خالد البلشي يستقبل الصحفي التلفزيوني عادل العبساوي في مكتبه    قبل عمرة المولد النبوي.. سعر الريال السعودي اليوم الجمعة 15 أغسطس 2025    تراجع عالمي جديد.. سعر الذهب اليوم في مصر الجمعة 15-8-2025 وعيار 21 بالمصنعية    كم فوائد 100 ألف جنيه في البنك شهريًا 2025؟ أعلى عائد شهادات في البنوك اليوم    15.8 مليون جنيه حصيلة بيع سيارات وبضائع جمارك الإسكندرية والسلوم في مزاد علني    عبير الشربيني متحدثًا رسميًا لوزارة البترول    مفتي الجمهورية يستنكر التصريحات المتهورة حول أكذوبة «إسرائيل الكبرى»    روسيا: طرد دبلوماسيينا من إستونيا «محاولة لشل السفارة» ولن ينجح    مشروع تقسيم الصفة الغربية.. نتنياهو يرفض التعليق وسموتريتش: يدفن فكرة الدولة الفلسطينية    تنسيق مغربي إسباني يحبط عملية تهريب دولية للكوكايين    بعد انتهاء مباريات اليوم .. تعرف علي ترتيب جدول ترتيب الدورى الممتاز الخميس 14 أغسطس 2025    محمد عباس يدير مباراة الزمالك والمقاولون بالدوري    ملف يلا كورة.. وداع منتخب اليد.. اكتساح مصر للسلة.. وقائمة الأهلي    موعد مباراة الأهلي وفاركو اليوم في الدوري المصري والقنوات الناقلة والمعلق    رحيل مفجع.. التصريح بدفن ضحايا ألسنة نار مصنع البلاستيك بالقناطر الخيرية    مصرع طالب في تصادم سيارة ودراجة بخارية بقنا    ليلة رعب بالقليوبية.. معركة بالأسلحة البيضاء تنتهي بسقوط المتهمين بالخصوص    الحر يضرب بقوة ودرجة الحرارة تصل ل49.. حالة الطقس اليوم وغدًا وموعد انتهاء الموجة الحارة    الكوميديا تسيطر على أحداث برومو "ماما وبابا" قبل عرضه في السينمات 27 أغسطس    هشام عباس يحيي حفلًا كبيرًا في مهرجان القلعة الدولي للموسيقى والغناء 18 أغسطس    علاء زينهم: أعيش في سلام نفسي وتعلمت مواجهة التنمر بروح التحدي    تامر حسني: «نفسي أعمل حفلات في الصعيد والأقصر وأسوان والشرقية» (فيديو)    لا تتجاهل هذه العلامات.. 4 إشارات مبكرة للنوبة القلبية تستحق الانتباه    ماذا يحدث في حلب، تسمم العشرات من أفراد "الفرقة 64" بالجيش السوري ونداء عاجل للمستشفيات    أول ظهور للفنانة ليلى علوي بعد تعرضها لحادث سير بالساحل الشمالي (فيديو)    بعد تصريحات نتنياهو، فصائل فلسطينية تطالب مصر برعاية اجتماع طارئ لصياغة "إستراتيجية وطنية"    مالي: اعتقال عسكريين ومدنيين بتهمة التآمر على الحكومة بدعم خارجي    بدرية طلبة تتصدر تريند جوجل بعد اعتذار علني وتحويلها للتحقيق من قِبل نقابة المهن التمثيلية    نفحات يوم الجمعة.. الأفضل الأدعية المستحبة في يوم الجمعة لمغفرة الذنوب    د.حماد عبدالله يكتب: الضرب فى الميت حرام !!    ما هو حكم سماع سورة الكهف من الهاتف يوم الجمعة.. وهل له نفس أجر قراءتها؟ أمين الفتوى يجيب    النيابة تصدر قرارًا بحق المتهمين بمطاردة فتيات على طريق الواحات    "بوليتيكو": أوروبا تتأرجح بين الأمل والخوف مع لقاء ترامب وبوتين    طريقة عمل سلطة التبولة بمذاق مميز ولا يقاوم    رسميًا ..