لايمكن وصف أي سوري يقيم في أرض الكنانة بأنه "لاجىء" حتى لو وصف بذلك من جانب منظمات دولية لأنه في الواقع اليومي وعلى مستوى الوجدان المصري والشعور المجتمعي هو "صاحب بيت" أو "شقيق في محنة حل ضيفًا كريمًا على مصر "بينما تتحول سوريا العزيزة وذات المكانة البالغة الخصوصية في قلب وعقل كل مصري إلى "كلمة السر المشفرة في لعبة الأمم بالمنطقة". وحفلت صحف ووسائل إعلام مصرية وعربية ودولية في الآونة الأخيرة بتقارير وتحقيقات وحوارات عن أوضاع السوريين في مصر، فيما يبدو حضورهم ظاهرًا على وجه الخصوص في مناطق بعينها مثل مدينة السادس من أكتوبر ومدينة نصر والرحاب وبكل التنوعات الثرية للمجتمع السوري.
ويقول عبد الله كجك وهو ناشط سوري في مجال الإغاثة، أن هناك خمسة مكاتب رئيسية للإغاثة في مصر تقدم العون للسوريين بغض النظر عن الطائفة أو العرق، مشيرًا إلى فتح مدرسة خاصة بالأطفال السوريين في مدينة أكتوبر حتى يستكملوا مسيرتهم التعليمية.
واللافت على مواقع الكترونية ذلك السيل من عبارات الترحيب والحفاوة من جانب مصريين بأشقائهم السوريين في أرض الكنانة، فيما كان الرئيس محمد مرسى قد قرر معاملة الطلاب السوريين في مصر هذا العام معاملة الطلاب المصريين .
ومنذ أكثر من قرن من الزمان استقبلت مصر العديد من السوريين الذين تركوا بلادهم إبان الحكم العثماني وكان من بين هؤلاء الضيوف على أرض الكنانة المفكر الكبير وصاحب الاسهامات الأصيلة في قضية الحرية عبد الرحمن الكواكبي بينما لا ينسى العديد من كبار السن في مصر سنوات الوحدة بين مصر وسوريا في "الجمهورية العربية المتحدة" التي تأسست يوم الثاني والعشرين من فبراير عام 1958، وانتهت بالانفصال في الثامن والعشرين من سبتمبر عام 1961 وإن بقت مصر لسنوات تالية محتفظة باسم دولة الوحدة . وربما كانت سوريا هي البلد الوحيد الذي لم يقم خيامًا للاجئين لأن العربي ظل دائمًا صاحب بيت هناك، كما أوضح الكاتب الصحفي المصري فهمى هويدي، مشيرا في هذا السياق إلى المعاملة الكريمة التي حظى بها فلسطينيون وعراقيون ولبنانيون ويمنيون وغيرهم من جانب الشعب السوري.
وأكد أن للشعب السوري دينا في أعناق العرب "هذا أوان سداده"، مضيفًا في طرح بجريدة الشروق القاهرية أنه لا يكاد المرء يصدق عينيه حين يرى أن السوريين أدرجوا ضمن الشعوب المنكوبة والمبتلاه بالتشرد واللجوء "وهم الذين ظلوا مفتوحي الأذرع والقلوب لكل من لجأ إليهم، فبيوتهم كانت ملاذًا لكل عربي يبحث عن مأوى".
ونوه هويدي بأن السوريين الذين تركوا بلادهم جراء الأزمة الراهنة واتجهوا لدول أخرى "هم أكثر راحة في مصر" مقدرًا عددهم بنحو 150 ألف شخص تم إعفاؤهم من تأشيرات الدخول وقيود الإقامة، كما صدرت التعليمات بمعاملتهم معاملة المصريين في مجالي التعليم والصحة غير ان ثمة تقديرات غير رسمية ترتفع بالعدد لأكثر مما ذكره الكاتب .
أما المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة فتقدر في بيان صدر مؤخرا عدد "اللاجئين السوريين" بالقاهرة بنحو 40 ألف "لاجىء" موضحة أنها لم تسجل سوى أربعة آلاف منهم فقط وتسعى لتسجيل الباقين وغالبيتهم من مدن حمص وحلب وطرطوس، بينما تتزايد أعداد العائلات القادمة من دمشق مع تصاعد العنف في العاصمة دمشق .
وحسب إحصاءات معلنة يقدر عدد السكان في سوريا بنحو 20 مليون نسمة فيما تصل نسبة العرب السنة من السوريين إلى نحو 70 في المائة.
وفيما يقدر عدد شهداء الثورة السورية منذ منتصف شهر مارس في العام الماضي بأكثر من 30 ألف شهيد، ذكرت لجان التنسيق المحلية للثورة أن قوات نظام بشار الأسد قتلت أمس الثلاثاء 122 شخصا.