*«أرميا» إمبراطور المركز الثقافى.. و«بولا» المسيطر على مصير الأسر الفقيرة *«دانيال» يعود لإبراشية سيدنى.. و«بطرس» يرعى أخاه ويقيم له دورًا للأيتام *طرد «أمونيوس» إلى صحراء الرهبنة.. و«متياس» يهاجر إلى أمريكا يمسكون الكتاب المقدس فى يد، وفى اليد الأخرى معاول لهدم أسوار الكنيسة.. هذا حال بعض الأساقفة الذين تحولوا إلى «جبابرة» يسيطرون على الأوضاع داخل الكنيسة الأرثوذكسية، ويديرون المشهد من خلف الستار، منذ ما يزيد على 25 سنة، أحكموا قبضتهم خلالها على رقاب «المظاليم» من الأقباط. ويصل عدد الأساقفة إلى نحو 100 أسقف، وهم أعضاء بالمجمع المقدس، الذى يدير شئون الكنيسة، ويترأسه البابا تواضروس الثانى بطريرك الكرازة المرقسية. ويدير الأنبا آرميا الأسقف العام، سكرتير البابا الراحل شنودة الثالث، المركز الثقافى، الذى يمثل قلعة علمية لاحتوائه على كميات ضخمة من المجلدات والكتب النادرة، فضلًا عن وجود قناه الكنيسة «مارمرقس». ويعتبر الأنبا آرميا المركز وكأنه شىء مملوك له، وليس للأقباط جميعًا، إذ يدفع زوار قاعات المبنى 10 جنيهات للشخص البالغ و5 للأطفال، وذلك للراغبين فى مشاهدة مقتنيات البابا الراحل، التى تم وضعها فى معرض خاص. ويتحكم آرميا فى تنظيم الندوات والمؤتمرات داخل القاعات، ويحظر تغطية أى فاعليات داخل أروقة المركز إلا بإذن منه شخصيًا، وحال الضرورة تمنح قناة «مارمرقس» وصلات للبث للقنوات الأخرى، ما يسبب حالة من التذمر. وقد حاد المركز عن خط الكنيسة مرارًا وتكرارًا، فبينما يؤكد البابا أن أعماله روحية وطنية وأنه بعيد عن السياسة، ينظم ندوات سياسية رغم أن غالبية حضورها يكون من بين أفراد الأمن التابعين للمبنى والعاملين فيه، وذلك لعدة أسباب منها عدم توجيه دعوات لحضورها، إلى جانب عزوف رواد الكاتدرائية عن المشاركة. ويتصدر الأسقف العام المشهد كثيرًا، لعل أبرز المواقف هو استقباله للرئيس عبد الفتاح السيسى حال زيارته للكاتدرائية لتهنئة الأقباط بعيد القيامة، ضاربًا عرض الحائط بآداب البروتوكول فى استقبال المسئولين، ويلقبه شباب الأقباط ب«الرجل الخفى» نظرًا لعلاقاته الوثيقة بعدد من رجال الأمن، والبيزنس. ولم يكتف آرميا بالهيمنة على المركز حيث أطلق برنامجًا بقناة «مارمرقس» تحت إشرافه بعنوان «أتحبنى» ليجمع من خلاله تبرعات لمساعدة المحتاجين والفقراء، بهدف تهميش دور لجنة البر وأسقفية الخدمات رغم أنها إحدى مؤسسات الكنيسة المختصة بذلك، مستخدمًا أسلوبًا استنكره الشباب حيث قام بتصوير بعض العائلات، التى تتلقى دعمًا منه، أثناء حصولهم على معونات ودعائهم له. ولا تخلو الكنيسة من «الجبابرة» على طريقة آرميا، حيث عاد الأنبا بطرس الأسقف العام، سكرتير البابا الراحل، الذى توارى عن الأنظار عقب رحيله إلى الساحة مجددًا. ويترأس بطرس، الإشراف على دير مار يوحنا الحبيب ويصول ويجول فيه منشآته ومزارعه، دون ظهور عائد تلك المشروعات على فقراء الأقباط، وإذا به يدعم شقيقه القمص شنودة منصور، صاحب فتاوى تحريم ختان الأناث والذكور وإباحة دخول المرأة إلى الهيكل وهى حائض. واستفاد القمص منصور من سلطة شقيقه حيث ظل دون محاسبة أو تجريد من الكهنوت رغم مخالفته تعاليم