رجل أعمال ووزير ورئيس مجلس وزراء سابقان يديرون الأزمة لصالح المستوردين إحجام موردى القمح عن المشاركة فى المناقصات التى تطرحها الهيئة العامة للسلع التموينية.. و«التموين» تلغى 3 مناقصات فى أسبوع موردو القمح فى العالم يرفعون شعار: استيراد «قمح بالإرجوت» مقابل تصدير الخضار والفاكهة «حرب تجارية» جديدة بدأت على مصر، فأمريكا تصدر من جانب تقريرًا عن عدم صلاحية بعض الصادرات المصرية من المنتجات الزراعية، وروسيا تلمح بوقف صادرات الفواكه وبعض المحاصيل الزراعية المصرية وخسارة أكثر من 400 مليون دولار، وذلك بعد قرار اتخذه بشكل مفاجئ الدكتور عصام فايد وزير الزراعة لوقف استيراد أى كميات من القمح تحتوى على نسبة من فطر الإرجوت والتى تستورد بها مصر القمح بنسبة 0.5 فى المائة، إلا أن القرار تم التراجع عنه بشكل مفاجئ، وهو ما يشير إلى ضغوطات تمت مارستها من مافيا التجار ضد القرار. العديد من التساؤلات تطرحها الأزمة الحالية، أولها دور المستوردون فى اختلاق الأزمة الحالية؟، وأسباب صدور قرار وزير الزراعة رقم 1117 سنة 2016 بالسماح باستيراد قمح بنسبة معينة من الإرجوت، ثم التراجع عنه بقرار آخر تواكبًا مع استقالة وزير التموين خالد حنفى؟ ثم التراجع عنه من جديد، وهل شحنات القمح التى دخلت مصر خلال السنوات الماضية كانت خالية من «الإرجوت» بنسبة 100 فى المائة؟، وماذا عن أزمة الفراولة المصرية فى أمريكا؟، وتقرير منظمة الغذاء الأمريكية؟، وهل إجراءات الحكومة المصرية تجاه هذه القرارات الخارجية مناسبة؟. عشرات التساؤلات تجيب عنها «الصباح»، والبداية مع المستوردين، حيث كشفت مصادر مسؤولة، عن أن بعض مستوردى القمح وبعض المصدرين للخضراوات والفواكه للسوق الروسية مارسوا ضغوطًا شديدة لإجبار الحكومة على القبول بنسبة 0.5 فى المائة من فطر الإرجوت فى القمح المستورد بالرغم من أن الفطر غير مسجل فى مصر، بالإضافة إلى أن الحجر الزراعى المصرى يمنع استيراد هذا الفطر. وأشارت المصادر، إلى أن مافيا القمح التى تدار برئاسة رجل أعمال معروف، ووزير سابق، ورئيس مجلس وزراء سابق أيضًا، تدير الأزمة بالاتفاق مع المُصدرين الروس، مؤكدًا أن هؤلاء الثلاثى هم الذين يديرون حاليًا ملفين: الأول كيفية حماية وزير سابق من «الكلابشات»، والثانى الضغط على مصر بالاتفاق مع سماسرة تصدير القمح الروسى إلى مصر لإلغاء قرار وزير الزراعة الأخير بالحظر، وهو ما تم بالفعل. وأوضح المصدر أن روسيا لن تستغنى عن السوق المصرية فى تصدير حصتها السنوية من القمح، من مناطق غير مصابة أو موبوءة بالإرجوت، بينما تستطيع سد الفجوة التى تحتلها الحاصلات الزراعية المصرية، سواء من الخضراوات أو الفواكه، خاصة من تركيا. وقال مصدر مسئول بوزارة التموين، إن المستوردين يصرون على استيراد قمح بالإرجوت لأن الطن يقل سعره عن الطن بدون إرجوت 16 دولارًا، وهو ما يخدم بالتبعية وزارة التموين فى تقليل فاتورة استيراد القمح السنوية والتى وصلت إلى 22 مليار جنيه. وقال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الزراعة بجامعة القاهرة، إن احتجاج روسيا على رفض مصر لشحنات قمحها المصاب بالإرجوت ومن قبلها أمريكا كلها تداعيات لإقناع خالد حنفى لوزير الزراعة ورئيس الوزراء لقبول قمح الإرجوت وصدور القرار فعلًا، مضيفًا «هذا الرجل كان يفضل صالح التجار حتى على صالح الوطن سواء خارجيًا أو نهبًا للمال العام داخليًا، والنتيجة وقف روسيا لاستيراد السلع الزراعية من مصر حتى نسمح بدخول الإرجوت مرة أخرى». تداعيات هذه الأزمة، ظهرت بصورة كبيرة فى إحجام موردى القمح عن المشاركة فى المناقصات التى تطرحها الهيئة العامة للسلع التموينية، بعد تغيير مواصفات استيراد القمح، حيث ألغت الهيئة العامة للسلع التموينية، الاثنين الماضى المناقصة التى طرحتها من أجل استيراد القمح، وذلك للمرة الثالثة على التوالى لعدم تقدم الشركات بأى عروض حسب المواصفات الجديدة. وكانت الهيئة الفيدرالية الروسية للرقابة البيطرية والصحة النباتية الجمعة 16 سبتمبر 2016، أوضحت أن موسكو ستوقف مؤقتاً واردات الفاكهة والخضراوات من مصر اعتباراً من 22 سبتمبر، وذلك بعد ساعات من رفض مفتشى الحجر المصريين شحنة قمح روسى يبلغ حجمها 60 ألف طن بسبب مشاكل تتعلق بسياسة القاهرة الخاصة بفطر الإرجوت. وقال مصدر مطلع بوزارة الزراعة، إن الفترة المقبلة سيتم تحميل وزير الزراعة الدكتور عصام فايد تبعات قراراته الخاصة باستيراد القمح بصورة كاملة، وأنه ستتم الإطاحة به من وزارة الزراعة، موضحًا أن القرار الثانى الذى يمكن صدوره باحتمالية كبيرة هو إلغاء القرار الخاص بالحظر، والسماح بدخول قمح بالإرجوت، وهو ما تم بالفعل. وكشف تقرير رسمى صادر عن الإدارة المركزية للحجر الزراعى، عن طفرة غير مسبوقة فى الصادرات الزراعية المصرية إلى روسيا خلال الموسم الحالى، حيث بلغ إجمالى كميات الموالح المصدرة إليها هذا العام حوالى 307 آلاف و551 طنًا، وهو ما يشكل نسبة تزيد عن 21 فى المائة من إجمالى كميات الموالح المصدرة إلى باقى دول العالم. وأكد الوزير، أن هناك وثائق رسمية نشرت على موقع هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، كشفت عن عدم صحة ما يتم تداوله، بإصدار تقارير بمنع عدد من المنتجات المصرية من الدخول إلى أمريكا، لافتًا إلى أن تلك الوثائق أشارت إلى أن هذه المنتجات ممنوعة من 2009 و2010 و2014، ولم تصدر أى قرارات بمنع أى منتج مصرى فى العامين الأخيرين. وأوضح «فايد»، أنه بحسب الوثائق المنشورة على الموقع الالكترونى للهيئة، سبب نشر التقارير هو إعادة النظر فى تحذيرات استيراد تلك الأنواع، مشيرة إلى أن بعض التقارير يتم إعادة تقييمها ونشرها كدليل للعاملين فى حالة وجود بعض الفطريات المسببة للتسمم فى منتجات غذائية لبعض الدول، كما كان الحال فى وجود فطر السالمونيلا المسبب للتسمم فى منتجات غذائية صينية، حيث يشمل التقرير إعادة مراجعة لعشرات الشركات فى مختلف الدول والتى من بينها مصر. وأعلن مجلس الوزراء فى مؤتمر صحفى الأربعاء الماضى، التراجع عن قرار حظر استيراد القمح مصاب بأى نسبة من فطر «الإرجوت»، كاشفًا على لسان وزير الصحة أحمد عماد الدين، عن أن هناك 131 شحنة قمح مصابة بالفطر دخلت مصر منذ 2011 بنسبة 42 فى المائة من عدد شحنات بلغ 313 شحنة، وذلك رغم تأكيدات الحكومة نفسها بعدم دخول كيلو قمح مصاب بالإرجوت. بينما قال وزير الزراعة عصام فايد، إنه تقرر إجراء المعالجات للقمح الخام عقب استيراده للتأكد من خلوها من فطر الإرجوت قبل طحنها فى المطاحن، مشيرًا إلى أنه تقرر العمل بالمواصفة المصرية 2010 على الشحنات المتعاقد عليها والمستقبلية، كما تم الموافقة على التعاقد مع شركة عالمية متخصصة لفحص القمح المستورد وفقًا للمواصفات المصرية المعتمدة والمعمول بها فى 187 دولة على مستوى العالم وذلك بديلًا للجنة الثلاثية المعمول بها حاليًا.