الجريدة الرسمية تنشر 4 قرارات جديدة للرئيس السيسي    رسميًا.. غدًا إجازة رأس السنة الهجرية 2025 في مصر للموظفين (حكومي وخاص وبنوك)    25 يونيو 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    البنك الدولي يوافق على منحة تمويلية ب146 مليون دولار لسوريا بهدف إعادة تأهيل شبكة الكهرباء    إحالة 4 قيادات في بورسعيد إلى التحقيق لغيابهم عن حضور المجلس التنفيذي    وزيرة البيئة ومحافظ جنوب سيناء يطلقان حملة رفع الوعي البيئي بمشروع "جرين شرم"    اتفاق مع «بيت الزكاة» على توفير وحدات سكنية للأسر الأولى بالرعاية في أسيوط (تفاصيل)    جولة تفقدية لرئيس شركة الصرف الصحي في الإسكندرية بالمحطات    نتنياهو بعد مقتل 7 جنود في كمين للمقاومة: يوم عصيب على إسرائيل    جروسي: عودة المفتشين إلى منشآت إيران النووية أولوية قصوى    الترجي ضد تشيلسي.. الجماهير التونسية تتألق برسائل فلسطين في مونديال الأندية    استشهاد 16 فلسطينيا وإصابة آخرين فى قصف الاحتلال أنحاء متفرقة فى غزة    ترامب: اتفاق بشأن الحرب على غزة قريبا جدًا    «أنا لاعب محترف».. شوبير ينقل رسالة ديانج ويكشف مصيره مع الأهلي    أليو ديانج يكشف موقفه من الاستمرار مع الأهلي (تفاصيل)    بحضور وزير الرياضة.. تقديم الإسباني باسكوال مديرًا فنيًا لمنتخب مصر لكرة اليد    «في دولة أوروبية».. شوبير يكشف تفاصيل معسكر الأهلي    مقتل طفلين على يد والدهما في قرية قويسنا البلد بالمنوفية.. والنيابة تباشر التحقيق    السيطرة على حريق داخل مخزن دهانات بالبراجيل.. والمعاينة الأولية: ماس كهربائي السبب    أول ظهور للطالبة "غادة" الأولى على الشهادة الإعدادية بالأقصر: المداومة على حفظ القرآن سر تفوقي    حملات مرورية لرصد المخالفات بمحاور القاهرة والجيزة    إصابة 13 شخصا إثر حادث انقلاب أتوبيس بطريق مصر إسماعيلية الصحراوي    اليوم.. محاكمة 57 متهمًا بالانضمام لجماعة إرهابية في الشروق    «السكة الحديد»: تشغيل تجريبي لخدمة جديدة على خط «المنصورة / شربين/ قلين» (جدول المواعيد)    بعد تداول فيديوهاته.. حبس متهم بنشر محتوى منافٍ للآداب العامة    ب124 ألف جنيه.. فيلم سيكو سيكو يتذيل قائمة المنافسة على شباك التذاكر    وزير الثقافة يبحث مع محافظ القاهرة خطة إحياء منطقة مسارح العتبة وربطها بحديقة الأزبكية    لا تُحب التعقيد وتُفضل الوضوح في علاقاتها.. 5 أبراج بسيطة في التعامل    «مرعب أطفال التسعينيات».. عماد محرم بدأ مسيرته ب«العفاريت» وأنهاها ب«عوالم خفية»    تامر عاشور يشعل أجواء مهرجان موازين 2025 رغم إصابته.. استقبال حافل من الجمهور المغربي    يناقش قضايا مجتمعية.. قصور الثقافة تقدم «عرض حال» بالمهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية    جامعة أسيوط تعلن نتائج امتحانات الفصل الدراسي الثاني ب11 كلية    الهيئة العربية للتصنيع توقع اتفاقية شراكة مع شركة XGY الصينية لتوطين تكنولوجيا الأجهزة الطبية في مصر    الرعاية الصحية: توقيع عدة بروتوكولات تعاون مع كيانات رائدة في السياحة العلاجية والإعلام الصحي    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأربعاء    بنك ناصر الاجتماعي يدعم أطفال الشلل الدماغي بأحدث الأجهزة العالمية    كيف بدأ التقويم الهجري مع العرب؟.. أستاذة تاريخ إسلامي توضح    "حلمه الاحتراف".. شقيق حسام عبد المجيد يكشف عن مستقبل اللاعب مع الزمالك    الناتو: أوكرانيا ستكون على رأس أولويات قمة