قادة الأركان يتشاورون فى السابع والعشرين من الشهر الجارى.. ووزراء الخارجية يجتمعون فى سبتمبر الكثير من المجازر تقع فى ليبيا نتيجة الفوضى العارمة على أراضيها، وكانت آخر تلك المجازر بمدينة سرت الليبية، قبل أسبوعين، وهو ما دفع جامعة الدول العربية لعقد اجتماع طارئ على مستوى المندوبين، نتج عنه عدد من القرارات أهمها السماح بتقديم الدعم العسكرى اللازم للجيش الليبى وما يلزم لعملية مواجهة الإرهاب، إلا أن الجامعة العربية لم تطرح آلية تقديم ذلك الدعم، أو سيناريوهات التدخل العسكرى فى الأراضى الليبية. السيناريوهات المتوقعة للتدخل العربى فى ليبيا رصدتها «الصباح» من خلال مصادر مطلعة، وهى التى سيتم بحثها خلال اجتماع على مستوى وزراء الخارجية فى سبتمبر المقبل، والذى سيعقب اجتماع قادة الأركان فى السابع والعشرين من الشهر الجارى. المصادر أوضحت أن التدخل الذى ستصر عليه الدولة الليبية كما جاء فى طلب وزير خارجيتها محمد الدايرى، هو الدعم العسكرى، وسيكون ذلك الطلب بمثابة توجيه ضربات بسلاح الجو مركزة على البؤر الداعشية، وتدمير مواقع التنظيم الإرهابى، ومد القوات المسلحة العربية الليبية بالسلاح اللازم. كما أوضحت مصادر، من الجانب الليبى أن الجانب الليبى يرحب بكل أشكال التدخل سواء على الأرض أو جويًا للتخلص من تنظيم داعش وإعادة الاستقرار للدولة. وعلى الجانب الآخر يبقى موقف مجلس الأمن الرافض لرفع حظر التسليح عن الجيش الليبى، راهنًا ذلك بمسار الحوار السياسى فى جنيف بين الحكومة الشرعية وما تسمى بحكومة طرابلس المنبثقة عن المؤتمر الوطنى العام التابع لجماعة الإخوان فى ليبيا، والتى انسحبت فى مارس الماضى من مدينة سرت الليبية وسمحت بذلك لسيطرة عناصر داعش على المدينة. قال الخبير العسكرى اللواء محمد عبد المنعم طلبة: إن عملية التدخل فى ليبيا باتت حتمية وواجبة على الدول العربية كافة، وأن تأخر هذه الخطوة سيكلفنا الكثير. وفيما يتعلق بموقف الدول الغربية المتحفظ على تسليح الجيش الليبي، أوضح طلبة أن دول الخليج مازال بإمكانها استخدام سلاح البترول، بطرق مختلفة منها رفع سعره من خلال تخفيض الإنتاج، أو تعويم السوق وهو ما سيؤثر بالطبع على الدول الكبرى والتى سترضخ لطلب الجامعة العربية فى ذلك الوقت بتسليح الجيش الليبى الذى لابد أن يكون قويًا فى وجه الإرهاب المتفشى والذى سيمتد لدول الجوار. وتابع طلبة أن الدول العربية تمتلك قرار التدخل دون موافقة مجلس الأمن نظرًا لتعرض أمن المنطقة للخطر، وهو ما يعطيها الحق فى الدفاع عن شعوبها دون انتظار مجلس الأمن الذى يعمل بناء على مصالح الدول العظمى، مشيرًا إلى أن الصين وروسيا ستساند الدول العربية فى موقفها، وهو ما يحول دون اتخاذ أى إجراءات أو عقوبات ضد الدول العربية حال خرقها لحظر التسليح ومد الجيش الليبى بالسلاح اللازم لمواجهة الجماعات المتطرفة. وبشأن آلية التدخل، أوضح طلبة أن سلاح الجو سيكون فى الغالب هو الشكل الأول بالتوازى مع تقديم الآليات العسكرية والذخائر للجيش الليبى، وربما يتطور إلى التدخل البرى بعد الانتهاء من القوى العسكرية خلال الفترة المقبلة، وسيشمل قوات الصاعقة والمظلات مدعومة بالمدرعات وسلاح الدبابات. ورجح طلبة أن تكون مصر فى مقدمة هذه الدول التى تقدم الدعم للجيش الليبى، نظرًا لتعلق التطورات فى الأراضى الليبية بالأمن القومى مباشرة، وتهديد الحدود المصرية الغربية. من جانبه، قال الخبير العسكرى العميد صفوت الزيات: إن عمليات التدخل عسكريًا فى ليبيا، لن تكون بقرار منفرد من جامعة الدول العربية خاصة، أن الدول الأوربية لابد أن توافق على أى خطوة فى ليبيا نظرًا لوجودها على سواحل المتوسط الذى يربطها بتلك الدول. وأضاف الزيات أن الخطوة الثانية متعلقة بعملية الحوار السياسى الذى ترعاه الولاياتالمتحدة، وأنها لن تسمح بأى تدخل عسكرى لأنه سيصب فى صالح طرف دون الآخر فى ليبيا، وهو ما قد يعرقل العملية السياسية التى مرت بخطوات كبيرة حتى الآن. وتابع الزيات، أن المخاطرة العسكرية فى ليبيا ربما تؤدى إلى الكثير من مشاهد العنف خاصة، أن الجماعات المتطرفة ستزداد تطرفًا وترد بعمليات انتقامية قد تطال دول الجوار الليبى وهو ما قد يدفعها لرفض التدخل العسكرى على الأرض، كما أن مجلس الأمن لابد وأن يوافق على تلك الخطوة وهو أمر غير وارد خاصة فى ظل تحفظه على رفع حظر التسليح عن الجيش المعترف به، وفى ذات الوقت تبقى الأطراف الدولية الأخرى المؤيدة للطرف الآخر فى طرابلس، وقد تعترض هذه الدول على أي عمليات ضد قوات فجر ليبيا، وأما بالنسبة لداعش، فإنه لن يجد مكانًا إذا لم الشمل الليبى من خلال عملية الحوار. فى ذات الإطار قال اللواء نبيل ثروت الخبير العسكرى: إن التدخل فى ليبيا بات واجبًا على الدول العربية فى ليبيا، وأن الشكل الأول للتدخل سيكون من خلال سلاح الطيران، ورجح أن بعض الدول العربية قد لا تتدخل فى ليبيا وهنا سيكون القرار للدول الداعمة وعلى رأسها مصر. وشدد ثروت على أن الدول العربية من حقها أن تتخذ التدابير اللازمة لحفظ أمنها القومى دون انتظار موافقة المجتمع الدولى. وقال الخبير العسكرى اللواء طلعت مسلم: إن عملية التدخل فى ليبيا ستكون فردية، نظرًا لوجود بعض الدول التى تعارض فكرة التدخل بالأساس لأنها تساند المليشيات فى ليبيا، ووجود بعض الدول التى لا تربطها حدود مع ليبيا وتقل درجة الخطورة بالنسبة لها، وهو ما يجعلها غير معنية بالأمر على نفس الدرجة بالنسبة لدول الجوار. فيما اتفق اللواء حسام سويلم على أن الحل العسكرى هو الحل الواجب فى ليبيا فى الفترة الحالية، وأن سلاح الطيران سيكون كلمة السر فى الأوضاع فى ليبيا.