محلل إسرائيلى: القطاع سيواجه مزيدًا من الاعتداءات بعد غياب الرعاية المصرية والقطرية عن حماس «ليبرمان» للتلفزيون العبرى: لن ندخل حربًا ولو حدث سنحافظ على البنية التحتية تستعد إسرائيل لشن حرب على قطاع غزة قبل نهاية العام الجارى، تسعى خلالها لتكرار نموذج حرب الجرف الصامد التى حدثت فى يوليو 2014 واستمرت لما يقرب من 45 يومًا وخلفت 2147 شهيدًا فلسطينيًا، وذلك حسب تقرير المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان، فى هذا الإطار لم يكن قصف عزة فى عيد الفطر إلا بداية لحرب قد تطول -حسب خبراء إسرائيليين- والذين يرون أيضًا أن تل أبيب تسعى لاستغلال التضييق المفروض على حركة حماس. نشرت «الصباح» العدد الماضى كواليس استعدادات الكيان الصهيونى للحرب على غزة والتى تزامنت مع عدة اجتماعات عقدها مسئولون وقادة أمنيون فى حكومة الاحتلال ناقشت، إقامة بحيرة صناعية، وسبل الاستعدادات لتحديد الأماكن المستهدفة لشن هجمات العدوان الإسرائيلى عليها، وكان وراء ذلك العديد من الأحداث التى ساهمت فى تحريك مجريات الأمور على الساحة مثل أزمة قطع العلاقات مع قطر، وتردى الأوضاع الإنسانية فى قطاع غزة، وكانت كل السيناريوهات تؤكد أن حكومة الاحتلال تعتزم شن حرب على قطاع غزة، رغم نفى وزير الدفاع الإسرائيلى أفيجادور ليبرمان وجود أى نية لضرب القطاع. الحرب بدأت فجر الثلاثاء الماضى، مع استهداف جيش الاحتلال أحد أحياء قطاع غزة بعد ساعات قليلة من إعلان جيش الاحتلال أن صاروخًا أُطلق من قطاع غزة عليها، -لتبدو غاراتها فى إطار رد الفعل وليس مبادرة منها بالقصف-، وجرت الأمور وفق السيناريو الذى أعدته تل أبيب، فأعلنت الأسبوع قبل الماضى، أن المقاومة الفلسطينية ستبدأ بإطلاق صواريخ، وأنها سترد بوابل من الهجمات العسكرية. غزة تواجه بمفردها سيناريوهات كثيرة جعلت غزة تواجه النيران بمفردها دون أى تدخل، خاصة مع انشغال الأوساط العالمية بقضايا أخرى، لكن التحليلات الإسرائيلية ربطت الحرب على القطاع بأحداث الساحة الإقليمية، وكتب يُآب لمور المحلل الإسرائيلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير الأمن ورئيس الأركان زاروا جنوب إسرائيل قبل ثلاثة أسابيع وتناقشوا حول الأزمة فى غزة وكان من المقرر إجراء جولة فى قيادة «كتيبة غزة» والتى تقع على حدود القطاع، وكذلك جولة أخرى حول الحاجز الذى يجرى بناؤه على امتداد السياج وذلك قبل شن الهجمات، وأُجرى اللقاء الثلاثى فى مقر قيادة الجنوب فى بئر سبع، وتم خلال ذلك تفعيل أجهزة اتصال التجنيد الطارئ، فيما أعلنت وقتها وسائل الإعلام الإسرائيلية أنها مجرد «تدريب للجبهة الداخلية». حماس بعدما فقدت الرعاية المصرية والقطرية –حسب رؤية المحلل الإسرائيلى- طبيعى ستقبل بأن يكون لإيران دور أكبر، وهو ما يؤجج الأوضاع فى المنطقة. واتفق مع يُآب فى رؤيته، المحلل الإسرائيلى رونى شكيد، الذى كتب فى مقال نشرته «يديعوت أحرنوت» يحاول أن يصور من خلاله أن غزة تواجه النيران وحدها، قائلًا «ينفصل أبو مازن عن غزة»، وتتوقف قطر عن المساعدات، والمملكة العربية السعودية أيضًا، وأشار إلى بعض المساعدات الإيرانية والتركية، لكنه أصر فى النهاية على أن غزة «بمفردها» تحت وطأة حماس التى سوف تمثل منصة الإنقاذ الوحيدة برعاية إيرانية بعدما أعلنت إيران رسميًا تجديد حملة المساعدات لتستحوذ قيادات حماس على المبالغ الضخمة حيث تستأثر به لنفسها دون المساهمة فى حل أزمة تردى الأوضاع الإنسانية هناك، وحسب رؤية المحلل