مد سن الخدمة بعد المعاش للمعلمين بتعديلات قانون التعليم 2025    رسميًا الآن.. رابط نتيجة تنسيق رياض أطفال 2025 محافظة القاهرة (استعلم)    «هتستلمها في 24 ساعة».. أماكن استخراج بطاقة الرقم القومي 2025 من المولات (الشروط والخطوات)    #رابعة يتصدر في يوم الذكرى ال12 .. ومراقبون: مش ناسيين حق الشهداء والمصابين    «كنت مستنياه على الغدا».. ريهام عبدالغفور تتحدث عن معاناتها نفسيا بعد مصرع والدها    خالد الغندور: عبد الله السعيد يُبعد ناصر ماهر عن "مركز 10" في الزمالك    حبس المتهمين بمطاردة سيارة فتيات على طريق الواحات 4 أيام    سحب رعدية تقترب.. أسوان ترفع درجة الاستعداد لمواجهة الأمطار    «اللهم ارزقنا لذة النظر إلى وجهك الكريم».. دعاء يوم الجمعة ردده الآن لطلب الرحمة والمغفرة    بيراميدز يخوض ودية جديدة استعدادا للمواجهات المقبلة في الدوري    الفصائل الفلسطينية: نثمن جهود الرئيس السيسي الكبيرة.. ونحذر من المخطط التهويدي الصهيوني في الضفة    هترجع جديدة.. أفضل الحيل ل إزالة بقع الملابس البيضاء والحفاظ عليها    تناولها يوميًا.. 5 أطعمة تمنح قلبك دفعة صحية    بالصور| نهضة العذراء مريم بكنيسة العذراء بالدقي    وزير البترول يكلف عبير الشربيني بمهام المتحدث الرسمي للوزارة    القانون يحدد ضوابط استخدام أجهزة تشفير الاتصالات.. تعرف عليها    طرائف الدوري المصري.. لاعب بيراميدز يرتدي قميص زميله    ستيفان مبيا: محمد صلاح كان يستحق الفوز بالكرة الذهبية في السنوات الماضية    بعد موافقة النواب.. الرئيس السيسي يصدق على قانون التصرف في أملاك الدولة    تعرف على عقوبة تداول بيانات شخصية دون موافقة صاحبها    لأول مرة بمجمع الإسماعيلية الطبي.. إجراء عملية "ويبل" بالمنظار الجراحي لسيدة مسنة    هل دفع مخالفة المرور يسقط الإثم الشرعي؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ الجيزة يخفض تنسيق القبول بالثانوي العام 5 درجات ليصبح 220 درجة    درة تاج الصحافة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجدى إدريس القيادي بتنظيم «الوعد» ل«الصباح: اتهموني بالتخطيط لاغتيال مبارك وشيخ الأزهر وإيناس الدغيدي
نشر في الصباح يوم 06 - 11 - 2012

بعد منتصف الليل، وكانت الساعة الثالثة صباحا، اقتحمت عناصر القوات الخاصة مع ضباط أمن الدولة منزلى..اصطفوا على الدرج بينما توغل بعضهم إلى شقتى متوجهين إلى المكتبة وفى أيديهم «كيس بلاستيك» وضعوا فيه 50 كتابا.
لم أكن عضوا وقتها فى أى تنظيمات، كنت فقط أساعد اللاجئين وضحايا الحرب، وأدعم من يتعرضون للإبادة من المسلمين فى شتى بقاع الأرض، بغض النظر عن جنسيتهم، من الشيشان وحتى حماس فى فلسطين.
كانت تلك شهادات الرجل الثانى فى المجموعة التى أطلق عليها جهاز أمن الدولة «تنظيم الوعد» حيث ألصق بها تهمة «الخلية النائمة لتنظيم القاعدة فى مصر»، حيث ذكر فى اعترافات تنشر لأول مرة كيف نشأت المجموعة، وكيف سافر إلى الشيشان وكوسوفو، وكيف انضم إلى الجيش الشيشانى الحر، وكيف لفق جهاز أمن الدولة لمجموعتهم تهمة تفجير موكب الرئيس السابق، وتفجير الإذاعة والتليفزيون.
