ميدان التحرير أو دولة الميدان هي ليست مجرد حدود وحواجز ولكنها لمحات وروايات قرر المراقب أن يرصدها ليتأكد أنه في أشد الأوقات صعوبة لا يمكن أن يتخلى المصريون عن دعاباتهم التي لا تنضب فبينما أسير في ميدان التحرير وجدت أحداً ينادي " علم الثورة ب5 جنيه بس .. شيل علمك وشجع ثورتك " فنظرت إليه لأجده بائع الأعلام .. أما بائعي السجائر فينادون " سجاير سجاير قبل ماتنام .. احجز لبكرة .. مش هتبق فاضى الصبح " .. بينما ينادي بائعي ساندويتشات الكبده والفول والطعمية والجبنه " كله موجود .. ورزقنا عالموجود ".. كما تجد بائعي الشاي والحلويات والفيشار واللب والسوداني وحتى الكشري كل له ندائه الخاص والطريف. تجد المعتصمين يلعبون الشطرنج والسيجا والكوتشينة والطاولة والدومينو وبعضهم يؤلف النكات وعلى نغمات العود يتجمع المعتصمين ليغنوا أغاني سيد مكاوى ومحمد منير وعمرو دياب . الفنون لها نصيب في الميدان فأمام مقر جامعة الدول العربية بالميدان يصطف الشباب صفين على جانبي طريق قصر النيل ويرددون أغاني تنادى بعدم المغادرة والبقاء حتى رحيل الرئيس ويؤدون حركات راقصة وكأنهم فرقة فنية تدربت سوياً لشهور طويلة. لا يخلو الميدان من اللمحات الرومانسية فقد نشأت علاقات داخل الميدان أو امتدت من خارج الميدان إلى داخل فتجد شاب وشابه يتحدثون..يتحاورون..يعلو صوت بعضهم .. وينخفض صوت آخرين.. تراهم دائمي الابتسام.. وكأنهم جالسين في ليلة صيف هادئة على كورنيش النيل غير عابئين بكل الضجيج الذي يدور حولهم . احذر إذا دخلت الميدان لأنك مراقب ففورا ستجد واحد أو اثنين يقومان بمراقبتك وإذا تجولت بالميدان ظلا خلفك وإذا ناقشت أحدا يأتي ويستمع لما تقوله ثم يتوجه للمنصة ويتحدث قائلاً " احذروا من المندسين العملاء للنظام الذين يحاولون تخريب عقولكم بمناهضة الثورة وترك ميدانها" ويطالب بإخراجهم فوراً .