على رصيف مسجد الحصرى بمدينة 6 أكتوبر، يقف الطفل محمد الحمصى، 10 سنوات، عقب صلاة الجمعة أثناء خروج المصلين، يهتف فى الناس لجذبهم للشراء من بضاعته التى افترشها أمام المسجد بمعاونة إخوته الأكبر منه. الباعة الجائلون فى مدينة أكتوبر، ليسوا فقط مصريين، حيث دخل المجال السوريون أيضا، حيث أصبحوا ينتشرون فى العديد من المناطق القريبة من إقامتهم، ليس فقط فى مدينة أكتوبر، بل فى العديد من المناطق التى ينتشر فيها السوريون، ومنها الحى العاشر بمدينة نصر، حيث يتواجد بائع العسلية.. ومنهم الأطفال الصغار الذين اعتادوا التجول فى منطقة السوق بحثا عن كسب يعينهم هم وأسرهم على البقاء فى مصر. ظاهرة انتشار الباعةالجائلين من أبناء سوريا، لم تقتصر على الأطفال فقط، وهو ما يعرفه رواد المقاهى فى هذه الأماكن، حيث دائما ما يشاهدون امرأة سورية بصحبة زوجها تعرض عليهم بعض الحلى والإكسسوارات. محمود طلعت، من مدينة حلب، يفرش بضاعته أمام المسجد، وينادى عليها «المكدوس السورى»، قال: «المكدوس عبارة عن باذنجان مخلل وفلفل أحمر وزيت زيتون، وهى مما لا يستغنى عنه السوريون فى الفطور والعشاء وكذلك الزعتر الحلبى». الطاولة التى يفرش عليها طلعت بضاعته يقبل عليها العديد من السوريين، فالرجل الثلاثينى لديه ورشة صغيرة يعمل بها هو وزوجته وأطفاله، فى محاولة لتوفير دخل يعينهم على العيش فى مصر بعدما رحلوا عن مدينتهم جراء القصف والقتل. طلعت طور نشاطه فى بيع سلعته بشراء سيارة صغيرة وتعبئتها ب«المكدوس» والزعتر والذهاب للمحلات والمتاجر لبيع بضاعته، التى يبلغ ثمن الكيلو منها 20 جنيها. على بعد أمتار من طاولة طلعت، توجد طاولة أخرى يعمل عليها 4 سوريين، منهم محمد الحلبى، الذى أكد أن هذا هو ما يعينه على الإنفاق على 30 فردا يعولهم من أقاربه، حيث يبيع الخضروات بأسعار تقل عن أسعار البائعين من حوله، وهو يطبق فى ذلك مبدأ «بيع أكثر واكسب أقل» لأنه يعلم أن الأموال التى أحضرها معه إلى مصر لن تكفيه طويلا، وهو بذلك يحاول توفير أى دخل يعينه على العيش ويقول بثقة: «هذا يوفر لى دخلا يبلغ 100 جنيه فى اليوم». عائلة محمد الحلبى تسكن فى شقتين ثمن إيجارهما الشهرى 5000 جنيه.. جاء إلى مصر عبر تركيا هربا من جحيم الأسد والشبيحة. المشاكل التى يواجهها الباعة السوريون هى نفس مشاكل الباعة الجائلين فى مصر، مطاردات دائمة مع المرافق والحى، لكن زملاءهم الباعة المصريين كانوا متعاونين معهم ولقنوهم سر المهنة وأحيانا ما يدافعون عنهم كما يقول نبيل عبدالله بائع مصرى، مشيرا إلى أن جمعية مسجد الحصرى كانت تريد ترحيل الباعة السوريين من أمام المسجد، لكنه تصدى لهم قائلا «لابد أن نساعدهم، فالرزق بيد الله». بعض الباعة السوريين يتاجر فى بضائع جلبها من العتبة، مثل خالد الحمصى، الذى يبيع الملابس والجوارب، ويقول كنت صاحب محلات فى سوريا لكن الظروف أجبرتنى على ترك بلادى والمجىء مع والدتى إلى مصر، والإقامة فى شقه إيجارها 1850 جنيها. يضيف الحمصى: هناك بعض الباعة يتقاتلون على افتراش أغراضهم، ومنعتنى جمعية الحصرى، إلا أن بائع، مصريا ساعدنا، فنحن نريد توفير قوت يومنا، والأموال التى لدينا أوشكت على النفاد، رغم أن الكل يعتقد أن السوريين أموال تسير على الأرض.