ارتفاع حالات الانتحار عالمياً.. و «القفز على قضبان المترو » أحدث الأساليب أخصائية نفسية: الضغوط الاجتماعية والتمييز بين الأفراد أهم الأسباب تقف بمفردها تتطلع لأنوار القطار القادم من بعيد، تتأهب، تستعد جيدًا للقفزة الأخيرة، فى حياتها، تتأرجح ذكرياتها، وشريط حياتها يمر أمام أعينها فى لحظات، ولا يحرك لها ساكنًا فقرارها كان أقوى من عمر السعادة القصير التى عاشته «فتاة المترو»، لتقدم على الانتحار وتسلط الضوء على مئات الحالات غيرها، حيث لوحظ فى الفترة الأخيرة ارتفاع حالات الانتحار بين الفتيات، منهن من نجحت بالفعل، ومنهن من عادت للحياة بإعجوبة. مار جرجس «أميرة. م» فتاة عشرينية، تلقى بنفسها أمام مترو الخط الأول «المرج – حلوان» فى محطة مار جرجس، لتلقى حتفها، وتبين التحريات التى تمت فى مباحث قسم مصر القديمة، أن الفتاة تمر بأزمة نفسية حادة بسبب ضغوط الحياة، ومشاكل أسرية متفاقمة مع أشقائها، أقدمت بسببها على التخلص من حياتها. وباستدعاء أهل الضحية، والاستماع لأقوالهم؛ تبين أنها مرت بحالة نفسية سيئة فى الفترة الأخيرة؛ بسبب قيام أشقائها بالتعدى عليها بالضرب وتوبيخها، فضلًا عن تأثرها بوفاة والدتها، عقب تعرضها لحادث سير منذ 7 سنوات، ومنذ ذلك الحين وهى فى مشاكل يومية مع أشقائها، وتزايدت الهموم بسبب ضيق الحال لعدم قدرة والدها على تحمل كل المتطلبات نتيجة عمله باليومية. وأضافت التحريات، أنه فى يوم الواقعة، نشبت مشادة كلامية بينها وبين أشقائها، وأخبرتهم بإقدامها على الانتحار، ولكنهم أخذوا كلامها على محمل المزاح، ولكنها خرجت بالفعل، وتوجهت إلى محطة مترو الأنفاق، وقامت بإلقاء نفسها أسفل المترو، وتوفت على الفور.
عزبة النخل لم تكن أميرة الفتاة الأولى التى تحاول إنهاء حياتها بهذا الشكل، فسبقتها إلى الأمر «داليا. س» فتاة الجامعة، التى حاولت إلقاء نفسها أسفل عجلات مترو محطة عزبة النخل منذ أكثر من شهر وسقطت بالفعل، إلا أن الأهالى المتواجدين على الرصيف استطاعوا انتشالها سريعًا قبل أن يصطدم بها القطار، وقد دخلت فى موجة بكاء شديدة عقب إفاقتها من الحادث، وتبين بعدها أن تعانى من العنوسة، نظرًا لأن أهلها غير مقتدرين على تحمل أعباء الجهاز، كما أن معظم الرجال المتقدمين لخطبتها يكونوا فى مقتبل حياتهم، ويحتاجون لمساعدات مالية من أهل العروسة لإتمام الزيجة، الأمر الذى عطل حياتها بشكل نهائى من وجهة نظرها.
