حذّر قانونيون من خطورة تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بنقل سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى القدس، واعتبروا أن تنفيذ هذه الخطوة سيكون بمثابة «شرارة انفجار للمنطقة كلها». وطالبوا أثناء مشاركتهم في ندوة نظمتها الجمعية المصرية للقانون الدولي، التي يرأسها الدكتور مفيد شهاب، باستخدام كل أدوات الضغط على إسرائيل؛ لوقف الممارسات الغير قانونية تجاه القدس، واللجوء للمحكمة الجنائية الدولية، ومجلس الأمن للتعبير عن الشرعية الدولية. وقال الدكتور مفيد شهاب، رئيس الجمعية المصرية للقانون الدولي، إن إعلان الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب أثناء حملته الانتخابية نقل سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية من تل أبيب إلى القدس ينذر بخطر شديد، ولفت إلى أن هذه القضية سبق وتم عرضها من قبل الإدارة الأمريكية عام 1995 لكنها لم تنفذ. واعتبر «شهاب» أن إقدام الرئيس الأمريكي الجديد على تنفيذ تلك الخطوة، وتجاهله التحذيرات العربية والعالمية، وتحذيرات السياسيين والحكماء، وضربه بها عرض الحائط، سيكون نذير خطر على العلاقات العربية الإسلامية الأمريكية من ناحية، وعلى أمن المنطقة كلها من ناحية أخرى. وحذر «شهاب» من أن نقل سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية في إسرائيل إلى مدينة القدس سيكون «شرارة انفجار للمنطقة كلها»، مرجعًا السبب إلى ما تمثله مدينة القدس من وضع خاص لدى المسلمين والمسيحيين واليهود، بفضل ما بها من أماكن مقدسة هامة. وطالب رئيس الجمعية المصرية للقانون الدولي، بتناول هذه القضية باهتمام كبير، وأخذها بعين الجد والاعتبار. وأكد «شهاب» أن استقرار الوضع القانوني لمدينة القدس لا يمكن أن يتم بالمخالفة لقواعد الشرعية الدولية، مشيرًا إلى أن الاتفاقيات التي تم إبرامها بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وجميع قرارات مجلس الأمن، والجمعية العامة للأمم المتحدة منذ صدور قرار التقسيم عام 1947، نصت على أن القدس سيكون لها وضع دولي يتفق الأطراف عليه فيما بعد، باعتبار ملف مدينة القدس «أمر مرجأ». ولفت الدكتور مفيد شهاب إلى أن هذا الأمر ظل أمرًا مستقرًا في ظل أحداث متتالية منها عدوان عامى 1967، 1956، ثم حرب عام 1973، ثم مفاوضات أوسلو عام 1993، منبهًا إلى أنه «كان دائمًا أبدًا عندما تعتدي إسرائيل على بعض الأراضي في مدينة القدسالشرقية، يتم إصدار قرارًا فوريًا من مجلس الأمن بالإجماع، بمخالفة ذلك لقواعد الشرعية الدولية، ورفض ترتب أي أثر على مثل هذه الاعتداءات». وذكر مفيد شهاب أن هناك العديد من قرارات مجلس الأمن التي تدين كافة المحاولات التي قامت بها إسرائيل لنزع ومصادرة أراضي الفلسطينيين، أو بناء وحدات سكنية في القدسالشرقية، منوهًا إلى أن «تلك القرارات أوضحت أنه من المسلم به أن الوضع النهائي لمدينة القدس لا يمكن أن يتحدد أبدا بقرارات فردية من إسرائيل». وأكد «شهاب» أن القدسالشرقية أرض محتلة شأنها في ذلك شأن أرض سيناء بعد حرب 1967، والجولان، وجنوب لبنان، والضفة الغربية، مشددًا على أن ملفات الأممالمتحدة تتعامل مع مدينة القدس منذ عدوان 1967 باعتبارها أرض محتلة يسري عليها كل ما يسري على الأراضي المحتلة، بمعنى أن الدولة التي تديرها لا يجوز لها أن تغير من معالمها، ولا تحدد وضعها النهائي، مع الالتزام فقط بتسيير الأمور العادية للشعب، وضمان حسن سير المرافق، وأمن المواطنين. وأشار الدكتور مفيد شهاب إلى أن قيام الكنيست الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، بالموافقة