وصلت مخاوف أندية الصدارة الفرنسية من طموح "القطريين" في الارتقاء بمستوى نادي العاصمة الفرنسية "باريس سان جيرمان"، لوضعه في مصاف الأندية الأوروبية العملاقة من أمثال برشلونة وريال مدريد وبايرن ميونخ وإيه سي ميلان إلى ذروتها هذا الأسبوع بعد أن تربع "باريس سان جيرمان" على رأس جدول ترتيب الدوري الفرنسي في أسبوعه الحادي والعشرين للمرة الأولى منذ 18 عاما بفارق الأهداف عن منافسه أوليمبيك ليون (42 نقطة لكل منهما) وبفارق نقطة عن أوليمبيك مارسيليا ليبدأ نادي العاصمة في تهديد عرش ليون ومارسيليا الذين هيمنا على الكرة الفرنسية خلال السنوات العشرة الأخيرة. فارتفاع مستوى "باريس سان جيرمان" صاحب الشعبية الجارفة في باريس رغم تاريخه المتواضع في كرة القدم، حيث أنه لم يفز ببطولة الدوري الفرنسي سوى عامي 1986 و 1994 بفضل الصفقات المدوية التي عقدتها الإدارة القطرية المالكة لباريس سان جيرمان والتي اقتربت خلال العامين الأخيرين من 150 مليون يورو (مليار و300 مليون جنيه مصري تقريبًا)خاصة شراء المهاجم السويدي العملاق زلاتان إبراهيموفيتش (20 مليون يورو) ونجم وسط منتخب الشباب البرازيلي لوكاس مورا (45 مليون يورو) قد أفقدت ناديي مارسيليا وليون أعصابهما فلم يجدا أمامهما سوى الاستغاثة بميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم للإسراع في تفعيل مبادرته المعروفة باسم "فاينانشيال فير بلاي" أو قوانين اللعب المالي النظيف بعد أن أدركا بكل وضوح عدم قدرتهما على مجاراة مليارات جهاز قطر للاستثمارات الذي أشترى جزءًا من أسهم نادي "باريس سان جيرمان" في عام 2011 واستكمل شراؤه في عام 2012 مقابل 131 مليون دولار. ونجحت الضغوط التي بذلها ناديا ليون ومارسيليا على الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) بهدف كبح جماح القطريين في إقناع نواب الشعب باستدعاء ميشيل بلاتيني نجم فرنسا في الثمانينات للحصول على مزيد من المعلومات عن مبادرة اللعب المالي النظيف التي تم بالفعل تفعيلها لدرجة أنها عاقبت 23 ناديًا أوروبيًا بحرمانهم من المكافآت المالية التي تمنح عادة للأندية المشاركة في دوري الأبطال الأوروبي وأوروبا ليج (دوري أوروبا) و على رأسها أندية أتلتيكو مدريد وسبورتينج ليشبونة وفينرباخ التركي بسبب تخطي المصروفات عائدات هذه الأندية نتيجة ارتفاع رواتب اللاعبين وتدعيم الصفوف بصفقات بالملايين. وقد استمعت اللجنة التي شكلها البرلمان الفرنسي بشأن قوانين اللعب المالي النظيف خلال ساعتين هذا الأسبوع إلى شرح واف من بلاتيني بحضور الأمين العام لليويفا جياني انفانتينو بخصوص مواصلة تطبيق قوانين اللعب المالي النظيف في أوروبا بما فيها تطبيق بنودها على الأندية الفرنسية. وكشفت صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية أن بلاتيني الفائز بلقب أفضل لاعب في أوروبا ثلاث مرات في الثمانينات من القرن الماضي شرح للنواب الفرنسيين المشاكل التي تواجهها الأندية الفرنسية من وجهة نظر قوانين اللعب المالي النظيف لاسيما ارتفاع رواتب