كتاب فى جامعة القاهرة يزدرى المسيحية والبنا أوصى جماعة الإخوان بقراءته كتاب يدعو لنشر الفكر الوهابى ويهاجم أسرة محمد على والطرق الصوفية رواية تسببت فى أزمة ومظاهرات.. وأوقفت وزارة الثقافة نشرها لطالما كان سلاح القلم من أهم الأسلحة عبر العصور، إلا أن الكثير لا يعرف ما لهذا القلم من تأثير على المجتمعات سلبًا أو إيجابًا، مما خفف كثيرًا من الرقابة على الكتب، حتى فى أكثر الأماكن التى من المفروض أن تتحلى بأكبر قدر من الرقابة على المطبوعات وكل الكتب والمجلدات التى تُوجد بداخلها وهى الجامعات.
وصية البنا «ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين» كتاب للكاتب الهندى أبو الحسن الندوى، يأتى على رأس الكتب المقررة والمفروضة على الشباب الجدد قبل انضمامهم لجماعة الإخوان المسلمين، فتعد قراءته من الوصايا الهامة لمؤسس الجماعة حسن البنا، هذا الكتاب موجود داخل المكتبة المركزية لجامعة القاهرة. وذكر الكتاب فى الصفحة رقم 42 منه نصًا «أصبحت النصرانية مزيجًا من الخرافات اليونانية والوثنية الرومية والأفلاطونية المصرية والرهبانية». وفى الصفحة 47 قال «أما مصر ذات النيل السعيد، والخصب المزيد، فكانت فى القرن السابع من أشقى بلاد الله بالنصرانية، وبالدولة الرومية معًا، أما الأولى فلم تستفد منها إلا خلافات ومناظرات وفى فلسفة ما وراء الطبيعة والفلسفة الإلهية، وقد ظهرت فى القرن السابع عشر فى شر مظاهرها وانهكت قوى الأمة العقلية، وأضعفت قواها العملية، وأما الأخرى فلم تلق منها إلا اضطهادًا». ثم يضيف فى صفحة 48 «لقد أكرهت مصر على انتحال النصرانية، ولكنها هبطت بذلك إلى حضيض الانحطاط الذى لم ينتشلها منه سوى الفتح العربى».
وليمة الفتنة ومن داخل قسم الإنسانيات بمكتبة جامعة القاهرة وتحديدًا فى الدور الثانى نجد رواية «وليمة لأعشاب البحر»، للمؤلف السورى «حيدر حيدر» التى أثارت فتنة وعاصفة من الجدل هنا فى مصر عام 2000، رغم أن صدورها الأول كان عام 1983، فتسببت فى مطلع الألفية فى إغلاق جريدة والتحقيق مع 3 موظفين مسئولين عن نشرها فى وزارة الثقافة ومظاهرات عارمة فى جامعة الأزهر، إثر صدورها عن هيئة قصور الثقافة، وأصدر مجمع البحوث الإسلامية بيانًا موقعًا باسم شيخ الأزهر، يدين الرواية لأن بها فقرات تستهزئ بالذات الإلهية والرسول الكريم (سيدنا محمد) صلى الله عليه وسلم، كما أدان البيان تولى وزارة الثقافة نشر هذه الرواية. وضع الكاتب نفسه فى موضع الاتهام بسبب عدد من الجمل التى تضمنتها الرواية ومنها «رسولنا المعظم كان مثالنا جميعًا ونحن على سنته، لقد تزوج أكثر من 20 امرأة بين شرعية وخليلة ومتعة.. وكان صلوات الله عليه وسلم يقول: تناسلوا تناسلوا فإنى مفاخر بكم الأمم، استبد الغضب بالحاج: الرسول تزوج حسب الشريعة، أما أنتم فتريدونها شيوعية». ليست هذه العبارة هى الوحيدة فالرواية مليئة بالعبارات التى وصفها علماء مسلمين بأنها تطاول على الذات الإلهية، وهو ما دفع أجهزة الأمن لمصادرة النسخ الموجودة فى السوق.