الكتاب المقدس، ليس هذا فحسب، وإنما يشرف منصور على بعض دور الأيتام التى تم تأسيسها من تبرعات الأقباط التى يدفعونها لشقيقه بطرس. ومكنت اللباقة والدبلوماسية الأنبا بولا، أسقف طنطا، من أن يكون ممثلًا للكنيسة فى جميع المعارك السياسية، حيث كان عضوًا فى لجنتى وضع الدستور أثناء حكم جماعة الإخوان، وبعد ثورة 30 يونيو. واعتلى بولا رئاسة المجلس الإكليريكى المعنى بأمور الأسر القبطية ومنح تصريحات الزواج الثانى من عدمه ودعاوى التطليق والبطلان، كما كانت له مواقف عنيفة تجاه بعض الحركات القبطية التى تنادى بحقها فى الزواج الثانى، ولعل أبرز الوقائع «حادثة الكلب»، حينما أطلق على المتظاهرين المطالبين بحق الزواج الثانى كلاب حراسة لتنال منهم. وعرف عن الأنبا بولا قوته وجبروته، حيث ظل متحكمًا فى أمور الأسر نحو ربع قرن، وحينما تولى الأنبا دانيال، رئاسة المجلس الإكليريكى ظل شريكًا فى الإشراف على الأحوال الشخصيه بأستراليا، إلى جانب الإشراف العام ومساعدة دانيال فى مهامه، ما انعكس سلبًا على ذوى المشكلات وأفقدهم الأمل فى إنهاء أزماتهم. أما الأنبا دانيال، أسقف سيدنى بأستراليا، فسب راهب يدعى بافلوس بدير الأنبا شنودة بسيدنى، وكانت النتيجة ضم الدير للإيبارشية وتكدير الراهب، وفى عام 2009 تمت محاكمته بتهم مالية، أثناء وجود البابا شنودة حاول الأنبا بيشوى، رئيس لجنة المحاكمات وقتها الحفاظ على بقائه فى مكانه رغم وابل الشكاوى، إلا أنه تم الاكتفاء بوقفه. وعندما تولى الأنبا باخوميوس، مهام القائم بأعماله عام 2012، شكلت لجنة لدراسة أمر عودته، وعاد مجددًا للخدمة رغم رفض الأقباط، ليعود أقوى مما كان حيث قام برسامة كهنة موالين له، ليكونوا بديلًا للكهنة، الذين تم رسامتهم خلال الفترة التى كان موقوفًا عن الخدمة فيها، ليحكم قبضته على مقاليد الإيبارشية. ولعل أبرز مثال لقدرة جبابرة الكنيسة على مواجهة أى عواصف هو الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادى، الذى طالته العديد من الاتهامات عقب أحداث نجع حمادى، ومنها وجود صداقة وشراكة بينه وبين الراحل عبد الرحيم الغول، أحد قيادات الحزب الوطنى المنحل، وقت الأزمة، وحمام الكمونى منفذ المذبحة التى جرت فى عيد الميلاد عام 2010. وقدم عدد من الأقباط شكاوى إلى مكتب البابا شنودة، وتم رفع دعوى ضده تتهمه بالاستيلاء على حقوق المؤلف رشدى بهمان، الأستاذ بالكلية الإكليريكية فى عدد من كتبه ومنها سيرة القديس الأنبا بضابا. وأقام شخص يدعى كرارة إسحق دعوى خيانة أمانة ضد الأنبا كيرلس وآخرين فى جنحة رقم 934 لعام 2006، لعدم سداد مبالغ أعمال خرسانية بالكنائس والامتناع عن السداد، وانتهى الأمر بإحالته للجنة المحاكمات الكنسية إلا أن عددًا كبيرًا من أبناء مدينة نجع حمادى حضروا وفى مقدمتهم فتحى قنديل، عضو مجلس الشعب آنذاك ليؤازروا كيرلس واحتجاجًا على إقصائه؛ ما أدى لعدول لجنة المحاكمات وقتها برئاسة الأنبا بيشوى عن محاكمته. ولا تزال الشكاوى تتوالى ضد كيرلس من قبل البعض، وبينهم أقارب للشهداء الذين لقوا حتفهم ليلة عيد الميلاد عام 2010، منها تعامله مع الإيبارشية كأنها حق مطلق له. وعندما يوجد جبابرة، يوجد فى نفس