عبر الفيديو كونفرانس.. الرئيس السيسي ونظيره الروسي يشهدان حدثًا تاريخيًا بمشروع الضبعة النووى اليوم    نادي القضاة: انتخابات النواب 2025 لم يشرف عليها القضاة وأعضاء النيابة العامة    بعد انسحاب "قنديل" بالثالثة.. انسحاب "مهدي" من السباق الانتخابي في قوص بقنا    أخبار مصر: حدث عالمي يشهده السيسي وبوتين اليوم، حفل جوائز الكاف، "مجلس دولي" غير مسبوق لغزة، هل يهدد "ماربورج" مصر    جبران يلتقي مدير «العمل الدولية» بجنيف ويؤكد التزام مصر بالتعاون    أسعار الفاكهة اليوم الاربعاء 19-11-2025 في قنا    طن عز بكام.... اسعار الحديد اليوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025 فى المنيا    وزير الزراعة: حماية الرقعة الزراعية أولوية قصوى.. ولا تهاون في مواجهة التعديات    مع جورجينا وإيلون ماسك.. رونالدو يلتقط سيلفى فى البيت الأبيض    الضفة.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 100 فلسطيني شمالي الخليل    المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026 بعد صعود ثلاثي أمريكا الشمالية    أبرزها دولة فازت باللقب 4 مرات، المنتخبات المتأهلة إلى الملحق الأوروبي لكأس العالم 2026    طقس مستقر ومشمس في المنيا اليوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025 وارتفاع تدريجي في درجات الحرارة    محكمة الاتحاد الأوروبي تعتزم إصدار حكمها بشأن وضع أمازون كمنصة كبيرة جدا    اليوم.. العرض الأول لفيلم "اليعسوب" بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    خبراء: الأغذية فائقة المعالجة تعزز جائحة الأمراض المزمنة    طريقة عمل كيكة البرتقال الهشة بدون مضرب، وصفة سهلة ونتيجة مضمونة    زيلينسكي يزور تركيا لإحياء مساعي السلام في أوكرانيا    برنامج فعاليات وعروض أفلام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي اليوم    الاتصالات: الأكاديمية العسكرية توفر سبل الإقامة ل 30095 طالب بمبادرة الرواد الرقمين    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    أسعار الذهب اليوم الأربعاء 19 نوفمبر 2025    أكثر من 30 إصابة في هجوم روسي بطائرات مسيرة على مدينة خاركيف شرق أوكرانيا    ارتفاع أسعار الذهب في بداية تعاملات البورصة.. الأربعاء 19 نوفمبر    إسعاد يونس ومحمد إمام ومى عز الدين يوجهون رسائل دعم لتامر حسنى: الله يشفيك ويعافيك    بشري سارة للمعلمين والمديرين| 2000 جنيه حافز تدريس من أكتوبر 2026 وفق شروط    البيت الأبيض: اتفاقية المعادن مع السعودية مماثلة لما أبرمناه مع الشركاء التجاريين الآخرين    حقيقة ظهور فيروس ماربورج في مصر وهل الوضع أمن؟ متحدث الصحة يكشف    ترتيب الدوري الإيطالي قبل انطلاق الجولة القادمة    شبانة: الأهلي أغلق باب العودة أمام كهربا نهائيًا    أوكرانيا تطالب روسيا بتعويضات مناخية بقيمة 43 مليار دولار في كوب 30    "النواب" و"الشيوخ" الأمريكي يصوتان لصالح الإفراج عن ملفات إبستين    النيابة العامة تُحوِّل المضبوطات الذهبية إلى احتياطي إستراتيجي للدولة    نشأت الديهي: لا تختاروا مرشحي الانتخابات على أساس المال    انقلاب جرار صيانة في محطة التوفيقية بالبحيرة.. وتوقف حركة القطارات    مصرع شاب وإصابة اثنين آخرين في انقلاب سيارتي تريلا بصحراوي الأقصر    ما هي أكثر الأمراض النفسية انتشارًا بين الأطفال في مصر؟.. التفاصيل الكاملة عن الاضطرابات النفسية داخل مستشفيات الصحة