عودة الدولار للاتفاع والأسعار العالمية تغير حسابات الحكومة حول قضية الدعم لجان حكومية تدرس رفع سعر بنزين 92 ليقترب سعره من 580 قرشًا.. واتجاه آخر يطالب بتحرير السعر تدريجيًا الحفاظ على دعم السولار وبنزين 80 بهدف استقرار أسعار نقل السلع لم يكن قرار الحكومة بتخفيض حصة الخبز لحاملى الكارت الذهبى مفاجئًا، بل يأتى القرار فى إطار حملة تواصل الحكومة تطبيقها تحت مسمى «الإصلاح الاقتصادى»، ومحاولة لتوصيل الدعم إلى مستحقيه بشكل حقيقى. قد لا نختلف أن الأهداف المعلنة لهذه السياسات التى تعلن عنها الحكومة، هى أهداف سامية، ربما تحقق نموًا اقتصاديًا ومعدلات مرتفعة لجذب الاستثمارات إذا أحسن المسئولون فى هذا البلد إدارة الموارد بشكل أفضل، ولكن ما نتوقف أمامه هو إلى متى تستمر الحكومة فى تحقيق الإصلاح من جانب واحد، وإن جاز التعبير فهو «إصلاح من جيوب المواطنين»، بينما كبار المسئولين لم تقترب منهم عمليات الإصلاح، لديهم سيارات فارهة أسعارها تتجاوز الملايين وتم شراؤها من موازنة الدولة. فى داخل الحكومة يتم حاليًا الترتيب لكثير من القرارات للتعامل مع منظومة الدعم سواء فيما يتعلق بالبنرين أو السولار، وكذلك دعم الخبز ، وحسب المعلومات التى حصلنا عليها، فإن هناك لجانًا تعمل حاليًا على بحث السيناريوهات المقترحة بشأن الدعم والخفض المتوقع لدعم المواد البترولية، وطبقًا للمصادر فإن الحكومة سوف تسعى إلى أن يتم تضمين الأثر المالى الخاص بهذه القرارات التى سيتم اتخاذها فى الموازنة العامة الجديدة للعام المالى 2017/2018، والتى يتم حاليًا وضع الملامح الأخيرة لها فى وزارة المالية بالتنسيق مع عدد من الوزارات الأخرى. وتسعى الحكومة إلى تقليص حجم الدعم بالموازنة الجديدة من خلال تحريك أسعار الكهرباء والمياه والبترول والغاز، بحيث يتم تنفيذ البرنامج الاقتصادى المتفق عليه مع صندوق النقد الدولى، والذى يشمل التخارج من الدعم خلال فترة تتراوح من 3 إلى 5 سنوات، بما يحقق منظومة الإصلاح الاقتصادى. وعن السيناريوهات التى تسعى الحكومة لتطبيقها بشأن دعم المواد البترولية خلال الفترة المقبلة، قالت المصادر إن اللجان التى تم تشكيلها تدرس عدة سيناريوهات مقترحة داخل وزارتى المالية والبترول للاستقرار على الأسعار الجديدة، وأكدت المصادر أن أحد السيناريوهات المطروحة يشمل تحريرًا كاملًا لسعر بنزين 92، وذلك باعتباره الأكثر استهلاكًا من قبل السيارات الملاكى الحديثة ليصل سعره إلى 580 قرشًا مقابل 360 قرشًا حاليًا، مع الإبقاء على قدر من دعم بنزين 80 والسولار من خلال تحريك تدريجى لأسعارهما ليصل سعر اللتر 350 قرشًا مقابل 260 قرشًا حاليًا، ويتضمن هذا السيناريو تحريك سعر بنزين 95 للمرة الأولى ليقترب من 7 جنيهات للتر. وأضافت المصادر: هذا السيناريو سوف يسمح بتوجيه الدعم لمستحقيه فقط حيث سيقتصر الدعم الذى تتحمله الدولة على بنزين 80، والذى تستخدمه السيارات القديمة ووسائل النقل العامة، فضلًا عن السولار، والذى يعد دعمًا لخدمات النقل للسلع بمختلف أنواعها خاصة السلع الغذائية، وأمام كل ذلك سوف يكون هناك توازن فى معدل التضخم الذى يحدث فى الأسواق خلال الفترة الحالية. وحسب بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فقد سجل التضخم فى مصر ارتفاعًا تاريخيًا بلغ 29.6 فى المائة بنهاية يناير الماضى مدفوعًا بارتفاع أسعار معظم السلع الغذائية. وبعيدًا عن هذا السيناريو تدرس الحكومة بديلًا آخر يتضمن استمرار تقديم قدر من الدعم لبنزين 92 بحيث تكون الارتفاعات القادمة فى سعر اللتر أقل من 5 جنيهات مع استبعاد شرائح مجتمعية من ذوى الدخول المرتفعة من استحقاق الدعم، فيما يتمتع عدد آخر بنسبة دعم معقولة تناسب معدل دخولهم. كما تجرى الحكومة حاليًا حصرًا بأعداد وكلاء الوزارات والدرجات الوظيفية الأعلى بالوزارات المختلفة مع كشف كامل بمرتباتهم تمهيدًا لاستبعادهم من منظومة الدعم. ولفتت المصادر إلى أنه حتى الآن لم يتم الاستقرار على أى السيناريوهات لتطبيقها حيث تقوم الحكومة بعمل دراسات دقيقة حول الأثر المالى لكل سيناريو، مع الأخذ فى الاعتبار عدد من المؤثرات قد تغير حسابات الحكومة، وأهمها ارتفاع أسعار الدولار مرة ثانية أمام الجنيه ليقترب من 18 جنيهًا، فضلًا عن ارتفاع أسعار البترول العالمية والعجز الموجود فى موازنة الدولة حيث تستهدف الحكومة تحقيق معدل عجز يتراوح بين 9.5 و9.8 فى المائة خلال العام المالى المقبل، مقابل 10 فى المائة العام الحالى. وقدرت المصادر حجم الدعم الذى سيوجه للمواد البترولية فى الموازنة الجديدة بحوالى 80 مليار جنيه، وذلك رغم كل تلك المحاولات التى تقوم بها الحكومة حاليًا بشأن الدعم والسبب فى ذلك يرجع إلى ارتفاع الأسعار العالمية. التخطيط الحكومى للتعامل مع الدعم لم يقف فقط عن المواد البترولية بل كانت الأزمة التى دارت الأسبوع الماضى مجرد بداية للتعامل مع دعم الخبز، حيث أكدت المصادر أن قرار تنقية البطاقات التموينية وخفض حصص البطاقات الذهبية وهو القرار الذى صدر من وزارة التموين الأسبوع الماضى، يأتى فى إطار إجراءات صرف الدعم لمستحقيه فقط واستبعاد غير المستحقين، أو تسرب الدعم لأصحاب المطاعم وغيرهم وهو السبب الرئيسى فى تزايد مشكلة الدعم فى مصر على مدار السنوات الماضية. واعتبر المصدر أن مخصصات دعم السلع التموينية تزيد بشكل مستمر حيث إنه كان مخصصًا لها فى الموازنة الحالية 41.1 مليار جنيه مقابل 37.75 مليار جنيه العام المالى الماضى بزيادة 3.36 مليار جنيه عن العام المالى السابق، وكشف المصدر أن دعم السلع التموينية قد يقترب من 50 مليار جنيه العام المالى الحالى بسبب زيادات الأسعار فى العديد من السلع والخدمات. وطبقًا لبيانات حصلت عليها «الصباح» فإن عدد المستفيدين من دعم رغيف الخبر ودقيق المستودعات يبلغ نحو 82.2 مليون فرد فى حين تبلغ كميات الخبز المستحقة للمواطنين نحو 137.1 مليار رغيف سنويًا. وتشير البيانات إلى أن هناك استهدافًا لخفض الكميات بنحو 41.7 فى المائة وبالتالى فإن كميات الخبز المستهدف إنتاجها بالفعل تبلغ 80 مليار رغيف، بينما يتم توفير حوالى 57 مليار رغيف من حصة الخبز خاصة فى ظل ارتفاع أسعار القمح المستورد حيث تستهلك مصر 9.2 مليون طن قمح. وتتحمل الدولة أعباء كبيرة فى قضية الدعم خاصة أن الأمور لا تتوقف عند ذلك بل هناك دعم آخر يوجه لفئات بعينها منها دعم الفلاحين بحوالى 3.5 مليار جنيه وخاصة مزارعى القمح.