برهامي: طلبت من شيوخ التصدي ل«تواضروس» عودة «الحسبة» تردع «المخالفين».. ولا توجد حرية بغير ضوابط الاستفتاء نزيه واتهامات «الإنقاذ» بالتزوير «كذب».. والإعلام يشن علينا «حملة مسعورة» المدنيون وقعوا على الدستور ثم تراجعوا «لأنهم مش فاهمين» حظر الحبس فى جرائم النشر ضد المساواة.. و«الصحفى ليست على راسه ريشة» لا نية لتكوين جماعات أمر بالمعروف ونهى عن المنكر «وكل هذا ينظمه القانون»
زعم الدكتور ياسر برهامى، النائب الأول لرئيس الدعوة السلفية، أن الكنيسة أرادت «تفجير الجمعية التأسيسية» لصياغة الدستور، عبر الاعتراض على المواد الخاصة بالشرعية الإسلامية، وهو أمر غير مقبول، حسب قوله.
وعزف «برهامى» فى حوار ل«الصباح» على أوتار النعرة الطائفية، إذ كشف عن أنه وجه دعاة ومشايخ بما وصفه باستنكار هجوم البابا تواضروس على المادة المفسرة لمبادئ الشريعة، ووصفه لها بالكارثية، مبررا كلامه الذى تسرب فى مادة فيلمية عبر موقع «أنا السلفى» بشأن «خداع الليبراليين والكنيسة» فى التأسيسية، بأنها كانت محاولة لإقناع شيوخ سلفيين بأن الدستور ليس حراما، وليس ضد الشريعة.
وقال إن المزاعم التى تروج لها جبهة الإنقاذ، بوجود تزوير واسع النطاق، فى الاستفتاء، محض أكاذيب لخداع الرأى العام، مهاجما فى الوقت ذاته وسائل الإعلام التى تقود حملة «مسعورة» ضد التيار الإسلامى.
وقال «برهامى»: إن نسبة الموافقة على الدستور وهى 64% جيدة جدا، لافتا إلى أن نتائج الاستفتاء تعكس تراجعا فى شعبية الإسلاميين نظرا لما وصفه بالحملة غير المحايدة التى تشنها وسائل الإعلام ضد التيار الإسلامى، فضلا عن سلوكيات بعض الإسلاميين السيئة.
وأشار نائب رئيس الدعوة السلفية إلى أنه قصد فى الفيديو، بعبارة «المحكمة الدستورية لازم تتظبط»، تطهير قوانينها التى لم تمنع أعضاءها من التدخل فى السياسة و«التغول» على السلطتين التشريعة والتنفيذية، مشيرا إلى أن بعض قضاة المحكمة تدخلوا بشكل فج فى الأمور السياسية.
وأكد أن الحديث عن عزل شيخ الأزهر جاء ردا على قول بعض الحضور بأن النص الخاص بعدم قابلية شيخ الأزهر للعزل مخالف للشريعة، فقلت إن هناك فرقا بين العزل وبلوغ سن التقاعد؛ فالمقصود بحظر عزل شيخ الأزهر فى الدستور هو منع رئيس الجمهورية من عزله، لذا عندما قلت إننا قد نعزل شيخ الأزهر بالقانون، لم أكن أقصد الدكتور أحمد الطيب بعينه، وإنما قصدت أنه يمكن عزل شيخ الأزهر بصفة عامة من خلال تحديد سن التقاعد ب65 سنة مثلا بقانون تحدده هيئة كبار العلماء، حسبما يقول برهامى.
وإلى نص الحوار..
* ما تعليقك على نتيجة الاستفتاء على الدستور؟ - نسبة الموافقة على الدستور وهى 64% جيدة جدا، وارتفاع معدل الموافقة ب«نعم» بين المرحلة الأولى، وكانت نسبة الموافقة فيها «57.5%»، ونتيجة المرحلة الثانية «71%»، يدل على أن نسبة المقتنعين فى زيادة مستمرة كلما أخذ الدستور حظه من الشرح والتفسير، والقوى السياسية الرافضة للدستور لو تركت الفرصة للمناقشة والحوار بدلا من التظاهرات لكان أفضل للمواطن. إن قصر المدة الزمنية بين الانتهاء من صياغة الدستور، وطرحه للاستفتاء، التزامًا بالمواعيد التى حددها الإعلان الدستورى الأول للمجلس العسكرى، تسبب فى التأثير سلبا على الرأى العام، الذى سعى معارضو الدستور إلى تشويهه، ومن ثم انخفض معدل التصويت، لأن قطاعا كبيرا من الشعب صار مشتتا مذبذبا، لا يعرف الصواب من الخطأ. أما بالنسبة لما يقال من أن نسبة الموافقة على الدستور لا تعكس توافقا مجتمعيا حول الدستور، فهذا مردود عليه بأن هذه النسبة من المعدلات العالية الجيدة، بالمقاييس العالمية، وحدثت فى أكثر الدول ديمقراطية، لاسيما أن من صوتوا ب«لا» نسبتهم «36%» لا يمثِّلون مشروعًا واحدًا، وإنما اعترض كل فريق منهم على مجموعة من المواد، بحيث لا يمكن اعتبار أن هناك مادة من مواد الدستور رفضت بنسبة «36%». * البعض يرى أن نسبة الموافقة تعكس تراجعا فى شعبية الإسلاميين بالمقارنة باستفتاء 19 مارس.. فما رأيك؟ - هذا صحيح؛ فهناك حملة إعلامية شرسة، يقودها إعلام غير محايد بلا مصداقية ضد التيار الإسلامى، وهذه الحملة أثرت على قطاع من الشعب الذى لم يقرأ الدستور. هناك تراجع طفيف، لكنه غير مؤثر، بسبب هذه الحملة، بالإضافة إلى أن الإسلاميين أيضا ساهموا بطريقة ما، فى تقليل نسبة الموافقين على الدستور، على شاكلة الشيخ مصطفى العدوى، الذى صرح بأن من يصوت ب«نعم» فهو آثم، وهناك شيوخ رفضوا الاستفتاء من الأساس. والحقيقة أن بعض الشيوخ تسببوا فى تنفير الناس منا، بسبب ألفاظهم النابية، واستخدامهم الشتائم والسب والقذف، بما لا يوافق المنهج الإسلامى. * ماذا عن اتهامات التزوير التى توجهها جبهة الإنقاذ والقوى المدنية؟ - هذا كذب محض، فأنا لم أطلع على حالة واحدة مما زعمت الجبهة، وهناك لجنة عليا مخصصة للتحقيق فى الانتهاكات والفصل. إن إلقاء التهم جزافا غير مقبول، ولو كان هناك تزوير لأعرض الشعب عن المشاركة فى الاستفتاء، ولو كنا قادرين على التزوير لوصلت نسبة الموافقة إلى 99% كما كان يحدث فى العهود السابقة وليست 64%. نحن ندعو جميع القوى السياسية إلى احترام آليات الديمقراطية، وعدم وأد التجربة فى مهدها، وندعوها إلى طرح التعديلات التى يطالبون بها فى صياغة قانونية واضحة ومسببة، حتى يتم حولها نقاش مجتمعى، ونحن نقبل تعديل بعض المواد بشرط حدوث توافق من القوى السياسية عليها وليس توافقهم هم فقط.
* الفيديو المنتشر لك أخيرا تسبب فى حالة كبيرة من الجدل.. ما حقيقة هذا المقطع؟ - هذا المقطع مسجل فى ملتقى العلماء والدعاة، الذى نظمته الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح فى الثانى والعشرين من الشهر الماضى، والفيديو المنتشر فى وسائل الإعلام مبتور من سياقه، ونشر فى هذا التوقيت من أجل كسب أرضية شعبية لقوى المعارضة فى المرحلة المقبلة، والحديث فى هذا المقطع كان موجها لقطاعات من المشايخ والعلماء فى مقام الرد على رفضهم للدستور، وقد تضمن المقطع كلاما لى حول المادة «219» المفسرة لمبادئ الشريعة الإسلامية، ومادة عدم قابلية شيخ الأزهر للعزل، وعبارات حول لزوم تطهير المحكمة الدستورية العليا، وكذلك حول إمكانية تفعيل قانون الحسبة، والمادة الحاكمة على باب الحقوق والحريات وهى المادة «81»، ومناقشة حول الرقابة الشرعية على الصحف قبل صدورها وقد اجتزئ الكلام من سياقه. * ماذا قصدت بقولك إن الدستور الجديد سيقيد حرية الفكر والإبداع والتعبير؟ - هذا الكلام كان فى مقام الرد على حديث بعض الحضور فى الملتقى، عن أن الدستور أعطى حرية الردة والكفر والإباحية، فقلت إن هذا غير صحيح؛ فممارسة الحقوق والحريات مكفولة لكنها مقيدة بمقومات المجتمع وعلى رأسها الشريعة الإسلامية، فلايوجد حرية بلا ضوابط، والمادة «81» التى تقول إن الحقوق والحريات تمارس بما لايتعارض مع المقومات الأساسية للمجتمع حاكمة للدستور، ووافقت عليها لجنة الحقوق والحريات بالإجماع، برئاسة المستشار إدوارد غالب وقالوا إنها تحافظ على الدولة، هذه المادة واضحة جدا فهى لا تلغى الحقوق والحريات ومنها حرية الفكر والإبداع والتعبير، وإنما تقيدها بمقومات المجتمع وهى ليست قاصرة على الشريعة. أقول هل إذا جاء شخص يدعو لزواج المثليين، وينشر ذلك فى وسائل الإعلام هل نسمح له بذلك؟.. بالطبع لا فهذا يتعارض مع المقومات الأساسية للدولة والمجتمع. أتساءل: هل يأتى شخص ويرسم كاريكاتيرا يستهزئ فيه من الملائكة، ثم يقول إن هذا إبداع؟.. أقول له لا هذا يتعارض مع مقومات المجتمع. أحد الحضور قال إن الدستور يبيح حريات مخالفة للشريعة، لذا أرفض الدستور فقلت له لا مواد الحريات مقيدة ومنضبطة فكيف ترفض الدستور؟ * لكنك لوحت بعودة قانون الحسبة، وهو ما أعاد إلى الأذهان قضية الدكتور نصر حامد أبوزيد والحكم بردته والتفريق بينه وبين زوجته؟ - قانون الحسبة موجود منذ أوائل الثلاثينيات وحتى عام 2005 حينما عدله مبارك، وقصر الحق فى إقامة الدعوى على النيابة العامة، دون عموم الناس، ما أفقد المجتمع قدرته على الحفاظ على قيمه، وهو ما أدى إلى إصابة المجتمع المصرى بالسلبية، وهذا القانون يعطى المواطن العادى الحق فى أن يرفع قضية على أى شخص عندما يجد مخالفة للنظام العام. أما قضية الدكتور نصر حامد أبوزيد، فهل نسمح لشخص بالطعن فى القرآن والرسول ونقول «ملناش دعوة» يكفى أن محكمة مدنية حكمت بردته والتفريق بينه وبين زوجته، لذا فعودة الحسبة للزجر والردع أمام من يرتكب مثل هذه المخالفات ويجعل المواطن إيجابيا. وأؤكد أنه لم يكن فى هذا أى إشارة لتكوين جماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وكل هذا ينظمه القانون، ولا يمكن أن يتم من خلال الأفراد وإلا عمت الفوضى. * تحدثت عن الرقابة الشرعية على الصحف والحبس فى جرائم النشر.. ماتوضيحك؟ - أنا لم أتحدث عن الرقابة الشرعية على الصحف، وإنما أحد الحضور هو من طالب بذلك فى الدستور، فقلت له إن هذا مستحيل فأنا لم أطلب ذلك ولن نفرض رقابة شرعية على الصحف. أما الحبس فى جرائم النشر، فهل عندما يرتكب الصحفى جريمة يعاقب عليها المواطن العادى لايعاقب هو؟ نحن نرفض ذلك، فهذا نوع من أنواع التمييز وعدم المساواة ومخالفة للدستور، والقانونيون الموجودون فى التأسيسية قالوا إن حظر الحبس فى جرائم النشر مخالف لمبدأ المساواة، والصحفى «ليس على رأسه ريشة». والصحفى عندما يطعن ويسب يقال إنها جرائم نشر وهذا مرفوض، والبعض تحدث عن الغرامة ورفضنا ذلك، فنحن نعرف من يمول الصحف ومن سيدفع الغرامة. * ماذا عن مادة عزل شيخ الأزهر وحديثك عن صفقة بينكم وبين الأزهر عبر النص على عدم عزل الإمام الأكبر مقابل المادة المفسرة للشريعة؟ - دعنى أوضح الحقيقة كاملة حول ما نشر فى الفيديو، ماذكرته عن عزل شيخ الأزهر كان ردا على قول بعض الحضور بأن النص الخاص بعدم قابلية شيخ الأزهر للعزل مخالف للشريعة، إذ يمكن أن ينحرف شيخ الأزهر أو يرتد عن الإسلام، فقلت إن هناك فرقا بين العزل وبلوغ سن التقاعد؛ فالمقصود بحظر عزل شيخ الأزهر فى الدستور هو منع رئيس الجمهورية من عزل شيخ الأزهر وهو ماينتقص من استقلالية الأزهر، لذا عندما قلت إننا يمكننا عزل شيخ الأزهر بالقانون لم أكن أقصد الدكتور أحمد الطيب بعينه، وإنما قصدت أنه يمكن عزل شيخ الأزهر بصفة عامة من خلال تحديد سن التقاعد ب 65 سنة مثلا بقانون تحدده هيئة كبار العلماء عندما يبلغها يترك منصبه بمعنى أنه «غير قابل للعزل ولكنه