*فى «الصحة»: الوزير مش فاضى يقابل «أشكالكوا».. و«التعليم العالى»: اطلعوا بره».. و«الداخلية»: كان زمان.. و«النقل» و«العدل»: الوزير لا يقابل أحدًا.. و«الإسكان» تتاجر فى الشكاوى..و الشباب والرياضة : أهلاً بكم فى أى وقت مكتب الوزير، آخر مكان يخطر على بال أى مواطن عادى لمحاولة الحصول على حقه، أو الشكوى من أى موظف أو مسئول فى وزارة، برغم أن جميع الوزراء والمسئولين يؤكدون دائمًا على شاشة الفضائيات التى يحتلونها يوميًا أن أبواب مكاتبهم مفتوحة وأن أرقام هواتفهم متاحة لاستقبال مكالمات الجميع. فطنة المصرى تأكدت فى هذا التحقيق الذى أجرته «الصباح» للوصول إلى مكاتب من يديرون البلاد، وبعد المرور على أكثر من 10 وزارات، لم نتمكن سوى من لقاء وزير واحد، أما البقية فكان الطرد نصيبنا بعد أن أكدنا أننا مواطنون عاديون يرغبون فى لقاء معالى الوزير. فى وزارة التعليم العالى، كانت جملة «اطلعى بره» أول رد فعل أحد العاملين بمكتب الوزير، بمجرد معرفته بأن من طلب المقابلة مجرد طالبة تريد عرض شكواها عن زيادة أسعار الكتب الدراسية على الوزير، إذ أنها لا تستطيع دفع ثمنها، وأن بعض الأساتذة يهددون الطلاب بالرسوب فى حال عدم شراء الكتاب، بخلاف المعاناة من مشروع الجودة، وما يترتب عليه من تعذيب للطلاب وفرض مواعيد دراسية إضافية عليهم وغيرها من المشكلات. محررة «الصباح» ظلت واقفة أكثر من ربع ساعة تقريبًا بينما يلعب الموظف بمفاتيح جهاز الحاسب الآلى، وعندما اعترضت على أسلوبه قال مجددًا: «اطلعى بره اكتبى ورقة بمشكلتك ولما تتحل نكلمك»، وعندما ألحت لمقابلة الوزير مباشر لتوصيل المشكلة بأقصى سرعة، لم يهتم إطلاقًا وأعطاها ورقة بها بيانات مطلوب استكمالها حول «الاسم، رقم الهاتف، اسم الجامعة والمشكلة» وبعد تعبئتها قال: «هاندرس المشكلة ولو فى أيدينا حل هنتصل بيكى» فسألته: «هل يعنى هذا أننى لن أقابل الوزير»، فأجاب بابتسامة خفيفة «إن شاء الله لو وصلنا لحاجة هنكلمك»، وأنهى المقابلة فى الحال. وفى وزارة التموين وقفت المحررة بملابس رثة، وأمام البوابة الأولى للوزارة، أخبرت الحرس برغبتها فى لقاء الوزير لأنها تعانى من مشكلة تريد اطلاعه عليها، وقبل أن تستكمل عبارتها، صرخ فيها شخص ضخم: «هو انتى مفكرة الوزير بيقابل أى حد؟ اعتبريه مش موجود»، وبعد نقاش طويل قال: «اطلعى وأنا مش مسئول، انتى وحظك لو عرفتى تدخلى مكتبه»، فدخلت إلى مكتب الوزير حيث أخبرت العاملين هناك برغبتها فى أن تشكو له ظلم أحد أصحاب المخابز الذى استولى على بطاقتها التموينية عندما تشاجرت معه لبيعه الدقيق فى السوق السوداء، الأمر الذى حرمها من صرف السلع التموينية منذ شهر، إلا أن موظفى المكتب لم يستجيبوا، وأغلقوا الباب المؤدى لمكتب الوزير وقالوا: «الوزير مش مسئول عن المشاكل دى، ممكن تعملى بلاغ أو تتصرفى مع صاحب الفرن» فسألتهم وماذا عن دور الوزير الذى يظهر فى التليفزيون ويؤكد استعداده لمساعدة المحتاجين فى الحصول على حقوقهم التموينية، فقالوا: «دى مش مشكلته ولا علاقة له بها». واكتشفت المحررة بالصدفة أثناء وجودها بالوزارة، أن منع الموظفين المواطنين من لقاء الوزير ليست الواقعة الأولى من نوعها، إذ كان هناك رجل يرتدى جلبابًا ويريد مقابلة الوزير ليشكو له جشع أحد مكاتب التموين التى ترفع أسعار السلع وتقول إنها تأتى من الوزارة، فجاء ليقدم شكوى خاصة أن ظروفه المادية لا تسمح له بتحمل زيادة