طلب من امانة المجلس تغيير «كرسى سرور» تشاؤمًا من مصيره ديكتاتور متعالٍ على النواب بخبرته الدستورية رافض لتدخلات الأمن فى المجلس وأعاد 20 صحفيًا لتغطية «النواب» منحاز ل«دعم مصر» ويوجه النواب للتصويت لصالح مواد بعينها عبر سنوات عمره التى تجاوزت الخمسين ظل شخصية غير معروفة خارج نطاق المحيطين به، وخلت سيرته الذاتية من أى سابقة لتولى عمل قيادى، إذ لم يسبق له أن تقلد منصبًا سياسيًا، وحتى فى سلك الجامعة الذى نجح فيه، لم يتول الرجل مناصب قيادية تذكر، لكن اللافت على الرغم من سيرته السابقة، أن الدكتور على عبدالعال، بات الآن يجلس على رأس السلطة التشريعية ممثلة فى مجلس النواب، متقاسمًا النفوذ مع رئيس الجمهورية رأس السلطة التنفيذية، ورئيس مجلس القضاء الأعلى المنصب الأبرز فى السلطة القضائية. وبحسب تعليقاته وتحركاته خلال الشهور القليلة الماضية، تظهر عدة شواهد عن شخصية عبد العال، الذى يبدو منشغلًا بأفكار تبدو بالية، متأثرًا بمفاهيم مثل الفأل الحس والسيئ والتشاؤم والتفاؤل. ويعتقد عبدالعال، وفق ما كشفت أفعاله، أن الكرسى الذى يلقى بجسده عليه يحمل «لعنة سوء الخاتمة» التى لم يسلم منها من سبقه بالجلوس خلال 3 مرات سبقته، فهناك رفعت المحجوب ثانى رؤساء البرلمان فى عهد مبارك الذى قتل فى حادث اغتيال، وفتحى سرور الذى تعرض للحبس بتهم تتعلق بقتل الثوار، والفساد المالى، وأخيرًا وليس آخرًا سعد الكتاتنى رئيس برلمان الإخوان، والذى يخضع للحبس. وربما فطن عبدالعال إلى مصائر من سبقوه، فقرر «تغيير العتبة»، بعد أن أعادت الأمانة العامة مقعد «سرور» مرة أخرى بعد إسقاط حكم الإخوان ليفاجأ النواب، قبل بدء الجلسة، بتغيير العاملين بالأمانة العامة للمجلس لمقعد «سرور» الذى جلس عليه الدكتور على عبدالعال، لمدة أسبوعين، واستبدلوه بمقعد جديد، وعقب دخول «عبدالعال» إلى الجلسة، صعد المستشار أحمد سعد، أمين عام المجلس، إلى المنصة، وسأل رئيس المجلس عن رأيه، ورد عليه «عبدالعال» بابتسامة قائلًا: «كرسى هايل ومريح.. أشكرك عليه». ومنذ اعتلاء الرجل منصة البرلمان أبدى كثير من السياسيين تخوفهم وتشككهم فى قدرته على إدارته بهذه التركيبة غير المتجانسة، خاصة أنه معروف بهدوئه الشديد. ورغم أن عبدالعال يعمل فى مناخ سياسى مختلف نسبيًا عن سابقيه من وجود قاعدة شعبية مؤيدة له، واستقرار نسبى للنظام الحاكم، إلا أن مصير السابقين ظل يراوده، مما جعله يفكر ألف مرة فى خطواته وطريقة تحكمه فى صرح مجلس النواب الكبير. يمثل التشكيك فى الخبرة القانونية والدستورية لعبدالعال إزعاجا كبيرًا بالنسبة إليه، مما دفعه للخروج عن هدوئه المعهود عندما تعرض لمواجهة داخل البرلمان مع النائب المخرج خالد يوسف، حول تفسير بعض مواد الدستور. ورغم أن عبدالعال أوقف الجلسة وشرح المواد للنائب، لكن الأخير لم يقتنع، مما أثار حفيظة الرئيس ودفعه للصراخ على النائب قائلا «لا أنت ولا غيرك يمكنه الدخول معى فى جدال دستورى، ولن أسمح بالتشكيك فى كلامى بخصوص الدستور». وعندما صدر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسى بتعيين 28 شخصية، من بينهم رئيس مجلس القضاء الأعلى الأسبق المستشار سرى صيام، توقع كثيرون أن ينافس صيام على رئاسة مجلس النواب، ولكن استقالة الاخير من البرلمان جعلت الطريق خاليًا أمام عبد العال الذى دخل فى مساجلات مختلفة مع صيام، وتردد أن رئيس المجلس أحد أسباب الاستقالة بعد تهميش صيام تحت القبة. ويواجه عبدالعال العديد من الانتقادات التى يرددها أعضاء البرلمان ومنها ما صرح به النائب أحمد الطنطاوى، أن رئيس المجلس يعيد التصويت على اللوائح والقوانين عدة مرات، إذا جاءت نتيجة التصويت مخالفة لهواه، وأنه يبدى رأيه فى بعض المواد من فوق المنصة، مخالفًا بذلك القواعد البرلمانية كذلك يؤخذ على «عبدالعال» تسرعه فى عرض بعض القرارات دون التشاور الكافى مع الكتل البرلمانية قبل طرحها للتصويت، فضلًا عن تلكؤه وعدم حسمه لبعض القضايا العاجلة، بالإضافة إلى عدم رفع أجندة برلمانية واضحة لأعمال المجلس ووصول جدول أعمال الجلسات للنواب قبل موعد الجلسة بنحو 24 ساعة، بجانب عدم دعوته للنواب المستقلين لحضور الزيارات البرلمانية التى شهدها المجلس من وفود برلمانية أجنبية. وتتهم النائبة نادية هنرى، نائب رئيس الهيئة البرلمانية عن حزب المصريين الأحرار، رئيس المجلس بمحاباة من وصفتهم ب«الأهل والعشيرة» من ائتلاف «دعم مصر» الذى يمارس عمله داخل البرلمان بكل غرور، ويسعى لخلق حزب حاكم جديد بكل المساوئ التى اعتاد الشعب عليها، بحسب قول هنرى، مُدللة على ذلك بدعم عبد العال لموافقة نواب ائتلاف «دعم مصر» على المادة الخاصة بالنسبة اللازمة لتشكيل الائتلافات تحت القبة. يتهم البعض «عبدالعال « بالديكتاتورية وأن ثقته فى نفسه تجعله يتجاهل اراء من حوله وتدفعه للتعامل مع المحيطين بتعالٍ وهذا ما يراه عبدالمنعم العليمى، عضو مجلس النواب، إذ لم يكن من المألوف أن يقدم رئيس البرلمان على طرد نواب خارج القاعة، فى حال مخالفتهم للتعليمات المنظمة للجلسات، لكن عبدالعال خالف التقاليد المتبعة فى السنوات الأخيرة على الأقل، وطرد أربعة نواب فى جلسة واحدة، حينما كان البرلمان يناقش قانون الخدمة المدنية المثير للجدل، لاعتراضهم على طريقة إدارته للجلسة، وتفضيله نوابا عن غيرهم فيما يخص أولوية طلب الكلمة. غير أن ما يجعل مهام الرجل صعبة هو مأزق عدم القدرة على التحكم بزمام الأمور داخل المجلس، عند النواب قبل عموم المصريين. أخذ عبدالعال يتعامل بازدواجية، بل يمكن القول بأنه بدا وكأنه يخشى الصدام مع نواب معروفين بالجرأة المفرطة والانفلات. ورغم أنه يحاول أن يبدو فى مظهر الرجل «الفطري» عند التعامل فى بعض المواقف مثل قوله «انتوا جايين تاكلوا وتمشوا» إلا أن تصرفات عبد العال جعلته عرضة للسخرية حيث اتهمه البعض بأنه فاقد للحس السياسى، ولا يعى أهمية منصبه. ولكن وعلى الجانب الآخر يشير البعض إلى جانب إيجابى فى الرجل الذى يرفض التدخل الأمنى فى عمل البرلمان، وبدا ذلك فى تدخله لوقف قرار منع 20 صحفيًا من الدخول إلى المجلس لانتقادهم البرلمان، وصرح برفضه تدخل الأمن بشئون البرلمان. وربما كان دفاع الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب، عن الصحفيين مفهومًا لأن يجعلهم فى صفه حينما وقف مهددًا أعضاء البرلمان بتوزيع أسمائهم على الصحفيين فى حال تغيبهم عن حضور الجلسة العامة قائلا: «اللى هيزوغ هنبعت أسماءه للصحفيين». مهما كان الأمر سيظل عبدالعال، تحت الأضواء لمدة أربعة أعوام مقبلة، تعتبر الأخطر والأهم فى تاريخ مصر الحديثة، بعد أن كان شخصية غير معروفة ولم يعرف الكثير انه أحد أعضاء «لجنة الخبراء العشرة» التى شكلها عدلى منصور الرئيس السابق لتعديل دستور 2014. وأحد أعضاء «لجنة إعداد قوانين الانتخابات» التى شكلها منصور أيضًا لإعداد قانونى مباشرة الحقوق السياسية ومجلس النواب، ثم أعاد تشكيلها الرئيس السيسى بعد ذلك مرتين وكان عبدالعال عضوًا فيها جميعًا.