الأقباط يريدون المساواة.. والبعض يحتكم للإسلام طمعًا فى نسبة أكبر فايز: القوانين الخاصة بالأقباط «معطلة» رغم وجود لائحة 1938 محامى أسرة «شنودة»: لا يوجد فى المسيحية نظام لتقسيم المواريث وداد منقوريوس حصلت على حكم بمساواة الرجل والمرأة بعد وفاة شقيقتها «المواريث» بين الأقباط، واحدة من أكبر الأزمات التى تسبب صداعًا للكنيسة، خاصة أنه لا توجد فى الشريعة المسيحية نصوص توضح كيفية تقسيم التركة، ما يتسبب فى حالة من الجدل، خاصة أنه فى كثير من الأحيان يلجأ الكثير من الأقباط للمحاكم، والتى تقضى بتقسيم الميراث حسب الشريعة الإسلامية، رغم أن الدستور ينص على احتكام غير المسلمين لشرائعهم الدينية، إلا أنه ما زال يتطبق قوانين المواريث رقم «25 لسنة 1944» و«1 لسنة 2000»، واللذين ينصان على أن توزع الأنصبة للذكر مثل حظ الأنثيين، طبقًا للشريعة الإسلامية، رغم وجود لائحة 1938 الخاصة بالأقباط الأرثوذكس، ما يجعلها أحكامًا غير دستورية بنص حكم محكمة استئناف القاهرة، التى قضت بالمساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث، لكنه لم يطبق فى أى محكمة مرة أخرى. كانت «مريم شنودة أديب»، قد فوجئت بصدور إعلام وراثة بعد وفاة والدها، يتضمن المستحقين للإرث، وهم والدتها وأخوتها الخمسة، ويفيد بتقسيم التركة طبقًا للشريعة الإسلامية «للذكر مثل حظ الأنثيين» بدلًا من تطبيق مبادئ المساواة بين الرجل والمرأة. جدير بالذكر، أن الشريعة المسيحية لا تتضمن أى أحكام خاصة بالمواريث، كما لم تضع الكنيسة نظامًا محددًا للميراث، إذ يتم الاعتماد على أربعة طرق عند تقسيم التركة، الأولى تقسيم التركة بالمساواة بين جميع المستحقين حال موافقة الجميع، والثانى، نظام العقد «الرضائى» حيث يتم تقسيم الميراث حسب حاجة الشخص، فالأكثر احتياجًا يحصل على النسبة الأكبر، والثالث هو «الرضوة» حيث يتم منح النساء بعض الأموال مقابل التنازل عن ميراثها ويطبق هذا النظام فى الصعيد، والرابع هو الاحتكام للشريعة الإسلامية. فيما سادت حالة من الخلاف بين الأقباط، فالبعض يستند لنصوص الكتاب المقدس التى ساوت بين الذكر والأنثى، وآخرون يعتقدون أن الإنجيل اهتم فقط بالمسائل الدينية. وقالت ميرفت النمر: «بعد وفاة والدى اعترض أخوتى الذكور على تقسيم الميراث بالتساوى بيننا، ولجأوا للمحكمة التى قضت بتقسيم التركة وفقًا للشريعة الإسلامية، كما تم تنفيذ «الوصية الواجبة» بعد وفاة أختى ليحصل أبناؤها على ثلث التركة بعد الذهاب لدار الإفتاء». وأضافت، أنها لم تعترض على الأحكام القضائية، لأن الكتاب المقدس لم يضع إطارًا لتوزيع الميراث، لأنه كتاب يهتم بالروح والحياة الأبدية، وبالتالى تخضع تلك المسألة لقوانين الدولة التى يحكمها الإسلام كنظام عام، لافتة إلى أن المساواة عرف فى المجتمع المسيحى وليست نصوص فى الكتاب المقدس. أحمد حجاب محامى أسرة «أديب شنودة»، أكد أنه لا يوجد فى المسيحية نظام لتقسيم المواريث، لكن التركة توزع إما بالتساوى حسب الاتفاق فيما بينهم، وفى هذه الحالة يصدر إعلام الوراثة طبقًا للشريعة الإسلامية لكنه يكون صوريًا ولا يعمل به، أو عن طريق عقد «رضائى» يمنح الأكثر احتياجًا النصيب الأكبر، وذلك يكون بشكل ودى بعيدًا عن المحكمة. وأضاف مينا جوزيف إسحاق، محامٍ، أن عدم تطرق الكتاب المقدس لقضايا الميراث أدى لتطبيق النظام العام للدولة وهو الشريعة الإسلامية، وهو النظام الأنسب ولا يعترض عليه أحد حال اللجوء للقضاء لأنه راعى اختلاف المسئوليات بين الرجل والمرأة، لافتًا إلى أن المسيحيين يخضعون لنظام الدولة فى الميراث بغض النظر عن مصدر التشريع. فيما روى محمد أحمد، محامى متخصص فى قضايا الأحوال الشخصية، أبعاد أخرى لمشكلة تطبيق الشريعة الإسلامية على الأقباط فى قضية أسرة «سامح صليب». وأشار إلى أنه بعد وفاة «سامح»، فوجئ أشقاؤه ال 11 بعد لجوئهم للقانون، بحرمانهم من الميراث حيث حصلت الأم على سدس التركة «فرض واجب» والأب باقى التركة «تعصيبًا» طبقًا للشريعة الإسلامية فنشبت خلافات لم تكن فى الحسبان، موضحًا أن الأشقاء لجأوا إلى «المجلس الملى» التابع للكنيسة الأرثوذكسية، إلا أن المسئولين أقنعوهم بعدم الاختلاف. وكشف عن أن الأسرة المسيحية تتفق فى أغلب الأحوال على طريقة التقسيم فيما بينهم دون اللجوء للقضاء، لكن الأخ دائمًا ما يكون سبب الاعتراض ويطلب تطبيق الشريعة الإسلامية التى تعطيه الضعف. سعيد فايز، المحامى القبطى، يرى أن القوانين الخاصة بالأقباط «معطلة»، ورغم وجود لائحة 1938، التى يحتكم إليها الأقباط إلا أن القضاء يطبق مبادئ الشريعة الإسلامية فى المواريث، وهو ما يخالف المادة الثالثة من الدستور، مشددًا على ضرورة إصدار قانون خاص بالمواريث للمسيحين للتوفيق بين النظام العام للدولة والمادة الثالثة من الدستور.
