حاولت معظم الأعمال الدرامية الرمضانية الابتعاد عن تناول أحداث الثورة،بشكل مباشر ،ورغم ذلك رصدت الأعوام ماقبل اشتعالها وما كان من سطوة ونفوذ وفساد ورشوة وقهر سياسي واجتماعي في عهد النظام السابق، وهو ماجعل كبار النجوم الذين يتنافسون في الماراثون الرمضاني يراهنون علي المضمون الجديد والمختلف ، إلا أن دراما الجلباب "دراما الصعيد"، لاتزال في مقدمة السباق وكأن هناك اتفاقاً غير معلن بين القائمين على صناعة الدراما ،حيث يتربع الصعيد علي عرش 10أعمال تم تصويرها لعرضها في هذا الموسم الدسم. مسلسل "سيدنا السيد" تأليف ياسر عبد الرحمن، ومن إخراج إسلام خيرى، هو أول المسلسلات التي بدأ بطلها جمال سليمان تصويرها ، وتدور أحداثه حول شخصية "فضلون الجناري"، التي يجسدها جمال سليمان، وهو رجل ، يثير ذعر أهل القرية بقوته رغم كبر سنه، وبغموضه وسطوته، وعندما يتذمر أهالي القرية ويقررون مواجهته يدبر لهم مذبحة للتخلص منهم. وفى تجربة جديدة له مع دراما الصعيد يعود فتحي عبد الوهاب من جديد لنفس الملعب من خلال مسلسل "أشجار النار"، تأليف ياسين الضو، وإخراج عصام شعبان، ويشارك في البطوله محمد نجاتي وداليا مصطفى، وهي قصة مستوحاه من الملحمة الشعبية "أيوب وناعسة"، والتي وقعت أحداثها بالفعل في صعيد مصر في مطلع القرن الماضي، غير أن الفلكلور الشعبي خلط بينها وبين قصة نبي الله أيوب، فقط فيما يخص الابتلاء بالمرض، ويبدو أن الحالة المتردية التي تمر بها السينما ، أجبرت الكثيرون من نجوم السينما ،علي الدخول في ماراثون الدراما الرمضانية، لهذا قرروا اللعب في المضمون من خلال دراما المجتمع الصعيدى ،حيث كانت البداية مع محمد سعد في مسلسل "شمس الأنصاري" حيث يقدم نموذجا لشخصية شاب صعيدى يعمل لصاً ليساعد الفقراء وذلك بسطوته على الأغنياء المبتزين وأباطرة الفساد الذين يعملون على سرقة الطبقة الكادحة فى المجتمع الصعيدى بصورة مصغرة لما كان يجرى فى مصر قبل ثورة يناير، ويُعد المسلسل دراما صعيدية تحتوى على مفارقات اجتماعية تكاد تحدث باستمرار فى المجتمع، ويشارك فى البطولة فاروق الفيشاوي، لقاء الخميسى، محمود الجندى، عبد الرحمن أبو زهرة، أحمد سلامة، أحمد عزمى، سناء شافع، محمد كامل، وسميرة محسن، من تأليف وإخراج جمال عبد الحميد فى أولى تجاربه مع التأليف . ويتسابق الفنان احمد السقا بمسلسله "خطوط حمراء" ويشاركه البطولة رانيا يوسف، فاديه عبد الغنى، دينا فؤاد، حجاج عبد العظيم، ومحمد عادل إمام، تأليف أحمد محمود أبو زيد، وإخراج أحمد شفيق ، ويدور حول الخطوط الحمراء التي يضعها الإنسان لنفسه، والمصاعب التي يواجهها ليحافظ عليها من خلال ثلاث شخصيات، الأول يلتزم بها، والثاني شخصية تنسى هذه الخطوط، فى حين يتعامل معها الثالث بوسطية . ويخوض الفنان تيم الحسن أولى تجاربه في تقديم الشخصية الصعيدية ، أو النازحة من الصعيد للأسكندرية في "الصقر شاهين"، حيث يجسد شخصية شاب نشأ في بيئة فقيرة