لم يعلم هؤلاء الأطفال حديث الولادة، أن أول صدام لهم فى الحياة سيكون بداية من اليوم الأول للميلاد، مع هذه الوحدات الصحية بالقرى، ليكون أول صحيفة ميلادهم، مشوهة بهذا القلم الأزرق لعدم تناوله التطعيمات الأولى بعد الولادة. هذا الأمر الذى شهدته بعض الوحدات الصحية بالقرى بعد فصل التيار الكهربى حتى تسديد فاتورة العدادات الكهربائية مسبقة الدفع داخل الوحدات الصحية، فلم يكن المشهد الباكى فى حياة هؤلاء الأطفال الذين تجلس أمهاتهم أمام هذه الوحدات، من أجل الحصول على التطعيمات شافعًا لهم، لم يكن أيضًا الأمر بالهين على هؤلاء الموظفين داخل الوحدات بصد أولئك النسوة عن غزوها بحثًا على حق أبنائهن. يمثل الكثير لهؤلاء القائمين على تحصيل الفواتير من مواصلة انقطاع التيار، وهو ما دفع بعض الموظفين بإحدى هذه الوحدات من تجميع مبالغ مالية لسد الفواتير التى تقدر ب 150 جنيهًا، ليفاجئوا أن الوحدة مديونة ب 5 آلاف جنيه. فصل الكهرباء على مدار خمسة أيام متتالية انقطع التيار الكهربائى عن الوحدة الصحية التابعة لقرية «دنجواى» مركز شربين محافظة الدقهلية، ما أدى إلى فساد التطعيمات الموجودة بثلاجات الوحدة، وكذلك الأمصال والألبان، الأمر الذى جعل موظفى الوحدة يجمعون مبلغ 150 جنيهًا لسداد فاتورة الكهرباء، ليفاجئوا أن الوحدة الصحية مديونة للكهرباء ب 5 آلاف جنيه ولم يتمكنوا من الوصول لحل. يقول «محمد على»، موظف بالوحدة: الوحدة الصحية تخدم أكثر من 20 ألف نسمة، فمنذ اليوم الأول لانقطاع التيار الكهربائى، ظننا أنه ناتج لعطل فى أحد المحولات الداعمة للتيار بالمنطقة، وبعد الاطمئنان على سلامة الأمصال، التى تعطى ضد التاتنوس والتطعيمات، وبعد مرور 24 ساعة توجهت لمعرفة المشكلة التى دعت لفصل التيار عن الوحدة، ورغم تقدمنا بشكوى للجهات المعنية بالوحدة المحلية التابعة للقرية دون جدوى فجمعنا 150 جنيهًا لنتفاجئ بأن الوحدة مدانة ب 5 آلاف جنيه. وتضيف سهام فراج (من أهالى القرية): أتردد على الوحدة منذ ثلاثة أيام لتطعيم ابنى الرضيع، وأنتظر على الباب مع عشرات السيدات لساعات ثم يخرج لنا موظف يخبرنا أن التطعيمات ناقصة، وبعد مرور 5 أيام علمنا بانقطاع التيار الكهربائى عن الوحدة، فتخوفنا من تطعيم أبنائنا حتى بعد إصلاح التيار الكهربائى خشية فساد التطعيمات الموجودة بثلاجات الوحدة. فى قرية «أبويط» مركز الواسطى محافظة بنى سويف، فُصل التيار الكهربائى عن الوحدة لمدة 7 أيام متواصلة، وتقول «عزيزة سليم» إحدى سكان القرية: تبعد القرية عن المدينة 15 كيلو الأمر الذى يجعلنا فى خوف دائم على أطفالنا من ارتفاع درجات الحرارة والحمى، ولكن غالبًا ما تكون الوحدة الصحية التابعة للقرية مغلقة؛ بسبب انقطاع التيار الكهربائى أو أعطال فنية، مع عدم توافر أطباء، فحتى تطعيم الأطفال أصبح شبه مستحيل بها. فى أقصى غرب محافظة الفيوم يعيش قرابة 25 ألف نسمة فى قرية حدودية تعانى الفقر، والحرمان من خدمات البنية التحتية والكهرباء، حيث يعانى أهالى مركز يوسف الصديق من انقطاع دائم للمياه والتيار الكهربائى؛ وبناء عليه تعانى الوحدة الصحية التابعة للمركز من انقطاع التيار الكهربائى. يقول «رمضان سيد» أحد أهالى قرية «كحك بحرى» التابعة لمركز يوسف الصديق: إن القرية مظلومة فى الخدمات، وتبعد عن مركز أبشواى بمسافة 35 كم فعندما يلدغ الأطفال من الثعابين والحيات، نحملهم إلى مستشفى أبشواى المركزى، علمًا بأن مستشفى يوسف الصديق المركزى لم تعمل منذ إنشائها منذ 14 عامًا، وبسبب طول المسافة يصعب إنقاذ بعض