المستشار حازم بدوي يعلن فتح باب الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025    الري تحسم الجدل حول غرق المنوفية والبحيرة بسبب فيضانات سد النهضة    أيام العطلات الأسبوعية الرسمية في شهر أكتوبر 2025    12 أكتوبر.. انطلاق أسبوع القاهرة للمياه بمشاركة 95 منظمة دولية    "الوكيل": دعم مشروعات بقيمة تجاوزت 18 مليون يورو لصالح رواد الأعمال وأعضاء غرفة الإسكندرية    رئيس الهيئة القومية لسلامة الغذاء يشارك في افتتاح الجناح المصري بمعرض "أنوجا" الدولي بألمانيا    الرئيس السيسي يوجّه بالإسراع في استكمال التغذية الكهربائية لمشروع الدلتا الجديدة    وزير الاستثمار يتفقد المركز اللوجستي الجمركي للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس    «القاهرة الإخبارية»: نتنياهو يوافق على المرحلة الأولى من خطة ترامب للإفراج عن المحتجزين    وفاة طفلين نتيجة التجويع وسوء التغذية في غزة.. ومستوطنون يقتحمون قرية المغير برام الله    " سي إن بي سي": توقعات باستمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي حتى 14 أكتوبر وسط تعثر المفاوضات    عمرو ناصر يقود هجوم الزمالك أمام غزل المحلة في الدوري المصري    وكيل الشباب والرياضة بالفيوم يشهد انطلاق الدورة الأساسية رقم 578 للمدربين والإداريين    ضبط شخص تعدى على فتاة في الدقهلية    حريق هائل بمصنع بلاستيك في العاشر من رمضان    فردوس عبد الحميد: سعاد حسني نهرتني عندما راقبتها.. ومسلسلي مع "محمد رمضان" كان متوازن    قصور الثقافة تواصل مشاركتها بالعروض الفنية للأطفال في معرض دمنهور    لأول مرة.. وزير الآثار يفتتح مقبرة الملك أمنحتب الثالث بوادى الملوك بالأقصر بعد 226 عامًا من اكتشافها    مواصفات صحية.. طريقة عمل اللانشون بجميع أنواعه في المنزل    ضبط 100.5 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    المجر تتمسك بالنفط والغاز الروسيين بينما يسعى الاتحاد الأوروبي والناتو إلى خفض الإمدادات    "الأرصاد": فرص أمطار اليوم على هذه المناطق    ضبط عناصر بؤر إجرامية لجلب المخدرات ومصرع 4 عناصر جنائية شديدة الخطورة عقب تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة (صور)    قوافل طبية وغذائية لدعم الأسر المتضررة من ارتفاع منسوب مياه النيل بدلهمو بالمنوفية    وزير الزراعة يعلن تحقيق الصادرات الزراعية المصرية 7.5 مليون طن حتى الآن    المديرة التنفيذية لصندوق "قادرون باختلاف" تترأس اجتماعاً لاستعراض استراتيجية عمل الصندوق وإعداد مقترح الهيكل التنظيمي    أسعار الدواجن في مرسى مطروح اليوم    "المسلخ رقم 5" رواية ترصد انتشار اضطراب ما بعد الصدمة الناتج عن الحروب    وزير الخارجية يلتقي سفراء الدول الإفريقية المعتمدين لدى اليونسكو    إيرادات فيلم فيها إيه يعني تتجاوز حاجز ال10 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض في السينمات    مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الشرقية    السبت 4 أكتوبر 2025.