عبدالناصر الحاضر الغائب.. والباعة الجائلون يسيطرون على محيط «الاتحادية» عندما تدخل إلى محيط قصر الاتحادية تجد جميع المداخل المؤدية للقصر مغلقة سواء من شارع الأهرام أو إبراهيم اللقانى أو شارع الميرغنى بالأسلاك الشائكة والحواجز الحديدية والأسمنتية، وتجد أيضا لجانا شعبية من المعتصمين بجانب قوات الأمن، والحرس الجمهورى يقومون بالكشف عن هوية كل المترددين على المكان، خوفا من أى هجوم أو تواجد مثيرى الشغب أو المنتمين للتيارات الإسلامية حتى لا يقع أى اشتباكات.
«الصباح» شاركت المعتصمين أمام الاتحادية ليلة كاملة لرصد الأجواء المحيطة بهم، وردود فعل سكان المنطقة المطلة على القصر الجمهورى.
كان لافتا زيادة فى عدد الخيام أمام القصر، حيث قام المتظاهرون من معارضى قرارات الرئيس من الأحزاب السياسية «الدستور والتيار الشعبى والمصريين الأحرار والاشتراكيون الثوريون وحركة 6 أبريل»، بنصب أكثر من 25 خيمة جديدة فى محيط القصر، ليصل عدد الخيام أمام القصر إلى نحو 75 خيمة.
فيما تواجد عدد من أهالى محافظة المحلة، الذين قاموا بنصب خيمة لهم مكتوب عليها: «هنا مقر سفارة جمهورية المحلة الكبرى»، أمام قصر الاتحادية، فيما تواجدت المستشفيات الميدانية منها مستشفى الشهيد علاء عبدالهادى الميدانى.
وقام المعتصمون برفع أعلام مصر أعلى خيامهم، وبعض اللافتات التى تطالب برحيل الرئيس مرسى وإسقاط النظام، ووضع المعتصمون على بوابات القصر والشوارع الجانبية لافتات تطالب برحيل النظام، وصورة كبيرة للرئيس مرسى مكتوبا بجانبها GAME OVER ارحل.
« الثوار يعتصمون والسياسيون يغيبون».. هذه الجملة قام بترديدها أحد الشباب المعتصمين أمام القصر، الشاب يدعى مصطفى السيد، وهو غير منتمٍ لأى حزب سياسى، لكنه معتصم أمام الاتحادية، للتعبير عن رفضه لسياسات الإخوان والرئيس محمد مرسى، أكد مصطفى ل«الصباح» أنه يرى اجتماعات عديدة للقوى السياسية المعارضة للرئيس وعلى رأسها جبهة الإنقاذ الوطنى التى يقودها حمدين صباحى ومحمد البرادعى وعمرو موسى.
وقال «مصطفى» إن دور هؤلاء السياسيين المعارضين فقط هو الظهور فى الإعلام والتحدث باسمنا فقط، لكنهم لا ينزلون إلى الميدان والاعتصام إلا قليلا، قائلا: «إحنا لقينا السلطة مش مننا.. فيمنفعش تبقى المعارضة كمان مش مننا».
عند المرور من الحواجز الحديدية والأسمنتية التى وضعتها قوات الأمن والجيش على المداخل المؤدية للقصر تجد تجمع العديد من الأشخاص يهتفون ضد محمد مرسى ومرشد الإخوان محمد بديع وخيرت الشاطر نائب المرشد، لكن لن يستقبلك الثوار وحدهم، فستجد الباعة الجائلين فى استقبالك أيضا، وبائعى البطاطا، واللب والسودانى، والذرة المشوى، كما ستجد أيضا أصحاب الكراسى الذين حولوا محيط الاتحادية ليلا إلى مقهى يشربون فيه الشاى وكل ما هو ساخن من أجل التدفئة من برودة الجو، كما ستجد أيضا خيام المعتصمين على جانبى الطريق أمام القصر.
المعتصمون أمام الاتحادية اختلفت انتماءاتهم السياسية والفكرية ما بين ليبرالى واشتراكى وعلمانى، لكن جميعهم اتفقوا على شىء واحد وهو ضرورة إسقاط النظام الحالى وجماعة الإخوان فى حالة عدم الاستجابة وتنفيذ مطالبهم، التى تمثلت فى إلغاء الإعلان الدستورى الجديد، وإلغاء دعوة الاستفتاء على الدستور يوم السبت المقبل.