الطريق إلى «العنبوكة»
مجدى حسن إدريس، مواليد مدينة طهطا، محافظة سوهاج، تخرج فى كلية التجارة جامعة عين شمس ليعمل بعدها فى شركة «زاس» للطيران، ثم مصر للطيران، ولديه عمل خاص به وهو صالات «الجيم».. يبدأ اعترافاته قائلا: فى 2001 اعتقلت أنا ومجموعة من الجيران والأصدقاء، على خلفية جمع تبرعات للانتفاضة الفلسطينية، وبقينا فى مقر جهاز أمن الدولة لمدة ثلاثة شهور، رأيت فيها جميع أنواع التعذيب، خصوصا أن ضباط أمن الدولة كانوا يبحثون عن تصنيف لمجموعتنا ضمن التنظيمات الإسلامية، وحاولوا الحصول على اعترافات تشير لانتمائنا لأى مجموعة أو تنظيم، فاستقروا على تسميتنا حينها ب«تنظيم الوعد»، لكن الحقيقة أننا لم نكن سوى عدد من الشباب «الملتزمين» الذين يذهبون للمساجد العادية ويتلقون الدروس، ولم تكن المساجد التى نذهب إليها تتبع أيا من التنظيمات أو التيارات، إلى أن فوجئت فى إحدى الليالى بضباط أمن الدولة وعناصر من القوات الخاصة يقتحمون منزلى فجرا بصحبة القوات الخاصة، وفيما كان العساكر يحيطون بالمكان، دخل أحد الضابط إلى مكتبة منزلى وراح يبحث فى الكتب ثم أحضر «شنطة بلاستيك» ووضع بها نحو 50 كتابا، ثم اصطحبنى إلى سيارة ميكروباص بها شابان توجد على أعينهما غمامة سوداء.. لم تكن ملامحهما غريبة علىّ، وتبينت وقتها أن أحدهما صديق لى ويعمل مخرجا بالتليفزيون الهولندى، والآخر جارى وهو من دلهما علىّ، وعندما وصلنا إلى مقر أمن الدولة نفيت كل الاتهامات التى وجهها الضابط إلىّ، فغضب وقال للعساكر «خدوه على العنبوكة»، وفى الطريق إلى هذه «العنبوكة» عرفت أن هذا هو الاسم الحركى لغرفة التعذيب فى أمن الدولة بلاظوغلى، وتعرضت للتعذيب فيها 38 يوما متصلة.
كانت معظم التهم التى وجهت إلينا واخترعتها أمن الدولة أننا « فكرنا فى كذا»، و«سعينا إلى كذا» وكانوا يعتمدون على مادة «الاتفاق الجنائى» التى حكم ببطلانها دستوريا فى عام 2001، وكانت هذه المادة السبب فى الحكم على كل التنظيمات الإسلامية، مثل طلائع الفتح التابعة لتنظيم الجهاد، والتى حكم فيها على 1500 من بينهم 60 حكم عليهم بالإعدام، بعدما وجهت لهم تهم اغتيال ضباط أمن الدولة فى حين أن هذا لم يحدث، فضلا عن أن تنظيم الجهاد يعد من أفشل التنظيمات التى أخذت اسما كبير اعلى «لا شىء».
عودة الكفار
كان معظم ضباط التعذيب فى أمن الدولة يطلقون على أنفسهم أسماء كفار قريش مثل أبولهب وأبوالدحداح، وأبوجهل، والبعض الآخر كانوا يطلقون على أنفسهم أسماء لاعبى كرة قدم مثل نادر السيد وياسر عزت وعلى أبوجريشة.
بعد شهرين من التعذيب أرسلونا إلى نيابة أمن الدولة، ولم يكن هناك فرق بين النيابة والجهاز، حيث كان لابد أن نعترف بالمحاضر التى حررتها أمن الدولة، وكان الضباط يدخلون معنا، وإذا لم نعترف بما فى المحاضر يتم استكمال التعذيب فيما يغض أعضاء النيابة أبصارهم عن تعذيبنا.
