*مزور: التسعيرة تبدأ من 10 آلاف جنيه للكليات النظرية.. وأنا أحقق أمل الأهالى فى أولادهم *حاصل على دبلوم زوّر شهادة للعمل فى الخليج.. وتراجع عند مطالبته بتوثيقها فى «الخارجية» *شاب لم يكمل ال20 عامًا حصل على بكالوريوس حاسب آلى «مزيف» بمساعدة والده *إخصائى علم اجتماع: اشتراك الأسرة فى التزوير يعكس خللًا.. وانتظروا جيلًا من المجرمين» هل حلمت فى طفولتك بأن تعمل طبيبًا؟، هل كنت تجيب عن سؤال أقاربك وأنت طفل «نفسك تطلع إيه يا حبيبى؟» ب«مهندس» أو «مدرس»، هل فشلت فى تحقيق حلمك وتسعى الآن لإحيائه؟.. الأمر بسيط، ادفع مبلغًا من 10 إلى 15 ألف جنيه فقط، مع صورة شخصية، وبعض البيانات البسيطة، لتغيير مجرى حياتك بالكامل، وتحصل على شهادة مزورة، تتيح لك العمل فى المهنة التى تريدها. «الصباح» اخترقت عالم «الشهادات المضروبة» من خلال تعارف بسيط بين معدة التحقيق، وأحد محترفى تزوير الشهادات، بعدما أقنعته بأنها طالبة تسعى لشراء شهادة مضروبة منسوبة لإحدى الكليات، حتى تصبح خريجة جامعية، وتوفر عن نفسها عناء الدراسة، وبعد محادثة طويلة، وافق «س. أ» على تزوير إحدى الشهادات، بعد أن طلب «الدفع مقدمًا». وبلغ سعر الشهادة 10 آلاف جنيه للكليات النظرية، مثل «آداب، وتجارة، ودار العلوم» و15 ألف جنيه للكليات العملية، مثل: «علوم، وحاسبات ومعلومات» وبعد فترة من النقاش، تمكنت محررة «الصباح» من الحصول على نماذج من الشهادات التى «ضربها» المزور المحترف، والشهادة الأولى تفيد بأن الطالب «ص. م» تخرج فى كلية دار العلوم عام 2010 بتقدير عام جيد، والثانية تفيد بأن الطالب «ك. ش» حصل على بكالوريوس العلوم عام 2008 بتقدير عام جيد جدًا. من أجل المحتاجين شعار رفعه «خ. م»، صاحب محل «المتخصص» فى إصلاح أجهزة الكمبيوتر بالوراق، الذى يرى أنه يقوم ب«عمل خير» ولابد أن يُثاب عليه؛ باعتباره يقف بجوار الشباب الذين تحطمت آمالهم فى الكليات والجامعات الخاصة والحكومية، وبرر فعلته بأنه لا يُجبر أحدًا على شىء، فالزبون يأتى إليه بكامل إرادته ويختار الكلية التى قد يفشل فى اللحاق بها بالتنسيق، وأضاف أن هناك عددًا كبيرًا من الشباب، صمم لهم شهادات لبعض الكليات أو المعاهد، وعملوا بها بالفعل، وأبهروا الجميع كأنهم أهل خبرة، خاصة الشهادات الحرفية والدبلومات. وتابع: «هناك شباب لم تمكنهم ظروفهم من إكمال تعليمهم فى السن الطبيعية؛ بسبب ظروف أهلهم، أو لأى سبب آخر، لذلك يلجئون لى، ووردت إلى حالات كثيرة لهؤلاء»، مستدركًا: «لكن من أغرب الحالات التى وردت لشاب أجبره والده على دخول كلية العلوم عقب إنهائه المرحلة الثانوية، ولكنه لم يستجب لرغبة والده ودخل كلية التجارة، وزور شهادة تفيد بأنه خريج كلية العلوم، وهى التى أظهرها لوالده كى يرضيه». التزوير من أجل السفر سبب وضعه اللاجئون للتزوير أمام أعينهم من أجل الحصول على فرصة عمل فى الخارج، على اعتبار أن الشهادة هى العائق الذى يفصلهم عن تحقيق أمنياتهم للعمل فى أحد الأماكن أو الشركات الخارجية، وهو ما قاله «ر. م»، حاصل على دبلوم معهد عامين، وجاءت له فرصة عمل كمدرس بإحدى الدول العربية، فلجأ لتزوير شهادة تفيد بأنه حاصل على بكالوريوس التربية، لكنه تراجع فى المرحلة الأخيرة عندما طلبت منه الجهة المنوطة بالعمل أن يوثق شهادته من وزارة الخارجية، وهنا استشعر الخوف من كشف جريمته، وهو الأمر الوحيد الذى منعه من استكمال