الوزير يفاجئ المستثمرين بشروط جديدة فى المرحلة الأخيرة من بدء التنفيذ وانسحابات جماعية من المشروع على الرغم من التأكيد الدائم للحكومة والرئيس عبدالفتاح السيسى، على دعمهم الدائم للاستثمار وتشجيعهم على تهيئة المناخ لجذب المزيد من رجال الأعمال للسوق المصرية، إلا أن وقائع انسحاب عدد من المستثمرين من تنفيذ بعض المشروعات القومية، التى تم توقيع الاتفاقيات المبدئية بشأنها، يكشف أن هناك مشكلة تواجه دفع عجلة الاستثمار فى مصر، وتكشف «الصباح» فى هذه السطور، أسباب تلك الأزمة التى تواجه المستثمرين فى قطاع الكهرباء، وكواليس اجتماعهم مع الوزير، المهندس محمد شاكر، وأسباب انسحابهم من المشروعات. وكان الرئيس عبدالفتاح السيسى أعلن خلال المؤتمر الاقتصادى الذى انعقد فى مارس 2014، عن خُطة الدولة فى مشروعات قومية عملاقة فى مجال الطاقة الشمسية والاستفادة من قدرات وإمكانيات مصر فى تلك المجالات، لتعلن وزارة الكهرباء فى أغسطس من نفس العام عن طرح مشروعات بقدرة 4000 ميجاوات رياح وشمس، ويتم تنفيذها عبر نظام تعريفة شراء الطاقة المتجددة، وتأهل لها 136 مستثمرًا عالميًا ومحليًا، على أن تقوم وزارة الكهرباء بشراء الطاقة المنتَجة من المشروع، بسعر 102 قرش للكيلوات/شمس، و83 قرشًا للرياح. وعقب المؤتمر الاقتصادى وقعت هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة 56 اتفاقية مبدئية مع شركات عالمية لبناء محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وخصصت الحكومة المصرى حوالى 8 كيلو مترات من الأرض لتلك المشروعات، وبلغ إجمالى الاستثمارات فى تلك المشروعات 13.5 مليار دولار تقريبًا لترفع من حصتها فى الطاقة المتولدة من المصادر المتجددة إلى 20فى المائة بحلول عام 2022. وبحسب مصادر بشركات الكهرباء التى حضر ممثلوها، اجتماعًا مع وزير الكهرباء والطاقة الجديدة والمتجددة، الأسبوع الماضى، فإن شاكر عرض شروطًا اعتبرها المستثمرون مجحفة وقابلوها بالرفض التام، وشهد الاجتماع شدًا وجذبًا بين الوزير والمستثمرين مما دفع أحدهم إلى إعلان انسحابه من المشروع، وكان رد الوزير عليه «اللى مش عاجبه عندى البديل». أحد المستثمرين الذين حضروا اللقاء مع الوزير، رفض الإفصاح عن اسمه أوضح ل«الصباح» أن أبرز الشروط التى عرضها الوزير تتضمن ضخ استثمارات بالدولار وشراء الحكومة للكهرباء المنتجة بالجنيه المصرى، بالإضافة إلى منع التمويل المحلى للمشروعات وألا يقل التمويل الخارجى عن 85 فى المائة على الأقل من إجمالى الاستثمارات، ومنع المستثمر من اللجوء للتحكيم الدولى إضافة إلى تعقيدات أخرى تخص تعنت الحكومة فى عملية تحديد تعريفة شراء الكهرباء من المستثمرين. وبلغ عدد المستثمرين المنسحبين من المشروع القومى للطاقة الشمسية حوالى 4 شركات عالمية تتصدرها شركة «كايرو سولار للطاقة الشمسية»، وشركة «ديزرت تكنولوجى»، و سولار شم»، «إينل الإيطالية»، و«عبداللطيف جميل السعودية» محمد توفيق صاحب شركة «جرين العالمية» المتخصصة فى إنتاج الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية قال ل«الصباح» إن الحكومة تتعمد تعقيد المستثمرين وتعطيل كل مشروعات الطاقة الشمسية حتى أصبح المشروع القومى للطاقة الجديدة فى الهواء بعد انسحاب المستثمرين من المشروع «قائلًا، مفيش واحد أهبل هيستثمر فى مصر بالشكل دا». وطالب توفيق الحكومة باحترام المستثمرين والالتزام بوعودها معهم خاصة بعد إعلان العديد من المستثمرين الانسحاب من المشروع، وهو ما يؤدى إلى خسارة مصر ما يقرب من 6 مليارات دولار استثمارات أجنبية مباشرة تعتبر مصر