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    «التأمين الصحي»: خطة تطوير شاملة لمستشفى النيل بالقليوبية ورفع كفاءة خدمات الطوارئ والرعاية    الرعاية الصحية ببورسعيد بعد إجراء جراحة دقيقة: التكنولوجيا الصحية لم تعد حكرا على أحد    جامعة قناة السويس تطلق قافلة طبية شاملة بمدينة سانت كاترين    خطوات تنزيل تردد قناة طيور بيبي الجديد 2025 على جميع الأقمار الصناعية    موجة انتقادات لاذعة تطارد محمد صلاح.. ماذا فعل النجم المصري؟    "تابع الآن قيامة عثمان" تردد قناة الفجر الجزائرية الجديد على جميع الأقمار الصناعية بجودة hd    "الوكالة الوطنية للإعلام": سقوط طائرة إسرائيلية مسيّرة عن بُعد في منطقة "وادي فيسان" في "جرود الهرمل" شرقي لبنان    القبض على المتهمين بالاعتداء على شاب أثناء سيره بصحبة زوجته فى الحوامدية    ما حكم من لم يقدر على الوضوء لأجل الصلاة؟.. الإفتاء توضح    حفل استقبال طلاب الطب البيطري بجامعة القناة يؤكد على تعزيز الانتماء الجامعي    زكى القاضى: موافقة حماس تنقل الكرة لملعب ترامب.. والخطة لا تشمل الضفة الغربية    موعد مباراة بايرن ميونخ وفرانكفورت في الدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    ورشة تدريبية في فنون المونتاج بجامعة قناة السويس لتعزيز المهارات    مصرع سيدتين وإصابة 7 في حادث تصادم مروّع بالفيوم    هالة عادل: عمل الخير وصنع المعروف أخلاق نبيلة تبني المحبة بين البشر    تشكيل الزمالك المتوقع أمام غزل المحلة بالدوري    دار الإفتاء توضح: حكم الصلاة بالحركات فقط دون قراءة سور أو أدعية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة قنا    موعد انخفاض أسعار الطماطم في الأسواق.. الكيلو وصل 35 جنيه    مواعيد مباريات اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    وزير الخارجية يثمن الدعم الفرنسي للمرشح المصري لرئاسة اليونسكو خالد العناني    «الصحة» تطلق البرنامج التدريبي «درب فريقك» لتعزيز مهارات فرق الجودة بمنشآتها    اللواء مجدى مرسي عزيز: دمرنا 20 دبابة.. وحصلنا على خرائط ووثائق هامة    موافقة حماس على خطة ترامب... خطوة استباقية قد تفتح أفق إنهاء الحرب    مباشر كأس العالم للشباب - مصر (0)-(1) تشيلي.. الحكم يرفض طلب نبيه    مصر تعرب عن تقديرها لبيان حماس رداً على خطة الرئيس ترامب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«خسارة العرب».. فى «صفقة القرن»

وزير الخارجية الأسبق كامل عمرو: الأخبار متضاربة بشأنها حتى داخل الولايات المتحدة
طارق فهمى: إعادة فك وتركيب التحالفات فى الشرق الأوسط بأكمله
السفير محمد العرابى: مشكلة «صفقة القرن» أن العرب فى حالتهم الأضعف وإسرائيل «فى أقوى حالاتها»
معصوم مرزوق: سايكس بيكو «2» ل «دفن» بقايا القضية الفلسطينية
عبد المنعم سعيد: الصفقة تضم ما هو أبعد من القضية الفلسطينية وأمريكا مشغولة بأدوار روسيا وإيران فى المنطقة
عمرو هاشم ربيع: إعادة قطر إلى حجمها أهم بنود «الصفقة»
عبد الله السناوى: التطبيع «المجانى» مع إسرائيل والاقتتال «غير المبرر» مع إيران
من عالم التجارة الذى أتى منه «دونالد ترامب» صاغ الملياردير الأمريكى الذى وصل إلى سدة الحكم فى الولايات المتحدة تعبير «صفقة القرن» وأصبح المصطلح الأكثر تداولًا فى أوساط الميديا والسياسة العالمية، ومنذ أن تم إطلاق هذا المصطلح تتسارع الأحداث فى اتجاه أن هناك مخططًا وترتيبات إقليمية ودولية تعيد رسم خرائط ومصائر هذه المنطقة من العالم التى يطلق عليها «الشرق الأوسط».
