675 وحدة صحية تعانى نقصًا خطيرًا بالخدمات.. والشبهات تحاصر صفقة «سوفالدى» الوزير يستعين ب10 مستشارين خارج نطاق الخدمة.. وقريبًا أكبر حركة تنقلات بالوزارة ترسل وزارة الصحة المريض إلى أحد طريقين، الموت أو الحياة، وما بينهما يعيش المواطن المصرى رحلة عذاب لا تنتهى، يخضع خلالها للتجارب، ويضطر إلى تسول رعاية صحية أفضل، فأقل نظرة إلى المستشفيات الحكومية تكشف عن كوارث ضخمة، بسبب تردى أحوال المرضى، خاصة الفقراء منهم، حيث يفقد 3 أشخاص حياتهم يوميًا بسبب الإهمال، وفقًا لإحصائيات رسمية. تشبه الوزارة مغارة مخيفة بسبب تعدد أجهزتها وتشعب إداراتها المركزية فى مختلف القطاعات الطبية والوقائية والتأمين الصحى، وهى واحدة من كنوز البيروقراطية المصرية القادرة على خنق الحياة ذاتها، وليس سلب روح مريض، وتخيل أن 54 مليون مريض يترددون على المستشفيات سنويًا. تملك الوزارة قدرات أخرى تمامًا بالنسبة لدورها الخاص برعاية صحة المواطنين، إذ تقوم بالمتاجرة بالأمراض وتفتح الباب ليس لإنقاذ حياة المريض، ولكن لزيادة ثروات مستوردى الأدوية، والدليل استيراد عقار سوفالدى المعالج لفيروس الكبد «سى» بقيمة تفوق 10 أضعاف بناء مصنع لإنتاجه، ورغم ذلك يدوخ المرضى الفقراء ومتوسطو الحال على مستشفيات الوزارة للوقوف فى طوابير راغبى العلاج. يؤكد الدكتور علاء عوض، أستاذ الكبد بمعهد «تيودور بلهارس»، ومفجر قضية «صفقة سوفالدى»، أن الاتفاق الذى وقعته الوزارة مع شركة «جلعاد» الأمريكية لاستيراد الدواء «لا تزال تحوم حوله الشبهات»، إذ لا تزال الحكومة تتحفظ على إعلان تفاصيله، رغم ضرورة إعلان الاتفاق على الرأى العام الذى سيتحمل تبعاته. وتقدم الشركة الدواء لمصر بسعرين، الأول 2200 جنيه للوزارة التى تقدمه للمرضى من خلال مراكز علاج الكبد، والسعر الثانى للصيدليات يصل ل15 ألف جنيه. وحاليًا لا توجد مشكلة فى السعر، وإنما فى توافر الدواء بالكميات المناسبة لعدد المرضى الموجودين فى مصر، وهو أمر غاية فى الخطورة، إذ لا يمكن إيقاف برنامج العلاج لأى مريض بسبب عدم توافر الجرعات، حيث يهدد هذا التصرف حياته، والحقيقة أن الدواء غير متوافر حتى الآن بالكميات اللازمة سواء فى المستشفيات الحكومية أو الصيدليات الخاصة. وقال عوض إنه كان من المقرر حصول الوزارة على نحو 225 ألف عبوة تكفى لعلاج 50 ألف مريض من أصل 750 ألف مريض تقدموا بطلبات العلاج، ولكن ما وصل بالفعل إلى البلاد هو 30 ألف عبوة ما يكفى لعلاج 7 آلاف مريض، رغم أن عدد المصابين بالفيروس يتراوح ما بين 10 إلى 12 مليون مريض، يزيدون 165 ألف مصاب سنويًا. وأكد عوض أن تصنيع «سوفالدى» فى مصر، يحتاج إلى إرادة سياسية، وليس مجرد إصدار قرار، للتصدى لهذا المرض الذى يؤثر على الاقتصاد القومى لمصر، إذ إن مسألة التصنيع أمر بسيط، يبدأ بتصنيع المادة الخام الفعالة وتصنيع المنتج النهائى على شكل كبسول أو أقراض أو حقن، إذ لا يوجد فى مصر مصنع لتصنيع المادة الخام الفعالة، ولكن من السهل التعاون مع إحدى الشركات المنتجة للتصنيع فى السوق المحلى. وتابع أن تكلفة إقامة مصنع أو خط إنتاج لتصنيع «سوفالدى» هى معادلة بسيطة، فسعر كيلو الخام من الدواء قيمته لا تتجاوز 70 جنيهًا، ويعالج 30 مريضًا، ولو افترضنا أن تكاليف الإنتاج 500 فى المائة فإن تكاليف المريض لا تتجاز 120 جنيهًا فقط، وتقدر التكلفة الإنتاجية لإقامة مصنع نحو 550 مليون جنيه، وهى قيمة الصفقة التى تعاقدت عليها الحكومة المصرية مع شركة جلعاد الأمريكية. وأشار إلى أن هناك جدوى اقتصادية كبرى من إقامة هذا المصنع فى مصر، فهناك سوق استهلاكى كبير يتمثل فى عدد مرضى