النفسية    مصرع شاب وإصابة اثنين في انقلاب سيارتي تريلا بالأقصر    النائب العام يؤكد قدرة مؤسسات الدولة على تحويل الأصول الراكدة لقيمة اقتصادية فاعلة.. فيديو    أبرزهم أحمد مجدي ومريم الخشت.. نجوم الفن يتألقون في العرض العالمي لفيلم «بنات الباشا»    في ذكرى رحيله.. أبرز أعمال مارسيل بروست التي استكشفت الزمن والذاكرة والهوية وطبيعة الإنسان    أحمد الشناوي: الفار أنقذ الحكام    سويسرا تلحق بركب المتأهلين لكأس العالم 2026    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    أسامة كمال: الجلوس دون تطوير لم يعد مقبولًا في زمن التكنولوجيا المتسارعة    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    أحمد فؤاد ل مصطفى محمد: عُد للدورى المصرى قبل أن يتجاوزك الزمن    جامعة طيبة التكنولوجية بالأقصر تطلق مؤتمرها الرابع لشباب التكنولوجيين منتصف ديسمبر    تحريات لكشف ملابسات العثور على جثة شخص في الطالبية    زيورخ السويسري يرد على المفاوضات مع لاعب الزمالك    مشروبات طبيعية تساعد على النوم العميق للأطفال    فيلم وهم ل سميرة غزال وفرح طارق ضمن قائمة أفلام الطلبة فى مهرجان الفيوم    طيران الإمارات يطلب 65 طائرة إضافية من بوينغ 777X بقيمة 38 مليار دولار خلال معرض دبي للطيران 2025    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    هل يجوز أداء العشاء قبل الفجر لمن ينام مبكرًا؟.. أمين الفتوى يجيب    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«خسارة العرب».. فى «صفقة القرن»

وزير الخارجية الأسبق كامل عمرو: الأخبار متضاربة بشأنها حتى داخل الولايات المتحدة
طارق فهمى: إعادة فك وتركيب التحالفات فى الشرق الأوسط بأكمله
السفير محمد العرابى: مشكلة «صفقة القرن» أن العرب فى حالتهم الأضعف وإسرائيل «فى أقوى حالاتها»
معصوم مرزوق: سايكس بيكو «2» ل «دفن» بقايا القضية الفلسطينية
عبد المنعم سعيد: الصفقة تضم ما هو أبعد من القضية الفلسطينية وأمريكا مشغولة بأدوار روسيا وإيران فى المنطقة
عمرو هاشم ربيع: إعادة قطر إلى حجمها أهم بنود «الصفقة»
عبد الله السناوى: التطبيع «المجانى» مع إسرائيل والاقتتال «غير المبرر» مع إيران
من عالم التجارة الذى أتى منه «دونالد ترامب» صاغ الملياردير الأمريكى الذى وصل إلى سدة الحكم فى الولايات المتحدة تعبير «صفقة القرن» وأصبح المصطلح الأكثر تداولًا فى أوساط الميديا والسياسة العالمية، ومنذ أن تم إطلاق هذا المصطلح تتسارع الأحداث فى اتجاه أن هناك مخططًا وترتيبات إقليمية ودولية تعيد رسم خرائط ومصائر هذه المنطقة من العالم التى يطلق عليها «الشرق الأوسط».
بعد أسبوعين فقط من وصوله للرئاسة بادرت السعودية بإبرام أكبر صفقة سلاح بينها وبين الإدارة الجديدة فى أمريكا بما تجاوزت قيمته 400 مليار دولار، بعدها مباشرة بادرت أمريكا بموقف أكثر حزمًا تجاه قطر ودورها فى المنطقة الذى تصاعد منذ عام 2011 فيما عرف ببدايات أحداث الربيع العربى.. ولأول مرة تقول الإدارة الأمريكية بهذا الوضوح إن قطر هى الداعم الرئيسى للإرهاب والفوضى فى المنطقة.
إسرائيل أعلنت سريعًا وبكامل الوضوح أنها لن تتحدث من الأصل عن «حل الدولتين» وهو ما أيده ترامب ملمحًا لأن هناك تصورًا جديدًا للصراع العربى الإسرائيلى.
فى غزة.. تلقى القطاع المنكوب ضربة عسكرية إسرائيلية خاطفة عقب عيد الفطر الماضى بساعات، تأكيدًا لأن أى ضربة قادمة ستكون تحت غطاء صمت عربى كامل.