بعد أسبوعين فقط من وصوله للرئاسة بادرت السعودية بإبرام أكبر صفقة سلاح بينها وبين الإدارة الجديدة فى أمريكا بما تجاوزت قيمته 400 مليار دولار، بعدها مباشرة بادرت أمريكا بموقف أكثر حزمًا تجاه قطر ودورها فى المنطقة الذى تصاعد منذ عام 2011 فيما عرف ببدايات أحداث الربيع العربى.. ولأول مرة تقول الإدارة الأمريكية بهذا الوضوح إن قطر هى الداعم الرئيسى للإرهاب والفوضى فى المنطقة.
إسرائيل أعلنت سريعًا وبكامل الوضوح أنها لن تتحدث من الأصل عن «حل الدولتين» وهو ما أيده ترامب ملمحًا لأن هناك تصورًا جديدًا للصراع العربى الإسرائيلى.
فى غزة.. تلقى القطاع المنكوب ضربة عسكرية إسرائيلية خاطفة عقب عيد الفطر الماضى بساعات، تأكيدًا لأن أى ضربة قادمة ستكون تحت غطاء صمت عربى كامل.
الإيقاع سريع جدًا ومتلاحق لكن الذين يشاهدون «العرض» يبحثون عن «النص» الذى يلتزم به من هم على خشبة المسرح السياسى الذى يعج بالدم والحرب واللامنطق وتوقع حدوث أى شىء فى أى لحظة. لهذا حاولنا أن نبحث فى استطلاع موسع بين أكبر محللين سياسيين فى مصر، ومسئولين سابقين رفيعى المستوى عن النص الذى تم الاتفاق عليه وترويجه دون أن يعرف أحد ما هو وما هى بنوده.. هنا يجيب هؤلاء المحللون ووزراء خارجية مصر السابقين عن السؤال الأخطر.. ما هى بالضبط «صفقة القرن» وإلى أين يمكن أن تتجه الأحداث فى المنطقة خلال الفترة المقبلة ؟
الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية، قال ل«الصباح»: إن معالم صفقة القرن لا تتسم بالوضوح حتى الآن فالجميع من وسائل إعلام وغيره يتحدثون عنها دون أن يكشف أحد تفاصيلها، ولكن يمكننى القول إنها رغبة من الإدارة الأمريكية الحالية فى التوصل إلى تسوية نهائية للصراع العربى الإسرائيلى، وبما أن ترامب قال إنه ليس متمسكًا بحل الدولتين فالأنظار تتجه إلى أنه بحث عن حل آخر تقبله إسرائيل وهذا معناه أن ما يريده حقيقة هو تسوية القضية الفلسطينية من خلال البحث عن حلول جزئية لقضايا معينة مثل التكدس السكانى فى قطاع غزة، وأظن أنه من المطروح أيضًا التوسع تجاه غزة بترحيل أهلها مقابل حصول الدولة التى سيتم النزوح إليها على أرض بديلة أو أى مقابل آخر، على أن يذهب ما يتبقى من الضفة الغربية إلى الأردن من خلال اتحاد كونفيدرالى مع الأردن، المهم ألا تكون فى النهاية هناك «دولة فلسطينية مستقلة» بصيغة الدولة الواحدة التى يتمناها الفلسطينيون أو التى يتوقعها المحللون بوجود حياة مشتركة فى دولة تجمع بين المواطنين الفلسطينين والإسرائيليين.
وأضاف نافعة أن المعالم الأساسية والعديد من التفاصيل لا تزال محل دراسة، ولا تزال الإدارة الأمريكية تجرى مشاورات مع الجانب الفلسطينى والإسرائيلى للوصول إلى صيغة نهائية.
