فى عقدها الستين، ترتدى جلبابًا أزرق وغطاء رأس، تواجه بهما النار لساعات طويلة وتمسك بيدها قطعا من الحديد لتشكلها وتحولها إلى أبواب ونوافذ وقطع أثاث وغيرها. تتحمل هذه السيدة العمل الشاق والخطير أيضًا لتربية أبنائها وتوفير لهم حياة كريمة وليكملوا دراستهم، علمًا بأن مهنة الحدادة تحتاج إلى قوة بدنية وعضلية إلا أن الحاجة نادية امتهنتها وأتقنتها لتصبح أشهر حدادة بالإسماعيلية. نادية أحمد صاحبة ال 64 عامًا، والشهيرة بنادية بديوى من منطقة الثلاثينى بمحافظة الإسماعيلية وضعتها الحياة فى اختيار مهنة الحدادة التى لا يتحملها معظم الرجال لتورثها عن زوجها وتسعى لتوفير لأبنائها حياة كريمة تجنبًا للتسول من الأقارب أو الأغراب. قالت نادية بديوى زوجى توفى منذ 27 عامًا، وكان يعمل حدادًا، ولا يوجد أى مصدر رزق نعيش به أنا وأبنائى فقررت امتهان الحدادة حتى أفتح ورشة زوجى، فبدأت أتعلم قطع ولحم الحديد والتمييز بين أنواعه، ثم بدأت تعلم شراء الحديد وصناعة الأبواب والبوابات والشبابيك والتندات والكراسى والجمالونات والسرائر والإنتريهات وجميع ما يخص مهنة الحدادة.
وأضافت: تحملت الكثير من الصعوبات فى حياتى وتعرضت للسخرية من الجميع فى بداية عملى، ولم أيأس وتركت كلام الناس وراء ظهرى وقررت أن أمشى فى طريقى لكسب قوت يومى وتربية أبنائى، فتعلمت حمل الصاروخ لقطع الحديد، فالحرارة التى أتعرض لها بشكل يومى تؤثر بشكل مباشر على عيونى ووجهى وكذلك أصيبت فى البداية بالكثير من الأمراض الجلدية حتى تعلمت المهنة تمامًا وأخذت حذرى من شظايا النيران التى كانت تتناثر بشكل عشوائى عند تقطيعى للحديد ولحمه. وتابعت: بعد فترة تحولت نظرة الناس إلى احترام وتشجيع وأصبح لى زبائن كثيرة والحمد لله أفتح الورشة يوميًا من السابعة صباحًا حتى الخامسة مساءً ماعدا الجمعة لكى أقضيه مع أبنائى، وكذلك لشراء مستلزمات الورشة، وكنت حريصة كل الحرص لمراجعة الواجبات المدرسية مع أبنائى والاهتمام بهم ومتابعتهم فى التعليم حتى يصلوا لأعلى المراكز. وقالت: لدى ثلاثة أبناء من خريجى كليات القمة، واستطعت تحمل مسئولياتهم حتى تخرجوا، وبذلك أكون قد أتممت رسالتى معهم على أكمل وجه، وما زلت أعمل مع ابنى فى الورشة وأتابعه فى تعليمه بشكل جيد، وأصبحت أشرف عليه وعلى عاملين آخرين بالورشة.