الحالات حتى إن قرية كحك قد سجلت أكبر نسبة وفيات نتيجة عدم إسعاف المصابين بالوحدة الصحية التى تعانى الإهمال وعدم توافر الأمصال بسبب انقطاع التيار بشكل متكرر ومتواصل. تقصير لمدة 10 أيام تأخرت مرام محمود عن تطعيمها الدورى بسبب فشل محاولات مسئولى الوحدة الصحية التابعة لها بقرية محطة 1 جنوب محافظة البحيرة فى الحصول على أحد مولدات الكهرباء حتى يسمح لحفظ الأدوية لوقت طويل فى ظل ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع الكهرباء عن الوحدة؛ بسبب أعطال فنية فى الكابلات الرئيسية الداعمة لها، ويقول محمود عبدالرحيم والد الطفلة إن انقطاع الكهرباء المتكرر لأيام طويلة أثر على انتظام الخدمة داخل الوحدة الصحية؛ ما دفع العاملين بها إلى تأجيل العمل لحين عودة الكهرباء مؤكدًا على أنه تردد على الوحدة الصحية أكثر من مرة أملًا فى حصول طفلته على جرعتها من التطعيم لكن الممرضات أكدن عدم قدرتهن على مباشرة العمل داخل وحدة التطعيم فى ظل انقطاع الكهرباء، ما انعكس بالقلق على أهالى الأطفال الرضع. من جهتها تصف عبير حسن، أحد أهالى القرية ووالدة الطفل خالد زايد الذى أتم العام ونصف ما يحدث بالعبس بحياة المرضى والأطفال حيث إن ابنها لم يتلقى تطعيمه الدورى لأن الوحدة الصحية مغلقة بسبب انقطاع الكهرباء. يناشد أحمد عمرو (أحد الأهالى)، المسئولين بضرورة التدخل لحل الأزمة حفاظًا على أرواح الأطفال والمرضى. انقطاع الكهرباء عن الوحدة الصحية التابعة لقرية بلال غرب مدينة النوبارية، لعدة ساعات أجبرت العاملين بها إلى تأجيل التطعيم والأمصال لحين عودة الكهرباء، وتقول دينا والتى جاءت لتطعيم رضيعها إن وزارة الصحة تتحمل المسئولية كاملة عن حياة الأطفال الذين لم يتناولوا تطعيماتهم نتيجة انقطاع تيار الكهرباء، مؤكدة أن الوحدة الصحية بقرية بلال اضطرت إلى تحويل بعض المرضى إلى أقرب وحدة صحية مجهزة لتلقى العلاج ولكن واجهتهم مشكلة عدم تسجيل أطفالهم داخل كشوفات الوحدة، ما أدى إلى حدوث العديد من المشاحنات بين الأهالى والأطباء داخل تلك الوحدة التى تم تحويلهم إليها، مشيرة إلى أنه يجب أن يكون هناك حلول عملية تحافظ على حياة المرضى. وفى وحدة صحة الأسرة بقرية الوفاء والأمل الواقعة جنوب محافظة البحيرة جلست منى عارف سيدة فى مقتبل الثلاثينيات من عمرها حيث اشترط عليها العاملون بالوحدة الصحية أنه لإجراء فحوصات الصحة الإنجابية والدخول إلى غرف الرعاية انتظار عودة الكهرباء أو اللجوء إلى وحدة صحية أخرى فتوجهت بسؤال إحدى الممرضات عن وحدة صحية مجاورة فأرشدتها إلى وحدة صحة الأسرة بعبد الرحمن بيصار تبعد مسافة 5 كم. يقول «محمد.م» أحد العاملين بالوحدة: إنه منذ عدة شهور اشتكى الأهالى من انقطاع الكهرباء على فترات متباعدة وتم تقديم العديد من الطلبات لمديرية الصحة على رأسها حل مشكلة انقطاع الكهرباء وتوفير مولد كهربائى بديل للوحدة الصحية، ويستلزم الأمر استخراج شيك من الوزارة لدفع قيمة المبلغ بعد أن قامت وزارة الكهرباء بفصل التيار عن الوحدة. يؤكد الدكتور أيمن حمزة المتحدث الإعلامى لوزارة الكهرباء، أنه لا يجوز فصل التيار الكهربائى عن المنشآت التى تمس صحة المواطن، مشيرًا إلى وجود بعض المديونيات لوزارة الكهرباء تجاه بعض المؤسسات لكن المشكلات التى تمر بها الوحدات الصحية من انقطاع التيار الكهربائى قد ترجع فى بعض المحولات أو الدوائر الكهربائية للوحدة، مشددًا على ضرورة فحص الشكاوى المقدمة من تلك الوحدات والعمل على حل المشكلات المتعلقة بدفع الفواتير الشهرية.