الأسعار إلا أنه تلقى نفس الرد، وقال له فرد الأمن على البوابة: «الوزير هيعملك إيه، عاوزاه ينزل يطلب من مكتب التموين يصرفلك التموين ببلاش؟». وفى وزارة الصحة، سخر موظف الأمن الموجود على البوابة من طلب المحررة: «عاوزه تقابلى الوزير حتة واحدة طب قولى حتى مساعد الوزير»، رغم أنها ادعت أن ابنها يعانى من ورم بالمخ وترفض جميع المستشفيات استقباله، وكل دقيقة تمر عليه تقربه من الموت، ولكنهم فى النهاية طلبوا منها كتابة شكوى ستأخذ دورها داخل الوزارة وعلى أساسها يقرر المسئولون ما الذى سيتم فعله، وأثناء كتابتها للشكوى نصحها أحدهم بقوله: «لو عاوزة ابنك يتعالج اصرخى أمام أبواب الوزارة حتى يقوموا بمساعدتك وحل مشكلتك فى أسرع وقت». فى وزارة الداخلية الأمر مختلف بالتأكيد، فهناك 11 سياجًا أمنيًا تحول دون وصول أى مواطن إلى محيط المبنى، وعندما وصل المحرر إلى البوابة وأبدى رغبته فى مقابلة الوزير أو أحد قيادات الوزارة لشكوى أحد أمناء الشرطة، وقبل أن ينتهى من عبارته جذبه أحد رجال الأمن الموجودين وقال له باستنكار: «بالسهولة دى؟! البلد مش سايبة علشان تطلب تقابل الوزير شخصيًا» مشيرًا إلى أنه لا يمكن مقابلة وزير الداخلية على الإطلاق مهما كانت الشكوى. وفى وزارة النقل ارتدى المحرر زيًا بسيطًا وذهب لعرض شكواه على الوزير والتى تتمثل فى معرفة لماذا لم يلتحق بالوظيفة التى أعلنت عنها الوزارة رغم تقديمه طلب منذ فترة بعيدة، وأن عدم وجود واسطة تدعمه هى السبب فى ضياع فرصة العمل، ولكن الموظف الموجود بالاستعلامات قطع حديثه قائلاً: «الوزير لا يقابل أحدًا» وتابع: «اكتب شكوتك فى ورقة واتركها لى وأنا سأعطيها للمختص للبت فيها»، وعند بوابة الوزارة كان هناك مواطنون آخرون يريدون لقاء الوزير لكنهم تلقوا نفس الرد. وفى وزارة العدل وقفنا على الباب طويلًا لاستيفاء الإجراءات المطلوبة من إبراز بطاقة الهوية وغيرها، وبمجرد طلب مقابلة الوزير لعرض مشكلة تتلخص فى تعرض شقيق المحرر لحكم بالسجن فى قضية سرقة رغم عدم وجود أدلة كان الرد كالتالى: «طلبك مش عندنا»، وبعد محاولات للسماح للمحرر بالدخول والصعود لمكتب الوزير شاهد المحرر لافتة معلقة على باب الوزير مكتوب عليها: «الباب مغلق بأمر السيد المستشار»، وقال أحد العاملين بالمبنى، عن كيفية الدخول إن الطابق مغلق من يريد الدخول يجب عليه الصعود إلى الطابق العاشر والنزول إلى الطابق التاسع حيث مكتب الوزير، ولكن المحرر وجد جميع المكاتب مغلقة، وقال أحد مسئولى الوزارة: «الوزير لا يقابل أحدًا». وفى وزارة الإسكان ارتدت محررة «الصباح» جلبابًا أسود وذهبت إلى المبنى وادعت أن منزلها انهار وأنها وأسرتها يواجهون الموت والجوع فى الشارع، ولكن فرد الأمن لم يهتم واستغرق فى قراءة الجريدة وشرب الشاى، وعندما قالت إنها تريد مقابلة الوزير، رد عليها فرد الأمن بسخرية: «عايزة تقابلى الوزير حتة واحدة»، فردت: «عايزة أقابله حتى أحصل على مسكن يرحم أسرتى من الضياع والتشرد» فرد بأن الوزير ليس له علاقة بالعقارات المنهارة وإنما اختصاصه توفير مشروعات سكنية لمواطنين ويدفعون أموالًا مقابل ذلك والمحافظة التابعة لها هى المختصة، وعندما أصرت المحررة على مقابلة الوزير مدعية أنها ذهبت للمحافظة وقالوا لها إن الحل عند وزير الإسكان، فقال: «الوزير مش فاضى يقابل أشكالكم». وعندما أصرت المحررة على موقفها أرشدها بعض الشباب إلى شباك مخصص