استيراد بقايا الثلاجات من الخارج.. ووزير التموين السابق اجتمع 3 مرات مع المندوب الزراعى الأمريكى للاتفاق على الكميات «مؤامرة لضرب الاقتصاد المصرى فى الصميم، لحساب المستوردين، ولصالح أمريكا، بالإضافة لإصابة المصريين بالأمراض، لأن مثل هذه الأجزاء لا تؤكل فى الولاياتالمتحدة بل يتم إلقاؤها فى سلة القمامة وللقطط وللكلاب، أو توزيعها على الدول الفقيرة»، هذا ما أكده د. محمد الشافعى، نائب اتحاد منتجى الدواجن، فى وقت سابق. الأسبوع الماضى شهد دخول شحنة من مجزئات الدجاج، وحسب مربى الدواجن، فإنها صفقة مشبوهة هدفها ضرب الصناعة المحلية التى تخطت قيمتها ال 50 مليار جنيه، مؤكدين أن تلك المحاولة ليست الأولى، لكن كانت هناك محاولات سابقة تم التصدى لها، خاصة أن تلك المجزئات تعد بقايا وعوادم الدول المصدرة، والتى لم تسمح بتناول مواطنيها لها، لاحتوائها على نسبة كبيرة من السميات. مصادر مسئولة وحقوقية فى قطاع الثروة الحيوانية والداجنة، كشفت أن رجال أعمال كبارًا وراء تلك الصفقة، رافضين التصريح بأى معلومات عنهم، لكن المؤكد وفقًا لهم أن تلك الجهات المستوردة لها يد كبرى فى الدولة، واستطاعت كسر العديد من القرارات الوزارية والجمركية فى هذا الأمر، وهى سابقة تعد الأولى من نوعها. المؤامرة بدأت منذ عدة سنوات فى العام الماضى، أصدر وزير التموين السابق د. خالد حنفى قرارًا، بعمل مناقصة لاستيراد 2000 طن من المجزئات الخلفية للدواجن «الأوراك» من الولاياتالمتحدةالأمريكية، عن طريق مستوردين أجانب، ما أثار العديد من التساؤلات بين منتجى الدواجن، وغيرهم من الخبراء والمواطنين، استدعى تدخل الرئيس شخصيًا لوقف ذلك القرار لحماية الصناعة المحلية. وحسب مصادر بوزارة التموين، فإن هناك محاولات عديدة سابقة لضرب الصناعة المحلية باستيراد منتجات عبارة عن مجزئات وأوراك دواجن مسمومة -حسب وصفهم-، بدأت تلك المحاولات منذ عام 2011، قادها مصدرون أمريكيون برعاية مسئولين مصريين؛ لفتح باب تصدير أجزاء الدواجن الخلفية إلى الأسواق المصرية، وكانت وسيلتهم الضغط على حكومة د. عصام شرف رئيس مجلس الوزراء الأسبق، على مدار أربع سنوات بعد الثورة، وانتهت هذه المحاولات بقرار وزير التموين السابق بالخضوع للرغبة الأمريكية. المفاوضات الأمريكية لفتح باب الاستيراد شملت ثلاث جهات، هى وزارات التموين والتجارة والصناعة والزراعة، ففى عام 2013 اجتمع د. خالد حنفى وزير التموين السابق، أيام تولى المهندس إبراهيم محلب الحكومة، مع رون فيردونك الوزير المفوض للشئون الزراعية بالسفارة الأمريكية بالقاهرة وإيريك روتير المسئول الاقتصادى بالسفارة والوفد المرافق، وعرضا على وزير التموين خلال الاجتماع تصدير دواجن لمصر بأسعار تنافسية فى إطار دعم وتنشيط العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وانتهى الاجتماع ببحث الموقف. وفى سبتمبر 2013، رفض منير فخرى عبدالنور وزير الصناعة السابق العرض الأمريكى، باستيراد أجزاء الدواجن الأمريكية، واقتصار استيراد الدواجن على دواجن كاملة وبدون أحشاء، وصدق وزير التجارة والصناعة على قرار منع استيراد مجزئات الدواجن استنادًا إلى خطاب صادر من وزارة الزراعة. وكشف الخطاب الذى تم إرساله إلى التجارة والصناعة فى 14 نوفمبر عام 2013 برقم 1361، عن تلقى وزارة الزراعة