تكثف الأحزاب والقوى السياسية من اتصالاتها لإنهاء المواد الخلافية داخل مسودة الدستور، يأتى ذلك فى الوقت الذى ألقت فيه حوارات مؤسسة الرئاسة بظلالها على الجمعية التأسيسية، حيث تباينت ردود الأفعال حول هذا الحوار ، ففى الوقت الذى أيده البعض اعتبره آخرون تدخلا فى شئون الجمعية التأسيسية. وهاجم محمد أنور السادات، عضو الجمعية، الاتصالات التى يقوم بها رئيس الجمهورية د. محمد مرسى، من حوارات مع القوى السياسية للتوافق حول الدستور معتبرا ذلك تدخلا غيرمبرر من الرئيس فى عمل جمعية من المفترض أن لها رئيسا وأعضاء.
وفى المقابل، قال يونس مخيون، القيادى بحزب النور السلفى: « نؤيد ما يقوم به الرئيس فى إطار لم شمل القوى السياسية وإنهاء حالة الاحتقان فى الشارع السياسى».
ورفض «مخيون» وصف ذلك بالتدخل فى أعمال الجمعية التأسيسية، قائلا:« الرئيس أكد لنا فى حواره أن الحوار ليس بديلا عن الجمعية التأسيسية، داعيا إلى إرسال جميع المقترحات للجمعية» ، بينما عقدت مؤسسة المصرى أمس الأحد، مؤتمرا صحفيا تحت عنوان «دستور لكل المصريين» وذلك لمناقشة مسودة الدستور والأزمات التى تواجه الجمعية التأسيسية من الداخل، وحضر المؤتمر المستشار أحمد مكى وزير العدل. قال المستشار أحمد مكى وزير العدل: إن الحكومة خلال الثلاثة أشهر الماضية قدمت الكثير من الإنجازات خلال تلك الفترة، قائلا «يكفى أننا لم نشهد أحداثا مثل مجلس الوزراء ومحمد محمود مرة أخرى». وأضاف مكى: إن من يتحدثون عن تحول الرئيس إلى ديكتاتور، مرسى لم يتحول إلى رئيس بعد، وأكد أن الدستور يتم كتابته وسط غياب كامل لأجهزة الدولة التى لا تعمل فى الفترة الحالية، وتابع أنه ناقش مع الحكومة العديد من مشروعات القوانين الخاصة بحرية التظاهر السلمى وليس الفئوى، وحرية تكوين الجمعيات. وحين انتهى مكى من كلمته واعترض عليه محمد السلماوى رئيس المؤتمر لعدم تطرقه لنقطة النقاش وتحدث عن إنجازات الحكومة، قال له السلماوى «أنت تقول ونحن نفعل ولو مش عاجبك المؤتمر إمشى». فيما استعرض الدكتور جابر نصار عضو الجمعية التأسيسية العديد من نقاط الخلاف داخل الجمعية التأسيسية، والتى تبدأ من تشكيل الجمعية على أساس المغالبة الحزبية والسياسية، إلى التمثيل الضئيل لأساتذة القانون باللجنة والذى لا يتجاوز 4% الأمر الذى أحدث نوعا من الاضطراب والخلل بالمواد التى خرجت بمسودات الدستور لافتقار الخبرة القانونية. وأضاف: إن القانون 79 الذى أصدره الرئيس محمد مرسى كان بمثابة عقبة أمام الجمعية التأسيسية ووصفه «بالانحراف التشريعى»، فيما استعرض الدكتور عمرو حمزاوى رؤيته من خارج التأسيسية، لافتا إلى أن أزمة التأسيسية هى نتجية هيمنة الغلبة السياسية على كتابة الدستور، وتهميش مصالح باقى المجتمع، موضحا أن الأزمة ناتجة من رغبة المنتمى سياسيا لحزب الأغلبية فى إعادة انتخابه، لافتا أن النص الدستورى الآن تحول إلى أداة لتسديد فواتير انتخابية لصالح التيار السلفى. فيما قال وحيد عبدالمجيد عضو الجمعية التأسيسية: إن هناك محاولات مستميتة لفرض نصوص تحدث التفافا على الدولة المدنية وتفتح الباب لإقامة سلطة موازية لسلطات الدولة، مؤكدا أن الدستور الذى يتم إعداده لا يعبر عن الشعب، والدستور ليس كتاب دين. من جهة أخرى ارتفع عدد منظمات وجمعيات المجتمع المدنى والأهلية الموقعة على «إعلان المواقف» الرافض لمسودة الدستور إلى 182 منظمة على مستوى الجمهورية. ومن المقرر أن ينظم البرنامج العربى لنشطاء حقوق الإنسان مؤتمرا صحفيا يوم الخميس المقبل بنادى التجاريين بالقاهرة، لاستعراض أوضاع منظمات المجتمع المدنى قبل وبعد ثورة 25 يناير.
وأصدرت المنظمات الحقوقية بيانها المشترك الأول لتجمع المنظمات صاحبة المطالب الستة، التى تتمثل فى رفض مسودة الدستور وأن يحتوى الدستور الجديد على باب خاص بمنظمات المجتمع المدنى بكل هيئاته ومؤسساته ويضمن لهم حرية التظيم والعمل وأن يكون لمنظمات المجتمع المدنى دور فى صياغة الدستور الجديد. وأعلنت النقابة العامة للمحامين برئاسة النقيب سامح عاشور، عن عقدها لجمعية عمومية منتصف الشهر الجارى لبحث موقف النقابة من مسودة الدستور الجديد وكفالة حق الدفاع به، وذلك بعد إعلان المحامين اعتراضهم على تجاهل الجمعية التأسيسية للدستور مهنة المحاماة، وعدم وجود نص دستورى بشأنها فى مسودة الدستور الجديد، رغم كونها مهنة حرة مستقلة تشارك السلطة القضائية فى تحقيق العدالة والدفاع عن حريات المواطنين التى يكفلها الدستور ومن جانبه، أكد سامح عاشور، نقيب المحامين، خلال اجتماعه مع المحامين المتظاهرين ضد الجمعية التأسيسية للدستور وتجاهلها لهم، مساء أول أمس السبت، أن الجمعية العمومية سوف تتخذ القرارات اللازمة للرد على تجاهل التأسيسية لهم ولحق الدفاع، والتى سوف تعبر عن موقفهم النهائى من مسودة الدستور الجديد، موضحا أنه سيجرى اتصالات مع نقباء النقابات الفرعية لتحديد الموعد النهائى للجمعية العمومية،ولبحث سبل حشد المحامين لتكون جمعية عمومية معبرة عن مكانة المحامين فى مصر. ومع تصاعد حدة الخلافات بين التيار الإسلامى السياسى والقوى المدنية داخل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور على المادة «86» فى الدستور الجديد والتى تقتضى بالمساواة بين الرجل والمرأة وإصرار الإسلاميين على أن لا تخالف شرع الله ووصفها من قبل القوى المدنية بأنها تكرس دور المرأة وتحرمها من حقوقها الاجتماعية والاقتصادية .. تتجه الجمعية التأسيسية لوضع الدستور لإلغاء المادة نهائيا لإزالة حالة الاحتقان بين الطرفين.