جداً، ويعمل في مهنة الصيد لدى كبير الصيادين الذي يثق فيه كثيراً، وورث عن والده هواية تربية الصقور ويعيش قصة حب مع فتاة، ولكنه يواجه مؤامرة من سيدة أخرى كانت تحبه وانقلب حبها إلى كره، وتشاركه البطولة رانيا فريد شوقي وإخراج عبد العزيز حشاد . ويقدم الفنان مجدي كامل ،"ابن ليل " حيث يجسد شخصية شاب لقيط يعمل منذ صغره في العديد من بيوت أهل القرى ويعاني من ظلم عدة شخصيات يحاول الانتقام منهم عندما تأتيه الفرصة ليصبح ثريا ويملك القوة ، ويشاركه البطولة فريال يوسف، احمد بدير، احمد راتب، ويوسف شعبان وإخراج إسماعيل عبد الحافظ . ومن المسلسلات الصعيدية أيضاً في رمضان " النار والطين " بطولة ياسر جلال ، بثينه رشوان، ميس حمدان، سهير المرشدي، مادلين طبر، إيهاب فهمي، شريف خير الله، غادة إبراهيم، صبري عبد المنعم، نجوي فؤاد،وسامي مغاوري، تأليف أنور عبد المغيث ، إخراج احمد فهمي عبد الظاهر. وعن اتجاه معظم النجوم للدراما الصعيدية و علاقة ذلك بالدراما السهلة مضمونة النجاح، قال المؤلف عبد الرحيم كمال "أرفض صورة الرجل الصعيدى كما رسمته الدراما المصرية "رجل بجلابية وعمة ولهجته صعيدية"، حيث يختلف الصعيد من مكان إلى آخر، وكل قرية لها عاداتها وصفاتها التى تختلف تماماً عن الأخرى، ولكن الدراما جسدت مشكلة واحدة وهى الثأر، لذلك جاءت معظم أحداث المسلسلات الصعيدية متشابهة، إلا أن متطلبات السوق الدرامية جعلت المؤلفين يقبلون على الكتابة عن الصعيد دون أن يعرفوا عنه شيئاً، وجعلوه مادة مستهلكة تعامل الكثيرون معها باستغلال، وقدموا الصعيدى على أنه رجل كوميدى وغبى وشديد القسوة لا يعرف إلا العنف وأسهل شئ عنده القتل والقسوة. الناقدة ماجدة موريس ترى أن مسلسلات الصعيد أصبحت تركيبة تقليدية قديمة تتكرر من عام إلى آخر من خلال شخصية رجل كبير البلدة الذي يظهر في دور شرير وأحيانا طيب، لكن الأحداث تدور في الحالتين في تيمه واحدة، حيث تربطه علاقة صداقة مع الحكومة مما يزيده هيبة وقوة ونفوذاً، وظهر ذلك في كل أعمال الكاتب الصعيدى محمد صفاء عامر وآخرها "أفراح إبليس" باستثناء مسلسل "حلم الجنوبى" . وقالت: حتى مسلسل "الرحايا" للمؤلف عبد الرحيم كمال لم يخرج من هذه التيمه، لكنه قدم شكلا جديدا ومختلفا لمعاناة الأسرة الصعيدية، ومنها توتر العلاقة بين الأب وأبنائه، بعكس مسلسل "أفراح إبليس" الذى جاء مشابها تماما لمسلسل "حدائق الشيطان"، والمشكلة أن الأكشن والدم لا يفارقان أعمال الصعيد و المهم كيفية توظيفها دراميا وتفادى تكرارها . وبررت ماجدة وجود أكثر من مسلسل صعيدى فى رمضان بأن هذه الأعمال لها سحر خاص وتحظى بنسبة مشاهدة عالية لجاذبيتها الناتجة عن اللهجة التى يتحدث بها الصعايدة، والملابس التي يرتدونها والأماكن التى يتم التصوير فيها، وبالرغم أنه مجتمع غريب فإن القنوات العربية تتهافت على شراء مسلسلاته رغم أنها لم تتمكن من رصد التغييرات التى حدثت فى المجتمع الصعيدى.