خطابًا من المستشار الزراعى بالسفارة الأمريكية بالقاهرة يطلب فيه رفع الحظر عن استيراد مجزئات الدواجن الأمريكية لمصر. وأرسلت السفارة هذا الخطاب إلى د. منى محرز المشرف على العلاقات الخارجية بوزارة الزراعة الأسبق، ومدير المكتب الزراعى المصرى فى أمريكا وقتها، ونائب وزير الزراعة للثروة الحيوانية والداجنة حاليًا، وتم إرسال هذا الخطاب أيضا إلى د. نبيل درويش بصفته رئيس الاتحاد المصرى لمنتجى الدواجن. وعلى الرغم من عدم استجابة وزارة الزراعة لهذا المطلب لكونه ضارًا بالصناعة الداخلية، لم تنته المحاولات الأمريكية، إلى هذا الحد، بل عقد المستشار الزراعى الأمريكى فى مصر اجتماعًا آخر مع د. خالد حنفى وزير التموين السابق، فى أغسطس 2014، بعد زيارة قام بها «حنفى» إلى الولاياتالمتحدة، وكان الاتفاق مبدئيًا على استيراد الدواجن ومجزئاتها وطرحها للمستهلك المصرى من خلال بطاقات التموين، لكن القرار لم يخرج إلى النور. وأشار مصدر مسئول، إلى أن هذا المخطط يهدف لتدمير الصناعة المحلية للدواجن فى مصر، كما تنفذه الولاياتالمتحدةالأمريكية مع دولتى روسيا والصين عبر إغراق الأسواق فى الدولتين بالمجزئات الخلفية من الدواجن لتقضى على الصناعة الداخلية، وتليها خطة رفع أسعار المستورد، مؤكدًا أن الدولتين اكتشفتا المخطط بعد حدوث الأزمة، وتداركتا الموقف بإحياء الصناعة المحلية. عبد الخالق النويهى، نائب رئيس الجمعية المصرية للدواجن، قال إن شحنة دواجن مجمدة «تنظيف ثلاجات» دخلت خلال الأيام الماضية من دولة أوكرانيا، وهى عبارة عن مجزئات دواجن مر على تخزينها بالدولة الموردة أشهر، وبسعر لا يذكر يشتريها المستوردون المصريون، ومن الممكن أن تكون مجانية حسب قوله، للتخلص منها بدلًا من إعدامها. وأوضح «النويهى» أن صلاحية تلك الشحنة المشبوهة تتنهى فى شهر فبراير المقبل، ولكونها مجزئات فقد انتهت بالفعل، مؤكدًا أن وزارة التموين أدخلت الشحنات فى غفلة من الجميع، وتم توزيع أطنان من مجزئات الدواجن على الموزعين، وحصل كل موزع على حصته، مشيرًا إلى أن بعض الموزعين قاموا بتغيير تاريخ الإنتاج ووضع تاريخ جديد لها، وهذا ما يجرى أيضا الآن أثناء نشر المقال -حسب قوله-. وأشار نائب رئيس الجمعية المصرية للدواجن، إلى أن أطنانًا من تلك الشحنات تم طرحها بالفعل فى السوق المحلية بهدف هدم صناعة الدواجن، وإغراق السوق بدواجن غير صالحة للاستهلاك لدى الغرب، مضيفًا «لكن فى مصر يسير المسئولون والتجار على جملة «خلى الشعب ياكل»، مؤكدا أن ما يهم التموين والمستوردين والتجار هو تحقيق ربح ومزيد من الربح على حساب صحة المواطنين». وأكد النويهى، خسارة مربى الدواجن لملايين الجنيهات منذ بداية الشهر الجارى، لانخفاض أسعار الدواجن بالسوق، بعد إغراقها بالمستورد، ومن تدارك الموقف فقط هو الاتحاد العام لمربى الدوجن، وكشف عن تلك الشحنات، وطالب بوقف توزيعها واستيرادها ومحاسبة المسئولين عن دخولها للبلاد. وأشار إلى أن مسئولين فى الغرفة التجارية وآخرين بالتموين يعملون مع السماسرة والتجار الكبار، لهدم الصناعة عمدًا، وقتل صغار المربين لصالح التجار والوسطاء، عبر التورط فى صفقة مشبوهة لمجزئات دواجن من بقايا ثلاجات أوكرانيا والبرازيل. وطالب نائب رئيس الجمعية المواطنين بضرورة مقاطعة تلك المنتجات نهائيًا، لانتهاء