قال المستشار غبريال جاد عبد الملاك رئيس مجلس الدولة أثناء افتتاحية المؤتمر المصري الفرنسي بحضور السفير الفرنسي بالقاهرة، وعدد من شيوخ وقضاة مجلس الدولة السابقين والحاليين، على رأسهم المستشار طارق البشري، أن المجلس الخاص – أعلى سلطة إدارية بمجلس الدولة – قد اجتمع وتبيّن له أن عدداً من الطعون قُدمت أمام محكمة القضاء الإداري لوقف تنفيذ وإلغاء الإعلان الدستوري الأخير الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، وبالتالي فلابد من الامتناع عن إبداء أية آراء حول هذا الإعلان أو نقده، طالما أن الأمر معروض أمام محكمة القضاء الإداري . وطالب المستشار غبريال، من جميع الحاضرين في مؤتمر دور مجلس الدولة في التحوّل الديمقراطي، عدم التعرّض أو إبداء الآراء حول الإعلان الدستوري الجديد الصادر من الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية، سواء بالتلميح أو التصريح المباشر لأن محكمة القضاء الإداري هي صاحبة الاختصاص في ذلك. وأكد رئيس مجلس الدولة أن المجلس قد تمسك في مشروع الدستور الجديد بضرورة النص صراحة على أن مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، يختص وحده دون غيره بالفصل في كافة المنازعات الإدارية والدعاوى والطعون الإدارية، ويتولى الإفتاء في المسائل في الجهات وصياغة القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية التي تُحال إليه. وقال أن المجلس يقوم دائماً بدور حامي الحقوق والحريات العامة قبل ثورة 25 يناير وبعدها، وحققت أحكامه العدل بين المتقاضيين إعلاءً لمبدأ سيادة القانون، ولهذه الأحكام أثرها البالغ في إقامة العدل في البلاد، وأحكامه لا تنظر لمصلحة طرف دون آخر، وتوازن بين مصلحة الطرفين، المصلحة العامة، ومصلحة الأفراد وحريتهم الخاصة. بينما قال المستشار حمدي ياسين عكاشة رئيس نادي قضاة مجلس الدولة، أن الديمقراطية الحقيقة تحتاج إلى قضاء مستقل بعيداً عن أي تدخل من السلطات الأخرى، واستقلال كامل للقضاء وتلزم عدم التدخل بشكل مباشر أو غير مباشر في عمل السلطة القضائية، وأنه لا يجوز تكريس جميع السلطات في يد فرد واحد، مشيراً إلى أن الكثير من دول العالم أطاحت بالنظم الديكتاتورية، ولكنها استبدلتها بدكتاتورية أخرى، وفشلت في عملية التحول الديمقراطي. وأضاف عكاشة في كلمته أن مجلس الدولة ساهم في تفجير ثورة 25 يناير بكثير من الأحكام القضائية التي كشفت عن فساد العملية الانتخابية للبرلمان في عام 2010، وزاد الطين بلة عدم تنفيذ هذه الأحكام مما أشعل الثورة. ولفت إلى أن أول الإشكاليات التي تواجه العلاقة بين الثورة والتحول الديمقراطي، هو تحديد المسار الذي سيتم اتباعه بعد الثورة وربط العلاقة بين الشرعية الثورية والشرعية الديمقراطية والشرعية الدستورية والقانونية. من جانبه قال المستشار طارق البشري النائب الأول لرئيس مجلس الدولة الأسبق، أنه بعد ثورة 25 يناير، تطورت أحكام مجلس الدولة خاصة في الفترة الانتقالية، التي شهدت دوراً سياسياً للسلطة القضائية، متمثلاً في الأحكام التي أصدرتها والتي ارتبط بعضها بأحكام تتعلق بالسياق السياسي والاجتماعي للبلاد، كما أن بعض القرارات الإدارية كانت تحمل سمات سياسية، وهو ما يجوز بشرط ألا يشتغل القاضي بالسياسة. وأضاف البشري أنه تعلم من مجلس الدولة الموضوعية والبُعد عن الذاتية والوقوف مع الحق"، مشدداً على أن الثورة يجب أن تزيح السلطة السياسية التي قامت عليها وتزيح النخبة المرتبطة بهذه السلطة، لافتاً إلى أن القوات المسلحة سدت الفراغ بعد تنحي الرئيس السابق حسني مبارك حتى تم انتخاب رئيس جديد للبلاد. يُذكر أن المستشار أحمد مكي وزير العدل اعتذر عن حضور المؤتمر المصري الفرنسي، لمناقشة دور مجلس الدولة المصري في التحوّل الديمقراطي، وحضر المستشار مدحت بسيوني مساعد وزير العدل مندوباً عنه. من ناحية أخرى دعا نادي قضاة مجلس الدولة إلى عقد جمعية عمومية طارئة اليوم الجمعة لمستشاري وقضاة المجلس بمقر النادي، وذلك لمناقشة الإعلان الدستوري الجديد الصادر من الرئيس محمد مرسي.