صفقة مع أمن الدولة بعد 11 سبتمبر
تحول الأمر إلى ذروته عقب تفجيرات 11 سبتمبر، فقد حاول مبارك إرضاء الرئيس الأمريكى جورج بوش بإحكام القبضة الحديدية على الإسلاميين، فقدم ثلاث قضايا للمحكمة العسكرية فى يوم واحد رغم إخلاء سبيل المتهمين قبلها، إلا أن أمن الدولة عقدت صفقة معنا مؤكدة أننا سوف نجلس 3 شهور فقط فى المعتقل، وكانت هذه القضايا هى أحداث المنيا المتهم فيها الجماعة الإسلامية، إلا أنها كانت باتفاق بين الجماعة وأمن الدولة، لهذا حصل المتهمون فيها على إخلاء سبيل، والقضية الأخرى هى «أساتذة الجامعة» وكان المتهم فيها أعضاء من جماعة «الإخوان المسلمون»، وكان على رأسهم خيرت الشاطر، وحصل المتهمون فيها على 5 سنوات، وكانت القضية الثالثة هى «تنظيم مصر الجديدة» وكانت تلك قضتينا التى أطلق عليها «تنظيم الوعد».
فى هذه الأثناء كانت تبث أخبار تتحدث عن القبض على تنظيم خلية نائمة تابعة لتنظيم القاعدة بمصر تحمل اسم «تنظيم الوعد»، ولم يكن هذا سوى اسم أطلقه أمن الدولة علينا، وهذا الاسم يعود إلى خلفية مسابقة اشتركت بها فى البحرين، أقامها مركز الفاروق السلفى، وقدمت فيها بحثا تحت اسم «واقترب الوعد الحق» أتحدث فيه عن الساعة، ولم يكن لمجموعتنا أى تنظيم يحمل هذا الاسم، كما أن «المجموعة» لم تتوافر فيها شروط قيام التنظيم، سوى أننا كنا نقدم المساعدات للفلسطينيين وحماس، وكان بعض الدعم المادى تستخدمه حماس لشراء أسلحة لمواجهة الكيان الصهيونى، لكن كان لابد من مساعدتها وتدعيمها فى مقاتلة اليهود، ولو كنت أستطيع تقديم أسلحة لما امتنعت عن ذلك.
إسرائيل تعترض
فى النهاية قدمونا إلى المحاكمة العسكرية بقرار سياسى واتهمونا فيه بأن «الخلية النائمة التابعة لتنظيم القاعدة فى مصر» تسعى لضرب المصالح الإسرائيلية والأمريكية فى مصر، وبعد الحكم علينا ب 5 سنوات سجن اعترضت السفارتان الإسرائيلية والأمريكية حيث اعتبرتاه حكما مخففا فتم رفعه إلى 15 سنة، منها ثلاث سنوات «حبس انفرادى» بسجن ليمان طرة .
تحريات أمن الدولة
كانت تحريات أمن الدولة فى قضيتنا قالت إن قادة التنظيم « فكروا» فى اغتيال عدد من الشخصيات الفنية وبعض رجال الدين والسياسة ورجال الأعمال، وأشارت إلى اعترافى بأننى الرجل الثانى فى التنظيم، وتلقيت تدريبات على صناعة المتفجرات لاستهداف مواكب الرئيس المخلوع خلال مروره على كوبرى الجلاء أو شيراتون المطار بوضع متفجر فى فواصل الكوبرى وتفجيره بالريموت كنترول، وقالوا إن التنظيم لم يتوقف عند مهاجمة الرئيس السابق، بل فكر أيضا قادة التنظيم فى اغتيال شيخ الأزهر والمخرجة إيناس الدغيدى والسيناريست وحيد حامد ورجل الأعمال القبطى نجيب ساويرس وتفجير مبنى التليفزيون بسيارة مفخخة، واغتيال عدد من ضباط أمن الدولة والطيارين الأمريكيين الذين يسكنون بجوار الكلية الحربية، حيث يمارس تنظيم «الوعد» نشاطه منذ عام 1996 تحت زعامة نشأت أحمد، إمام مسجد كابل، بمدينة نصر.