صلاحيتها، ولما لها من ضرر بالغ على صحة المواطنين، مؤكدًا أن هذه الدواجن رخيصة الثمن، وتباع فى مولات كبرى مكتوب عليها تواريخ إنتاج جديدة ومعظمها مجزئات دواجن. وقال خبراء بيطريون، إن هذا الجزء من الدجاج يتميز بارتفاع نسبة الدهون وزيادة سمك الجلد الغنى بالدهون، التى تترسب فيها بقايا المواد الضارة، إضافة إلى أن هذا القرار يضرب صناعة الدواجن فى مقتل. وقال محمد الشافعى، نائب رئيس اتحاد منتجى الدواجن، إن مجزئات الدواجن، لا تؤكل فى أمريكا وأوروبا، لقلة قيمتها الغذائية، موضحًا أن هذه المجزئات يتم إرسالها إلى الدول الفقيرة تحت مسمى المساعدات الإنسانية، وفى دولة مثل مصر نحن لا نقبل بمثل هذا لعدة أسباب، منها عدم ذبحها على الطريقة الإسلامية، وتزوير تاريخى الإنتاج وانتهاء الصلاحية، كما أن طرق تجميع هذه المجزئات من المجازر بتواريخ مختلفة، ولا نعلم مصدرها. وحسب مصادر مسئولة بوزارة التموين، فإن كمية الصفقة المشبوهة المستوردة تتخطى ال 70 ألف طن، مؤكدًا أن هذا القرار سيكون له تأثير بالغ على الصناعة المحلية للدواجن، وهو ما أكده أيضا اتحاد منتجى الدواجن، بانخفاض السعر 4 جنيهات بعد استيراد تلك المجزئات. وقال خالد سعودى المنسق العام للجمعية المصرية لمربى الدواجن وعضو الاتحاد العام لمنتجى الدواجن: «أنه بعد فتح باب الاستيراد على مصراعيه فلم يتبق لنا إلا أن ننعى بكل أسى وأسف صناعة الدواجن فى مصر»، موضحًا أن الحكومة بقرارات غير مدروسة تنظر تحت قدميها معتقدة أنها تعالج أزمة غلاء أسعار الدواجن بالاستيراد. وأكد «سعودى»، أن الحكومة تجاهلت أن هذا العلاج هو مجرد مسكن سوف تنجم عنه مصيبة لن يحمد عقباها فى القريب العاجل، لأن ما تفعله بحسن نية مؤداه تدمير صناعة مهمة، مستكملاً حديثه «يا فرحتى لما اشترى شوية مجزئات بأسعار قليلة ونفرح الشعب شوية، ولكن بعد كده وبعد أن تموت الصناعة الوطنية هتكون النتيجة عكسية ومأساوية». واستطرد، أنه لابد من التراجع عن قرارات الاستيراد قبل أن يأتى يوم لا ينفع فيه الندم، مؤكدًا ضرورة مراجعة الحكومة حساباتها وإعادة تقييم الموقف من جديد ومناقشة الأزمة مع أهلها وليس من المستفيدين منها. وقال رئيس اتحاد منتجى الدواجن الدكتور نبيل درويش، إن جهات أقدمت على ما لم يجرؤ عليه أى مسئول سابق حرصًا على مصلحة الوطن، وقامت باستيراد أوراك الدواجن من أوكرانيا، وهذا كفيل بهدم الصناعة، وهو ما كانت تقوم به جهات عديدة أجنبية بالضغط على المسئولين لفتح باب استيراد مجزئات الدواجن لتدمير الصناعة، كما حدث فى بولندا والاتحاد السوفيتى السابق عندما سمح بدخول هذه المجزئات. وأضاف أنه لابد من إصدار قرار واضح وصريح بمنع استيراد مجزئات الدواجن من الخارج، ولا يتم الاستيراد دون الرجوع إلى الاتحاد وبعد دراسة لمتطلبات السوق الفعلية، وبعد الاتفاق بين الجهات الرسمية والاتحاد، يتم تسديد الرسوم الجمركية المفروضة على استيراد الدواجن المجمدة من الخارج (نسبة ال 30 فى المائة)، موضحًا أن جنوب إفريقيا رفعت الرسوم الجمركية على الدواجن المستوردة ومنتجاتها فى حدود تصل إلى 85فى المائة. وأكد أنه على مجلس النواب بإصدار تشريع بمنع الجهات المتعددة التى تعطى نفسها الحق فى الاستيراد من الخارج دون مراعاة لحقوق المستثمرين والمنتجين، وحماية الصناعة المحلية.