ما بين ثائر وجريح وشهيد.. جاءوا من شتى المحافظات تعرفهم من سيماهم ولغتهم، ليس لهم انتماءات سياسية ولا يعرفون شيئا عن الدستور، كما أنهم لا يدرون شيئا عن هذه التجمعات سوى أنها تدر عليهم دخلا يدبرون به شئون حياتهم، بعضهم كان يردد هتافات تطالب برحيل الرئيس المخلوع «مبارك»، حيث لم يصل إليه بعد أنه الآن فى محبسه.. لا يعرف بعضهم أن هناك رئيسا منتخبا، فالأمر لا يعنيهم، كل ما يشغلهم هو العملات الفضية والورقية التى يجمعونها من تلك المسيرات التى افترشوا بضائعهم إلى جانبها، ما أحال ساحة قصر الاتحادية الرئاسى إلى سوق شعبية أشبه بسوق «العتبة» وسط القاهرة. وقف عم إبراهيم بائع الشاى، مرتديا عمامته، واضعا أمامه عددا من الأكواب و«موقد صغير» وبعض أكياس من السكر وعلب الشاى، قال إن كوب الشاى يباع مقابل 2 جنيه. نافيا تأييد أو معارضة الرئيس، وأن كل ما يؤيده هو «أكل العيش». مضيفا «اللى ملوش قلب ملوش رزق». ولهذا قد يلجأ إلى الجحيم طالما أن هناك زبائن يتوافدون عليه. ذراع عم إبراهيم اليمنى شاهدة على أحداث الاتحادية، فإصابته التى ألمت به أكد أن سببها «رجال الإخوان الذين جاءوا لا يفرقون بين متظاهر ثورى وبائع متجول»، ليقول فى نهاية حديثه «منهم لله الإخوان خربوا البلد». سوق الاتحادية لم تقتصر على باعة الشاى، فعلى بُعد سنتيمرات وقف بائعو الأعلام وعربات «الكشرى» ، و«حمص الشام» والساندويتشات، والفيشار، وبائعو المشروبات الغازية والبطاطا و«الذرة المشوى»..كانوا جميعهم يصطفون أمام سور القصر.