الدعوة للوهابية ومن قلب جامعة القاهرة أيضًا، (المكتبة المركزية تحديدًا)، نجد كتابًا تحت عنوان «الدعوة الوهابية لمحمد بن عبدالوهاب العقل الحر.. والقلب السليم» مع تعقيبات للشيخ عبدالعزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ حفيد صاحب الدعوة. ويهتم الكتاب بنشر الفكر الوهابى من خلال إظهاره فى صورة المضطهد على مر العصور، محاولاً فى مقدمته كسب التعاطف الكبير، بإظهار الوهابية للقارئ بأنها الفكر المضطهد على مر العصور. وينحى الكتاب تجاه تاريخ محمد على باشا وابنه إبراهيم، فيبرزهما على أنهما وجه الطغيان، وناشرى العنف والظلم عبر التاريخ، فى الصفحة 8 التى ذُكِرَ فيها نصًا، «عقدة الذنب التى أجد لذعتها فى نفسى مما كان لتلك الحرب التى شنها محمد على والى مصر بقيادة ابنه إبراهيم، والتى ساق إليها كثيرًا من أبناء مصر إلى محاربة القائمين بتلك الدعوة، وما أريق من دماء وما هُدِمَ من دور». ثم يفاجئنا الكاتب بدعوة صريحة فى الصفحة رقم 9 للكتاب يروج خلالها للفكر الوهابى وهو يشرح الآثار التى تركتها الدعوة الوهابية فى اتباعها قائلاً: «مدى ما بلغته من تحرير العقول من الأوهام والخرافات التى علقت بالتوحيد الإسلامى المصفى، والتى لا تزال تتماشى فى عقول وتصورات كثير من المسلمين فى أقطار كثيرة من العالم الإسلامى». ثم جاء فى الصفحة رقم 12 ليقول: «إن الحروب الوهابية أيقظت مشاعر الأمة الإسلامية التى كانت خمدت، وفُتحت منها العيون التى عاشت زمنًا طويلًا فى وطأة نوم ثقيل، فقد كانت الحروب الوهابية معركة رأى عند أصحابها على الأقل، ما قاتل أصحابها إلا دفاعًا عن رأيهم الذى لم يحتمله العالم الإسلامى يومئذٍ، فرماهم بالكفر والمروق عن الدين». وفى الدور الأول لمكتبة جامعة القاهرة، وفى قسم الرسائل توجد رسالة «الوهابية وأثرها فى الفقه فى إندونيسيا» للباحث محمد فريد وجدى، وأشرف عليها حينها الدكتور عبدالله شحاته، والتى جاء فى إحدى فقراتها شرحًا لمميزات الوهابية وحملاتها العسكرية، وهى كالتالى فى ص 169: «أثناء اندلاع الحروب هنا وهناك ضد الاستعمار الهولندى، دخل أتباع الوهابية إندونيسيا فكانت ثورتهم ضد المسلمين المتمسكين بالعادات والتقاليد القديمة من البدائية والهندوسية والبوذية كما كانت حروبهم الشهيرة ضد ذلك الاستعمار»، وقال أيضًا: «لما دخل الهولنديون مدينة بادانج فى سنة 1821م أى بعد تسع عشرة سنة من دخول الوهابية وانتشارها فى مينانجكبو، أسرع شيوخ العادات إلى الاستنجاد بالهولنديين ونشبت حروب مريرة وطويلة استمرت ست عشرة سنة من 1821م 1837م بين قوى الحركة الإصلاحية الوهابية وقوى الهولنديين باسم (حروب البادرى)، التى انتهت بانتصار الهولنديين واستعمارهم فى هذه المنطقة أكثر من مائة عام». ولم تقف الرسالة عند هذا الحد ولكنها تضمنت حربًا ضد الطرق الصوفية عندما قالت «أما عن موقف الطرق الصوفية مع الاستعمار الفرنسى فى الجزائر فيقول أحد المؤرخين الفرنسيين: أصبحت كلمة المرابطين تدل على الجهل والتخلف وكذلك أصبحت تعنى المؤيدين للاحتلال والإدارة الفرنسية.. ويقول أحد الحكام الفرنسيين: (إن أفضل وسيلة للسيطرة على الشعب الجزائرى هى التقرب من شيخ زاوية أو طريقة بمنصب أو مال) وعمل المستعمر على دعم شيوخ الصوفية ماديًا». ويستكمل صاحب الرسالة: «وبادل الصوفيون الاستعمار الدعم والتأييد بكل قوة، فعندما طلبت فرنسا تقديم الدعم والعون أثناء الحرب العالمية الثانية بادر مشايخ الصوفية فى الدعم والمساندة حتى قال أحدهم مشجعًا ومحفزًا الآخرين على الدعم: وها أنا فرد منكم أقدم نفسى بإخلاص لدفع إعانة مالية عوضًا عن عجز صحتى البدنية قدرها عشرة آلاف فرنك.. ولهذا قال أحد الدارسين والمتخصصين فى دراسة الطوائف والملل والأديان وهو صابر طعيمة: أعداء الإسلام القدامى والمحدثون أدركوا أن التجمعات الصوفية بمذاهبها وطرائقها وأورادها ومستويات شيوخها خطوط هجوم متقدم لهم، أو ما يسمى فى لغة الحرب النفسية (طابور خامس) يعيش فى البيئات الإسلامية وذلك لعزل أجيال المسلمين عن أن تعيش الإسلام الصحيح».
