بعد إعلان وزارة القوى العاملة عن توفير فرص عمل تزيد عن 82 ألف وظيفة وذلك للعمل فى 466 منشأة بالقطاع الخاص فى 21 محافظة للعمل على 26 مهنة بالداخل، مع توفير فرص عمل بالخارج، وما قالته الدكتورة ناهد العشرى، وزير القوى العاملة، بإن فرص العمل متوفرة لكافة المؤهلات من المؤهل العالى والمتوسط والأقل، وأن باب الوزارة مفتوح لعمل الجميع ومتابعته لحين استلامه الوظيفة الملائمة لمؤهله، وتأكيدها المستمر بأن البطالة المتواجدة فى مصر اختيارية وليست إجبارية لعدم رغبة الشباب فى العمل بالقطاع الخاص، وأن الكثير من الوظائف التى تعلنها الوزارة لا تجد من يشغلها وأصحاب الأعمال يضطرون للتقدم للوزارة للمطالبة بعمالة أجنبية، قامت "الفجر" برحلة البحث عن وظيفة من داخل وزارة القوى العاملة وسرد تفاصيلها للتعرف على كيفية الحصول على وظيفة توفرها الدولة والتساهيل التى تقدمها. فى البداية، "توجهت إلى رمسيس فى الساعة الحادية عشر للركوب والتوجه لمقر الوزارة فى 3 شارع يوسف عباس بمدينة نصر، وكان معى مؤهلى الدراسى وبطاقتى القومية وشهادة الميلاد، ووجدت بجوارى فى السيارة عدة شباب معهم نفس الورق متوجهين إلى مقر القوى العاملة، وعندما وصلت لمقر الوزارة التى كانت تُشع بالشباب فى الخارج والداخل، وكان أمامها كشك للبيع وبه ماكينة تصوير، واستمارة للتقدم للوظائف.
كانت الجموع ملتفة من الشباب حول الاستثمارة فتوجهت إليهم للاستفسار عن كيفية التقدم للوظيفة، فأشار لى أحدهم بشراء الاستمارة بتكلفة جنيه وملئها ثم التوجه بها لمقر قطاع التشغيل بالوزارة، وعندما استفسرت عن باقى الأوراق وشهادة التخرج، أجاب بأن ما يتم تقديمه الاستمارة فقد وهيتصلوا بيكى، فقمت بشراء الاستمارة والتوجه لمقر الوزارة فإذا بعشرات الشباب من جميع المؤهلات وأكثرهم من الولاد، والمؤهلات العليا، فالجميع فى حالة تأهب للوظيفة ويحمل ما أتمه من شهادات ليقدمهه ليقتنعوا بتوظيفة، وتوجهت إلى المسئول عن جمع استمارات التوظيف بعد ملئها وهو مسئول فى أمن الوزراة لتحدث معه عن إمكانية التواصل معهم والوظائف المتاحة، فبكرسيه الجلدى الذى يجلس عليه فوق أريكة تعلو قاعة المؤتمرات التى يملأها الشباب يردد فى الميكروفون "كمان 15 يوم هنتصل بيكم.. ولو متنصلناش.. أبقو تعالو تاانى...مش عاوزين ورق..الاسثمارة بس..أخر يوم بكرة"، توجهت للاستفسار منه عن طبيعة الوظائف، فقال لى:" الوظائف متعلقة فى الدور الرابع كله هيشتغل هى لكل المؤهلات العالى والمتوسط.. هنتصل بيكم كمان 15 يوم.. أحنا اللى بنتحايل عليكم عشان تشتغلوا وأنا بتصل بناس بنفسى وهما مش بيجوا"، وكان ذلك رداً على استفسارات جميع من يلتف حوله ، مع تذمر البعض لعدم ثقتهم الكافية فيما يقوله لهم مردديت:"مش عاارفين هما صح ولا بيكدبوا علينا".