المكان مظلومون حيث شهدت إيبارشية المحلة حدثًا غريبًا حيث تقدم الأنبا متياس أسقف المحلة، باستقالته من رتبة الأسقفية فى عام 2005 قبل إحالته للمحاكمة الكنسية حيث تم اتهامه ب25 تهمة، أبرزها التقرب من البروتستانت والكاثوليك، وعدم حضوره جلسات المجمع المقدس من 1993- 1998 ومقاطعة البابا شنودة والسفر للولايات المتحدة دون علمه - بحسب ما ورد من اتهامات. واعتبر أهالى المحلة، أن ما حدث مع أسقفهم جزء من حرب الأنبا بيشوى ضده، خاصة بعد أن فاجأ سكرتير المجمع المقدس طلاب الكلية الإكليريكية بالمحلة، ووزع عليهم مضبطة جلسة محاكمة الأنبا متياس، ومذكراتها تمهيدًا لامتحانهم فيها، وجاء ضمنها نسبة أقوال إليه منها «البركة لاتؤخذ من الأب الأسقف أو الأب الكاهن، ولكنها تؤخذ من مصدرها وهو الله، وأنه لا توجد معجزات على يد الآباء لأن البركة مش تيار كهرباء بيتنقل». وزادت الأمور ريبة بعد تولى بيشوى مهام الإشراف على إيبارشية المحلة إلى جانب كفرالشيخ ودمياط وبرارى القديسة دميانة، ليهيمن على حدود المطرانية كلها، فيما هاجر متياس إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية للعيش مع أشقائه هناك. ويختلف الأمر كثيرًا مع الأنبا آمنيوس أسقف الأقصر المستبعد عن إيبارشيته منذ عام 2000، حينما حضر اجتماع مجمع الأساقفة وفوجئ بوجود قرار بعودته إلى الدير التابع له واستبعاده من الإيبارشية. وصدر قرار عزل أمنيوس بخط وتوقيع البابا شنودة فى يونيو 2000، ليعود لحياة التوحد بمغارة جبلية متاخمة لدير الأنبا بيشوى، وتم تشكيل لجنة تضم الأنباوات هدرا وبولا وبيمن ويؤانس السكرتير لاستلام مطرانية الأقصر، وجاء قرار البابا خاليًا من أسباب الاستبعاد على خلاف المعتاد، أو إجراء أى تحقيقات للوقوف على حقيقة الأمور. ولم يبد الأنبا أمنيوس أى رد فعل سوى الطاعة، حيث توجه إلى الدير ومنه لمزرعة فى برية شهيت بوادى النطرون، وهو ما كان يطلبه من البابا الراحل عدة مرات ولكن الأخير كان دائم الرفض. ووصف أهالى الأقصر وقتها قرار المجمع المقدس ب«الصاعقة» نظرًا لقسوة بنوده والتى تضمنت وقف الأنبا أمنيوس عن عمله، معربين عن غضبهم حيال القرار وارتدوا الملابس السوداء، وكأنهم فى حداد رسمى وعلقوا الشارات والأقمشة السوداء على المنازل. وطالبوا البابا الراحل والحالى بعودة الأسقف للخدمة، ولكن البابا تواضروس أوفد نائبًا باباويًا للخدمة هناك وهو ما زاد من حدة الاحتقان، وتظاهروا أمام الكاتدرائية وفى الأقصر رافعين صور أمونيوس، منادين بعودته دون جدوى، كما أرسل عدد من مسلمى المدينة خطابات تناشد البابا بإعادة الأسقف. ولم تفلح محاولات إعادة الأساقفة المعزولين، حيث تم فتح الملف إبان سنة 2013 فى جلسة المجمع المقدس برئاسة البابا، حيث تقرر عودة الأنبا تكلا أسقف دشنا المستبعد، وشهدت الجلسة مشادة ساخنة بين الأنبا بيشوى، الذى رفض بإصرار عودة أسقف المحلة، والأنبا بفنوتيوس الذى طلب رجوعه، ولكن كفة بيشوى كانت الغالبة. ونشبت مشادة أخرى بين الأنبا بيمن، وأحد أعضاء اللجنة التى كانت تشرف على إيبارشية الأقصر، بعد عزل أمنيوس وبين الأنبا لوكاس أسقف أبنوب، الذى أكد أن أبناء الأقصر يريدون عودة أسقفهم.