سباب للرسول وعلى ومن القاهرة إلى الزقازيق، ففى مكتبة خاصة بجامعة الزقازيق، فى الطريق بين كليتى التربية والحقوق، نجد كتاب الكوميديا الإلهية لدانتى، الذى يحتوى عددًا من العبارات التى صنعت جدلًا كبيرًا وتجرؤًا على الإسلام، حيث وصف فى رحلته الوهمية إلى العالم الآخر، تحديدًا فى صفحة 41 من «كيفية عذاب النبى محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى بن أبى طالب فى الجحيم». كما وجدنا طلابًا يصفون رواية (برلين 69)، للكاتب صنع الله إبراهيم، وموجودة بنفس المكتبة بأنها «جنسية»، فتقول عنها شيماء على «الرواية عبارة عن كتابات جنسية لا تصدر حتى عن مراهق، بينما تخللتها بعض المعلومات والأحداث عن الألمانيتين الغربية والشرقية، والأحداث السياسية على استحياء»، وكذلك يقول بولا شكرى، طالب بالجامعة أيضًا «أكثر من نصف الرواية بلا مبالغة وصف تفصيلى دقيق لوقائع جنسية خاضها صادق الحلوانى بطل الرواية، أما النصف الآخر فسرد ممل رتيب ليوميات صادق».
تجميل العنف على صعيد متصل وبالدخول إلى قلب قسم الإنسانيات لمكتبة كلية الآداب، وجدنا بعض الكتب التى لا تعتبر العنف فى حد ذاته من الصفات المكروهة، بل تعتبره طبيعة إنسانية، ربما لا تكن سيئة فى بعض الأحيان وهو ما ورد فى كتاب تحت عنوان «العنف» تأليف الدكتور محمود سعيد، والذى قال بداخله نصًا «الاستعداد للعنف من الصفات الطبيعية القائمة على الكائنات الحية عمومًا بما فيها الإنسان، وهو ليس من الصفات المرذولة دائمًا»، وبالتأكيد فإن هذا الكلام يساعد على تمسك البعض بالأفعال العنيفة، تحت تبرير أنها من الخصال الأساسية داخل الإنسان أو الفطرية.
الرقابة وفى تصريحات خاصة ل«الصباح» قال هيثم الحاج على، رئيس الهيئة العامة المصرية للكتاب: «لا رقابة لوزارة الثقافة أو غيرها على الكتب بشكل عام، فالقانون لا يوجد ما يفرض أى نوع من أنواع الرقابة على الكتب، لا رقابة سوى على المصنفات الفنية فقط، فقد تم إلغاء الرقابة على الكتب والصحف منذ فترة». وأضاف «الجامعة لها استقلاليتها وهى التى يمكنها ضبط حركة الكتب داخلها، فكل ما تستطيع الوزارة فعله هو أن تمد الجامعات بالإصدارت الخاصة بها، وبالتالى تكون حركة تلك الكتب أكثر ضبطًا، وما حدث عندما تدخلت الوزارة لوقف نشر رواية (وليمة لأعشاب البحر)، كان لأن الوزارة هى التى نشرتها، وهو ما جعلها طرفًا فى المشكلة». فيما حاولت «الصباح » التواصل مع المسئولين فى التعليم العالى لكى نحصل على ردود منهم لتجاهلهم الرد على تليفوناتهم