كانت الساعة تشير الى الحادية عشرة مساء، حيث تتزايد برود الجو وانخفاض درجة الحرارة، بدأ المعتصمون فى الدخول إلى خيامهم، البعض منهم خلد إلى النوم مبكرا استعدادا لمليونية الثلاثاء، والبعض الآخر يسهر داخل الخيمة وتدور الحلقات النقاشية حول القرارات والتصريحات التى أدى بها عدد من المسئولين والسياسيين، كما يقومون أيضا بمناقشة سبل التصعيد فى حال عدم الاستجابة للمطالب، ومنهم أيضا من يقوم بغناء بعض الأغانى الثورية، وإلقاء بعض بيوت الشعر حتى يتذكروا معا أجواء ميدان التحرير طوال ثورة يناير.
بعد اتهام أعضاء جماعة الإخوان والتيارات الإسلامية للمعتصمين أمام الاتحادية بأنهم ممولون ويأكلون جبنة نستو، على غرار ما فعله «مبارك» مع الثوار فى ميدان التحرير واتهامهم بأنهم يتلقون وجبات كنتاكى مقابل البقاء فى الميادين وإشاعة الفوضى، قامت حركة شباب 6 أبريل بتعليق لافتة أعلى خيمتها أمام القصر بشارع الأهرام مكتوبا عليها «أيوه عندنا جبنة نيستو.. نيستو دى ولا مش نيستو يامتأسلمين ياتجار الدين».
المشهد اللافت أيضا هو انتشار صور الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، فى تنبه منهم للمطالبة بالعدالة الاجتماعية وبالاهتمام بالبسطاء، ورغبتهم أيضا فى أن يكون هناك استقلال للقرار دون الرجوع للغرب. «عبدالناصر» لم يكن حاضرا مع المتظاهرين فقط، لكن مع الباعة الجائلين الذين يرون فى صور الزعيم الراحل مصدرا للرزق، عندما يقومون ببيعها إلى المتظاهرين والمعتصمين أمام القصر. المشهد البارز أيضا هو رسامو الجرافيتى الذين رسموا جميع جدران القصر، ما بين رسومات لصور الشهداء، ورسومات لوجه نصفه محمد مرسى الرئيس الحالى والنصف الآخر للرئيس المخلوع «مبارك» كإشارة إلى أنهم لم يختلفوا كثيرا عن بعضهم، كما ستجد أيضا بعض الهتافات المكتوبة على الجدران ضد الرئيس والجماعة، كما ستجد أيضا متحف الثورة، الذى أقيم بشارع الميرغنى أمام بوابه «4» للقصر، الذى ضم صور شهداء الثورة والأحداث التى تلتها حتى أحداث قصر الاتحادية الأسبوع الماضى، وهى محاطة بالورود والشمع.
«أحمد» من أسرة إخوانية ويعتصم ضد «مرسى» وقف شاب يدعى أحمد السيد أمام قصر الاتحادية ليشارك المعتصمين ضد الرئيس محمد مرسى، رافعا شعار «الشعب يريد إسقاط النظام»، ومع الاقتراب منه قال إنه متواجد منذ أسبوع فى الاعتصام، وإنه اشتراكى، ولا ينتمى لأى حزب سياسى. وقال إن والدته عضو فى جماعة الإخوان، ووالده عضو فى حزب النور السلفى، ورغم هذا فإنه نزل إلى قصر الاتحادية للاعتراض على سياسات الإخوان والرئيس. «أحمد» أصيب فى وجهه يوم الأربعاء الماضى عندما نزل شباب الإخوان إلى محيط القصر لضرب المتظاهرين والمعتصمين، وعندما رجع إلى بيته وسألته والدته عن إصابته قال لها «إنتوا السبب فى اللى حصلى أنا وزمايلى عند الاتحادية»، ورغم ذلك لا يدع أحمد يوما إلا وذهب فيه إلى الاتحادية للتظاهر والتعبير عن رأيه.
رجل يبحث عن كنز قارون أمام الاتحادية حضر رجل إلى قصر الاتحادية، قادما من محافظة الفيوم لمقابلة الرئيس محمد مرسى، حاول الدخول إلى القصر من بوابة رقم «5»، وعندما منعته قوات الأمن والحرس الجمهورى من دخول القصر، قال لهم: إن لديه معلومات خطيرة يريد أن يقولها للرئيس مرسى ستساعد فى تحقيق نهضة البلاد. سيد عبدالواحد على، فلاح من محافظة الفيوم، تجاوز عمره ال«85» عاما، تحاورت معه «الصباح» بعد أن تم منعه من مقابلة الرئيس محمد مرسى، أكد أنه يعلم مكان كنز قارون، ويطالب الرئيس مرسى بضرورة تخصيص لجنة للتنقيب عنه فى الفيوم بالقرب من بحيرة قارون. وأشار إلى أنه سيساعد كثيرا فى تحقيق نهضة للبلاد بدلا من الاستناد إلى الغرب، وأخذ قروض منهم بشروطهم.