حكم استثنائى فيما حصلت « وداد منقوريوس» على حكم قضائى يقضى بالمساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث، إذ توفت شقيقتها وتركت عقارات وأموالًا، وصدر حكم من المحكمة أول درجة يقضى بتطبيق الشريعة الإسلامية لكنه عدل فى الاستئناف. وأضاف «جوزيف» نجل وداد: أن الأمور كانت مستقرة ولم يطالب أحد بالميراث حفاظًا على العلاقات الأسرية، لكن الوضع اختلف بعد ذلك، حيث لجأ الأخ المهاجر لأمريكا إلى القضاء وطلب تطبيق الشريعة الإسلامية. وأوضح: تخرجت فى كلية الحقوق، وأعرف القانون جيدًا قبل عملى الحالى واعتمدت مع المحامى على كتاب للأنبا رافائيل، خاص بأحكام المواريث فى المسيحية، حيث يرى أن الكتاب المقدس ساوى فى الميراث بين الرجل والمرأة، وهو ما استند إليه مع المحامى فى مذكرة الاستئناف. وأشار إلى أنه تواصل مع سكرتير البابا تواضروس لاعتماد الحكم فى الكنيسة وضم المواريث لقانون الأحوال الشخصية ومن المفترض أن يكون اللقاء بعد احتفالات عيد القيامة. فكرى شنودة، محامى الأسرة، الذى حصل على الحكم، قال إن القضاة لا يطبقون لائحة الأقباط الأرثوذكس رغم إقرار الدستور الجديد لها، بحجة عدم وجود قانون خاص بمواريث الأقباط فاللائحة ليست فى قوت القانون. فيما انتقد الباحث القبطى عماد توماس فى دراسة له قانون «الأحوال الشخصية «الجديد» لعدم تطرقه إلى المواريث فى المسيحية، خاصة أن المعروف أنه عند الخلاف تطبق أحكام الشريعة الإسلامية، ولأن المسيحية تؤمن بالمساواة بالكاملة بين الرجل والمرأة فيجب تحديد مواد قاطعة تفيد المساواة فى الميراث بين الرجل والمرأة. موقف الكنيسة طالب الأنبا أغاثون أسقف مغاغة، بضرورة تطبيق مبادئ الديانة المسيحية فى المواريث والتى تقضى بالمساواة بين الرجل والمرأة. وأكد أنه يشرع فى كتابة بحث عن المواريث فى المسيحية، وتقديمه للمجمع المقدس، لأن تقسيم المواريث بين المسيحيين طبقًا لديانتهم لن يزعج المسلمين فى شىء، وطبقًا للكتاب «الكل فى المسيح واحد» وأن الله ساوى بين آدم وحواء فى كل شىء، وجاء فى سفر الأعمال بالكتاب المقدس «وكان بينهم كل شىء مشترك وكل واحد يأخذ حسب احتياجه» وهو ما يحدث فى عقود الرضاء. وأشار إلى أن هناك قوانين فى الكنيسة الأرثوذكسية تساوى فى أحكام المواريث بين الرجل والمرأة، قائلًا: «يجب تقديم قانون خاص بالمواريث يطبق على المسيحى إلى جانب قانون الأحوال الشخصية» وذلك لا يتعارض مع المسلمين ولا الدستور الذى أباح احتكام المسيحيين إلى شرائعهم الدينية.
موقف الأزهر قال الدكتور سيد زايد، الأستاذ بجامعة الأزهر: «إن احتكام غير المسلمين إلى شرائعهم الدينية فى أحوالهم الشخصية طبقًا للمادة الثالثة من الدستور لا يخالف الشريعة الإسلامية، وأن الأزهر لم يعترض على المادة الثالثة أثناء مناقشة الدستور ورحب بها».