رحلته. أما «أ. ى»، وهو يعمل الآن بإحدى الدول العربية، فتمكن من تزوير شهادة أحد المعاهد الصناعية، وسافر على أساسها للعمل على اعتبار أنه فنى متخصص بإحدى المهن، واكتفى بأن تدرب على المهنة فى ورشة يملكها أحد أقاربه، حتى أصبح ماهرًا فيها أكثر من المتخصصين فيها، على حد وصفه، فهو يرى أنه لم يُذنب، بل اتخذ سبيلاً أو طريقًا ليعمل عملاً شريفًا يحصل منه على المال، بدلاً عن العمل باليومية، متنقلاً بين الورش. أولياء أمور مزورون ربما يلجأ شاب فشل فى دراسته إلى تزوير شهادة جامعية، خوفًا من رد فعل والده، لكن الغريب أن هناك أولياء أمور يشجعون أولادهم لكى يصبحوا مزورين، وهو ما فعله «أ. خ» والد الطالب «أحمد» الذى زور له شهادة أحد المعاهد الخاصة، وتفيد باجتياز 4 سنوات دراسة بالمعهد، حصل بعدها على بكالوريوس الحاسب الآلى، مع الأخذ فى الاعتبار أن عمر ابنه لم يكمل ال20 عامًا بعد، وهو الأمر الذى لفت انتباه أحد العاملين معه فى مكتبة لطباعة الكتب، وبعد نقاش طويل معه اعترف بما حدث، لكنهم أبقوا عليه حفاظًا على مستقبله. خلل المفاهيم اعتقادات خاطئة، أو خلل فى المفاهيم، السبب الرئيسى وراء مثل تلك الحوادث، ذلك ما يراه الدكتور محمد سعيد، إخصائى علم الاجتماع بجامعة القاهرة، إذ يؤكد أن الدافع الأساسى وراء لجوء طالب أو ولى أمر لتزوير شهادة جامعية، أفكار المجتمع الخاطئة، التى ترسخ فى أذهان الجميع، أنه لكى يصبح ابنهم مهمًا، فلابد أن يعمل فى مجال معين، وتناسوا تمامًا، أن لكل مهنة أهميتها. يضيف سعيد: «خطورة الأمر تتمثل فى تحطيم أساسيات تربية الأبناء، فالابن الذى يكبر ليرى أباه يزور شهادة أو ورقة رسمية كهذه - حتى وإن كان ذلك من أجل مستقبله - لن ينسى ذلك أبدًا، وبالتالى نستطيع أن نتنبأ بتصرفات غير سوية من الابن جراء هذا الفعل، بل بالعكس ربما تصاعدت لجرائم أخرى». عقوبة التزوير التزوير فى الأوراق الرسمية سرعان ما يتم كشفه بسهولة، بشرط تقديمه لجهة حكومية، لسبب بسيط، حيث يتم الاستعلام عنها من الجهة الصادرة منها، فوفقًا للقانون، يوجد فى كل جهة حكومية قسم خاص للاستعلامات، يتم فيه الاستعلام عن الشهادات الجامعية، بينما فى الشركات الخاصة والصغيرة، تعتمد الإدارة على الخبرة أكثر من الشهادات، قبل التعيين. وهناك فرق بين الشخص الذى يزور شهادة فقط، وبين الذى يزورها ويستخدمها فى الجهات الحكومية، على الرغم من أن كليهما يعد جناية، وتتراوح عقوبتهما من 3 إلى 15 سنة سجن، إلا أن الأمر ربما يعد أصعب بالنسبة للمستخدم، حيث تُضاف لحيثيات القضية أمورا أخرى تزيدها سوءا، وأيضًا فإن العقوبة تقع بشكل أساسى على الفرد الذى يقدم شهادة مزورة باسمه لإحدى الجهات، وفى حال اتهام شخص آخر، يتم الفحص عن طريق خبير للخطوط، وفى حالة أن يكون المستند مزورًا من خلال جهاز كمبيوتر فالوضع يختلف تمامًا، ففى هذه الحالة، لإثبات التزوير يتم البحث عن الأرقام والتسلسل الذى من المفترض أن يكون موجودًا على الشهادة، وهو ذاته الموجود والمطابق لرقم الشهادة أو الورقة الرسمية فى الدفاتر. من جهته، قال مصدر مسئول بوزارة التعليم العالى إن لكل جامعة شعارًا خاصًا بها، ولكل كلية أختامها المميزة لها، ومن الصعب تزوير مثل تلك الأشياء، وفى حالة حدوث ذلك يتم التأكد من كشوفات الكلية: هل هذا الفرد تخرج فيها فعلاً أم لا، ولو ثبت عدم تخرجه، يتم التعامل معه بشكل قانونى على الفور.