«يعقوب» اختار تركيب السيراميك ليتزوج مبكرًا.. و«مسعد أنور» كفتجى ثم «دعوجى» «الحوينى» بدأ حياته بائع توتيا زرقاء.. و«حسان» مقاول يرمم المساجد والعقارات فراويلة: برهامى كان مشرفًا على «فرش» يسترزق منه عبدالمقصود وجبريل ولطفى عرش الدعوة إلى الله تتربع أسماء كثيرة، بعضها زهد فى الحياة، والبعض الآخر اختار أن يكون الدين طريقه إلى دنيا الجاه والثراء، وما بين هذا وذاك، يظل أصحاب اللحى الحمراء والجلباب الأبيض من أبناء التيار السلفى أكثر دعاة الدين إثارة للجدل. وربما لن نتطرق هنا إلى فتواهم التى انحصرت فى المرأة والجنس والاقتتال، ولا إلى تطرف الكثير منهم ودعواهم لبغض وكراهية الآخر، ولا عن الأفكار المسمومة التى تناقلوها من الأحاديث الضعيفة، وألقوا بها داخل عقول الشباب، ولا عن سيطرتهم على الخطاب الدينى وفشل مؤسسات الدولة من التعامل معهم واستعادة الخطاب الوسطى للإسلام. كما لن نتطرق إلى علاقاتهم المشبوهة بدول غربية وعقدهم لقاءات مع مسئولى تلك الدول، والتى كان من ضمنها لقاء مع حاخامات يهود واستقبال مسئولين من السفارة الأمريكية والبريطانية. كما لن نذكر كيف تسللوا إلى الدول العربية مثل السعودية والكويت وقطر ونهبوا من ثرواتها وفق بنود عقد غير مكتوبة تنص على اتباع مذاهب تلك الدول ونشرها فى مصر مقابل حفنة من الريالات والدراهم. وبالعودة إلى التاريخ القريب، وعبر إلقاء الضوء على قصص وحكايات صعود مشاهيرالسلفيين، وكيف انتقلوا من مساكنهم البسيطة التى لا تتعدى أفخمها الحجرتين، إلى أرقى الأحياء وأبهى القصور، وكيف لعبت الأقدار دورًا فى تحويل جيل بأكمله منهم من منافسة فقراء هذا البلد فى الحصول على لقمة العيش، إلى منافسة نجوم السياسة والمال فى جمع الملايين والعيش فى قصور التجمع والسادس من أكتوبر. فليس مقصودًا من عرضنا هذا أن نقلل من قيمة العمل أو الانتقاص من أى مهنة وإنما هو مجرد التدبر فى الصدف التى وحدت من ظروف الأسماء التى سنطرحها وكيف حولتهم من أبناء طبقة متوسطة أو فقيرة إلى مليونيرات، وكيف لعبت «التجارة بالدين» دورًا فى حياة هؤلاء. بياع توتيا وسواق تاكسى.. ثم محدِّث العصر لم تكن بداية الشيخ أبى إسحاق الحوينى سهلة، حيث كان ينتمى لأسرة متوسطة الحال بكفر الشيخ، وجميع أفراد عائلته كانوا يعملون بالزراعة، تلك المهنة التى رفض الحوينى أن يقتل طموحه فيها إلى أن وصل للمرحلة الجامعية توجه إلى القاهرة ليكمل دراسته بكلية الألسن، ولا ينكر أحد تفوق الشاب محمد حجازى - الاسم الحقيقى للشيخ الحوينى- الذى عمل فى تلك الأثناء «بقال»، قبل أن يلاحظ تقرب الناس من رجال الدين والاستماع إليهم دون تعقيب وتنفيذ ما يأمرون به، وهو الدور الذى وجده الحوينى مناسبًا له، ليقرر بعدها التعمق فى الدين، وخلال تلك الفترة تعرف على القيادى بالدعوة السلفية إبراهيم أباظة ليعمل معه فى تجارة «التوتيا الزرقا» حيث كانوا يوزعونها على المحلات، وكان وقتها الحوينى قد اكتسب خبرة فى البيع والشراء، حتى شاءت الظروف أن يسافر الحوينى إلى الإسكندرية، وهناك عمل سائق تاكسى بعد أن وفرت له الدعوة السلفية سيارة مستعملة، فى حين استمرت تجارته فى التوتيا الزرقا بصحبة إبراهيم أباظة، وكانت تدر دخلًا وفيرًا عليهما لاستخدامها علاجًا للعيون، ليتخصص بعدها الحوينى فى أمور الشرع ويصبح بين ليلة وضحاها «محدث العصر والأعلم بعلم الحديث» بعد أن استغل لقاءه بالشيخ الألبانى مرتين، إحداهما كانت فى موسم الحج، ليستخدمها قناعًا يدعى من خلاله الإمامة، ويتحول الفتى القروى إلى أغنى أغنياء التيار السلفى، حيث يملك أكبر مزرعة بكفر الشيخ، بعيدًا عن تجارة السيارات التى يعمل بها نجله الأكبر، والتى ربما يكون عمل والده السابق كسائق لعب دورًا فيها، هذا بجانب الملايين التى يحصل عليها خلال محاضراته التى يلقيها بدولة قطر على مدار العام، بجانب السعودية الممولة الأم للتيار السلفى فى مصر. مليونير بدرجة مقاول لم تكن حياة الشيخ محمد حسان أوفر حظًا من الشيخ الحوينى، فهو أيضًا نشأ فى بيئة فقيرة حيث تولى تربيته جده لأمه، وبينما يعلم الكثيرون أن حسان نجح فى حفظ القرآن وإلقاء الدروس بالمساجد، وهو فى سن صغيرة، إلا أنه لم يجن كثيرًا من الأموال بهذا العمل، حتى التحق بأحد المساجد بالسويس، ولم يكن يلقى بالمسجد دروسًا دينية فقط، بل كون حسان خلال تلك الفترة فريق عمل تخصص فى أعمال «المقاولات» حيث كانوا يتولون مسئولية ترميم المساجد، ومع تعدد علاقاته بالمصلين كان يحصل على عمليات مقاولات، ويتولى تشطيب شقق وأتقن أعمال الكهرباء والمحارة والنجارة وغيرها، حتى ذاع صيته بين أهالى السويس وسمع به رجال أعمال بالتيار السلفى، وسعوا لضمه إليهم، ومن هنا تحولت حياة حسان من «مقاول» حاصل على بكالوريوس إعلام إلى داعية تتخطى ثروته ملايين الجنيهات، وقام رجال الأعمال السلفيون بعمل شرائط كاسيت لحسان- حيث شهدت تلك الفترة انتشار شرائط كاسيت دعوية لعدد من الشيوخ المغمورين من أبناء التيار السلفى- ولم يكن يتقاضى حينها أموالًا، ومع الوقت وبعد أن اشتهر طلب الحصول على أموال مقابل شرائطه، ودخل فى صدام مع عدد من أصحاب شركات الكاسيت لارتفاع المبلغ المطلوب باستمرار ودخل فى منازعات قضائية، حتى نال الرضا الخليجى وبدأت مرحلة الثروة الطائلة تطرق أبوابه. عامل محارة و10 زوجات رغم أن ظروفه كانت أفضل من الحوينى وحسان إلا أن هذا لم يمنع الشيخ يعقوب أحد أشهر نجوم السلفية من العمل فى بداية حياته كعامل محارة وسيراميك حيث أثر زواجه « الأول» وهو فى سن صغيرة حيث لم يكن قد أكمل عامه العشرين بعد، فى زيادة المسئوليات على عاتقه حتى أنه حصل على دبلوم المعلمين بصعوبة. ومارس عمله بالمحارة والسيراميك فى منطقة مصر القديمة، وذلك قبل زواجه لكى يستطيع تجهيز تكاليف الزواج، ليستمر بنفس المهنة بعد الزواج، حتى سافر إلى السعودية ثم عاد منها، وقد قرر العمل بالدعوة، رغم أنه سافر كعامل محارة، ولأنه لم يكن نبيها أو متفوقًا عمل سكرتيرًا بمركز معلومات السنة