الحلف اليوم    مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يدعو إيران لاستئناف عمليات التفتيش عقب وقف إطلاق النار    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 25-6-2025 في محافظة قنا    تامر عاشور يحيي حفل مهرجان «موازين» ب«بالعكاز» والجمهور يستقبله بالزغاريد المغربية    «بريكس» تدعو إلى إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    تصدرت تريند السوشيال ميديا، قصة صورة أعادت الفنانة عبلة كامل إلى الأضواء    ندوة في العريش بعنوان «تماسك الجبهة الداخلية ضرورة وطنية»    سعر الفراخ البيضاء والبلدي وكرتونة البيض الأبيض والأحمر بالأسواق اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025    أمين الفتوى يحذر من إهمال الزوجة عاطفياً: النبي كان نموذجًا في التعبير عن الحب تجاه زوجاته    حسام بدراوي يكشف أسرار انهيار نظام مبارك: الانتخابات كانت تُزور.. والمستفيدون يتربحون    نيمار: جددت مع سانتوس لأنه جذوري وتاريخي وليس فريقي فقط    زيادة طفيفة في مخزون سد النهضة.. «شراقي» يكشف آخر موعد للفتح الإجباري    عاجل.. بيراميدز يفاوض لاعب الأهلي وهذا رده    مطران نيويورك يوجّه رسالة رعائية مؤثرة بعد مجزرة كنيسة مار إلياس – الدويلعة    أجمل رسائل تهنئة رأس السنة الهجرية 1447.. ارسلها الآن للأهل والأصدقاء ولزملاء العمل    مهمّة للنساء والمراهقين.. 6 أطعمة يومية غنية بالحديد    محافظ الفيوم يشهد الاحتفال بالعام الهجري الجديد بمسجد ناصر الكبير.. صور    طارق سليمان: الأهلي عانى من نرجسية بعض اللاعبين بالمونديال    غفوة النهار الطويلة قد تؤدي إلى الوفاة.. إليك التوقيت والمدة المثاليين للقيلولة    رسالة أم لابنها فى الحرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مثقفون وقانونيون:عقول الناس ما زالت فى قبضة التطرف ومادة ازدراء الأديان غير دستورية
نشر في الصباح يوم 09 - 01 - 2016


العدل:
التضامن مع بحيرى «رخو » خوفًا من السلطة.. والتيار الدينى مازال يحكم.. والشارع يفكر فى التدين الشكلى
حاورنا الأزهر عن فكرة ظهور الصحابة فنيًا.. والإمام الأكبر كان الأكثر استنارة
نجاد البرعى:
أسامة الأزهرى هو الذى أعد تقرير الأزهر فى قضية البحيرى رغم أنه كان خصماً له فى مناظرة شهيرة
مادة ازدراء الأديان وضعت للحد من نفوذ المتطرفين لكنها استخدمت ضد المجتهدين
حمدى الأسيوطى:
14قضية ازدراء أديان العام الماضى.. والأزهر والكنيسة قدما تقريرًا ضد صاحب كتاب «أين الله»
المادة 67 من الدستور هى مخرج قضية بحيرى والدعاوى بطلب العفو من الرئيس غير دستورية
جاءت قضية الباحث إسلام بحيرى لتثير التخوفات من تغول المؤسسة الدينية على الحياة المدنية.. ولتثير الأسئلة حول دعوات تجديد الخطاب الدينى.. وحول ما إذا كان الحبس هو العقاب الملائم لباحث حاول أن يجتهد حتى وإن أخطأ فى التعبير عن أفكاره أو استخدم ألفاظاً غير مناسبة.
القضية فتحت باب التساؤلات أيضاً عن المادة 98 أو مادة ازدراء الأديان فى قانون العقوبات.. وحول طبيعتها ..وتفسيرها الدستورى وماذا كانت تستخدم فى سياقها الطبيعى الذى وضعت من أجله.
كل هذه الأسئلة طرحتها ندوة «الصباح » التى استضافت كلاً من الأستاذ محمد العدل مؤسس جبهة الإبداع والمنتج السينمائى المعروف، والأستاذ نجاد البرعى المحامى والحقوقى المعروف.. والأستاذ حمدى الأسيوطى القانونى ومؤلف كتاب «ازدراء الأديان فى القانون المصرى ».. ليجيبوا عن كل هذه الأسئلة.