الإسرائيلى فإن غزة أصبحت لعبة فى إطار التحالفات والمقاطعات بالشرق الأوسط»، لكن الغريب ما قاله محمد عمادى السفير القطرى فى غزة، الذى غادر قبل توجيه الضربات العسكرية حيث قال فى مؤتمر صحفى عقده قبل أن يغادر الأراضى الفلسطينية أنه سوف يكون فى انتظار المواطنين فى غزة «أيام سوداء». الأوضاع فى غزة تزداد صعوبة بعد القصف، خاصة بعد تزايد توتر العلاقة بين مصر وحماس، لا سيما بعد قرارات المقاطعة العربية لقطر والتى تقدم دعمًا لحركة المقاومة. القاهرة طالبت حركة حماس بتسليم عدد من المتورطين فى عمليات إرهابية من المتواجدين فى غزة، وتلقى يحيى سنوار وتوفيق أبو النعيم القياديين بالحركة، قائمة ب17 اسمًا مع قائمة أخرى من المطالب الأمنية مقابل زيادة دعم قطاع غزة، أبرز تلك الأسماء المطلوبة، قيادات فى صفوف تنظيم الدولة الإسلامية بشمال سيناء. «يهوذا آرى روس» المراسل العسكرى ل«تايمز أوف إسرائيل» كتب تحليلًا قال فيه «منذ عملية «الجرف الصامت» التى حدثت فى صيف 2014 انخفض عدد الهجمات الصاروخية ضد الكيان الصهيونى حيث وصلت إلى مرتين فى الشهر تقريبًا، وهى نسبة لم تحدث منذ عشرات الأعوام حيث كان يتم إطلاق معظمها من قبل الجماعات السلفية وليس من حماس، لكن ذلك لا يعفى أن حماس مسئولة عن الصواريخ القادمة من غزة، وقد كانت المؤشرات والاستعدادات لشن هجمات على غزة منذ أن تم إطلاق صاروخ على ساحل جنوب البحر الأبيض المتوسط فى منطقة «هوف أشكيلون»، وتعرضت أيضًا دورية تابعة لجيش الاحتلال أثناء تواجدها بالقرب من السياج الأمنى لاعتداء، بعد تلك الضربات رد جيش الاحتلال، عبر عمليات عسكرية بقذائف الدبابات والضربات الجوية على مواقع حماس فى جميع أنحاء غزة. الهدف من الغارات الاعتداءات الإسرائيلية لا ترتبط بأوضاع محلية فقط، بقدر ما تحكمها ما يطلق عليه المحللون الإسرائيليون «خريطة الشرق الأوسط الجديد» ودخول لاعبين جدد فى القضية الفلسطينية ومن ناحية أخرى لم تخرج مصر والسعودية خارج الصورة، حيث تناولت دراسة لمعهد أبحاث الأمن القومى بجامعة تل أبيب سيناريوهات العلاقة بين الثلاث دول خلال الفترة الحالية حيث زعمت الدراسة أن الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى ما زال حذرًا من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، لسببين أولهما انقلاب الإدارة الأمريكية على الرئيس السابق المخلوع بعد اندلاع ثورة 25 يناير، رغم العلاقات الوطيدة معهم، والسبب الثانى يتعلق بموقف الإدارة الأمريكية من مصر عقب الصعود السياسى، لكن «المصلحة الاستراتيجية» التى تعد الفاصل، هى العلاقة بين مصر وإسرائيل وفى ضوء ذلك – كما زعمت الدراسة- ومن أجل الحفاظ على العلاقة الوطيدة بين القاهرة وتل أبيب سعت منظمة «إيباك» المؤيدة لإسرائيل فى الولاياتالمتحدة لتزويد مصر بأسلحة متطورة. أما المملكة العربية السعودية فقالت الدراسة إن الرياض سعت إلى التعاون مع إسرائيل خلال الفترة الماضية، واعتبرت الدراسة أن السعودية وإسرائيل قريبتان فى وجهات النظر والتقديرات تجاه العديد من التهديدات الإقليمية، أبرزها إحباط تطلعات إيران، وتقليص قدرات حزب الله، ورغم أن تفاصيل العلاقة ليست معلنة بالشكل الكامل إلا أن البلدين بينهما مصالح مشتركة. ودعا تقرير إسرائيلى آخر إلى إنشاء مثلث قوى يربط بين مصر والسعودية وتركيا، حيث جاء ذلك بالتزامن مع ما نشره موقع «صوت إسرائيل» على لسان محلل شئون الشرق الأوسط يوسى نيشر أن العاهل السعودى الملك سلمان حاول أن