح جريمة تؤشر لانحدار فادح في مستوى تعامل قوات الأمن المصرية مع الاحتجاج السلمي وخروجها الكامل عن السيطرة وخرقها الوقح لأبسط القواعد القانونية والإنسانية المتعارف عليها". وطالبت الشبكة العربية الرئيس المصري محمد مرسي بالاضطلاع بدوره الدستوري كرأس للسلطة التنفيذية لوضع حد لانفلات قوات الشرطة، ورفع الغطاء السياسي الذي يمنحه لها لممارسة العنف خارج أي أطر قانونية، كما طالبت بتحقيق مستقل وشفاف في أحداث العنف التي وقعت بالأمس وما سبقها، وأخيرا طالبت الشبكة السلطات المصرية باحترام الحق في التظاهر السلمي الذي انتزعه الشعب المصري وقدم في سبيل ذلك تضحيات بالغة، ومن ثم لا سبيل إلى تخليه عنه مرة أخرى.