فى أمس الحاجة إليها فى المرحلة الراهنة. وقال توفيق: «وزير الكهرباء فاجأ المستثمرين بانخفاض تكلفة تسعيرة الكهرباء الناتجة من الطاقة الشمسية بنحو 50 فى المائة من 14 سنتًا إلى 7 سنتات تقريبًا للكيلو وات نهاية الأسبوع الماضى، وهذا يمثل كارثة على المستثمرين الذين تعاقدوا مع الحكومة بالتسعيرة الأولى، كما يعتبر ذلك أكبر إخلال للحكومة بشروط تعاقداتها مع المستثمرين وهذا يدمر الاستثمار». وأوضح توفيق بأن مشروع الحكومة القومى لم يعد له أى بوادر إيجابية على أرض الواقع سوى محطة واحدة نفذتها القوات المسلحة فى الفرافرة بقدرة 5 ميجا وات ولم تنتج سوى 1 ميجا وات فقط. كما أكد توفيق بأنه كان من المفترض وفقًا لترتيبات الحكومة منذ صدور قانون تعريفة تسعير الكهرباء قبل 3 سنوات أن تكون أنتجت 100 ميجا وات إلا أنها لم تنتج سوى 4 ميجا وات فعليًا فقط، بسبب عدم وضوح رؤية الحكومة وانشغال مسئولى وزارة الكهرباء بتعقيد مصالح المستثمرين. من جانبه قال رئيس شركة «كايرو سولار للطاقة الشمسية»، رجل الأعمال هشام توفيق، بأنه أعلن انسحابه فعليًا من مشروع الطاقة الشمسية، وأن الفترة المقبل بوضعها الحالى تنذر بمزيد من الانسحابات من تلك المشروعات، وبالتالى عزوف المستثمرين عن دخول السوق المصرية، خاصة أن هناك العديد من الشركات تبحث طرقًا مناسبة للخروج من السوق المصرية. وأضاف هشام: «الحكومة كل همها التعريفة وليس نجاح المشروعات، والمستثمرون عرضوا إمكانية تخفيض التعريفة مقابل السماح بالتحكيم الدولى، وهو ما لم تناقشه الوزارة فى الوقت الذى يعلن فيه الوزير أن المرحلة الثانية ستشهد خفض التعريفة والسماح بالتحكيم الدولى». وتأهل تحالف كايروسولار الذى يضم شركات جماعة المهندسين الاستشاريين ECG وAMC للكهرباء ضمن 136 شركة مصرية وعالمية لتنفيذ مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة، وفقًا لتعريفة التغذية التى أقرها مجلس الوزراء من أصل 187 عرضًا تم تقديمها. وفى نفس السياق قال رئيس «ديزرت تكنولوجى» محمد ضلعى، إحدى الشركات المتأهلة لمشروعات الطاقة، إن بعض الشركات لديها القدرة على تمويل مشروعاتها، لكن الإصرار على بند التحكيم المحلى، وزيادة المخاطر، وتذبذب سعر الدولار، تسبب فى إحجامهم عن الاستثمار فى مصر، مشيرًا بأن غياب الشفافية، و تأخر العقود أفقد المستثمر الثقة فى الحكومة. فى سياق متصل، اعترف رئيس هيئة الطاقة الجديدة الدكتور محمد السبكى بالأزمة الحالية مؤكدًا بأنه سيعقد اجتماعات مع المستثمرين عقب انتهاء إجازة عيد الأضحى لبحث أسباب انسحابهم من السوق المصرية. وقال إن الهيئة لاتسعى لتعقيد الإجراءات لدى المستثمرين، وأن من يرغب فى الخروج من السوق سيسترد قيمة استثماراته، كما سيتم العمل على منع مزيد من الانسحابات من المستثمرين، مشيرًا بأن هناك الكثير من المستثمرين مستمرون فى إتمام مشروعاتهم، وهو أمر يؤكد جاذبية السوق المصرية، وأن الحكومة تسعى لحل ما يواجههم من أزمات. مصدر مسئول بالبنك التجارى الدولى «CIB» والذى يعتبر من كبار الممولين للمشروعات الكبرى فى مصر، قال إن نحو 4 مستثمرين انسحبوا من عمليات التمويل التى كان البنك يخطط البنك لإقراضهم لإقامة مشروعات طاقة عملاقة فى مصر. وأعتبر المصدر فى تصريحات ل«الصباح» بأن هذا الانسحاب يهدد مستقبل الاستثمار فى مصر، مشيرًا إلى أن البنك تلقى أكثر من اتصال من مستثمرين كبار طلبوا إعفاءهم من عمليات التمويل بعد اجتماعهم الأخير مع وزير الكهرباء، وأن عدد المستثمرين الذين سينسحبون من المشروع ويرفضون التمويل قد يصل إلى 12 مستثمرًا.