وتوجهت إلى الشباب للحديث معهم والتعرف على ظروفهم، فإذا بمحمود سليمان، 26 سنة، خريج بشهادة ثانوى صنايع، فنى كهربائى بلا وظيفة، من محافظة الوادى الجديد وجاء إلى القاهرة لطلب الوظيفة وكان يرغب فى السفر للخارج، ولكنهم قالوا له إن موعد التقديم فى السفر للخارج أُغلقت، حيث قال: "جيت الوزارة عشان أقدم ورقى وأسافر الخليج أشتغل هناك سألتهم قالولى مسابقة التقديم للخارج أنتهت.. فمليت استمارة العمل فى الداخل ودخلتها للموظف اللى بيجمهم ومش عارف هيشغلونا أيه.. أنا جاى من الوادى الجديد أقدم فى أى وظيفة عشان أشتغل أنا عندى 26 سنة وبشتغل حر مفيش عمل ثابت ودخل ثابت"، مؤكدا أنه قدم من قبل فى مسابقة للقوى العاملة عام 2013، حيث طلبت فنيين وقام بتجاوز الكشوف والاختبارات بها وتم قبوله بالفعل ونزول اسمه فى كشوف الأسماء المقبولة للعمل كفنى شبكات بالوادى الجديد، وأعلنوا تسليمهم الوظيفة شهر يوليو 2013 وتم تأجيلها وإلى الآن لم نستلمها.
وأضاف: "لسة عندى أمل أنى اشتغل عشان كدا جيت أقدم تانى"، ومن جانبها قالت أمل محمد، خريجة خدمة اجتماعية دفعة 2003، إنها تقدمت فى أكثر من وظيفة وأنه كلما تم الإعلان عن وظائف تتقدم فيها، وكان معاها والدتها التى تزيد عن الخمسين من عمرها، مؤكدة: "نفسى بنتى تشتغل أحنا تعبانين ومن حقها تشتغل بعد ما أتعلمت.. يارب يكون كلام الوزارة صح وتشغل الشباب"، وترد ابنتها أمل قائلة: "أدينا ملينا الاسثتمارة ومليت بردة استثمارة التربية والتعليم يااارب يكون الوظائف بجد ونتعين".
وأوضح أيمن رجب، 24 سنة، بكالوريوس تجارة، والذى قام بملىء الاستمارة هو الأخر وقدمها للموظف، قائلا: "المشكلة أن كل الوظائف عمال وفى محافظات بعيدة ومفيش مؤهلات عليا واللى فيه تلاقيه متأخد مكانه بالوسطة، وكمان المرتبات قليلة أوى بس ربنا يسهل".
توجهت إلى إدارة التشغيل بالدور الرابع لمقابلة محمد عبد الرحمن، المسئول عن إدارة التشغيل بالوزارة، وإذا بشخص يقف على الباب لمنع دخول الشباب ويسمح فقط للموظفين بالدخول، وعندما طلبت منه الدخول للاستفسار عن الوظائف ومقابلة المسئول امتنع ورفض دخولى، قائلا: "هو مش موجود.. إنتى عايزة تستفسرى عن أيه.. الوظائف.. أملى الاستمارة.. هنتصل بيكم كمان شهر"، وذلك ضعف المدة التى قالها لى موظف الأمن الذى يقوم بجمع الاستمارات، وعندما استفسرت عن الوظائف بدا عليه التذمر من استفساراتى الذى كان يقابلها بوجه العابس دائما، وما يردده من جملة "كمان شهر هنرد عليكم.. هاتوا الاستثمارات عشان هنمشى"، وكانت الساعة وقتهما لم تتخطى الثانية ظهراً.
توجهت إلى الوظائف المعلنة المعلقة على حائط الدور الرابع لأجد معظمها للعمال ومتوسطى المؤهل بجانب وظائف فى شركات الاتصالات وتوشيبا، والملابس الجاهزة، والصناعات الغذائية، والغزل والنسيج، والنقل والشحن والتخزين، الطباعة والحاسب الآلى، صناعة الأعلاف وتربية الحيوانات والطيور، وصناعة السيارات والمركبات وصيانتها الرخام والجرانيت، وخدمات المجتمع وغيرها من الوظائف، وسط التفاف من الشباب، وعندما تناقشت مع أحدهم، قال: "هذه الوظائف مُعلقة منذ شهر هى حقيقة بس لما بنروح نلاقيها وظيفة تانية"، شارحاً قصته السابقة مع التوظيف، بأنه تقدم لوظيفة من خلال إعلان نشرته وزارة القوى العاملة على الحائط كمدخل بيانات بشركة وعندما ذهب وجدها ناقل وحامل أوراق ووجدها أنها غير مؤهلة لظروفه ومؤهله، حيث أن الوزارة قد أعلنت أن الوظائف لكافة المؤهلات، ولكن ننتظر التنفيذ.