من جانبه أكد الدكتور عمرو هاشم ربيع ل«الصباح» أن صفقة القرن يفسرها كل طرف حسب هواه الشخصى فإذا سألنا الجانب السعودى أو من يهتمون بصفقات التسليح سيقولون إن صفقة القرن هى ما تم الاتفاق عليه بين الجانب الأمريكى والجانب السعودى من خلال الصفقة العسكرية التى تمت مؤخرًا أثناء زيارة الرئيس الأمريكى ترامب للرياض، والتى بلغت مئات المليارات واعتبرت أكبر صفقة عسكرية فى التاريخ من حيث القيمة، ولو سألنا المعارضين لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية فسيجيبون على الفور إنها ما يتعلق بجزيرتى تيران وصنافير وتسليمهما للجانب السعودى.
وأضاف أن الأبرز هو ما يحدث الآن بين دول الخليج وقطر ومصر فهو خطوة هامة فى تلك الصفقة، وذلك من خلال العمل على إعادة الدولة القطرية إلى أحضان الدول العربية من خلال إغلاقها لقناة الجزيرة واستجابتها للشروط العربية، وهى لا تعدو كونها فى النهاية وجهات نظر يتم تفسيرها بطرق مختلفة.
السفير المصرى ووزير الخارجية السابق محمد كامل عمرو، وخلال حديثه مع «الصباح» اختار الانتظار والتزام الصمت حتى تتبين الرؤية وتتضح بشكل أكبر حتى يتم التحدث عن تلك الصفقة المحيرة على أسس واضحة، فحتى الآن الأخبار التى تأتى من الولايات المتحدة ذاتها هى أخبار متضاربة، والجميع ينتظر موقف الدول العربية الأربع، وهى مصر والسعودية والإمارات والبحرين وهو ما سيتبلور عنه أفكار ومواقف يمكن من خلالها استيضاح مسار الأحداث وعلاقتها بسيناريو «صفقة القرن».
الخبير الإستراتيجى طارق فهمى قال ل«الصباح»: صفقة القرن لا تعنى فقط ما يسمى تحريك عملية السلام أو إحداث نقلة ما فى قضية الصراع العربى الإسرائيلى، فالصفقة مرتبطة بفك وترتيب التحالفات فى الإقليم بأكمله وبناء حسابات جديدة لدول الإقليم بما فيه القضية الفلسطينية وبناء عليه فصفقة القرن لا تعنى إبرام اتفاقية سلام بين العرب وإسرائيل فقط، أو إنها تسوية الصراع العربى الإسرائيلى كما يتصور البعض، وبذلك يمكننا أن نطلق عليها إنها «هندسة جديدة لبناء الشرق الأوسط الجديد» وفق الحسابات والرؤى الجديدة فى الإقليم بأكمله.
وأضاف أن هناك مرحلة جديدة ستشكل بعد انتهاء التنظيمات الإرهابية الراهنة وانحسارها بعض الشىء مثلما حدث إبان فترة بزوغ نجم تنظيم القاعدة، وبطبيعة الحال ستتغير التحالفات العسكرية والإستراتيجية على الأرض، فكل مرحلة لها ظروفها السياسية ومعطياتها التاريخية، فيمكننا الربط بين الأحداث ولكن فى النهاية نتفق على أننا أمام واقع جديد يتشكل فى الإقليم وفى منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص.
وأكد أن داعش خلال صفقة القرن ستنتهى مثلما انتهى تنظيم القاعدة، وهو ما يعنى أنها لن تنتهى نهائيًا كفكرة ولكن قوتها الحالية ستضعف جدًا، وخيار التعايش والتواجد سيكون أقرب إلى الواقع، ستتحول بقايا ميليشات داعش إلى جيوب وينطلقون إلى أماكن أخرى فى الشرق الأوسط أو جنوب الساحل أو الصعود إلى دول فى جنوب شرق آسيا مثل الفلبين أو غيرها، ولكن الفكرة ستستمر وستضعف قوتهم من خلال معارك طويلة ستحدث فى الأيام القادمة. مشيرًا إلى أن طبيعة تلك الحركات والتنظيمات يعطيها طبيعة خاصة فكل تنظيم يضعف يسلم لما بعده، والتنظيم القادم هو «تنظيم خراسان» وهو تنظيم ليس بالجديد لكنهم فى حالة ضعف الآن وفى الأيام القادمة من المتوقع أن يحل محل داعش الذى لن ينمحى كما يتصور البعض.