الإيقاع سريع جدًا ومتلاحق لكن الذين يشاهدون «العرض» يبحثون عن «النص» الذى يلتزم به من هم على خشبة المسرح السياسى الذى يعج بالدم والحرب واللامنطق وتوقع حدوث أى شىء فى أى لحظة. لهذا حاولنا أن نبحث فى استطلاع موسع بين أكبر محللين سياسيين فى مصر، ومسئولين سابقين رفيعى المستوى عن النص الذى تم الاتفاق عليه وترويجه دون أن يعرف أحد ما هو وما هى بنوده.. هنا يجيب هؤلاء المحللون ووزراء خارجية مصر السابقين عن السؤال الأخطر.. ما هى بالضبط «صفقة القرن» وإلى أين يمكن أن تتجه الأحداث فى المنطقة خلال الفترة المقبلة ؟
الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية، قال ل«الصباح»: إن معالم صفقة القرن لا تتسم بالوضوح حتى الآن فالجميع من وسائل إعلام وغيره يتحدثون عنها دون أن يكشف أحد تفاصيلها، ولكن يمكننى القول إنها رغبة من الإدارة الأمريكية الحالية فى التوصل إلى تسوية نهائية للصراع العربى الإسرائيلى، وبما أن ترامب قال إنه ليس متمسكًا بحل الدولتين فالأنظار تتجه إلى أنه بحث عن حل آخر تقبله إسرائيل وهذا معناه أن ما يريده حقيقة هو تسوية القضية الفلسطينية من خلال البحث عن حلول جزئية لقضايا معينة مثل التكدس السكانى فى قطاع غزة، وأظن أنه من المطروح أيضًا التوسع تجاه غزة بترحيل أهلها مقابل حصول الدولة التى سيتم النزوح إليها على أرض بديلة أو أى مقابل آخر، على أن يذهب ما يتبقى من الضفة الغربية إلى الأردن من خلال اتحاد كونفيدرالى مع الأردن، المهم ألا تكون فى النهاية هناك «دولة فلسطينية مستقلة» بصيغة الدولة الواحدة التى يتمناها الفلسطينيون أو التى يتوقعها المحللون بوجود حياة مشتركة فى دولة تجمع بين المواطنين الفلسطينين والإسرائيليين.
وأضاف نافعة أن المعالم الأساسية والعديد من التفاصيل لا تزال محل دراسة، ولا تزال الإدارة الأمريكية تجرى مشاورات مع الجانب الفلسطينى والإسرائيلى للوصول إلى صيغة نهائية.
من جانبه أكد الدكتور عمرو هاشم ربيع ل«الصباح» أن صفقة القرن يفسرها كل طرف حسب هواه الشخصى فإذا سألنا الجانب السعودى أو من يهتمون بصفقات التسليح سيقولون إن صفقة القرن هى ما تم الاتفاق عليه بين الجانب الأمريكى والجانب السعودى من خلال الصفقة العسكرية التى تمت مؤخرًا أثناء زيارة الرئيس الأمريكى ترامب للرياض، والتى بلغت مئات المليارات واعتبرت أكبر صفقة عسكرية فى التاريخ من حيث القيمة، ولو سألنا المعارضين لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية فسيجيبون على الفور إنها ما يتعلق بجزيرتى تيران وصنافير وتسليمهما للجانب السعودى.
وأضاف أن الأبرز هو ما يحدث الآن بين دول الخليج وقطر ومصر فهو خطوة هامة فى تلك الصفقة، وذلك من خلال العمل على إعادة الدولة القطرية إلى أحضان الدول العربية من خلال إغلاقها لقناة الجزيرة واستجابتها للشروط العربية، وهى لا تعدو كونها فى النهاية وجهات نظر يتم تفسيرها بطرق مختلفة.
السفير المصرى ووزير الخارجية السابق محمد كامل عمرو، وخلال حديثه مع «الصباح» اختار الانتظار والتزام الصمت حتى تتبين الرؤية وتتضح بشكل أكبر حتى يتم التحدث عن تلك الصفقة المحيرة على أسس واضحة، فحتى الآن الأخبار التى تأتى من الولايات المتحدة ذاتها هى أخبار متضاربة، والجميع ينتظر موقف الدول العربية الأربع، وهى مصر والسعودية والإمارات والبحرين وهو ما سيتبلور عنه أفكار ومواقف يمكن من خلالها استيضاح مسار الأحداث وعلاقتها بسيناريو «صفقة القرن».
الخبير الإستراتيجى طارق فهمى قال ل«الصباح»: صفقة القرن لا تعنى فقط ما يسمى تحريك عملية السلام أو إحداث نقلة ما فى قضية الصراع العربى الإسرائيلى، فالصفقة مرتبطة بفك وترتيب التحالفات فى الإقليم بأكمله وبناء حسابات جديدة لدول الإقليم بما فيه القضية الفلسطينية وبناء عليه فصفقة القرن لا تعنى إبرام اتفاقية سلام بين العرب وإسرائيل فقط، أو إنها تسوية الصراع العربى الإسرائيلى كما يتصور البعض، وبذلك يمكننا أن نطلق عليها إنها «هندسة جديدة لبناء الشرق الأوسط الجديد» وفق الحسابات والرؤى الجديدة فى الإقليم بأكمله.
