1-حراس مسجد تقاتلوا على حمل حذاء الشيخ حسان 2-برهامى يفرق بين المرء وزوجه حسب المزاج وعلى التابعين السمع والطاعة 3-ازدراء الذات «الحوينية ».. تهمة تطارد كل سلفى ينتقد الحوينى 4-أبناء مشايخ السلفية الكبار ورثوا القداسة عن آبائهم.. والشباب يتنافس لإرضائهم «لا اجتهاد على علمائنا» قاعدة سلفية قديمة، تأصلت على يد مجموعة من أصحاب اللحى الطويلة، ممن اختاروا الدين ليكون مصدر الجاه والمال لهم، وخلقوا حولهم هالة أضافت قداسة دينية على أفعالهم وأقوالهم المغلوطة فأصبحوا معصومين من الخطأ والانتقاد. ومع مرور السنين تسربت تلك القاعدة إلى أجيال عديدة رفعت من شيوخ التيار السلفى إلى ما يعادل مرتبة الأنبياء، حتى أصبح لكل شيخ جيش من التابعين الذين يخوضون معارك شرسة تفتك بكل من يقترب من «آلهتهم المقدسة». كيف تصبح سلفيًا مقدسًا؟ تبدأ رحلة السلفى «المقدَّس» من خلال الدروس التى يقوم بالتردد عليها فى مساجد التيار السلفى، وينال خلالها العلم من شيوخ السلفية، على أن يركز على الشخصيات المعروفة حتى يكتب فى سيرته الذاتية أنه تتلمذ على يد «فلان»، ثم تبدأ مرحلة التقرب من الشيخ والتودد إليه ومصاحبته فى كل جولاته، حتى ينال رضاه وبركة القرب منه، ومن بعدها يحفظ القرآن وبعض الأحاديث التى يمليها عليه الشيخ حتى يأخذ ما يسمى «الإجازة»، التى تعد شهادة معتمدة لممارسة مهنة «الشيخ»، وبعد ذلك يقوم بزيارة «التقدس» التى تمنحه القداسة بين شيوخ التيار، حيث يتوجه إلى السعودية، ويتخير كبار الشيوخ فيها ويتتلمذ على أيديهم مدة لا تزيد على ستة أشهر، ثم يعود ومعه إجازة أكبر مختومة بختم شيوخ المملكة من أبناء التيار السلفى، وبهذا تبدأ رحلته «المقدسة» فى عالم المتاجرة بالدين. أباطرة التقديس بعد الإجازة تأتى مرحلة القداسة، وتبدأ بعدد التابعين للشيخ، وكلما زاد العدد زادت الهالة من حوله، وتمتع بالألقاب التى تضفى مزيدًا من القداسة. ويعد أكبر أباطرة التقديس فى التيار السلفى الشيخ أبو إسحاق الحوينى، الذى أطلق عليه أبناء التيار السلفى لقب «المُحدِّث»، أى الأكثر علمًا بالحديث بين أهل الأرض جميعًا، بعد أن ادعى تلمذته على يد الشيخ الألبانى، والتى التقى به فى الأردن لمدة شهر واحد، ثم التقى ابن عثيمين بالسعودية، وهناك تمت إجازته ليعود بقداسته. يليه الشيخ ياسر برهامى، صاحب لقب «الأب الروحى»، ورغم تأثر شعبيته مؤخرًا بسبب الأحداث السياسية، إلا أنه لا يزال يتمتع بثقة عدد كبير من أبناء التيار. أما محمد إسماعيل المقدم فيلقب ب«الصادق» و«المُخلص»، ويرى أتباعه أن كل ما يخرج عنه صدق وأنه الأكثر زهدًا بين شيوخ التيار السلفى، لذلك ليس من العجب أن يحاول أتباعه أخذ البركة منه وتقبيل يده عقب كل درس يلقيه. ويأتى محمد حسان ليكمل هالة القداسة بلقب «الطيب»، ويرون أنه حسن النية، ويعد حسان أكثر شيوخ التيار تباهيًا بقداسته، حيث يتعمد إظهارها فى كم الصور التى يلتقطها الخاصة بتحركاته، ووصل الأمر إلى تبنيه حملة «للدفاع» عنه. ويروى المنشق عن التيار السلفى إسلام المهدى، قصة قداسة شيوخ التيار السلفى، التى عانى منهم كثيرًا أثناء تواجده داخل الدعوة السلفية، حيث يقول «كنا نُحرّم ما يُحرّمه الشيخ ونحل ما يحله لنا، وهذا مرتبط بالأموال والأعراض والدماء، فمثلا دخول البرلمان كان مُخرجًا من الملة وشرك بالله، وقت حكم مبارك، وكنا نسلم ونطيع، وبعد الثورة أصبح دخول البرلمان واجبًا، وآثم من يتركه، وأيضا كنا سلمنا وأطعنا، فنحن تربينا على أن المشايخ أعلم أهل الأرض ولا يجوز الخروج عليهم». ويضيف إسلام «فى إحدى خطب الجمعة بمسجد الفتح الإسلامى بمنطقة مصطفى كامل بالإسكندرية، تحديدًا نوفمبر 2011، جاء الشيخ محمد حسين يعقوب وتقاتل الناس من أبناء التيار على الاقتراب منه ومسح ملابسه، كمسح أستار الكعبة، وكادت تحدث كارثة بسبب التدافع، وكان الشيخ منتشيًا وقتها، ولم يبال بالخطر الذى يحيط بالناس». كما تقاتل حراس مسجد عزبة سكينة على نيل شرف حمل حذاء الشيخ محمد حسان أثناء إلقاء الخطبة، وتلك واقعة شهيرة لأنها أيضًا كانت ستنتهى بكارثة، ولم يمنع الشيخ ذلك بل اكتفى بالضحك. ولم يكن الشيخ ياسر