شبرا الخيمة أما فتاة شبرا الخيمة، فهى الأخرى لها نفس الرغبة، إلا أنها اتخذت طريقة مختلفة قليلاً، فلجأت لقطع شرايين يدها على باب شقتها بعد رفض أبيها خروجها مع صديقاتها فى العيد الماضى.. هى «نهلة. ع» 15 عامًا، التى قررت الانتحار لمجرد عدم السماح لها بالخروج للتنزه مع صديقاتها، فما كان منها إلا استخدام مبرد الأظافر الذى كان أمامها لتمزق أوردتها وشراينها، وتهرول الأسرة مسرعة لإيقاف النزيف، إلا أنها توفت فى الحال، وأنكر أهالى الفتاة أن سبب الوفاة هو محاولة ابنتهم الانتحار خوفًا من الفضيحة، بينما أعلنوا أن السبب هو إصابتها أثناء مساعدة والدتها فى الأعمال المنزلية ليلة العيد. جميع من سبق ذكرهن مجرد حالات بسيطة لشريحة كبيرة من الإناث تبحث عن الخلاص لحياتهن، لأسباب تبدو أحيانًا مهمة وقاسية، وأحيانًا أخرى بسيطة وغير مؤدية للانتحار تارة أخرى. وبجمع المعلومات عن القضية تبين أن هناك العديد من الدراسات التى تمت على ظاهرة الانتحار محليًا ودوليًا، ومنها لمنظمة الصحة العالمية، والتى أكدت أن أكثر من 800 ألف شخص يتوفون سنويًا بالانتحار، أى ما يعادل حالة انتحار واحدة كل 40 ثانية! وتحدث 75فى المائة من حالات الانتحار فى الدول متوسطة ومنخفضة الدخل. وينتشر الانتحار فى جميع أنحاء العالم، ليكون بذلك السبب الثانى للوفاة لمن هم ما بين ال15 -29 من عمرهم، ويتوفى الرجال عن طريق الانتحار أكثر من الإناث، ففى الدول المرتفعة الدخل، يتوفى الرجال انتحارًا ثلاث مرات أكثر من النساء، فى حين أن فى الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل، ترتفع نسبة الانتحار بين الشباب والنساء المسنات. وفيما يتعلق بالإحصاءات المصرية، فكشفت إحصائية صادرة عن المركز القومى للسموم التابع لجامعة القاهرة، عن تزايد أعداد الشباب المصريين المنتحرين بسبب العنوسة والبطالة، حيث أقدمت حوالى 2700 فتاة على الانتحار سنويًا بسبب العنوسة، فضلًا عن إقدام العديد من الشباب على الانتحار أيضًا بسبب البطالة وصعوبة الزواج، خصوصًا ممن يعيشون قصصًا غرامية. وقد أظهرت دراسات منذ عدة سنوات أن هناك ما يقرب 6000 حالة انتحار فى مصر خلال العام، وأن نسبة المنتحرات من الإناث كانت أكثر من الذكور لتصل إلى 68فى المائة للإناث مقابل 32فى المائة للذكور. وفى دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية، جاءت مصر فى المركز 96 على مستوى العالم من حيث عدد الأفراد المقبلين على الانتحار، وكان ذلك فى عام 1987 ثم جاء عام 2007 ليشهد 3708 حالات انتحار متنوعة من الذكور والإناث، وقد سجل المركز القومى للسموم التابع لجامعة القاهرة وقوع 2355 حالة انتحار بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 22 و23 عامًا، طبقًا للإحصاءات الرسمية. وقد ذكرت منظمة الصحة العالمية فى أحد تقاريرها أن للأطفال نصيبًا ملحوظًا فى عمليات الانتحار لعام 2016 لأسباب عديدة، أهمها الضغوط النفسية التى يمارسها الأهل لحث أبنائهم على التفوق الدراسى أو الرياضى والعنف الأسرى. وكمثال على ذلك ما جعل بطلة المصارعة الحرة الطفلة ريم مجدى، 15 عامًا، تقدم على الانتحار حيث فتحت باب سيارة والدها وقفزت منها أثناء سيرها بسبب تعنيف والدها لها فى التمرين. وعلى الرغم من تقدم الإحصاءات المعلنة بالنسبة لمحاولات الإناث للانتحار، حيث تصل محاولات انتحار الإناث 4 أضعاف انتحار الذكور، إلا أن الانتحار الفعلى للذكور يقدر ب 3 أضعاف انتحار الإناث، وذلك لأن طرقهم عادة ما تكون قاتلة أكتر من الإناث. أسباب الانتحار «سامية طلبة» أستاذ علم النفس الاجتماعى، أكدت أن الانتحار له أسباب عديدة يأتى على رأسها الضغوط النفسية والاجتماعية التى يمر بها الأفراد خاصة خلال تلك الفترة، بسبب تدهور الأحوال المعيشية وارتفاع الأسعار، وهو ما يضغط على الأفراد ويزيد معدلات إصابتهم بالاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب، والانهيار النفسى فى لحظات الأزمة وعدم القدرة على التعامل مع ضغوط الحياة، حتى أن بعض المشكلات الاقتصادية أصبح من شأنها أن تتسبب فى مشكلات اجتماعية كالهجرة والانفصال والطلاق. طرق الانتحار تعددت الأسباب والانتحار واحد، وهى النظرية التى أقرتها جميع محاولات الانتحار مؤخرًا، فبعض الفتيات استخدمن «الأقراص المنومة أو سم الفئران أو إلقاء أنفسهن من أماكن شاهقة أو فى النيل، أو على عجلات المترو أو إمام القطارات، بالإضافة إلى لجوئهن إلى حرق أنفسهن»، هذا فيما يتعلق بالإناث، أما الذكور فالوضع مختلف لديهم قليلاً فهم عادة ما يلجؤون للشنق أو قطع شرايين اليد أو إطلاق النار على أنفسهم أو الحرق.