السفير محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق، وعضو مجلس النواب أكد ل«الصباح» أن مفهوم صفقة القرن التى أعلن الرئيس السيسى عنها فى الولايات المتحدة لا يمكن أن يكون هناك تخمين معين لها، فمصطلح مثل هذا له من الدلالة القوية ما له، بحيث يشمل مشروعًا كبيرًا، ولكن لا يوجد أى شىء فى الأفق يلمح لوجود أى شىء غير الذى قاله الرئيس، فقد يكون المرجح هو الجزء المشترك بيننا وبين أمريكا وهو حل القضية الفلسطينية، وهو ما يرجح أن يكون قد تم تداوله داخل المكتب البيضاوى، فهو لا يمكن أن يكون صفقة اقتصادية أو عسكرية فالمصطلح أكبر من ذلك.
وأضاف أنه فى ظل الظروف الحالية فالأمور المتعلقة بالقضية الفلسطينية صعبة للغاية، فالإدارة الأمريكية لا تملك تصورًا واضحًا حتى الآن، والجانب الإسرائيلى بقيادة نتنياهو متشدد للغاية ولا يسعى للحل، وبالتالى فالظروف غير مواتية بالإضافة إلى أن المنطقة ككل تمر بظروف بالغة الصعوبة وهو ما يجعل إسرائيل خالية من أى ضغوط تدفعها للحل أو المضى قدمًا نحوه. مؤكدًا أن كل المبادرات الإسرائيلية هى تصرفات أو مبادرات محبطة للسلام وليست فى مصلحته.
السفير معصوم مرزوق (سفير مصر سابقًا فى كل من أوغندا وفنلندا وإستونيا) والقيادى فى التيار الشعبى قال: يمكننا أن نطلق على صفقة القرن عنوان (سايكس بيكو جديدة)، حيث يعتقد أن صفقة القرن هذه هى مجرد استكمال أو تجديد وبمعنى آخر مرحلة إستراتيجية ثانية من اتفاقية سايكس بيكو وهى تلك الاتفاقية التى وُقعت سرًا عام 1916م بين عدد من الدول العظمى الاستعمارية والتى رسمت حدود الشرق الأوسط، كما يتناسب مع مصالح تلك الدول، وحسب رأيه فإن صفقة القرن التى أسماها بسايكس بيكو الجديدة هى تلك الصفقة التى من خلالها يتم إعادة ترسيم حدود الشرق الأوسط، موضحًا أن تلك الصفقة هى (التنازل عن القضية الفلسطينيية)، حيث أشار إلى تكتيكين تم تنفيذهما ضمن الإستراتيجية طويلة الأجل والتى تتلخص فى سيطرة الرأسمال الصهيو أمريكى على الشرق الأوسط، وكانت تلك التيكتيكات حسبما ذكرها هى:
الأول: (استبدال التسوية بالتصفية) مشيرًا إلى أن ما يحدث الآن فى القضية الفلسطينية ليست تسوية بل تصفية للقضية حيث تسوية الوضع حسب المفهوم الصهيونى وحده مما يعنى القضاء على الحق الفلسطينى، واستدل فى حديثه بارتفاع عدد المستوطنات خلال الفترة الماضية القريبة، وأشار إلى أن تلك التصفية لن تكون على حساب الأراضى والهوية الفلسطينية وحدها إنما على حساب أراضى دول عربية أخرى فى دائرة الصراع.