«الصباح»: كيف ترون العلاقة بين الأزهر والإصلاح وحرية الرأى والتعبير؟
المنتج محمد العدل: أفضل أن أبدأ أولًا بتهنئة إخواننا الأقباط بعيد الميلاد، فربما لا نستطيع فعل ذلك العام المقبل بشكل علنى، لأننى أرى أن هناك اتجاهًا ضمنيًا للمجتمع الدينى بامتياز وحكم رجال الدين، وذلك بغض النظر عن موافقتنا أو رفضنا، وحتى وإن بدا مظهر الدولة مدنيًا، والدليل على ذلك أنه عندما اعترض السلفيون على إدارة النائبة آمنة نصير للجلسة الأولى للبرلمان عينت الدولة شخصًا آخر أكبر سنًا، نزولًا على رغبة السلفيين، حتى يبدو الأمر عاديًا، وبشكل عام فإن قضية الرأى والتعبير تستند إلى أن الدستور الحالى كان واضحًا ومنحازًا لها، ومن أفضل الدساتير التى تحدثت عن الحريات ولكنه لم يفعل، على جانب آخر فهذا المجتمع الذى يرى أن البخارى خط أحمر، يجد أن حديث رئيس الجمهورية بشأن الخطاب الدينى مجرد كلام، ولو ردده أحد يحبس بتهمة ازدراء الأديان التى اعتبرها كلمة وقانونًا عاجزًا يستخدمه من لا توجد لديهم حجة، وأرى أن تقدم الوضع يحتاج إلى تفكير من المجتمع، فالمجتهد إذا أصاب له أجران، وإذا أخطأ له أجر الاجتهاد، وأطرح هنا التساؤل، ونحن فى هذا التوقيت بعد قرون من انتشار الدين الإسلامى: «لو لم يأت البخارى، فهل كان سيصبح إسلامنا ناقصًا أم أن مجتهدين آخرين كانوا سيأتون؟ فلا يمكن أن يقف الاجتهاد عند الأئمة الأربعة، وحتى وإن تحدث إسلام بحيرى بطريقة غير لائقة، لكن يظل المحتوى هو المضمون فى النهاية، وإذا لم يتكاتف المثقفون «هانتخطف كلنا»، فالخلاف الأساسى أو التناقض الرئيسى يَجُب التناقض الثانوى، وجميعنا نختلف مع محرك هذه الدعوة ضد إسلام بحيرى، وعلى كل من يرى أن حريته فى خطر أن يتحد ضد هذه الهجمة غير المقبولة فى عام 2016.
«الصباح»: هل ترى أن تضامن المثقفين فى هذه القضية فعالًا؟
العدل: اعتبرها ضعيفة، وإن كان التجاوب المكتوب منطقيًا، لكننا متضامنون برخاوة خوفًا من السلطة، وهذا ضعف إنسانى نحترمه، لكن الدور سيأتى علينا جميعًا.
«الصباح»: ما طبيعة المادة القانونية التى حُبس إسلام بحيرى استنادًا لها وما سوابقها فى القانون المصرى؟
حمدى الأسيوطى: المادة 98 الخاصة بازدراء الأديان الفقرة «و» أضيفت إلى قانون العقوبات عام 1982 عقب اغتيال الرئيس أنور السادات، وهذا الجانب يغيب عن أكثر المهتمين بقضايا الحقوق والحريات، ويتعاملون مع نص المادة على أنها جريمة قديمة، لكن على العكس فهى من أوائل التشريعات التى وقع عليها حسنى مبارك فيما سمى وقتها قانون مكافحة الإرهاب، وحدث تعديل عليها فى 10 فقرات، وأضيف إليها ما سمى بقانون مكافحة الإرهاب، ونادرًا ما نجد أحدًا - بما فيهم القضاة- يستند إلى المذكرة الإيضاحية بشأنها، والتى تتحدث عن مقصد الفقرة، وهى استغلال الدين فى إثارة الفكرة الطائفية وتكدير السلم العام، وللأسف العنوان الرئيسى للمادة هو جرائم الاعتداء على أمن الدولة من الداخل، ولا علاقة له بجرائم الاعتداء على الأديان الموجودة فى باب آخر، والتى حوكم على إثرها المدعو أبو إسلام فى إهانة الإنجيل، وقبل الثورة كانت هناك مؤشرات خطيرة، وهناك 14 قضية ازدراء أديان العام الماضى 2015، ولدينا حالة خاصة أصعب من إسلام بحيرى، وهى حالة كرم صابر فى مجموعة قصصية عنوانها «أين الله»، وتمت معاقبته بخمس سنوات سجنًا، والغريب أن المؤسستين الإسلامية والمسيحية قدما تقريرًا ضده.