لاستلام الشكاوى، وهناك قال لها الموظف إن مشكلتها ليست من اختصاص الوزير. وعند شباك الشكاوى يوجد طابور كبير من السيدات والرجال، ويجب أن تكون السيدة أرملة أو مطلقة لتستطيع تقديم طلب للحصول على شقة، ولكن من خلال ملء استمارة بيانات يبيعها أحد الأشخاص بجنيه، والذى أعطاها للمحررة خفية حتى لا يطرده أفراد أمن الوزارة الذين يحصلون منه على نصيب من حصيلة البيع، وعندما وصلت إلى الشباك بعد نحو ساعة ونصف الساعة طلب الموظف دمغة و10 جنيهات رسوم الاستمارة وصورة البطاقة، وطلبوا من سيدة قدمت طلبًا لتوظيف نجلها الحاصل على بكالوريوس حقوق صور المؤهل وشهادة الميلاد والبطاقة ونفس الأمر بالنسبة للأرامل والمطلقات اللاتى يريدن الحصول على شقق سكنية، وهناك سيدة لا تزال تتردد على الشباك منذ نحو 7 أشهر للحصول على شقة ويجيبها الموظف كل مرة: «لسه شوية قدامك سنين لسه يا حاجة ومتتعبيش نفسك وتيجى تانى» والغريب أن الموظف يقبل جميع الشكاوى. وفى وزارة التربية والتعليم قضت المحررة التى ادعت أنها ولية أمر أحد التلاميذ، أكثر من ربع ساعة، حتى يسمح لها فرد الأمن بالدخول لمكتب الوزير لتشكو له اضطهاد المعلمين لابنها ومحاولة إدارة المدرسة طرده وحرمانه من أداء الامتحانات لعدم قدرته على دفع المصروفات، ولكن رجل الأمن طلب منها الخروج من المبنى، فظنت أنه سيرشدها إلى مكان آخر للدخول، وعندما اكتشفت أنه يخدعها صرخت فيه فنصحها بالتوجه لبوابة 4 حتى تستطيع مقابلة مساعد الوزير رغم أنها كانت موجودة أمام البوابة الرئيسية للوزارة وعندما وصلت للبوابة وجدت لافتة مكتوبًا عليها استقبال الجمهور لكن مغلقة ثم وجدت شباكًا لتلقى الشكاوى، وقال لها الموظف إنها لن تستطيع مقابلة الوزير تحت أى ظرف، ومسألة دفع المصروفات أمر ليس له حل وسأل عن المنطقة التعليمية التى تتبعها المدرسة واسمها سواء كانت خاصة أو حكومة ثم أخبرها بضرورة العودة إلى البوابة الرئيسية وقال لها: «قولى للأمن عايزة أطلع لمدير عام التعليم الخاص»، وهناك طلبوا منى العودة مجددًا للموظف وأطلب منه أن يتحدث معهم عبر الهاتف، ويعطى أمرًا بدخولى الوزارة، وفى النهاية قال فرد الأمن الذى يحمل لاسلكى إن مقابلة الوزير أمر مستحيل، وأن ما حدث معى جزاء من يطلب ذلك. وفى وزارة الشباب والرياضة، كانت المفاجأة حين طلب المحرر مقابلة الوزير، فى مكتبه بمقر الوزارة فى ميدان سفنكس، حيث دخلت المحررة بسهولة إلى الوزارة صعدت إلى الطابق الثامن حيث مكتب الوزير حسب تعليمات أمن البوابة، ووجدت 3 أشخاص فسألتهم عن إمكانية مقابلة الوزير فسألوا عن السبب فأخبرته بشكوتها، التى تتلخص فى وجود مشكلات كثيرة فى مركز شباب إحدى المدن بمحافظات الدلتا فقالوا إن الوزير غير موجود فى مكتبه إذ أنه فى اجتماع بمجلس الوزراء، وطلبوا تقديم شكوى للمكتب الخاص بمراكز الشباب بالوزارة، فسألتهم عن إمكانية مقابلة الوزير لكى يتم حل المشكلة بسرعة، فأكدوا أنه لو كان موجودًا لتم اللقاء لأنه أصدر تعليمات بالسماح للجمهور بمقابلته، ثم أرشدوها إلى مكتب المسئول عن شئون مراكز الشباب بالوزارة، وهناك طلب معرفة المشكلة بالضبط فقالت إن بلطجية يسيطرون على مركز الشباب، ومياه الصرف الصحى تغرق أرض الملاعب، ولا توجد أنشطة ويوجد نزاع بين الأهالى والمسئولين على أرض المركز فطلب كتابة الشكوى ليحقق فيها، ورقم الهاتف الخاص بها ليتمكن من التواصل معها بعد التحقيق فى الأمر.