• الصراع على «كرسى التشريع» بداية الخلاف.. والاستقالة تفتح أبواب الهجوم على صيام صراع برلمانى فى جوهره نسجت تفاصيله بشكل درامى «بداية مشوقة، تصاعد للأحداث، حبكة تمثل الذروة»، أبطاله وجوه قضائية وقانونية معروفة «الدكتور على عبدالعال والمستشار سرى صيام»، اللذان اتخذا من مجلس النواب ساحة لخلافهما ما أفضى فى النهاية إلى أول استقالة من برلمان 2016. ما بين الرقمين 401 و301 تتلخص قصة صيام وعبدالعال، فالرقم الأول يمثل عدد من ذهبت أصواتهم لعبدالعال فى أولى الجلسات الافتتاحية للبرلمان لتولى رئاسته، والرقم الثانى هو عدد المصوتين على قبول استقالة الأخير من المجلس فى الجلسة ال20 التى انعقدت أمس الأول. صيام يصف نفسه ب«القاضى غير العادى»، فهو منشغل دوما بهاجس عدم الانحصار فى نطاق محدود من القدرة والتأثير، مقابل «مهندس تشريعات الفترة الانتقالية» وأحد القانونيين العشرة الذين وضعوا الصياغة النهائية للدستور والقوانين المحددة للمشهد الانتخابى بالبلاد. بدأ المشهد بحالة ترقب سادت جميع الأوساط حول قائمة التعيينات الرئاسية التى تأخر إعلانها على الرغم من الإعلان عن نتائج المرحلة الثانية من الانتخابات، وهو ما كانت تجرى معه بالتوازى اجتماعات صاخبة داخل أحد الفنادق الكبرى بالقاهرة، التى اكتظت فى إحدى المرات بالعشرات من أعضاء ائتلاف «دعم مصر» الذين اختاروا عبدالعال بالتزكية للترشح على مقعد رئيس مجلس النواب. ومع وجود اسم المستشار سرى صيام فى قائمة تعيينات الرئيس عبدالفتاح السيسى فى البرلمان، لاح فى الأفق «بديل مناسب» ينافس «عبدالعال» على كرسى «رجل السلطة التشريعية الأول» فى البلاد، فى أول برلمان بعد ثورة 30 يونيو. تلميحات ارتقت إلى حد التأكيدات أشارت إلى أن «صيام» سيكون الرئيس رقم 50 لمجلس النواب وفقا لحسابات وترتيبات مسبقة، لكنها اصطدمت فى النهاية بحصول عبدالعال على المنصب معتمدا على مساندة «دعم مصر». ودخل رئيس مجلس القضاء السابق فى مبارزات قانونية وسجالات دستورية فنية مع رئيس مجلس النواب، انتهت لصالح «صيام» الذى حرص باستمرار على التأكيد أن «اعتلاء منصة رئاسة البرلمان وليس الجلوس بين النواب هو الوضع الطبيعى اللائق بقاضى القضاة، الذى أمضى قرابة العقد من الزمان مساعدا لوزير العدل ومستشارا لرئيس مجلس الشعب الأسبق، أحمد فتحى سرور». وكان «تفسير الدستور» فيما يخص التفرقة بين العضو المعين والنائب المنتخب هو أبرز أسباب الخلاف بين صيام وعبدالعال، إلى جانب تفسير النائب المستقيل بشأن تأجيل انتخاب وكيلى البرلمان إلى جلسة أخرى، الذى أجبر رئيس المجلس الحالى على النزول إلى رأيه. لم يقف «عبدالعال» صامتا أمام ضربات صيام، فسارع إلى حزمة من الإجراءات والتحركات بدأت بمنع بث جلسات التليفزيون حتى لا تذاع مناقشاته الجانبية معه على الملأ، وانتهت إلى إزاحة المستشار البارز عن اللجنة الخاصة بإعداد اللائحة الداخلية الجديدة. وفى 8 فبراير الحالى، فجر صيام مفاجأة بتقديم استقالته التى انفردت «الشروق» بنشرها قبل الإعلان عنها رسميا، وجاء فى نصها: «استقر فى عقيدتى على نحو جازم استخلاصا من مجريات الممارسة البرلمانية فى الفترة الفائتة أن المناخ يفضى إلى عدم تمكينى من أداء واجبى، وأدرك تمام الإدراك قصور قدراتى بعديد صورها عن مواجهة الظروف المهيئة للمناخ البرلمانى الحالى». وخلال آخر الجلسات العامة فتح رئيس البرلمان مجال المناقشة أمام عدد من النواب الذين أمطروا «صيام» بسيل من الهجوم والاتهامات بالتعالى على المجلس والتجاوز فى حق رئيسه ونوابه، لتكتب تلك الجلسة التى حملت رقم 20 آخر سطر فى قصة «القاضى» و«الدستورى».