نجاد البرعى: السبب الرئيسى لمشكلة إسلام بحيرى وقبله كرم صابر، هى أن المادة 98 من قانون العقوبات، كان الهدف الأساسى منها الإيقاع بالجماعات الإسلامية، لكن لم تستخدم ضد الإسلاميين، والفكرة قائمة على استغلال الدين لإهانة دين آخر، مثل اعتداء مسلم على مسيحى أو العكس، ولا تنطلق من فكرة نكران الأديان للملحدين أو ما يتعلق بأبناء الدين الراغبين فى التجديد الفكرى، الأمر الآخر يوضحه التذكير بأن الروائى علاء حامد، كان من أول من طبقت عليه المادة بسبب استخدام لفظ «الرب» الذى يحمل معانى كثيرة فى اللغة العربية بغير معنى الإله، ونتيجة قصور تعليم القاضى وضعف مَلَكة اللغة العربية عند الكثيرين، يلجأ القاضى للأزهر الذى يعانى نفس قصور التعليم، فالقاضى الذى حكم على إسلام بحيرى لا يعرف الكثير، والمشكلة فى رجوعه للأزهر الذى أصبح خصمًا وحكمًا، والحل فى أن هذه المادة يجب ان تُعدّل، بعد مناقشات قانونية ومقترحات تضمن عدم إهانة معتقدات الآخرين بشكل منضبط، وتتحول من مادة بها عقوبة جنائية إلى عقوبات مدنية، وإسلام بحيرى تم التغرير به إعلاميًا بعد أن أقنعه البعض برغبة الرئيس السيسى فى تجديد الخطاب الدينى، وهذا يكشف أن التيارات التجديدية التى ترقص على أوتار السلطة مصيرها السجن، فتجديد الخطاب الدينى لا يجب أن يرتبط بالدولة، وتغول الأزهر فى ملف الحريات يكون فى لحظات اضطراب الدولة التى تحتاج إلى ظهير دينى فى مواجهة تيار دينى آخر حتى لا تكون الحرب بين الإسلام والكفر.
«الصباح»: هل المشكلة فى الدولة، أم فى السلفيين، أم فى الأزهر؟
محمد العدل: المشكلة تكمن فى كل مؤسسة دينية ترى أحقيتها فى حكم هذا الوطن، سواء من خلال الشارع أو بالشكل الفعلى، فالبلد منذ أن تخلى عن المكتبات والثقافة العامة والسينما والمسرح، ذهب الشباب إلى الزوايا التى فعلها وقواها أنور السادات، فتحولت عمارات مصر إلى زوايا حكمها أشخاص غير مؤهلين من خلال المنابر، وكان من السهل التأثير على الشباب، والحكومة لم يكن يهمها سوى الاحتفاظ بالسلطة، وفعليًا فإن التيار الدينى مازال يحكم، والشارع يفكر فى ملابس المطربة «ياسمينا» القصيرة، وتحولنا إلى مجموعة تفكر فى القشور.
«الصباح»: هل هناك مبادرات للحوار بين الأزهر والمثقفين؟
محمد العدل: قمنا بمحاورة الأزهر مرتين والتقينا فضيلة الإمام الأكبر، وكان النقاش على هامش فكرة ظهور الصحابة فى الأفلام والأعمال الفنية، وكان أكثر المحاورين استنارة شيخ الأزهر، أما المجموعة الباقية فمتسلطة جدًا رغم أن أغلبهم يرتدى «بدل»، واعتقد أن أى شخص فى مؤسسة الأزهر يحاول التجديد يتم عزله، ورأينا هذا مع الدكتورة آمنة نصير، ومؤسسة الأزهر، والمؤسسات الدينية ترى أنها فى مرحلة ذهبية للسيطرة على المجتمع.
«الصباح»: ماذا عن السيناريوهات المتوقعة، المتعلقة بقضية إسلام بحيرى؟
حمدى الأسيوطى: هناك اتجاه للمناداة بطلب عفو لرئيس الجمهورية، وهو مطلب مخالف للدستور، ولن يجد صدى لدى الرئيس، لأن المادة 154 من الدستور تتحدث عن ارتباط العفو بحكم بات ونهائى، فإذا تم التقدم بهذا الطلب وحدثت الموافقة فستكون هذه الموافقة مخالفة دستوريًا، وهنا يجب الانتظار حتى يتم البت فى الحكم، وبعدها يكون تدخل الرئيس بالعفو أو تخفيف العقوبة، دستوريًا.