اللاعبين في أندية الصدارة الفرنسية لدرجة أنها تلتهم 90 % من ميزانية هذه الأندية. فزلاتان إبراهيموفيتش على سبيل المثال يحصل على راتب يبلغ قيمته 15 مليون يورو صافي (135 مليون جنيه مصري تقريبا) من نادي باريس سان جيرمان وهو راتب مرتفع للغاية مقارنة بعائدات النادي لو أضيف إلى هذا الراتب مكافآت الفوز بالبطولات. وأكد بلاتيني خلال اللقاء أن مبادرة قوانين اللعب المالي النظيف، تنص على ضرورة ألا تلتهم رواتب اللاعبين والعاملين في الأندية نسبة تزيد عن 65 % على أكثر تقدير من إجمالي ميزانيتها، مؤكدا أن الوضع المالي المتأزم للأندية الأوروبية الكبرى بما فيها الأندية الفرنسية يتطلب ألا تتخطى الرواتب و المصروفات الأخرى ما تحصل عليه هذه الأندية من عائدات. وأكد بلاتيني - خلال الاجتماع- على تصميم اليويفا على تطبيق قانون ضرورة عدم تخطي الرواتب والمصروفات ما تحققه الأندية من عائدات بكل صرامة، مشيراً إلى أن هذا القانون سيصبح ملزمًا وإجباريًا لجميع الأندية الأوروبية اعتبارا من عام 2014 وإلا سيعاقب النادي المخالف بالمنع من المشاركة في البطولات التي ينظمها اليويفا. وصرح تييري برايار منسق اللجنة البرلمانية الفرنسية الخاصة بقوانين اللعب المالي النظيف بأن بلاتيني شرح للجنة أهمية مبادرته لإنقاذ الأندية الأوروبية من الإفلاس بعد أن إرتفع العجز المالي للأندية الأوروبية من 700 مليون يورو عام 2008 إلى 7ر1 مليار يورو عام 2011 . وأضاف أن نواب الشعب الفرنسي شعروا خلال اللقاء بمدى تصميم و جدية بلاتيني في تنقية وتطهير مناخ الكرة في أوروبا، مشيرا إلى أن بلاتيني رفض مع ذلك خلال الاجتماع ذكر اسم أي نادي فرنسي أو أوروبي بعينه حتى يدرك الجميع أن مبادرة قوانين اللعب المالي النظيف ستخدم جميع الأندية بلا استثناء على المدى القصير والطويل. ونفى تييري برايار أن تكون اللجنة البرلمانية تعمل بتحريض من ناديي ليون ومارسيليا ضد ملايين القطريين أصحاب نادي باريس سان جيرمان، معتبرا كل من يحاول التشكيك في حيادية اللجنة ونزاهتها يكون قد وجه بذلك إهانة غير مقبولة لممثلي الشعب الفرنسي. وقال برايار في هذا الصدد: "هذه اللجنة ليست لصالح نادي ليون أو ضد باريس سان جيرمان، لكنها لجنة وطنية تعمل لصالح الشعب الفرنسي ورياضة كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى في فرنسا". وأشار إلى أن بلاتيني أكد ضرورة أن يستثمر أصحاب الأندية في إنشاء مراكز للتدريب واكتشاف المواهب و لبنية التحتية الرياضية في أنديتهم أفضل من تكريس كل الأموال لرواتب اللاعبين والانتقالات. واختتم برايار حديثه لصحيفة لوباريزيان بالتأكيد أن اللجنة ستستمع في وقت لاحق إلى رئيس نادي باريس سان جيرمان القطري ناصر الخليفي ورئيس نادي ليون جون ميشال أولاس قبل أن تطرح اللجنة تقريرها على البرلمان لكي يعطي قوة القانون لتطبيق قوانين اللعب المالي النظيف أو الاكتفاء بتطبيقها من جانب اليويفا. وترى مصادر عربية في أوروبا أن قوانين اللعب المالي النظيف تستهدف في المقام الأول الأندية التي