وأضاف: "نزلت إلى مكتب الوزيرة، ناهد العشرى، لأرى هل بابها مفتوح لعمل الشباب كما تقول، وإذا بشخصين واقفين كحراس لمكتب الوزير والسكرتير مانعين أى شخص من التواجد أو الدخول، وعندما طالبت منهم الدخول ومقابلتها للاستفسار عن شىء، قال لى أحدهم: "تقابلى الوزير ليه عايزة أيه.. وعندما علم أنه بخصوص الوظائف، قالى: "أيه بقى.. هى الوزير فاضية.. هى مش موجودة.. فى مؤتمر لو عايزة تقدمى إملى الاستمارة وخلاص وهنبعتلك"، وعندما قولت له: "مش الوزيرة بتقول أن بابها مفتوح"، فرد: "أه مفتوح بس هى مش فاضية ومش موجودة كمان.. وكنت قد علمت أنها بالداخل من أحد الموظفين.. وكُنت قد أنتهيت من تفاصيل رحلتى فى البحث عن وظيفة وتقدمت باستمارة التسجيل فى أنتظار الأيام حتى تبدى لى ما تدفنه أدرج الموظفيين وتضارب موعيدهم".
وتوجهت إلى القسم الأخر من الوزارة وهى الإدارة العامة للتشغيل والتمثيل الخارجى التى كانت تُعم هى الأخرى بعشرات المتقدمين للأعمال الموسمية وموسم الحج والسفر للخارج، وذلك وسط يأس يعم جميع الحاضرين الذىن كانوا قد تقدموا بطلبات التوظيف الموسمى منذ شهر يونيو الماضى، ولم يحصلوا على رد فى ظل مماطلة الموظفين لهم فى الرد بجانب التشغيل، وفقاً للوسطة أو المبلغ المالى الذى يقدمه لشركة " الرشوة"، حيث قال أحمد سيد ياسين، يزيد عمره عن الأربعين، من أطفيح بمحافظة الجيزة، يعمل حر دون مرتب ثابت، حيث قدم على الوظائف الموسمية بالوزارة للحاق بموسم الحج، وكانت الشركة المسئولة عن التنسيق بين الوزارة والمملكة قد أخبرته بقبولة بالمسابقة، ثم عادت وأخبرته بأنه تم رفضه دون سبب واضح، مؤكدا أن الشركة الوسيطة تقوم بأخذ رشاوى لعمل الموظفين الموسميين علانية من 12:8 ألف جنيه وسط غياب مسئولى الوزارة.
وقال جمال محمد رفعت، من المرج، الذى قدم للعمل بموسم الحج منذ شهر يونيو: "مليش شغلة فى البلد، أحنا عمال عاديين ، خلصنا كل الورق عشان نسافر ونشتغل فى موسم الحج.. وبيقولوا هنتصل بيكم.. ومفيش حد بيتصل.. وما قالته الوزيرة بأن القوى العاملة توفر 3 ألاف تأشيرة موسم حج للعمال فاشوش مفيش حاجة ، كل مندوب بيدخل معاه محاسيبه اللى دافعين فلوس للمكاتب".
وفي نهاية المغامرة، تدخل أحد أفراد الأمن مستفسراً عن سبب وجودى ومن أعطانى الصفة للتسجيل مع العمال وعن كارنيه الصحافة, وعندما رفضت أعطائه الكاميرا والكارنية، لرغبته فى مسح ما عليها من فيديوهات، ألتف حوله العمال طالبين منى الرحيل فوراً، فرحلت فى حالة مضطربة، فإذا به يخبر البوابة الرئيسة باللاسلكى لإغلاقها وعندما وصلت تم منعى من قبل مدير أمن البوابة من الخروج، إلى أن قام العمال بحمايتى منه وإخراجى من داخل ذلك المستوطن، الذى شعرت فيه بالاضطراب وكأنهم وجدوا جاسوس وعليهم إلحاقه، فبمجرد معرفتهم بوظيفتى يرغبون فى معرفة ما لدى من المعلومات مما ينم عن خطأ يُرتكب داخل الوزارة يخشى ظهوره بالإعلام.