ثانيًا: المخرج الأساسى لهذه القضية ومثيلاتها هو مخرج دستورى قانونى فالمادة 67 من الدستور قد ألغت عقوبة الحبس وتقييد الحرية فى جرائم النشر فيما عدا 3 جرائم على سبيل الحصر وهم «التحريض على العنف، والتمييز بين الطوائف، والطعن فى الأعراض».
«الصباح»: هل هناك دور مرجو من مجلس النواب فى هذا الشأن؟
الأسيوطى: البرلمان المقبل يضم 99 محاميًا، ومن حقنا نحن المعنيون بالمسألة التقدم إلى أحد أعضاء مجلس النواب، بالشرح التاريخى لمسألة ازدراء الأديان، وعلى المجلس مهمة كبيرة فى ترجمة المواد رقم 64 و65 و67 من الدستور ترجمة فعلية، تتمثل فى تعديل التشريعات حتى تتماشى مع النصوص الدستورية، وهناك شىء مهم آخر، وهو الخاص بالادعاء المباشر والمادة 253 من قانون الإجراءات الجنائية، والتى تنص على أن كل من لحقه ضرر يمكنه التقدم بالادعاء المباشر ضد مرتكب الفعل، وليس بالضرورة أن يكون مجنيًا عليه، وهو ما يعنى أن هناك الحق لأى شخص أن يتقدم بعريضة ثم ترفع إلى المحكمة، ويتلخص دور النيابة فيها فى تحريك الدعوى فقط، وكمثال لذلك جنحة إسلام بحيرى التى تم فيها تقديم أكثر من 16 ورقة مملوءة بالاتهامات بالطعن فى البخارى وعدد آخر من الاتهامات، وفى مؤتمر العدالة الأول صدر عدد من التوصيات بخصوص الادعاء المباشر، تتعلق بأن أغلب وقائعه تكون دعاوى كيدية، ويجب التعامل معها إما بإلغائه، أو بالتحكم فى تلك الدعاوى المباشرة.
نجاد البرعى: بعض الدعاوى يجب ألا تكون دعوى مباشرة، ومنها ازدراء الأديان، فإذا أصبت بضرر نتيجة إهانة عقيدتى، من الممكن أن أرفع دعوى بالتعويض عن الضرر المعنوى أو المادى الذى قد يكون لحق بالمتضرر، ولكن لا يجب أن تصل إلى الحبس، فمصر مغرمة بالحبس، وبالتالى فالكثير من قضايا الحبس تصلح أن تكون محلًا للتعويض وليس الحبس، وعلى سبيل المثال، فى قضايا النشر تأخذ الحكومة المبالغ المالية كتعويض، وهو ما لا يحق لها، وفى قضية إسلام بحيرى، فالمتضرر يمكن له رفع الدعوى بالتعويض عن الضرر الحادث له، فهناك مسلمون آخرون لم يتأذوا بسبب تلك التصريحات ولم يعترضوا عليها، وهو ما يضعف من عقوبة الحبس ووجوبها.