أما عن التكتيك الثانى فقد أوضح حسب وصفه أن الصفقة تتضمن (تحويل المنطقة إلى منطقة صراعات دينية وطائفية ومذهبية) حيث يتم دفع المنطقة عمدًا إلى الدخول فى ذلك النفق المظلم الذى دخلت فيه أوروبا فى العصور الوسطى وعانت منه أشد معاناة، مستدلًا على ذلك بالتصريح الشهير للأمير محمد بن سليمان والذى كان قد تناقلته العديد من الصحف، حيث قال ابن سلمان (علينا نقل المعركة إلى داخل إيران)، واستطرد مشيرًا إلى الواقع السورى الذى لم يعد يُخفى على أحد أن الكثير من القوى تسعى لتحويله إلى صراع سنى شيعى وإطلاق تلك الصبغة المذهبية عليه حتى يتم تأجيج الصراع المذهبى والطائفى.
وفى سياق تعبيره عن حزنه وألمه على فداحة الثمن الذى تم دفعه فى هذه الصفقة أشار حسب تعبيره أن مفهوم الصفقة من المنظور الاقتصادى يعنى الاتفاق بين طرفين حيث تبادل المنفعة فطرف يأخذ شيئًا ماديًا وطرف يدفع المال أو يدفع شيئًا ماديًا فى المقابل، أما إذا تحدثنا عن مفهوم الصفقة من المنظور السياسى فسنجد أنه ليس بالضرورة أن يكون الثمن هو شىء مادى أو مال، إنما يكون الثمن أغلى من ذلك بكثير حيث يدفع الوطن والمواطنون الثمن من شرف الوطن وحرية المواطنين وسيادة الدولة وهويتها، والثمن الأكثر فداحة هو عدم استقلال القرار السياسى مما يعنى التبعية الكاملة للخارج.
الكاتب والمحلل المصرى عبد الله السناوى قد كتب فى مقاله المعنون عبر عن رأيه فى قضية و تفاصيل «صفقة القرن» قائلًا: إن الفواتير السياسية والاستراتيجية أهم وأخطر من الفواتير الاقتصادية والتجارية. بلغة الأرقام حصد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى زيارته للسعودية عقودًا ومشروعات تتجاوز ببعض التقديرات حاجز ال(380) مليار دولار على عشر سنوات، وهذه بذاتها تستحق أن توصف ب«صفقة القرن»
فبالنسبة لترامب المأزوم بقسوة داخليًا ويتهدده شبح العزل من منصبه على خلفية اتهامات خطيرة ينظرها الكونجرس عن طبيعة علاقاته مع روسيا أثناء الانتخابات الرئاسية فإن الصفقة، التى لم يحز مثلها رئيس أمريكى آخر، قد تساعد فى تثبيته على كرسيه فى البيت الأبيض. هنا يتبدى اعتباران متعارضان كلاهما يحاول أن يطوق الآخر
الأول: أن ضخ أموال هائلة فى شرايين الاقتصاد الأمريكى تنشط قدرته التنافسية وتوفر مزيد من الوظائف يخفف من الضغوط عليه.
والثانى: أن قوة المعارضة فى الميديا وداخل الحزب الديمقراطى والأوساط الحديثة فى المجتمع الأمريكى تطلب أن تمضى فى مساءلته لآخر الشوط حتى عزله أيًا كانت صفقاته.
وأضاف فى فقرة أخرى أنه من العنوان يقرأ الخطاب، كما يقول المصريون، وهو يشير مباشرة إلى إسرائيل والتطبيع العسكرى والاستخباراتى والاقتصادى معها دون أى انسحابات من الأراضى المحتلة منذ عام 1967.
بالمعنى السياسى والاستراتيجى هنا صلب صفقة القرن، هذه الصفقة تعنى التطبيع المجانى مع إسرائيل والاقتتال المجانى مع إيران.