وأضاف أن هناك مرحلة جديدة ستشكل بعد انتهاء التنظيمات الإرهابية الراهنة وانحسارها بعض الشىء مثلما حدث إبان فترة بزوغ نجم تنظيم القاعدة، وبطبيعة الحال ستتغير التحالفات العسكرية والإستراتيجية على الأرض، فكل مرحلة لها ظروفها السياسية ومعطياتها التاريخية، فيمكننا الربط بين الأحداث ولكن فى النهاية نتفق على أننا أمام واقع جديد يتشكل فى الإقليم وفى منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص.
وأكد أن داعش خلال صفقة القرن ستنتهى مثلما انتهى تنظيم القاعدة، وهو ما يعنى أنها لن تنتهى نهائيًا كفكرة ولكن قوتها الحالية ستضعف جدًا، وخيار التعايش والتواجد سيكون أقرب إلى الواقع، ستتحول بقايا ميليشات داعش إلى جيوب وينطلقون إلى أماكن أخرى فى الشرق الأوسط أو جنوب الساحل أو الصعود إلى دول فى جنوب شرق آسيا مثل الفلبين أو غيرها، ولكن الفكرة ستستمر وستضعف قوتهم من خلال معارك طويلة ستحدث فى الأيام القادمة. مشيرًا إلى أن طبيعة تلك الحركات والتنظيمات يعطيها طبيعة خاصة فكل تنظيم يضعف يسلم لما بعده، والتنظيم القادم هو «تنظيم خراسان» وهو تنظيم ليس بالجديد لكنهم فى حالة ضعف الآن وفى الأيام القادمة من المتوقع أن يحل محل داعش الذى لن ينمحى كما يتصور البعض.
السفير محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق، وعضو مجلس النواب أكد ل«الصباح» أن مفهوم صفقة القرن التى أعلن الرئيس السيسى عنها فى الولايات المتحدة لا يمكن أن يكون هناك تخمين معين لها، فمصطلح مثل هذا له من الدلالة القوية ما له، بحيث يشمل مشروعًا كبيرًا، ولكن لا يوجد أى شىء فى الأفق يلمح لوجود أى شىء غير الذى قاله الرئيس، فقد يكون المرجح هو الجزء المشترك بيننا وبين أمريكا وهو حل القضية الفلسطينية، وهو ما يرجح أن يكون قد تم تداوله داخل المكتب البيضاوى، فهو لا يمكن أن يكون صفقة اقتصادية أو عسكرية فالمصطلح أكبر من ذلك.
وأضاف أنه فى ظل الظروف الحالية فالأمور المتعلقة بالقضية الفلسطينية صعبة للغاية، فالإدارة الأمريكية لا تملك تصورًا واضحًا حتى الآن، والجانب الإسرائيلى بقيادة نتنياهو متشدد للغاية ولا يسعى للحل، وبالتالى فالظروف غير مواتية بالإضافة إلى أن المنطقة ككل تمر بظروف بالغة الصعوبة وهو ما يجعل إسرائيل خالية من أى ضغوط تدفعها للحل أو المضى قدمًا نحوه. مؤكدًا أن كل المبادرات الإسرائيلية هى تصرفات أو مبادرات محبطة للسلام وليست فى مصلحته.