بعد المبادرة
بعد مبادرة جماعة تنظيم الجهاد بوقف العنف نقلوهم إلى ليمان طرة من أبو زعبل، بينما تم ترحيلنا إلى سجن دمنهور، فوجدنا فيه «الترفيه» لأنه كان خاصا بالجماعة الإسلامية وكان أمن الدولة يهتم بالسجون الموجود بها أفراد الجماعة الإسلامية، فكان يوفر ملاعب كرة القدم، والاستراحات وكافيتريات، وهناك أقمت صالة رياضية بها ألعاب قتالية ورفع أثقال حيث قضيت ثلاثة أعوام أخرى، تم نقلى بعدها إلى معتقل الوادى الذى يبعد 1000 كيلو متر عن القاهرة.
تبرعوا لحماس
القضية التى قبضوا علينا بسببها كانت فى النهاية هى جمع «التبرعات لحماس»، وقد كان يقوم على جمع تلك التبرعات الشيخ نشأت، الذى أطلق عليه أمن الدولة مؤسس تنظيم الوعد، والشيخ فوزى السعيد، حيث توجه تلك التبرعات إلى الانتفاضة الفلسطينية، عبر مجموعة فى رفح المصرية التى كانت فى البداية تنقسم إلى رفح الفلسطينية والمصرية، وهم فى الأساس عائلات واحدة انقسمت مع انقسام أرض رفح إلى جزأين، وقد كان أقارب المصريين الموجودين فى رفح الفلسطينية هم الأداة لتوصيل تلك التبرعات إلى داخل غزة وحماس، ومع ازدياد العدوان الإسرائيلى كان أهالى رفح الفلسطينية يفرون إلى أقاربهم فى رفح المصرية، وقد كانت تأتى إلينا مجموعات من رفح المصرية إلى القاهرة للمطالبة بجمع التبرعات ثم يأخذونها معهم ثم يعيدون توظيف ما حصلوا عليه من تمويلات بتوجيهها فى شكل أدوية أو أغذية أو أسلحة، فقط كنا نقوم على توجيه الدعم المادى مما نحصل عليه من تبرعات، خاصة بعد رسالة جاءت من الشيخ أحمد ياسين إلى مجموعتنا طالبا فيها إمداد حماس بالتبرعات،إلا أننى لم أكن أعرف وقتها أن هذا أمر خطير أو يتعلق بأمن الدولة ويتم تجريمه، وكانت التبرعات تنقل فى سيارات خاصة بهم إلا أن الأمر لم يكن فى الخفاء بل وصل الأمر أنه عندما دعا الشيخ نشأت على المنبر إلى جمع التبرعات كان الطابق الثانى المتواجد به النساء يمطر علينا ذهبا حتى وصلت التبرعات فى فترة قصيرة إلى 2 مليون جنيه.
هجرة إلى الموت
فى ذلك التوقيت كان يتم القبض على أى من الإسلاميين، وتوجه إليهم تهم القيام بعمليات إرهابية، ولم تكن هناك أى قضيه تتعلق بملتحين إلا وقيل عنهم إنهم ينوون القيام بعمليات إرهابية، وبعد أن مكثنا ثلاثة شهور فى جهاز أمن الدولة، لم يتم التوصل خلالها إلى أى شىء سوى أن بعضنا ذهب إلى الشيشان وكوسوفو لنقل بعض المساعدات، إلا أن هذا الأمر كنا نقوم عليه منذ عام 1995 حتى 2001 فلماذا لم نقم بتكوين تنظيم مسلح فى مصر؟، فقط كنا نعمل فى الإغاثة ولسنا كيانا منظما أو مسيسا مثل تنظيم الجهاد، ولا نؤمن بالبيعة أو السمع والطاعة. وقد كانت بداية التكوين الفكرى لمجموعتنا عبر رسالة نشرت فى 1992 للشيخ بكر أبوزيد، من كبار العلماء فى المملكة العربية السعودية، حول حكم الانتماء إلى الأحزاب والجماعات الإسلامية وكان مفادها أنه ليس من السنة أو الأمر المحمود الانتماء إلى أى منها لأن هذا سوف يكون سببا فى جعل الولاء للأشخاص وليس للدين، ولهذا كانت تقوم مجموعتنا على دعم المسلمين فى أى مكان، وبعد أن رأينا الغزو الروسى للشيشان وحروب الإبادة قررت السفر إلى هناك لتدعيمهم ولم يكن هذا السفر ممولا من قيادات كبيرة، فمجموعتنا كانت تقوم على الجهود الذاتية.
