فى الوقت الذى تعلق فيه الشعوب العربية آمالًا عريضة على جامعتها، التى ظلت لسنوات عديدة قائمة فى قلب القاهرة بالاسم فقط، حتى تتصدى للمخاطر تحيط بالعرب من كل اتجاه.. أصبحت تلك الآمال معلقة حاليًا برجل واحد، هو الأمين العام للجامعة العربية، الدكتور نبيل العربى، الذى تتجه إليه العيون فى العمل على لم الشمل العربى، وتشكيل القوات العربية المشتركة، للوقوف فى وجه الهجمة الشرسة التى تتعرض لها الدول العربية، سواء من جانب متشددين سُنة، ممثلين فى تنظيم «داعش»، أو متشددين شيعة، ممثلين فى جماعة «أنصار الله» الحوثية. الآن، أصبح العربى واحدًا من أهم القادة العرب، إن لم يكن الأهم بينهم، حسبما يرى مراقبون، بما يمتلك من إمكانات دبلوماسية وقانونية، يستطيع من خلالها توحيد العرب فى مواجهة الأخطار المحدقة بهم، مؤكدين أنه «لا مجال للإخفاق والتشرذم مرة أخرى». وقضى العربى رحلة طويلة من جامعة القاهرة، إلى الكثير من المناصب الدولية، ثم آفاق الخارجية المصرية، وأخيرًا الجامعة العربية، التى تولى قيادتها فى فترة من أصعب الفترات التى مرت بالأمة العربية طوال تاريخها الحديث. ولد الدكتور نبيل العربى، فى الخامس عشر من مارس عام 1935، بالعاصمة القاهرة، وتخرج فى كلية الحقوق عام 1955، ثم حصل على الماجستير فى القانون الدولى، وكذلك الدكتوراه فى العلوم القضائية من مدرسة الحقوق بجامعة نيويورك، وترأس عددًا من الوفود المصرية فى الكثير من القضايا، منها «التفاوض مع إسرائيل لإنهاء نزاع طابا 1985 – 1989»، كما كان مستشارا قانونيا للوفد المصرى أثناء مؤتمر كامب ديفيد للسلام فى الشرق الأوسط عام 1978. وعمل العربى سفيرًا لمصر لدى الهند، وممثلًا دائمًا لها فى الأممالمتحدة بجنيف، كذلك سفيرًا فى الولاياتالمتحدة، كما شغل منصب قاضٍ فى محكمة العدل الدولية، فى الفترة من 2001 وحتى 2006، وكان عضوًا بلجنة الأممالمتحدة للقانون الدولى من 1994 حتى 2001، ويعمل كعضو فى محكمة التحكيم الدائمة فى لاهاى منذ 2005، كما شارك فى الحكم التاريخى لمحكمة العدل الدولية فى يونيو 2004 بإدانة الجدار العازل فى فلسطين. ولمع نجم العربى على المستوى الشعبى فى مصر بعد ثورة 25 يناير، حيث كان عضوًا فى لجنة الحكماء التى تم تشكيلها مع اندلاع الثورة، ثم تم ترشيحه فى مارس 2011 لتولى منصب وزير الخارجية، خلفا للسفير أحمد أبو الغيط، وبدأ فترته بتصريحات نارية ضد إسرائيل، طالب فيها بدفع تعويض للجانب المصرى عن الفترة التى صدرت فيها الغاز إلى إسرائيل، تتمثل فى فارق الأسعار. ولم يستمر العربى كثيرًا فى منصبه كوزير خارجية، حيث رشحته مصر لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية، بعد سحبها ترشيح الدكتور مصطفى الفقى، مقابل سحب قطر مرشحها عبد الرحمن بن حمد العطية، وتم اختياره أمينًا عامًا للجامعة فى 15 مايو 2011، وفى عام 2012 طالب البعض بترشحه لانتخابات الرئاسة المصرية، إلا أنه رفض، مؤكدًا أنه «لن يترشح، لأن من قام بالثورة هو الأحق بإدارتها». والسنوات الأربع التى ترأس فيها العربى، الجامعة العربية لم تكن على المستوى المطلوب، حيث فشلت الجامعة فى احتواء الأزمة السورية أو وضع حل لها. فضلًا عن اتهام البعض لها بالتسبب فى تدخل القوات الأجنبية فى ليبيا للإطاحة بنظام معمر القذافى وحتى اليوم. على الجانب الآخر اعتبر المراقبون أن دور الجامعة العربية فى إقرار المصالحة الفلسطينية التى تمت فى القاهرة العام الماضى، ووقف العدوان على غزة من قبل الاحتلال الإسرائيل، كان دورًا ناجحًا. والعربى الآن على المحك، فى اختبار نهاية العمر، إما أن يقود الدول العربية نحو الخلاص، وإما أن تستمر الجامعة فى الوجود اسمًا على ورق فقط.