وتساءل السناوى: ما عواقب أى صدامات محتملة مع إيران وحزب الله وحركة حماس على الوضع العام فى الإقليم؟
إنه الانهيار الكامل الذى لن يفضى إلى أى مكسب لأى طرف باستثناء إسرائيل
العواقب تسرع بسيناريوهات التقسيم على أساس مذهبى وعرقى ودخول الإقليم فى حروب مذهبية بلا نهاية.
مشرق عربى مفكك فى سوريا والعراق ومرتهن فى لبنان والأردن وتحت حد الخطر فى كل مكان آخر بما فى ذلك مصر والسعودية نفسها.
وتمكين إسرائيلى كامل من مقادير الإقليم بلا أى التزامات وفق المرجعيات الدولية.
فى تخطيط «ترامب» أن تجرى مفاوضات فلسطينية إسرائيلية تحت رعايته حول ملفات الوضع النهائى بصفقات منفصلة، لا صلة بين ملف وآخر. هكذا تمضى «صفقة القرن» إلى مذبحة لأى حق فلسطينى، أو معنى فى العالم العربى. وهذه هى الصفقة الكبرى فى نهاية اللعبة.
الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مجلس إدارة ومدير المركز الإقليمى للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة قال: إن مثل هذه اللحظة ليست جديدة بالمرة على كل رئاسة جديدة فى الولايات المتحدة الذين انقسموا إلى مدرستين فى التفكير فيما يتعلق بالصراع العربى الإسرائيلى، أو ما يسمى من الناحية الاستراتيجية الكونية صراع الشرق الأوسط.
وفى واشنطن، فإن الاعتقاد ذائع بأن ترامب فى الأول والآخر هو رجل أعمال، وهو يدخل فى القضية الفلسطينية الإسرائيلية كما يدخل رجل أعمال ناجح فى صفقة لكى ينجزها. فى دنيا المشروعات فإن نجاح المرء يقاس بما ينجح فى إحرازه من صفقات؛ بعكس ما هو الحال فى عالم الدبلوماسية عندما يكون أحيانًا منع التوصل إلى صفقة جائزة كبرى. وفى الظروف الإسرائيلية الفلسطينية الحالية فإنه لا توجد دوافع داخلية تحفز على التوصل إلى صفقة، فلا اليمين الإسرائيلى يهمه مثل هذا النجاح، طالما يرى أن الأحوال الراهنة فى العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية تسير لصالح إسرائيل، وكذلك الحال فى منطقة الشرق الأوسط كلها.
ولكن ترامب لديه دوافع أخرى ربما كانت أكبر من الإسرائيليين والفلسطينيين، فالشرق الأوسط يغلى بما هو أكبر وأعقد من القضية الفلسطينية الإسرائيلية، وما يجرى فى سوريا ولبنان والعراق واليمن وليبيا بحسابات الدم والسلاح أكبر بكثير. وأكثر من ذلك أن لاعبين آخرين يدسون أصابعهم فى كل هذه المسارح العسكرية والدبلوماسية مثل إيران وتركيا وروسيا، فضلاً عن عدد غير قليل من اللاعبين من غير الدول مثل «حزب الله» و«القاعدة» و«داعش» وغيرهم.
ولكن ما يقف أمامنا فى حل القضية الفلسطينية هو حالة الانقسام الفلسطينى. لقد سبق للعرب أن اختاروا مع الشعب الفلسطينى منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعى ووحيد للشعب الفلسطينى؛ والآن فإن نقطة البداية للمساهمة العربية فى العملية السياسية القادمة أن يكون ذلك حادثًا وصافيًا ولا يوجد فيه شك؛ لقد قسمت «حماس» الشعب الفلسطينى، وقسمت أراضيه المتاحة، واليوم فإنها تستخدم كأداة فى يد الإرهاب ضد مصر، ويد «حزب الله» وإيران ضد بقية الدول العربية. من دون وحدة التمثيل السياسى الفلسطينى فإن لا «صفقة» أمريكية سوف تمر؛ ولا مستقبل للشعب الفلسطينى سوف يقوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.