وقتها لم يكن مسموحا بالسفر إلى الشيشان لأن أهلها كانوا مهجرين من قبل الروس إلى الجمهوريات الأخرى مثل جورجيا وأذربيجان، ولم أكن الشخص الوحيد الذى يسعى للسفر، وقد كان الدافع هو الخروج فى سبيل الله بغض النظر عن البلد الذى سنخرج إليه.
السفر إلى كوسوفو
عندما رأينا أحوال المسلمين فى كسوفو والشيشان وسوء أحوالهم، وكيف يقتل الشباب والنساء والأطفال عبر التليفزيون، بدأنا فى البحث عن طريق نسافر به إليهم لمساعدتهم، وذلك عبر طلبة يدرسون فى جامعة الأزهر من ألبانيا كنا نحصل منهم على المعلومات اللازمة للسفر ومن يستطيع دعمنا فى ذلك عبر هيئات الإغاثة وعبر أى طرق أخرى لجمع المعلومات تمهد لنا الاطلاع على مشاكل اللاجئين وكيفية الوصول إليهم، وسافرنا إلى تركيا وهناك اتصلنا بهيئات إغاثة كويتية وسعودية، ثم سافرنا إلى ألبانيا حيث استقبلنا متطوعو هيئة الإغاثة التركية وكان مقر عملهم فى الشمال عند الحدود مع كوسوفو، وكان لهم مدارس يتم وضع اللاجئين بها، ينقل لهم خلالها مواد تموينية وأدوية، وهناك عند الحدود وجدت أيضا معسكرات لجيش تحرير كوسوفو وانضممت لهم وكان من بينهم مسلمون من عدة جنسيات أخرى جاءت لتدعيمهم من مسلمى البوسنة وبريطانيا والمغرب واليمن والسعودية، وكان من مصر مجموعتنا وكان عددنا أربعة أشخاص.
انضممنا إلى جيش التحرير وهم عبارة عن مجموعة من الفلاحين والشباب ليس بحوزتهم أى أسلحة سوى أن بصحبتهم عددا من « الشاويشية المسلمين» الذين لاذوا بالفرار من الجيش الصربى، كانوا يقومون على تدريبهم بهدف الدخول إلى كوسوفو لإجلاء القرى وإنقاذ المسلمين من عمليات الإبادة التى تدخل خلالها الدبابات والطيران الصربى إلى المنازل وتقوم بمسحها وقتل جميع الموجودين فيها وإقامة محرقة للأطفال والنساء، فكنا ندخل إلى القرى لتنظيم خروج المسلمين قبل دخول القوات الصربية وإجلائهم عبر الطرق الجبلية والغابات، وقد حدثت اشتباكات بيننا وبين الجيش الصربى وفى إحدى المعارك قتل أكثر من 85 شخصا من بيننا بقذائف هاون بعد أن وضعونا فى كمين بين جبلين، حيث كانت الساعة الثالثة صباحا وكان عددنا ما يقارب ال700، ولم نكن نحمل سوى أسلحة خفيفة تمثلت فى سلاح «آر بى جيه» و«كلاشينكوف» ومسدسات، وقنابل يدوية، حيث تتوافر تلك الأسلحة بألبانيا ويباع «الكلاشينكوف» بسبعين دولارا فقط بينما يصل سعر ال«آر بى جيه» إلى 160 دولارا فقط فى الوقت الذى كانت تباع فيه تلك الأسلحة بسعر الضعف فى أى بلد آخر.