برهامى أقل قداسة، حيث إنه يتحكم فى الطلاق والزواج، واشتهر بالتفريق بين الزوجين، وهناك أكثر من حالة تفريق لأن الشيخ لا يرضى عن طرف فيهم، فعقاب الرجل إذا انتقد أو خالف الشيخ يكون بتطليق زوجته وإقامة دعوى قضائية ضده تتحملها الدعوة السلفية، والمرأة المنتقدة أو المخالفة للشيخ ينالها نفس المصير. وأذكر أن الشيخ قام بتطليق إحدى السيدات وتزويجها لأحد أشهر المدافعين عنه الآن «س»، بأمر منه، ولم تستطع السيدة مخالفته لأنه لا يجوز أن تعترض على شيخها، هذا بجانب التحليل والتحريم الذى يتحكم فيها. ولم تتوقف القداسة عند روايات المهدى، فهناك العديد من القصص التى يشيب لها الولدان، ومنها ما حدث بإحدى الصحف التى كانت تابعة للدعوة السلفية، حين كتب شاب مقالًا انتقد فيه الشيخ الحوينى، فما كان من رجال الشيخ إلا فرم كل النسخ بعد سحبها من السوق، وفى العدد الذى تلاه قدم رئيس التحرير اعتذارًا للشيخ عما جاء فى كلام الشاب «السلفى» وحرّمه من الكتابة بالجريدة مرة أخرى. واقعة أخرى خاصة بالشيخ الحوينى، الذى كاد ينفض فرح ابنته بكارثة، بعد أن حدث التحام بين أولتراس الحوينى وأولتراس شيخ آخر من شيوخ الدعوة السلفية، بعد انتقاد الأخير للحوينى، ولكنه استطاع السيطرة على الأمر حتى يمر العُرس بسلام. أبناء الشيوخ لا تتوقف القداسة عند حد الآباء الكبار، فلأبناء الشيوخ أيضا قداستهم المستمدة من قداسة آبائهم، فهى إرث يحرص كل والد أن يتركه لولده.. ويتقاتل الشيوخ الشباب على نيل شرف مراعاة نجل الشيخ أثناء الدرس أو الخطابة، ومن أشهر الوقائع فى ذلك، أن ابن ياسر برهامى كان يغضب من بعض تصرفات والده، وكان يرفض المظاهر الكذابة التى تحيطه، لذلك ألزمه أبوه بالحضور مع شيخ يدعى أمجد عبد البارى، الذى كان مقربًا من برهامى وقتها، ولكن أمجد اصطدم بأفكار نجل برهامى ورفضه لما يحدث، لذلك أوكل لأحد تلاميذه من الشباب مهمة رعاية نجل الشيخ، ولكن هذا التقارب جاء بنتيجة عكسية، حيث عامل الشيخ الشاب الصغير باعتباره الشيخ الذى يجب أن يطاع، فما كان من برهامى إلا عزل أمجد وضيق عليه فى كل المساجد وأطلق على عليه بعدها «الشيخ الذى فقد مكانته بسبب نجل برهامى». الأمر نفسه حدث مع نجل الشيخ الحوينى، حاتم الحوينى، والذى كاد يتسبب فى أزمة كبيرة بين أولتراس والده وأولتراس برهامى، بعد أن هاجم الدعوة السلفية وبرهامى ورفض ما ردده الأخير عن موقف والده من ثورة 30 يونيو، ليرد أبناء برهامى ببيان انتقدوا فيه نجل الحوينى واتهموه باستغلال الهالة التى حول والده، ليرد أبناء الحوينى مدافعين عن نجله، حيث تزعم الرد محمد السعيد أحد أولتراس الحوينى، واستمرت المشاحنات بين الطرفين فترة كبيرة. الكمائن لا يمر الأمر مرور الكرام على من يتجرأ على قداسة شيوخ التيار السلفى، وفق كلام إسلام المهدى، فى كتابه «دعاة جهنم»، الذى انفردت «الصباح» بعرض أجزاء منه فى أعداد سابقة، فيقول المهدى «لم يكن هناك وجود للمعترضين على الشيوخ، لأن هذا يمس الدين وليس الشيخ، ولم يتوقف الأمر على مهاجمة المعترضين فقط، كما هو ظاهر، بل كانت تنصب لهم الكمائن داخل المساجد، حيث كانت تتم دعوة من يخالف الشيخ بحجة حضور جلسة تصافى وحوار داخل المسجد، ثم يتم الاعتداء عليه، ولا يتوقف ذلك على المصريين، بل أيضًا على الشيشان والروس وغيرهم، ممن تعرضوا لهذا العقاب، وكانوا يصمتون خوفًا من كتابة تقارير ضدهم واتهامهم بالإرهاب. موقف الإسلام من القداسة امتاز الدين الإسلامى عن غيره بعدم وجود سلطة كهنوتية لرجال دين أو غيرهم، ورفض أن يُرفع شخص عن منزلية البشرية، وبُين ذلك قوله تعالى «اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله»، كما عُرف عن السلف الذين يتمسح فيهم شيوخ التيار السلفى الآن، رفضهم تقديس الأشخاص، وقال ابن عباس رضى الله عنه «يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول لكم قال الرسول، وتقولون قال عمر وأبو بكر»، كما قال الإمام مالك «كل كلام يؤخذ منه ويرد، إلا كلام صاحب هذا القبر»، وأشار إلى قبر رسول الله. وكذلك قال الإمام الشافعى «رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب».