اهتمت الصحف الأمريكية الصادرة اليوم الأحد برصد الأوضاع الانسانية والميدانية في سوريا بعد أن أجبرت الحرب الأهلية الدائرة هناك ملايين السوريين على الفرار من مدنهم خشية الموت أو الاعتقال. فقد ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الموالين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد بدأوا يتدفقون منذ فترة قريبة على مدينة طرطوس الساحلية التي لا تزال في منأى عن القصف أو الاشتباكات التي تدور يوميا في أغلب المدن السورية بين القوات النظامية والثوار. وأوضحت الصحيفة - في مقال لها أوردته على موقعها الألكتروني - أن هذا التدفق تسبب في ازدحام المدينة ومن ثم انتعاش حركة البيع والشراء وخروج الأسر إلى التنزه على الكورنيش على غير العادة في مثل هذا التوقيت من العام، فيما أدى تواجد القاعدة البحرية الروسية في ميناء المدينة إلى تعزيز انطباع بسيط بإمكانية النجاة والفرار من البلاد إذا لزم الأمر. وأشارت إلى أن أغلب المتدفقين الجدد ينتمون إلى الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس بشار الأسد وأن معظمهم جاءوا من العاصمة "دمشق" بعد أن رأوا أن الإقامة في المنازل الصغيرة المطلة على البحر المتوسط خيرا من البقاء في خضم معارك باتت تلوح في الأفق وتقترب من العاصمة. وتعليقا على هذا الشأن، نقلت الصحيفة عن أحد الصحفيين السوريين قوله إن الذهاب إلى طرطوس شبيه بالذهاب إلى دولة مختلفة، فهي تتمتع بأمان تام ولم تتأثر بعد بالمعارك، مشيرا إلى أن النزلاء الجدد للمدينة يرغبون في الاستمتاع بحياتهم بينما يقاتل جيشهم في خارج المدينة. وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إنه حال وقوع دمشق في أيدي الثوار، فإن طرطوس ربما تكون فيما بعد جوهر محاولة جديدة لتأسيس دولة مختلفة، حيث يتوقع البعض أن الأسد ونخبته الأمنية سوف يحاولون النجاة بأنفسهم من خلال تأسيس دولة علوية على طول الساحل وتكون طرطوس عاصمتها. واستدلت الصحيفة الأمريكية على طرحها في هذا الصدد بأن رصدت بوادر تحقيق هذه التوقعات على أرض الواقع، حيث أعلن محافظ طرطوس في وقت سابق من الشهر الجاري عن قدوم خبراء لدراسة إمكانية إقامة مطار محلي صغير لتعزيز حركة التنقل والتجارة والسفر والسياحة، وهو ما يأتي بالتزامن مع شن المعارضين هجمات هي الأولى من نوعها على المطار الدولي في دمشق. وعلى صعيد أخر، سلطت صحيفة واشنطن بوست الضوء على الوضع الانساني للاجئين السوريين في البلاد المجاورة، والذين تجاوز عددهم ال 200 ألف لاجئ وهو رقم تراه الأممالمتحدة قابلا للتضاعف بحلول منتصف العام القادم، لا سيما مع قدوم فصل الشتاء. وذكرت الصحيفة - في تعليق لها أوردته على موقعها الألكتروني - أن حياة اللاجئين السوريين أضحت أصعب عقب قدوم فصل الشتاء، وهو وضع ربما يكون أسوء بالنسبة لعدد من المخيمات المنتشرة بداخل سوريا نفسها خاصة مع وجود نقص في امدادات الغذاء وانقطاع الكهرباء. وأوضحت أن صعوبة فصل الشتاء طالت أيضا أجمل المخيمات في تركيا مثل مخيم "يايلاداجي"، والذي أمدته الحكومة التركية بالكهرباء وجهزته بالعديد من وسائل الراحة المصممة لجعل حياة الاف السوريين المتواجدين هناك محتملة. وقالت الصحيفة إنه على الرغم من هذه الإمكانات التي لبت أغلب الاحتياجات الأساسية للحياة، إلا أن العديد من اللاجئين السوريين يرون أن احتمالات قضاء شتاء جديد للعام الثاني على التوالي بعيدا عن وطنهم تعد بمثابة شيئ يبعث على اليأس والإحباط خاصة بعد أن تسببت هطول الأمطار لأسبوعين متواصلين في ازياد الأمور سوءا.