كنا نحاول إخراج النساء والأطفال وكبار السن إلى معسكرات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة والسعودية، ومكثت هناك شهرين عند الحدود تعرضنا خلالها للقصف والضرب والإصابات، وقتل وأصيب الكثير من الإخوة هناك حتى وصل الصرب إلى آخر قرية أبادوها بالكامل، فمع حلول الليل تبدأ قذائف هاون تنهال على المساكن والمبانى والمواطنين، ومع بزوغ الفجر تبدأ الطائرات الهيلوكوبتر فى إجراء عمليات التمشيط، وفى أعقاب خروج الطائرات، تتوغل الدبابات إلى داخل الشوارع لقصف وخسف ما تبقى من منازل وللبحث عن أى أسرى خلال جنود المشاة الذين يدخلون للبحث عن أى أموال أو غنائم أو اعتقال الأفراد والنساء.
أسقطنا طائرة للصرب
فى أكثر من مرة كنا عرضة للأسر، خاصة بعد إسقاط طائرة هيلوكوبتر كانت تبحث عن أى من جنود الجيش الشيشانى الحر، الذى كنا أعضاء فيه، فاختبأت أنا وأحد الجنود الألبان ويدعى عبدالرحيم القرنقوط، ففى أثناء انسحابنا لم يستطع الفرار بسبب انخفاض درجات الحرارة والضباب، خاصة أننا سرنا لمسافة أربعين كيلو قبل الدخول إلى دهاليز المبانى، وسقطنا فى كمين بين جبلين وسيول الصواريخ انهالت علينا من فوق الجبلين من الجيش الصربى، مما دفعه إلى الدخول إلى أحد الكهوف فى الوقت الذى هرب فيه الجميع فاحتميت أنا وهو داخل ذلك الكهف بالرغم من أننى فكرت فى الهرب مع من هربوا إلا أننى لم أستطع الهرب لأننى لم أجد أى شخص عربى، والغابات تحيط بالموقع الموجودين فيه مما استدعانى إلى الجلوس جانبه داخل الكهف، وكان لدينا حصان محمل بالأسلحة من بينها قذيفة «آر بى جيه»، وعند بزوغ الفجر وجدنا طائرة هيلوكوبتر تبحث من بين القتلى عن أى جرحى أو أحياء لتأخذهم أسرى، وعندها قمنا بتجهيز القذيفة وتوجيه ضربة إلى ذيلها وأخرى فى مقدمتها مما أدى إلى انفجارها بالكامل وكان بها ما يزيد على 10 جنود من الجيش الصربى، وبعد تدمير الطائرة هربنا جريا ما يزيد على 35 كيلو مترا بعيدا عن ثكنات الجيش الصربى، وفى أعقاب ذلك بدأ التليفزيون الألبانى يذيع عن هروب عناصر عربية، مطالبا بتسليمنا مما اضطرنا إلى العودة إلى مصر عبر تركيا.
رحلة الشيشان
وبعدها سافرنا إلى الشيشان عبر السعودية ثم تركيا ثم أذربيجان ثم الشيشان، أو من الإمارات إلى الشيشان، وكان الوضع هنا أكثر صعوبة بسبب الطبيعة الجبلية، لهذا كان من المستحيل الدخول عبر الحدود بسبب جبال القوقاز التى كانت مليئة بالثلوج، ومع وجود أكثر من 200 ألف من القوات الروسية بالشيشان لذا لم تكن معركة متكافئة، حيث كان عدد المقاتلين الشيشان 4000 مقاتل فقط أمام عدد كبير من الروس لديهم طائرات ودبابات، دخلنا حتى «وادى بنكيسى» – حدود جورجيا - وهناك أحد المعسكرات التابعة للشيشان إلا أنهم رفضوا وجودنا كمقاتلين بسبب صعوبة التضاريس وانخفاض درجات الحرارة واللغة، وطالبونا بتبرعات وإمدادات وعدنا مرة أخرى، وكنت بعدها أجمع لهم التبرعات وأرسلها عبر مؤسسة الحرمين، وكنت أشترى لهم معدات عسكرية وأشحنها فى كونترات من دبى « مناظير، لاسلكى، خيام، أحذية جبلية، موبيلات ستالايت، أجهزة اتصال، كاميرات فيديو»، وكانوا يرسلون لنا المصابين ونجرى لهم عمليات جراحية فى المستشفى الأمريكى بدبى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.