«الصباح»: هل الأزهر هو من أقام الدعوى ضد بحيرى؟
البرعى: لا.. فمن قدم الدعوى محامٍ عادى، ولكن دور الأزهر كان فى التقرير الذى أصدره بناء على طلب القاضى الذى نظر القضية، وهو تقرير استشارى يمكن للقاضى عدم النظر إليه أو الأخذ به، ولكن المفارقة فى هذا التقرير أن من أعده هو الشيخ أسامة الأزهرى عضو مجمع البحوث، والطرف الآخر فى المناظرة الشهيرة التى جمعت الاثنين مع الشيخ على الجفرى، وهو طرف فى الخصومة، والموضوع معقد للغاية، وإذا تم الإبقاء عليها، فيجب أن يتم وضعها بيد النيابة العامة، فلا يتم عن طريقها الدعوى المباشرة. أما عن فرصة «إسلام بحيرى» فهى ضعيفة للغاية بل ليس لديه فرصة، فهو حتما سيقوم بتنفيذ الحبس لمدة سنة أو على الأقل ستة اشهر، ففى قضية مشابهة والمتعلقة ب«نصر حامد أبو زيد»، فقد كان لدى الدولة نية أو ميل لحل تلك القضية، وهو ما دفعها للأخذ بإجراءات استثنائية، وتم ذلك عن طريق أخذ حكم من قاضٍ مستعجل أوقف تنفيذ حكم محكمة النقض، وهو ما يمكننا من القول أن الدولة كانت لديها الدوافع والنية لإيقاف الحكم، وهذا غير موجود فى قضية بحيرى، كما لا تنطبق أى من شروط العفو الصحى على بحيرى، وفى الغالب هو ينتظر حكم محكمة النقض، وبالتالى سيكمل بحيرى مشروعه الفكرى فى السجن، وسيخرج بطلًا، ومكاسبه ستكون أكثر مما حصل عليه خصمه، وسيذكره التاريخ، ولكن المشكلة الأهم كيف نضمن أن حرية الفكر لا تكون هدفًا للملاحقة السياسية، وهو الدرس الذى نخرج به من قضية بحيرى، فيجب تكوين جبهة حقيقية لتطوير الأزهر ذاته، فلن يتطور الأزهر بتلك الطريقة التى يعمل بها ولو بعد ألف سنة، فما زالت طرق التدريس بالأزهر هى نفسها منذ قرون عديدة، وهناك تسرب لأفكار متشددة داخل مناهج التدريس.
«الصباح»: قد يقول البعض وما خطورة حبس فرد مثل إسلام بحيرى على المجتمع، وما أهمية ذلك مقابل قضايا أخرى مثل التعليم والصحة؟
البرعى: يمكن أن يكون هناك حق فى جزء من هذا التساؤل، فمن الممكن القول إنه لا ضرر من حبس بحيرى، ولكن المشكلة أنه مع حبس بحيرى لم يتم حل المشكلات الأخرى، فمن المقبول أن يتم حبس بحيرى، مقابل تعليم الناس أو معالجتهم ومساعدتهم صحيًا، ولكن الاثنين لم يحدثا حتى الآن، ولكن تلك القضية لا تقاس كذلك، فأنا كفرد جزء من الشعب وتلك القضية تؤرقنى، ولى حقوق طالما أدفع للضرائب، وهناك مجموعة تشغل بالها تلك القضية وتعتبرها قضية مهمة تريد لها حلًا، وتريد ضمانًا بعدم تكرارها، فلا أريد الأكل، ولكننى أريد حريتى، فلا مجال لفرض تلك المفاهيم بدعوى أنها بطلب من الجماهير.
«الصباح»: هل هناك وجود لقضايا مساس بالأديان فى الغرب وما التعامل الأوروبى مع قضايا مثل تلك؟
البرعى: هذه الأشياء موجودة، فالمحكمة الأوروبية أيدت حكمًا لمحكمة تركية على فرد أهان الدين الإسلامى، ولكن تظل هناك إشكالية فى كيفية رفع تلك القضية، وحجم ما قاله والظروف التى رفعت فيها تلك القضية، حيث يعد الحكم السابق فرديًا وسط آلاف القضايا التى لم يصدر بها حكم مماثل، وهو ما يختلف عما يحدث هنا، فمن 2011 وحتى الآن تم استخدام تلك التهمة العديد من المرات، وهذا يأخذنا لمنحى آخر، وهو أن المجتمعات تتقدم بالمناظرات والاختلاف، فالشعوب الأوروبية تحترم الآراء وكانت سببًا فى تقدمهم، فلا يمكن الاستماع لصوت واحد طوال الوقت.
«الصباح»: هل هناك مسلك معين لا يدخل المفكر أو صاحب الرأى فى نطاق الألفاظ الحادة؟
البرعى: العقاب لم يكن للألفاظ الحادة التى استخدمها بحيرى، ولكن بحيرى تم حبسه لأنه أخطأ فى البخارى، ويجب مخالقة الناس بخلق حسن، فهناك طريقتان أولاهما الصدمة، والطريقة الثانية هى الإقناع عن طريق الخطوات المدروسة، والتجربة التاريخية قالت إن من يتخذ المسلك الأول ينتهى نهاية مأساوية تكون بالقتل، والقانون نص وروح، وفكرة تطبيق القانون نصًا فقط أدت إلى مشاكل كبيرة، فدائمًا فى التشريع يجب الرجوع إلى تاريخ القانون، ويجب إعمال روح القانون بالموازاة مع إعمال النص.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.