عندما يبلغ سن معينة يترك منصبه». وكان جوابى بأن هذه المجموعة من المواد مع بعضها سبب التوافق لا يمكننا أن نقسمه، فوجود المادة الخاصة بالنصارى واليهود سبب لموافقتهم، ومادة عدم قابلية شيخ الأزهر للعزل طالب بها ممثلو الأزهر، ووافقنا عليها لأنها حق وليس مجرد صفقة، وإقرارنا بهذه المادة خير دليل على عدم سعينا فى إزاحة الشيخ الطيب، من منصبه كما يزعم البعض. وأؤكد فى هذا السياق احترامى وتقديرى للأزهر الشريف كهيئة ولشيخه منصبا وشخصا، فتربطنى علاقة خاصة من الود والتقدير مع الدكتور أحمد الطيب وأحرص على استمرارها ولا أسمح لأحد أن يعمل على إفسادها. * لكن ظهر من الفيديو الحديث عن صفقات وتوافقات ما رأيك؟ - لم يكن هناك صفقة بين أى من الاتجاهات داخل الجمعية التأسيسية، وإنما كان هناك اتفاق تم التوقيع عليه وكل اتجاه فيه بما يراه حقا وأقر الآخرون بهذا الحق له، وكان من بين الموقعين شيخ الأزهر وممثلو الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة وممثلو الاتجاه الليبرالى وممثلو الكنيسة، وتضمن هذا الاتفاق التوافق على المادة الثانية كما هى فى دستور 71، والتوافق حول المادة «219» المفسرة لها، والمادة الخاصة بشيخ الأزهر، فالتوافقات تكون عبارة عن مجموعة مواد مع بعضها البعض. * لكنك عندما تحدثت عن المادة المفسرة للشريعة قلت «عدت عليهم ثم قالوا إنها كارثية» لماذا؟ - لم نخدع أحدا فهناك أساتذة قانون وغيرهم داخل الجمعية يفهمون جيدا معنى المادة، أما من وقّع على شىء ثم قال بعد ذلك إنه كارثى يسئل هو عن ذلك، وهل الأساتذة الكبار والمستشارون «مش فاهمين»؟ أما المقصود بعدم فهم البعض لمعنى كلمة مصادر: فيكمن فى أن بعضا ممن ليسوا قانونيين، لم يفهموا، فى حين أن أساتذة القانون والمستشارين والقضاة الموقعين يعرفون معناها، وكون البعض وقَّع من غير فهم فهذه مسئوليته وليس خداعا منا أو تلونا فى الخطاب. *ما المقصود ب «المحكمة الدستورية لازم تتظبط» من وجهة نظرك؟ - تطهير المحكمة الدستورية العليا ليس مقصودا منه أحد من مستشاريها بعينه، وإنما المقصود تطهير قوانينها التى لم تمنعهم من التدخل فى السياسة والتوغل على السلطتين التشريعية والتنفيذية لذا نص الدستور على صلاحية المحكمة الدستورية فى النظر فى مدى دستورية القوانين وحددتها الجمعية التأسيسية فى الرقابة السابقة وليست اللاحقة، حتى لا نكرر ماحدث فى السابق حين قامت المحكمة بحل مجلس الشعب بالمخالفة للإرادة الشعبية. أما تقليص عدد أعضاء المحكمة إلى 11 عضوا، فهو عدد مناسب، وهناك محاكم دستورية على مستوى العالم، عدد أعضائها أقل من ذلك بكثير، وهناك أعضاء داخل المحكمة تدخلوا فى السياسة بطريقة فجة، اعتمادا على حصانتهم الدستورية مثل المستشارة تهانى الجبالى التى صرحت فى الإعلام بأنهم لن يسمحوا للإسلاميين بتمرير ما يريدون. *قلت فى الفيديو أن الكنيسة لم تحصل على ماتريد.. ماذا كانت تريد الكنيسة ولم تحصل عليه؟ - العكس تماما هو الصحيح، فالكنيسة حصلت على ماتريد، وتحديدا المادة الثالثة الخاصة باحتكام غير المسلمين من المسيحيين واليهود لشرائعهم، فى شئونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية. الكنيسة حصلت على ما تريد، لكنها كانت تريد تفجير التأسيسية، عبر آليات غريبة، منها على سبيل المثال، الاعتراض على المادة المفسرة للشريعة الإسلامية التى وضعتها هيئة كبار العلماء.. هذا غير مقبول أو متخيل، ولايمكن لمسلم أن يقبل أن تفسر الكنيسة مبادئ الشريعة الإسلامية، أو يعترض البابا على تفسير الأزهر لمبادئ الشريعة. *هل طالبت الدعاة والشيوخ بمهاجمة البابا تواضروس؟ أنا طالبتهم باستنكار هجومه على المادة المفسرة لمبادئ الشريعة ووصفه لها بالكارثية، وعندما قلت ذلك الجميع يهاجمنى الجميع الآن، وامتلأت وسائل الإعلام بالفيديو، أما عندما قال البابا تواضروس المادة المفسرة كارثية لم يهاجمه أحد.