المحمدية، وعبر المركز استطاع إقامة علاقات جيدة برجال التيار السلفى، ممن ساعدوه على عمل شرائط كاسيت دعوية، ومع الوقت اشتهر هو الآخر، وانطلق فى العمل الدعوى حتى وقتنا هذا، وما بين السعودية وشرائط الكاسيت والبرامج التليفزيونية، كون يعقوب ثروته حيث إن التجارة بالدين درت عليه ملايين الجنيهات مما جعله يتزوج أكثر من عشر مرات ويقطن بفيلا كبيرة مكونة من أربعة أدوار تجمع كل زوجاته. كباب وشيش.. وشاشة ربما نال الشيخ مسعد أنور أحد أهم شيوخ التيار السلفى ومقدم البرامج الدينية على شاشة قناة الرحمة شهرة واسعة بعد أن ألقى القبض عليه نتيجة لهجومه على الرئيس عبدالفتاح السيسى، الأمر الذى وضعه فى صفاف الأبطال بالنسبة لأبناء التيارات الدينية، رغم أنه لم يكن ينال شهرة كبيرة قبل هذا الحادث، لذلك لم يكن يعلم أحد أن الشيخ العلامة قبل أن يتحول إلى داعية على يد معدى برامج قناة الرحمة والقنوات الدينية غير معروفة الهوية، كان من أكبر صانعى الوجبات الجاهزة، وفقًا لشهادة الداعية السلفى محمد الأباصيرى، الذى أكد أنه تعجب بعد حصول مسعد على لقب داعية إسلامى وهو لا يفقه فى الدين شيئًا حيث كانت حياته مغلقة على عمله بأحد محلات الكباب والكفتة «عامل شيش»، قبل أن يتعرف - نتيجة عمله - على عدد من شيوخ التيار السلفى المغمورين ممن أقنعوه أنه يمتلك الكاريزما التى تؤهله للعمل الدعوى خاصة بالقنوات الفضائية، كما أنه يمتلك للباقة التى تجعله مقنعًا على الشاشة، ليتحول بائع الكفتة إلى داعية ومن ثم مناضل سياسى ودينى. ورغم أن تلك الأسماء هى من أشهر نجوم الدعوة مؤخرًا إلا أن هناك العديد ممن كانت بدايتهم متشابهة، كما أكد لنا عضو الجماعة الإسلامية المنشق ياسر فراويلة، حيث قال إن أغلب بدايات شيوخ التيار السلفى كانت من العدم ولكن باستغلال الدين حققوا مليارات لا تعد ولا تحصى، بجانب مراكز اجتماعية مرموقة وتواجد شعبى قائم على باطل. وأضاف فراويلة أنه يتذكر حين كان خطيبًا بمسجد الصالحين بالإسكندرية أثناء عضويته بالجماعة الإسلامية، وكان يرى الحوينى يعمل سائقًا، بينما لا يفقه محمد حسين يعقوب شيئًا سوى أعمال المحارة، هذا بخلاف تربيطات محمد حسان للحصول على عمليات مقاولات لعقارات من أبوابها وتحصيله الأموال من ترميم المساجد، مضيفًا «لقد كنا شاهدين على تلك المرحلة التى لا يذكرها مليارديرات التيار السلفى الآن». وأشار إلى أن تلك الأسماء ليست وحدها، فقد كان أمام كل مسجد بالإسكندرية -خاصة مسجد المعز بمنطقة محرم بك-، مشروعا يعمل به نجوم السلفية الآن، وهو عبارة عن « فرش» خضار وكتيبات دينية وبخور كان يشرف عليه الشيخ ياسر برهامى، بينما كانت تقدم لفقراء التيار السلفى، ومنهم محمود لطفى ومحمد عبد المقصود ومحمد حسين يعقوب وأحمد جبريل، وكانوا مقابل هذا يشتتون أى داعية ينتمى لتيار آخر، فى حال فشلوا فى ضمه، حتى أنهم تعدوا عليا بالضرب بحضور برهامى أثناء إلقائى درس دينى بمسجد الصالحين لإرهابى وإبعادى عن المسجد.