على بناء 500 وحدة سكنية في القدسالشرقية، وبناء 2500 وحدة سكنية في الأراضي المستوطنة بالضفة الغربية، مخالف لقواعد القانون الدولي، وكل قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن. ونبه «شهاب» أن الولاياتالمتحدةالأمريكية أعلنت عام 1995 اعتزامها نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، ثم أرجأت القرار، خوفًا من أن التنفيذ سيؤدي إلى انفجار المنطقة. وحذر «شهاب» من أن أمريكا إذا نفذت تهديدها ونقلت سفارتها إلى القدس، قد تلهث عشرات الدول لتقليد الولاياتالمتحدة، واتخاذ نفس الخطوة، مشيرًا إلى أن إسرائيل لها علاقات دبلوماسية مع 86 دولة «لم تجرأ أي منهم من قبل على نقل سفارتها إلى القدس»، وأردف: «سنجد أنفسنا نحن العرب، وفي ظل الانقسام العربي الذي يزداد يومًا بعد يوم، وفي ظل الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، عاجزين عن التحرك». وطالب بضرورة التفكير من الآن كدول وشعوب في ردود فعل قوية، حتى تعدل الولاياتالمتحدةالأمريكية عن تنفيذ تهديدها. وقال «شهاب» إن «القضية الفلسطينية قضية مصر رغم كل المزايدات التي تقال عن الموقف المصري»، ورأى أنه «لا أحد تحمل مثل مصر في الدفاع عن القضية الفلسطينية»، معتبرًا أنها قضية مصرية من الأساس، من منطلق أن أمن فلسطين هو أمن مصر. وحذر رئيس جمعية القانون الدولي من أن «قرار نقل السفارة يعطي ضربة عنيفة للدول العربية والإسلامية بأكملها، ومسيرة السلام في المنطقة، مطالبًا الإدارة الأمريكية الجديدة أن تبتعد عن هذه الخطوة، والعمل على تحسين علاقتها بمصر، لتعويض ما قامت به الإدارات الأمريكية السابقة من الانحياز ضدها. ونبه «شهاب» أنه رغم وجود مؤشرات جيدة في تعامل الإدارة الأمريكية الجديدة مع قضية مكافحة الإرهاب، إلا أنه يجب أن نتحوط لبعض المؤشرات الغير مبشرة بالخير من جانبها، فيما يتعلق تحديدًا بالنظرة للإسلام، والإسلام السياسي، والمهاجرين من البلاد العربية، وإيران«. وأشار «شهاب» إلى أن دونالد ترامب اتخذ بالفعل إجراءات لمنع مواطني ست دول عربية، بجانب إيران من الدخول للولايات المتحدةالأمريكية، مضيفًا: «الأخطر شروعه في إقامة جدار عازل بين أمريكا والمكسيك لمنع الهجرة الغير شرعية، بشكل لا يتناسب أبدًا مع توجهات ورغبة كل دول العالم الآن بإزالة الحدود تدريجيًا فيما بينها، باعتبار العالم ينتمي لقرية كونيه واحدة». وقال الدكتور مفيد شهاب إن العقاب يجب أن يكون فقط لمن يقوم بارتكاب جرائم، أو يشرع في الدخول للولايات المتحدة بشكل غير شرعي، مؤكدا أن التعميم على المسلمين عامة، ومنع جنسيات ست دول من الدخول لأمريكا أمر غير مناسب، وأعرب عن تعجبه من أن الدولة التي أصدرت القرار ترفع شعار الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. من جانبه، طالب الدكتور مصطفى فؤاد، رئيس قسم القانون الدولي بجامعة طنطا، باستخدام «كل كروت الضغط على الرأى العام العالمي، والضغط على إسرائيل لوقف الممارسات غير القانونية تجاه القدس، بما في ذلك اللجوء للمحكمة الجنائية الدولية، ومجلس الأمن للتعبير عن الشرعية الدولية. وأوضح «فؤاد»، خلال الندوة التي نظمتها جمعية القانون الدولي، أن كل القرارات التي كانت تصدر عن مجلس الأمن منذ عام 1948 كانت قرارات تقف في وجه إسرائيل، وتابع: «إلا أنه بعد عام 1990 لم يعد مجلس الأمن يصدر مثل هذه القرارات رغم استمرار إسرائيل في ممارساتها غير القانونية»، واعتبر أن السبب في ذلك يرجع إلى أن «مصر وحدها هي من تتحمل هم القضية الفلسطينية، في ظل عدم تحرك العرب، والانقسام الفلسطيني الفلسطيني».