استعانت الحكومة لسنوات طويلة بالمستشارين على أمل أن يقدموا أفكارًا خارج الصندوق، ويساعدوا الوزراء على تنفيذ تكليفاتهم، لكن «المستشارين » بعد ذلك أصبحوا عبئا على الموازنة العامة للدولة، فأغلبهم مجرد مناصب شرفية، يصرفون مكافآت وامتيازات بالمليارات، ومع مرور الوقت لم يعد لدى الحكومة بيان بعدد المستشارين الموجودين داخل دواوين الوزارات والمحافظات، واختلفت التقديرات الخاصة بأعدادهم لتتراوح ما بين 80 إلى 100ألف مستشار، فى الوقت الذى يؤكد فيه خبراء ومتخصصون أن أعدادهم تفوق ذلك الرقم بكثير، ويكلفون خزينة الدولة نحو 24 مليار جنيه يتم اقتطاعها من الموازنة العامة أو الصناديق الخاصة. مصدر كشف ل«الصباح»، وجود رغبة لدى حكومة المهندس شريف إسماعيل فى القضاء على «عزبة المستشارين» عبر حصر أعدادهم بدقة بواسطة استمارة ستوزع على الوزارات والمحافظات والهيئات الحكومية، لتدوين بيانات المستشارين بها، من حيث «المؤهلات والوظيفة والسن والراتب»، وإرسال تلك الاستمارة لوزارة التخطيط تمهيدًا لعمل قاعدة بيانات شاملة بعدد المستشارين على مستوى الوزارات والهيئات. وتابع المصدر: «بعض المحافظين استعانوا بفريق من المستشارين دون الحاجة لهم، فبعضهم لجأ إلى مسمى جديد وهو المستشار الإعلامى للمحافظ لمجاملة بعض التابعين لهم، رغم أن القانون الحالى لا يسمح بذلك، ويتم صرف مكافآت شهرية لهم تتخطى ال 10 آلاف جنيه، ويتم الصرف من حساب الصناديق الخاصة التى تسعى الحكومة لضمها إلى الموازنة العامة، هذا بجانب اعتماد بعض الوزراء على منصب جديد وهو المستشار السياسى، والذى يقوم بنفس وظيفة مدير مكتب الوزير كحلقة وصل بين الوزير وبين نواب البرلمان لتسهيل حصولهم على التأشيرات، فتحول المستشار السياسى بفضل المنصب إلى «وزير للنواب». واستطرد المصدر: «يتم الصرف للمستشارين بطريقتين، الأولى من خلال التوقيع على استمارة خاصة بعيدًا عن موازنة الوزارة أو الهيئة الحكومية، والثانية الصرف من ميزانية الوزارة، وعلى كل حال فإن المبالغ التى يتقاضاها هؤلاء المستشارون سنويًا تصل إلى 24 مليار جنيه، والمطلوب هو تحجيم تلك الميزانية، وتوجيه جزء منها للتربية والتعليم والصحة، ولذلك سيتم الاستغناء عن جزء كبير منهم، وتعويض ذلك بوكلاء الوزارة، إلا أن الحكومة تواجه انقسامًا بين الوزراء، ففى الوقت الذى اعتبر البعض تخليه عن المستشارين سيصعب من مهمة اتخاذ القرار الصائب، اتجه البعض الآخر للموافقة على الأمر وتقليل عدد المستشارين وليس التخلى عنهم، خاصة أن بعضهم يعمل داخل الوزارة ولديه درجة مالية وما تم هو تصعيده فقط لمنصب مستشار للوزير». من جانبه، أكد د. سالم عزيز خبير التنمية المحلية ل «الصباح»، أن بداية ظهور المستشارين داخل الوزارات والهيئات الحكومية كانت بعد ثورة 52، واستمرت بعد ذلك وكان البعض يراها بأنها واحدة من أساليب الرشوة المقننة، واستمر الأمر لما بعد ثورة يناير، ورغم أنهم لا يقدمون أى إنجاز يستحق الإشادة، فإنه بالبحث عن تاريخ العلاقة بين المستشار والوزير ستجده إما صديق قديم وأما قريب وأما أحد جيرانه، مضيفًا أن بعضهم يتقاضى راتبًا يتراوح بين 10 إلى 20 ألف جنيه، وقد يصل إلى 50 ألف جنيه شهريًا. وتابع عزيز: «من المعروف أن هؤلاء المستشارين كانوا من ميراث النظام السابق الذى كان يقوم بتعيين الموالين له فى منصب مستشار بالوزارات المختلفة؛ كمكافأة لهم، لكن الآن يجب القضاء على هذه الظاهرة، خاصة أنه منصب لا حاجة له بمعظم الوزارات التى تضم كفاءات فى كل المجالات، وهناك جهات فى الدولة تقدم المشورة الفنية للهيئات المختلفة كالمراكز البحثية وهيئة مستشارى الدولة والجامعات ومراكز دعم واتخاذ القرار، وهذه كلها يمكن الاستعانة بها وقت الحاجة بدلاً من تعيين مستشارين بمبالغ طائلة بلا عمل حقيقى».