يتجاوز 12 مليون مريض، إضافة ل150 مليون مريض فى مختلف دول العالم. وكشف عوض ل«الصباح» أنه اطلع شخصيًا على وثيقة من الوزارة تؤكد أن تكلفة إنتاج سوفالدى لا تتجاوز 100 جنيه للعبوة وليس 8 آلاف جنيه، وهى عبارة عن فاتورة توريد 3.5 كيلو جرام من الدواء إلى الشركة المصرية الأوروبية لإجراء التجارب، ب30 دولارًا، وهذا يكفى لعلاج 104 مرضى، بمعنى أن ما قيمته 30 دولارًا مادة خام تبيعه الشركة بنحو مليون جنيه. طبقًا لآخر إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، يتبع وزارة الصحة 660 مستشفى تعانى من الإهمال والنقص الشديد فى الخدمات الصحية بنسبة 52 فى المائة، و70 فى المائة من تلك المستشفيات توجد فى المدن، وتم تقسيم المستشفيات فى مصر إلى عدة مستويات، منها الوحدات التى طورتها الوزارة وأنفقت عليها عشرات الملايين ثم تركتها مأوى للكلاب والقطط، ومستشفيات أخرى تركتها الوزارة آيلة للسقوط فوق رؤوس المرضى، ونوع ثالث أقرب إلى مقالب الزبالة. ومستوى الوحدات الصحية الحكومية أدى لتراجع ترتيب مصر للمركز ال66 على مستوى فى العالم، وفقًا لآخر إحصائيات منظمة الصحة العالمية لسنة 2011. فى الوقت نفسه، أكد محمد فاروق الحاج، منسق لجنة حقوق الإنسان بنقابة المحامين، أن هناك 2100 مواطن يفقدون حياتهم سنويًا بالمستشفيات نتيجة أخطاء الأطباء وإهمال الفريق المعالج، بالإضافة إلى إغلاق 2134 مستشفى وعيادة ومركز علاج طبيعى، ويوجد 900 بلاغ بالإهمال ضد الأطباء أمام النيابة. وتشير التقارير إلى أن الإحصائيات الرسمية من مؤسسات الدولة المختلفة بشأن الإهمال الصحى فى المستشفيات، أكدت وجود 675 مستشفى حكوميًا تعانى نقصًا خطيرًا فى الخدمة الصحية، وأغلقت الوزارة نحو 2134 مستشفى وعيادة ومركز علاج طبيعى بسبب الإهمال الطبى وعدم مطابقتها للمواصفات. بينما تحترق الوزارة بنيران الإهمال يهتم الوزير عادل عدوى بمصير 10 مستشارين بديوان عام الوزارة، على رأسهم مستشارته لشئون الدعم الفنى والتطوير المؤسسى، حيث يسعى للتخلص منهم بسبب تقصير فى أداء المهام الموكولة إليهم، وتعيين مستشارين بدلًا منهم، بينما تؤكد مصادر أن البدلاء ليسوا على المستوى المطلوب. واستقر الوزير مبدئيًا على تعيين 4 مستشاريين بدرجة معاون، وهم كل من الدكتور مكرم محمد أحمد والدكتور عمرو السعدى فى القطاع الصيدلى، بالإضافة إلى الدكتور أحمد السبكى، والدكتورة رنا زيدان للجودة ودعم وتطوير المؤسسات الحكومية الطبية، وجارٍ اختيار آخرين لإصدار قرار تعيينهم. وعلمت «الصباح» أن الوزارة بصدد إجراءات هيكلية ستشمل 40 قيادة إقليمية فى مختلف المحافظات، حيث أكدت مصادر وجود توجيهات رئاسية للوزير بإعادة تقييم مديرى المديريات بمختلف المحافظات استعدادًا لأكبر حركة تغييرات فى تاريخ الوزارة من أجل تصحيح الأداء. ومن المقرر أن تشمل حركة التطهير إقالة وتغيير حوالى 15 قيادة ووكيلًا بالمديريات وإعادة هيكلة نحو 65 فى المائة من الجهاز الإدارى فى مختلف الإدارات المركزية. وتأتى تلك التغييرات وعمليات التأهيل بعد أن كشف التقرير النهائى للجنة التقييم التى يترأسها الوزير وانتهت من أعمالها قبل يومين تقريبًا، عن تردى الأوضاع الصحية للمواطنين خاصة فى محافظات الصعيد نتيجة سوء الأداء المهنى لبعض القيادات خلال الفترة السابقة. وصرح «حسام عبدالغفار» المتحدث الرسمى باسم وزارة الصحة بأنه لا توجد أى أزمة أو مشكلة تتعلق بدواء «السوفالدى» والأسعار المقررة له تصل إلى 15 ألف جنيه للأجنبى، والمصرى منه يصل إلى 2600 جنية تقريبًا، ولا صحة للمعلومات المتداولة بشأن وجود أزمة مع الشركة المصنعة له.