يمتلكها عرب لاسيما نادي مانشيستر يونايتد الذي يملكه الشيخ منصور بن زايد آل نهيان أحد أمراء الأسرة الحاكمة في الإمارات و نادي باريس سان جيرمان المملوك لجهاز الإستثمارات القطري . وكان رئيس نادي باريس سان جيرمان ناصر الخليفي قد أكد أنه لا مشكلة لناديه مع مباردة بلاتيني المعروفة بإسم قوانين اللعب المالي النظيف. وأضاف في مقابلة مع صحيفة " بيلد " الألمانية تعقيبا على إنتقادات رئيس نادي بايرن ميونيخ كارل هاينز رومينيجه بشأن الصفقات الفلكية التي يعقدها نادي باريس سان جيرمان لا سيما صفقتي إبراهيموفيتش و لوكاس " نحن نحترم جميع قواعد اللعب المالي النظيف ،لكن ينبغى على كل نادي أن يركز على إدارته فقط و يحترم عمل باقي الإدارات " . وعن تصريح رومنيجه بأن راتب إبراهيموفيتش أسقطه مريضا ( 15 مليون يورو ) قال الخليفي " فاليذهب رومينيجه لإستشارة طبيب". ولكن ما هي قوانين اللعب المالي النظيف؟، ولدت قوانين اللعب المالي النظيف من رغبة بلاتينى فى ارساء تكافؤ الفرص بين 660 نادى هى عدد اندية الدرجة الاولى فى اوروبا موزعة على 53 دولة اوروبية. فعندما جاء ميشيل بلاتينى رئيسا لليويفا فى 2007 تحدث عن ما اسماه " النظام التجارى المستفحل فى الكرة " و كيف انه يغتال اللعبة و قال انة " يجب حماية الكرة من المال " و بالتالى فقد حول ما كان يؤمن بة الى قوانين صلبة على أرض الواقع. ويقول جيانى انفانتينو السكرتير العام لليويفا ان الشرارة الاولى كانت اكتشاف اليويفا ان ديون الاندية ال 16 الكبرى في أوروبا قد وصلت إلى مليار يورو و هو رقم مخيف و كان سيؤدى لكارثة لا محالة، ويرى المحلل دافيد كون ان عدم سماح اليويفا للاندية بوجود ديون كبيرة حتى ولو كان رؤساء هذه الاندية فاحشى الثراء و يستطيعون سداد هذه الديون وراءه سببان رئيسيان السبب الاول: ان اعتماد النادي بشكل كبير على ثروة رئيس النادى يعرض النادي لمشاكل تهدد وجوده فى حالة مغادرة الرئيس او خسارتة لثروتة و هذا ما حدث فى بورتسموث عندما جفت اموال جيداماك و فى وستهام عندما ذابت بلايين الايسلندى جدماندسون بل و ايضا فى مانشستر سيتى عندما أثرت قضايا الفساد على شيناواترا و فى العديد من الاندية الاخرى على نفس المستوىالسبب الثانى : أن اليويفا ترى انه حتى فى حالة عدم وجود ادنى شك فى استقرار رئيس النادى فان الاموال التى يتم ضخها يستخدم الجزء الاكبر منها فى تمويل التضخم فى اجور اللاعبين بدلا عن زيادة الاهتمام بجوانب اكثر اهمية مثل قطاع الناشئين والبنية التحتية للنادى و الملعب الخاص بالنادى . و يبدو هذا واضحا بشدة فى انجلترا حيث كشفت صحيفة الجارديان ان اندية البريمير ليج حققت في عام 2008 ارباحا قياسية تقدر ب 1ر2 بليون جنيه و لكنها انفقت 68\% على الاجور مما ادى لان 16 نادى من ال 20 حققوا خسائر فى الميزانية النهائية و بلغ مجموع الخسائر 484 مليون جنيه . ولكن يبقى السؤال وهو هل يستهدف تطبيق قوانين اللعب النظيف رؤساء الأندية الأثرياء بصفة عامة أم أنها تستهدف الإماراتيون و القطريون بصفة خاصة ؟.
