الرحلات هى الأولى من نوعها وجدل بين شباب الدعوة بعد الإعلان عن أنها «مختلطة» على قدم وساق تعمل الحركة السلفية الوهابية على تحقيق حلمها فى إقامة الدولة الدينية التى روج لها مؤسس الحركة محمد عبد الوهاب، والتى تقوم على إذكاء قيم التطرف والتشدد وتعمل على استغلال كل فرصة ممكنة لإقامة تلك الدولة بقيادة سعودية خالصة. وفى الوقت الذى ينشغل فيه الشارع المصرى بالعديد من القضايا الشائكة التى حولت الانتباه عن الأيادى العابثة التى تسعى لفرض مبادئها المتشددة بين المصريين كانت جماعة الدعوة السلفية تستعد بخطط جديدة للتغلغل داخل المجتمع المصرى بصورة أكبر مستغلة بعض الأحداث الأخيرة وعلى رأسها إقرار سعودية جزيرتى تيران وصنافير. ففى سرية تامة بدأت الدعوة السلفية فى تنفيذ خطتها للانتشار والتى بدأت منذ سبعينيات القرن الماضى مع ظهور الدعوة للنور، وذلك من خلال سعيها لاختراق محافظة سيناء التى طالما حاولت السيطرة عليها عدة مرات، وذلك بعدما اعتقد قادة الدعوة أن الطريق أصبح خاليًا لهم خاصة مع وجود توقعات بزيادة نسبة السياحة الخليجية عامة والسعودية خاصة بتلك المحافظة كونها تقترب من موقع جزيرتى تيران وصنافير. ورغم السرية التى سعت الدعوة لفرضها على توجهها الأخير إلا أن انتشار خبر تحضيرها لرحلات «سياحية» لمنطقة الغردقةوشرم الشيخ خلال الفترة القادمة وهو القرار الذى اتخذته قيادات الدعوة بهدف معلن هو تنشيط السياحة، أثار العديد من علامات الاستفهام، ليس فقط كون الدعوة السلفية لا تعترف بالسياحة وتعتبر مواردها محرمة شرعًا كما جاء على لسان قادتها الذين أكدوا ضرورة الالتزام بالسياحة الحلال التى تخضع لشروط متعددة تشمل الزى المسموح به للسائحين على الشواطئ ومنع المشروبات الروحية ومنع الاختلاط، وذلك وفقًا لما جاء على لسان الشيخ ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة، وإنما أيضًا لسماح الدعوة السلفية للنساء بالمشاركة فى تلك الرحلات، رغم رفضها مبدأ خروج المرأة من منزلها أو الاختلاط فى أماكن بها رجال. حيث ثار الجدل داخل الدعوة خاصة بين الشباب الذين تم التعامل مع استفساراتهم من خلال قاعدة الضرورات تبيح المحظورات التى انتهجتها الدعوة منذ فترة للخروج من مأزق التضارب فى فتوى علمائها. حلم الدعوة السلفية لاقتحام سيناء تعد سيناء من المحافظات التى طالما سعت الدعوة السلفية لاقتحامها وفرض وجودها بداخلها، حيث كانت تتواجد بقوة بمنطقة شمال سيناء قبل ثورة يناير، وكانت غالبية المساجد تقع تحت قيادة التيار السلفى، وهو الأمر الذى ظهر جليًا خلال فترة حكم الإخوان حيث استعانوا بشيوخ الدعوة السلفية والتيار السلفى ليكونوا همزة وصل بينهم وبين المجاهدين بتلك المنطقة ولكن بعد سقوط حكم الإخوان تبدل الأمر، حيث ساهمت الحرب التى يشنها الجيش ضد تنظيم داعش على تقويض حركة السلفيين فى تلك المنطقة، خاصة بعدما تشكلت جماعة السلفية الجهادية التى خرجت عن طوع التيار السلفى وحملت السلاح فى وجه الدولة، وبينما كانوا يسيطرون على غالبية المساجد ويحرمون الصلاة إلا على من يتبعهم، كما أكد الشاب السيناوى إسلام عابد، ل«الصباح» موضحًا أن السلفيين كانوا ينظرون للمواطنيين العاديين على أنهم كفار وكانوا يخرجونهم من الملة ويحددون لكل شخص سبب مختلف لتأكيد كفره واستباحة دمه، ولكن هذا الأمر اختلف بعد سقوط حكم الإخوان، ولم يعد لهم تواجد يذكر، حتى الزوايا التى كانوا يصلون بها قاموا بإغلاقها وبدأوا فى تحويل منازلهم لمساجد لا يسمح سوى للمقربين منهم فقط الصلاة فيها. ورغم انتهاء حديث إسلام عن وضع السلفيين فى شمال سيناء الآن إلا أن محاولات السلفيين للدخول إلى سيناء لم تنته، حيث ناشد الشيخ ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية الجهات الأمنية للسماح لشيوخ الدعوة بدخول سيناء والعودة إلى مساجدها بزعم تهدئة أجواء التطرف ولكن الأمن رفض تلك المطالب ومنع شيوخ الدعوة السلفية تحديدًا من دخول سيناء، خاصة بعدما فقدت الدعوة سيطرتها على بعض الشباب ممن كونوا السلفية الجهادية وباتوا لا يستمعون لكبار شيوخ التيار. تيران وصنافير وعودة الحلم من جديد قبل أن يتسلل الإحباط لدى شيوخ الدعوة السلفية وقادتها من اقتحام محافظة سيناء التى تعد ذات أهمية خاصة كونها منطقة اشتباك تسمح لنفوذ السلفيين من التمدد، عاد الأمل من جديد عقب تأكيد سعودية جزيرتى تيران وصنافير، حيث توجهت دفة الدعوة السلفية نحو جنوبسيناء التى لم يكن تواجدها فيها يمثل قوة. فقررت الدعوة اقتحام تلك المنطقة على أكثر من خطوة، تبدأ بتنظيم رحلات مختلطة لرجال ونساء الدعوة لعدد من القرى السياحية جنوبىسيناء وبعض المناطق المحيطة بها حيث وقع الاختيار مبدئيًا على شرم الشيخوالغردقة. ووفقًا لما تم ترديده داخل أروقة الدعوة، فإن تلك الرحلات هى الستار الذى يمكن من خلاله للدعوة دخول قرى ومنتجعات جنوبسيناء، مستغلى حالة الركود الاقتصادى وتعرض السياحة لأزمة وعدم عودتها لحركتها المعتادة، لتنتشر داخل فنادق تلك القرى وتفرض رؤيا أخرى للسياحة داخل سيناء، معتمدة على توقعات بزيادة السياحة الخليجية والسعودية داخل سيناء الفترة القادمة، حيث تعتبر الدعوة السلفية نفسها أهم ركائز المملكة السعودية فى العديد من الدول العربية والأجنبية. وبينما تعمل قيادات الدعوة على استخراج التصاريح اللازمة للقيام برحلاتها «الحلال» التى ستقوم من خلالها بسلفنة شواطئ سيناء استعدادًا للإقامة فيها وتوسيع دائرة الاختلاط بالعائلات والقبائل السيناوية، يعمل بعض رموز الدعوة على تنظيم تلك الرحلات، من تحديد موعد إقلاعها، والمدة المقررة لكل رحلة وعدد المشاركين فيها، والذى يقتصر على المقربين فقط. أما الجزء الأهم هو توفير الميزانية اللازمة لتلك الرحلات والتى لم تعد مشكلة حيث تستعد الدعوة لاستقبال دعم مالى كبير من إحدى الدول الخليجية للقيام بتلك المهمة، سيتم تخصيصه بالكامل لتنفيذ تلك الرحلات على أفضل وجه. ليس هذا كل ما فى الأمر، حيث من المقرر أن تكون الخطوة الثانية هى بشراء مقرات «غير رسمية مؤقتًا» للدعوة حتى يمكن لقادتها الإقامة بها، حتى يمكنهم الحصول على مقر بصورة قانونية مما يسمح لهم بحرية الحركة. وفى الوقت الذى يتم فيه تأهيل بعض شباب الدعوة الأكثر طاعة فيها للمشاركة فى تلك الرحلات التى من المقرر أن تكون 50 رحلة كل رحلة تضم من 25 إلى100 شخص، حيث سيكون بعضها رحلات عائلية، يتغنى بعض التابعين للدعوة بأن تلك الخطوة بداية لتكوين ما يشبه الإمارة السلفية بمنطقة سيناء وهو الأمر المتوقع أن يلاقى ترحاب خاصة فى حال تصدى الدعوة لأبنائها الجهاديين الذين ينضمون إلى التنظيمات الإرهابية بسيناء وعلى رأسها تنظيم داعش. حملة تحسين الصورة وتعمل الدعوة حاليًا على القيام بعدة اتصالات بكبار القبائل السيناوية، وذلك لتحسين العلاقات معها حتى يقوموا بتسهيل مهمة الدعوة فى الحصول على موافقة الجهات الأمنية على دخول السلفيين إلى تلك المحافظة الهامة. فيما تقوم بعمل حملة ضخمة على مواقع التواصل الاجتماعى فيس بوك وتفعيل هاشتاج باسم «الدعوة السلفية» لتحسين صورة الدعوة التى ارتبطت بالتشدد ودعم المتطرفين ونشر الفتن، وعمل نوع من التقارب بين شباب الدعوة وشباب السوشيال ميديا حتى تكسب بعض التعاطف الشعبى الذى باتت تعانى من خسارته الفترة الماضية، وذلك تجنبًا لتسليط الضوء عليها فور تنفيذ مخطط اقتحام سيناء الذى من المقرر أن يبدأ فور الانتهاء من الخطوات التنفيذية له، والتى يشرف عليها كبار شيوخ الدعوة على رأسهم برهامى.