يلعب دور الوساطة بين الرئيسين المصرى عبدالفتاح السيسى والتركى رجب طيب أردوغان، زاعمًا أن الرياض لها مصلحة فى إدراج القاهرة وأنقرة فى أجندتها الإقليمية لمواجهة تحركات محور طهران، ويأتى ذلك بعد أن شهدت العلاقات المصرية التركية توترًا شديدًا منذ ثورة 30 يونيو التى أطاحت بحكم جماعة الإخوان. الاستعداد للحرب الاستعداد للحرب على قطاع غزة بدأ أبريل الماضى قبل نحو 90 يومًا من زيارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لإسرائيل حيث أقيمت فى إحدى قواعد سلاح الجو الإسرائيلى احتفالية تدشين «العصا السحرية» وهى منظومة دفاعية مضادة للصواريخ متوسطة المدى، أُطلق عليها «مقلاع داود» لتنضم بذلك إلى المنظومات السابقة المضادة للصواريخ مثل «القبة الحديدية» و«حيتس» ولم يكن الهدف من إنشاء تلك القبة اعتراض صواريخ حماس فحسب بل «حزب الله» و«إيران» أيضًا، وذلك بالإضافة إلى تهديدات الصواريخ المتوسطة المدى التى من الممكن أن تأتى من قبل المقاومة الفلسطينية. وتتجاوز تكلفة الصاروخ الواحد فيها 100 ألف دولار، حيث تبلغ تكلفة الصاروخ فى القبة الحديدية 100 ألف وفى منظومة «حيتس» 3 ملايين دولار. ثلاثة عوامل سوف تساهم فى تعزيز التوجهات للقيام بالعملية العسكرية أولها مقاطعة قطر، ثانيها زيارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وزيادة الضغط لوقف التمويلات لحركة حماس، ثالثها تفاقم تردى الأوضاع الإنسانية فى غزة، مما يعجل بحرب قبل نهاية صيف 2017 وفقًا لمزاعم محللى الشئون العسكرية الإسرائيلية، حيث ذكر عاموس هارئيل أن جيش الاحتلال يرى أن قطر الداعم الوحيد لحماس بعد تراجع الدور الإيرانى والتركى، وبجانب ذلك فإن كل من السعودية ومصر سوف يمارسان المزيد من الضغط على قطر لوقف دعمها لحماس، وأمام كل تلك الأوضاع طبيعى أن تتفاقم الأزمة الإنسانية مما سيعزز فرضية اندلاع حرب قبل حلول الشتاء. تلك الرؤى لم تكن الوحيدة من نوعها فقد ذكر أيضًا يوسى ميلمان المتخصص فى شئون الاستخبارات أنه رغم الجهود المبذولة فى هذا الإطار، لكن ذلك لن يمنع إمكانية حدوث حرب ومواجهة بين الكيان المحتل والمقاومة الفلسطينية المتمثلة فى حماس قائلًا: «فى حال تسببت الأزمة الحالية فى تراجع تقديم الدعم المادى لحماس، فإن ذلك سوف يؤدى إلى وقف الخدمات وانهيارها بشكل كامل، مما سيدفع حماس للقيام بعمليات عسكرية والتصعيد ضد جيش الاحتلال لجذب مزيدًا من التعاطف ولا يستبعد أن تكون هناك عمليات كالتى وقعت فى 2014. دور الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى تلك المعادلة، تحدث عنه الباحث الإسرائيلى «إيلى كوليشتاين» زاعمًا أنه حرض الدول العربية على مواجهة حركة حماس بشكل صريح وعلنى وهو ما سوف يقود إلى نفس المحصلة. أمام المعطيات السابقة، عزز جيش الاحتلال، الجاهزية على الناحية الشمالية وأصدر رئيس الأركان جادى ايزنكوت تعمليات بزيادة تدريبات الجهة الشمالة، وأجريت محاكاة حربية فى «عصبة الجليل» كما خرج لواء الكوماندوز للتدريب فى الجزيرة على نموذج يحاكى حروبًا فى مناطق جبلية، وخلال مناقشات داخلية أجريت بين قيادات فى جيش الاحتلال والشين بيت -جهاز الأمن الداخلى فى إسرائيل- حول جدية التصعيد العسكرى. رئيس معهد أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى عاموس يادلين زعم فى تقرير تناولته وسائل الإعلام الإسرائيلية أنه على جيش الاحتلال توجيه ضربة وقائية استباقية مشيرًا إلى أن العنصر الحاسم الذى يساعد على اتخاذ القرار يكمن فى توافر معلومات جيدة تؤدى إلى طرح عدة بدائل، أولها العلاج الموضعى للأنفاق التى تتجاوز الحدود، وفى هذه الحالة يجب أن تكون العملية مقلصة، والثانى معالجة شاملة لكل فتحات الأنفاق على مسافة 34 كم من السياج، لكن «يدلين» توقف عند ما سيترتب على هذين الخيارين من تصعيد بين «إسرائيل» وغزة. وهو ما دفع تل أبيب إلى تطوير بديل ثالث يستند فى جوهره إلى انتظار المواجهة المقبلة مع الاستعداد لتمديد الهدوء إلى أقصى ما يمكن، وأشار إلى أنه من المفضل خلال المواجهة المستقبليّة معالجة ظاهرة الأنفاق عبر توجيه ضربة استباقية، معتبرًا أن التطور التكنولوجى لكشف أو لإغلاق فتحات الأنفاق يمكن أن يدعم هذا البديل، لكن التصعيد فى غزة يمكن أن يجر إلى تطورات سلبية فى مناطق أخرى، وهو المحاربةٍ فى آنٍ واحدٍ على جبهتين: الشماليّة ضدّ حزب الله، والجنوبيّة ضدّ حماس. رغم التلويحات التى تبثها وسائل الإعلام الإسرائيلية حول الحرب على غزة قبل دخول الشتاء، أجرت القناة الثانية الإسرائيلية لقاءً مع وزير الدفاع أفيجادور ليبرمان نفى فيه أن تكون هناك أى نية لضرب غزة فى التوقيت الراهن قائلا:» نحن الآن فى اتفاق أكثر من أى وقت مضى، وحتى إذا وجهنا ضربة فلن تستهدف البنى التحتية- على حد زعمه- فقط سنؤدى المهمة، معتبرًا أن زيارة ترامب ساهمت بشكل كبير فى دفع عملية السلام. تكرار الجرف الصامد وتنذر إسرائيل المقاومة الفلسطينية بتكرار حرب «الجرف الصامد» التى وقعت على غزة فى الثامن من يوليو 2014، ورغم الفجوة التى صنعتها بين الحكومة والجيش وتراجع شعبية نتنياهو بعد تقرير أصدره «مراقب الدولة» حول الحرب الأولى قال فيه إن إسرائيل أخفقت بشكل كبير وأنها لم تكن لديها المعلومات الكافية حول الأنفاق وأن قيادات جيش الاحتلال كانت «عاجزة» وفاقدة للبوصلة مما أدى إلى فقدان الثقة فى المؤسسة الأمنية بدولة الاحتلال، غير أن عمليات المقاومة بقيت محصورة فى نطاق ضيق. يوحاى عوفر الخبير العسكرى قال إن الهدوء السائد فى قطاع غزة مضلل وخطير، مما يعنى أن عملية جديدة من «الجرف الصامد 2» قد تكون قاب قوسين أو أدنى من الحدوث. وأضاف أن الجبهة الجنوبية مع القطاع تشهد سلسلة أحداث وتطورات ميدانية وأمنية متلاحقة، تشمل الكشف عن عبوتين ناسفتين قرب الجدار الحدودى، يضاف إليها إطلاق عدد من القذائف الصاروخية، فضلًا عن إرسال حركة المقاومة الإسلامية (حماس) طائرة مسيرة، ورغم التقدير السائد بأن حماس لا ترغب فى حرب جديدة، لكن عبوة أو قذيفة تنفجر، قد تكون سببًا فى إحداث انقلاب تام فى الصورة مشيرًا إلى أن جيش الاحتلال يعمل كالعادة على حدود غزة بشكل يبدو هادئًا، لكن هناك من تحت الطاولة يسود شعور بتغيير فى طبيعة الحركة الحدودية، ورغم أن سلسلة التطورات الأخيرة لا تشير إلى تصعيد تدريجى، فإنها مؤشرات عما قد يحدث فى المستقبل. تحدث هذه التطورات على حدود غزة بالتزامن مع نشر تقرير مراقب الدولة حول إخفاقات حرب غزة الأخيرة الجرف الصامد 2014، وعدم إحاطة إسرائيل الكافية بنوايا حماس للاستعداد لتلك الحرب، واليوم تحصل تطورات وأحداث بصورة مقلقة قبيل اندلاع الحرب السابقة، حين بدأ الهدوء تتخلله خروقات، إلى أن اندلعت حرب استمرت خمسين يومًا، كما يأتى ذلك أيضًا بالتزامن مع التحذيرات التى أصدرها رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) الجنرال هرتسى هاليفى، من خطورة استمرار تدهور الوضع الاقتصادى لغزة، وتأثيره على إمكانية حدوث تصعيد عسكرى فى المستقبل.