السفير معصوم مرزوق (سفير مصر سابقًا فى كل من أوغندا وفنلندا وإستونيا) والقيادى فى التيار الشعبى قال: يمكننا أن نطلق على صفقة القرن عنوان (سايكس بيكو جديدة)، حيث يعتقد أن صفقة القرن هذه هى مجرد استكمال أو تجديد وبمعنى آخر مرحلة إستراتيجية ثانية من اتفاقية سايكس بيكو وهى تلك الاتفاقية التى وُقعت سرًا عام 1916م بين عدد من الدول العظمى الاستعمارية والتى رسمت حدود الشرق الأوسط، كما يتناسب مع مصالح تلك الدول، وحسب رأيه فإن صفقة القرن التى أسماها بسايكس بيكو الجديدة هى تلك الصفقة التى من خلالها يتم إعادة ترسيم حدود الشرق الأوسط، موضحًا أن تلك الصفقة هى (التنازل عن القضية الفلسطينيية)، حيث أشار إلى تكتيكين تم تنفيذهما ضمن الإستراتيجية طويلة الأجل والتى تتلخص فى سيطرة الرأسمال الصهيو أمريكى على الشرق الأوسط، وكانت تلك التيكتيكات حسبما ذكرها هى:
الأول: (استبدال التسوية بالتصفية) مشيرًا إلى أن ما يحدث الآن فى القضية الفلسطينية ليست تسوية بل تصفية للقضية حيث تسوية الوضع حسب المفهوم الصهيونى وحده مما يعنى القضاء على الحق الفلسطينى، واستدل فى حديثه بارتفاع عدد المستوطنات خلال الفترة الماضية القريبة، وأشار إلى أن تلك التصفية لن تكون على حساب الأراضى والهوية الفلسطينية وحدها إنما على حساب أراضى دول عربية أخرى فى دائرة الصراع.
أما عن التكتيك الثانى فقد أوضح حسب وصفه أن الصفقة تتضمن (تحويل المنطقة إلى منطقة صراعات دينية وطائفية ومذهبية) حيث يتم دفع المنطقة عمدًا إلى الدخول فى ذلك النفق المظلم الذى دخلت فيه أوروبا فى العصور الوسطى وعانت منه أشد معاناة، مستدلًا على ذلك بالتصريح الشهير للأمير محمد بن سليمان والذى كان قد تناقلته العديد من الصحف، حيث قال ابن سلمان (علينا نقل المعركة إلى داخل إيران)، واستطرد مشيرًا إلى الواقع السورى الذى لم يعد يُخفى على أحد أن الكثير من القوى تسعى لتحويله إلى صراع سنى شيعى وإطلاق تلك الصبغة المذهبية عليه حتى يتم تأجيج الصراع المذهبى والطائفى.
وفى سياق تعبيره عن حزنه وألمه على فداحة الثمن الذى تم دفعه فى هذه الصفقة أشار حسب تعبيره أن مفهوم الصفقة من المنظور الاقتصادى يعنى الاتفاق بين طرفين حيث تبادل المنفعة فطرف يأخذ شيئًا ماديًا وطرف يدفع المال أو يدفع شيئًا ماديًا فى المقابل، أما إذا تحدثنا عن مفهوم الصفقة من المنظور السياسى فسنجد أنه ليس بالضرورة أن يكون الثمن هو شىء مادى أو مال، إنما يكون الثمن أغلى من ذلك بكثير حيث يدفع الوطن والمواطنون الثمن من شرف الوطن وحرية المواطنين وسيادة الدولة وهويتها، والثمن الأكثر فداحة هو عدم استقلال القرار السياسى مما يعنى التبعية الكاملة للخارج.
الكاتب والمحلل المصرى عبد الله السناوى قد كتب فى مقاله المعنون عبر عن رأيه فى قضية و تفاصيل «صفقة القرن» قائلًا: إن الفواتير السياسية والاستراتيجية أهم وأخطر من الفواتير الاقتصادية والتجارية. بلغة الأرقام حصد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى زيارته للسعودية عقودًا ومشروعات تتجاوز ببعض التقديرات حاجز ال(380) مليار دولار على عشر سنوات، وهذه بذاتها تستحق أن توصف ب«صفقة القرن»
فبالنسبة لترامب المأزوم بقسوة داخليًا ويتهدده شبح العزل من منصبه على خلفية اتهامات خطيرة ينظرها الكونجرس عن طبيعة علاقاته مع روسيا أثناء الانتخابات الرئاسية فإن الصفقة، التى لم يحز مثلها رئيس أمريكى آخر، قد تساعد فى تثبيته على كرسيه فى البيت الأبيض. هنا يتبدى اعتباران متعارضان كلاهما يحاول أن يطوق الآخر
الأول: أن ضخ أموال هائلة فى شرايين الاقتصاد الأمريكى تنشط قدرته التنافسية وتوفر مزيد من الوظائف يخفف من الضغوط عليه.
والثانى: أن قوة المعارضة فى الميديا وداخل الحزب الديمقراطى والأوساط الحديثة فى المجتمع الأمريكى تطلب أن تمضى فى مساءلته لآخر الشوط حتى عزله أيًا كانت صفقاته.
وأضاف فى فقرة أخرى أنه من العنوان يقرأ الخطاب، كما يقول المصريون، وهو يشير مباشرة إلى إسرائيل والتطبيع العسكرى والاستخباراتى والاقتصادى معها دون أى انسحابات من الأراضى المحتلة منذ عام 1967.
بالمعنى السياسى والاستراتيجى هنا صلب صفقة القرن، هذه الصفقة تعنى التطبيع المجانى مع إسرائيل والاقتتال المجانى مع إيران.
وتساءل السناوى: ما عواقب أى صدامات محتملة مع إيران وحزب الله وحركة حماس على الوضع العام فى الإقليم؟
إنه الانهيار الكامل الذى لن يفضى إلى أى مكسب لأى طرف باستثناء إسرائيل
العواقب تسرع بسيناريوهات التقسيم على أساس مذهبى وعرقى ودخول الإقليم فى حروب مذهبية بلا نهاية.
مشرق عربى مفكك فى سوريا والعراق ومرتهن فى لبنان والأردن وتحت حد الخطر فى كل مكان آخر بما فى ذلك مصر والسعودية نفسها.
وتمكين إسرائيلى كامل من مقادير الإقليم بلا أى التزامات وفق المرجعيات الدولية.
فى تخطيط «ترامب» أن تجرى مفاوضات فلسطينية إسرائيلية تحت رعايته حول ملفات الوضع النهائى بصفقات منفصلة، لا صلة بين ملف وآخر. هكذا تمضى «صفقة القرن» إلى مذبحة لأى حق فلسطينى، أو معنى فى العالم العربى. وهذه هى الصفقة الكبرى فى نهاية اللعبة.
الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مجلس إدارة ومدير المركز الإقليمى للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة قال: إن مثل هذه اللحظة ليست جديدة بالمرة على كل رئاسة جديدة فى الولايات المتحدة الذين انقسموا إلى مدرستين فى التفكير فيما يتعلق بالصراع العربى الإسرائيلى، أو ما يسمى من الناحية الاستراتيجية الكونية صراع الشرق الأوسط.
وفى واشنطن، فإن الاعتقاد ذائع بأن ترامب فى الأول والآخر هو رجل أعمال، وهو يدخل فى القضية الفلسطينية الإسرائيلية كما يدخل رجل أعمال ناجح فى صفقة لكى ينجزها. فى دنيا المشروعات فإن نجاح المرء يقاس بما ينجح فى إحرازه من صفقات؛ بعكس ما هو الحال فى عالم الدبلوماسية عندما يكون أحيانًا منع التوصل إلى صفقة جائزة كبرى. وفى الظروف الإسرائيلية الفلسطينية الحالية فإنه لا توجد دوافع داخلية تحفز على التوصل إلى صفقة، فلا اليمين الإسرائيلى يهمه مثل هذا النجاح، طالما يرى أن الأحوال الراهنة فى العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية تسير لصالح إسرائيل، وكذلك الحال فى منطقة الشرق الأوسط كلها.
ولكن ترامب لديه دوافع أخرى ربما كانت أكبر من الإسرائيليين والفلسطينيين، فالشرق الأوسط يغلى بما هو أكبر وأعقد من القضية الفلسطينية الإسرائيلية، وما يجرى فى سوريا ولبنان والعراق واليمن وليبيا بحسابات الدم والسلاح أكبر بكثير. وأكثر من ذلك أن لاعبين آخرين يدسون أصابعهم فى كل هذه المسارح العسكرية والدبلوماسية مثل إيران وتركيا وروسيا، فضلاً عن عدد غير قليل من اللاعبين من غير الدول مثل «حزب الله» و«القاعدة» و«داعش» وغيرهم.
ولكن ما يقف أمامنا فى حل القضية الفلسطينية هو حالة الانقسام الفلسطينى. لقد سبق للعرب أن اختاروا مع الشعب الفلسطينى منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعى ووحيد للشعب الفلسطينى؛ والآن فإن نقطة البداية للمساهمة العربية فى العملية السياسية القادمة أن يكون ذلك حادثًا وصافيًا ولا يوجد فيه شك؛ لقد قسمت «حماس» الشعب الفلسطينى، وقسمت أراضيه المتاحة، واليوم فإنها تستخدم كأداة فى يد الإرهاب ضد مصر، ويد «حزب الله» وإيران ضد بقية الدول العربية. من دون وحدة التمثيل السياسى الفلسطينى فإن لا «صفقة» أمريكية سوف تمر؛ ولا مستقبل للشعب الفلسطينى سوف يقوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.