*الوزير السابق أبو حديد ينقل مشروعًا إلى الصناديق الخاصة لإبعادها عن عيون «المركزى للمحاسبات» فى الوقت الذى تسعى فيه مصر للحصول على المزيد من القروض والمساعدات الدولية، لتنفيذ عدد من مشروعات تحسين معيشة سكان الريف، فى إطار «مشروع الغذاء العالمى»، يسعى عدد من المسئولين فى وزارة الزراعة، القائمين على تلك المشروعات، إلى إهدار تلك الأموال عمدًا، بأشكال عديدة، أخطرها تحويل الأموال المخصصة لعدد من المشروعات إلى حسابات الصناديق الخاصة، غير الخاضعة لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، بما يجعله بابًا خلفيًا للتلاعب فى الميزانيات والقروض الخارجية. ويبلغ عدد «الحسابات الخاصة» طبقًا لما كشفته وزارة المالية 6347 حسابًا، بإجمالى أرصدة 27،275 مليار جنيه، وكذلك 1413 صندوقًا وحسابًا خاصًا بوحدات الجهاز الإدارى للدولة، بقيمة 11.8 مليار جنيه، و1498 صندوقًا فى المحليات برصيد 7.6 مليار، و3436 صندوقًا بهيئات خدمية برصيد 7.9 مليار جنيه، ويبلغ عدد الحسابات المفتوحة للهيئات الاقتصادية وجهات أخرى ضمن الحسابات الخاصة 179 حسابًا برصيد إجمالى 9.8 مليار جنيه. وتُعد وزارة الزراعة صاحبة النصيب الأكبر من هذه الصناديق، وفى الوقت الذى تسعى الدولة لضم الصناديق الخاصة إلى الموازنة العامة، تعمد الوزارة إلى ضم بعض المشاريع إلى تلك الصناديق، خاصة «مشروع الغذاء العالمى» بتحويله من البند الرابع الخاضع للموازنة العامة، إلى مشروع صناديق خاصة، لتتحكم فيه أهواء المنفذين والمسئولين عن المشروع، دون الخضوع لأى أجهزة رقابية على الإطلاق. و«مشروع الغذاء العالمى»، فى الأساس، يهدف إلى مساعدة المواطنين الفقراء فى محافظات الصعيد، وبناء قرى جديدة، قائمة على التنمية الشاملة، وتزويدها بجميع المرافق، من خلال معونات خارجية تصل لمليارات الجنيهات، وفقًا للاتفاقية المصرية- الإيطالية الموقعة عام 1967، وقد بدأ العمل فعليًا بموجب الاتفاقية فى عام 1970 فى وسط وجنوب الدلتا. وتكشف المستندات التى حصلت عليها «الصباح» أن بداية المخطط لتحويل المشروع إلى الصناديق الخاصة، كانت بتغيير اسمه بقرار وزارى من الدكتور أيمن فريد أبو حديد، وزير الزراعة السابق، من «مشروع الغذاء العالمى»، إلى «مشروع التنمية الريفية الشاملة»، ليتضمن المشروع الواحد 5 مشاريع يتم توصيفها على أنها «قومية»، وأولها «الغذاء العالمى» بالإضافة إلى مشاريع «الفضاء الخارجى، وتنمية وتوطين الصحراء الشرقية بالبحر الأحمر، وامتداد مصر الوسطى والعليا، والمرأة الريفية، والتغيرات المناخية»، والأخير تم نقله لمحافظة الأقصر، ويديره «أبو حديد» بنفسه، باعتباره رئيس معهد بحوث التغيرات المناخية بمركز البحوث الزراعية. الخطوة الثانية، تمثلت فى تكليف الدكتور سيد خليفة، رئيس الإدارة العامة للتشجير، بالإشراف على مجلس الجهاز التنفيذى لمشروعات التنمية الشاملة بالإضافة لعمله الأصلى كباحث بمركز بحوث الصحراء، بالقرار الوزارى رقم 991 لسنة 2013، فى عهد «أبو حديد» أيضًا. وبدأ «خليفة» عمله بتعديل عقود العاملين إلى عقود جديدة يحظرها القانون، مع إلغاء العقود القديمة التى تشملها الموازنة العامة بالمواد (1) و(34)، وتعيين أكثر من 30 موظفًا فى 3 مشروعات دون أحقية فى التعيين، وتحميل الدولة مرتبات هؤلاء المعينين، وخالف القانون مرة أخرى مع العاملين القدامى، بنقلهم بالقرار الوزارى رقم 983 لسنة 2014 إلى مشروع «تمكين سبل العيش» بمحافظة مطروح. وجاء فى المستندات التى حصلت عليها «الصباح» أنه منذ 4 أشهر، أجبر «خليفة» العاملين بالمشروع على توقيع عقد جديد يُنهى حقهم فى «التثبيت»، وعندما رفض بعضهم، منع صرف رواتبهم، بينما وافق آخرون خوفًا على ضياع مصدر رزقهم، برغم عدم وجود تعليمات من «الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة» بهذه القرارات، أو قرار وزارى من وزير الزراعة صادر بهذا الشأن، أو قرار إدارى من سيد خليفة المشرف على الجهاز، أو من المدير الإدارى للمشروع لورانس ألبرت زكى. اعتمد «خليفة»، فى البداية، على خطاب موجه من عبد المنعم رمزى، مدير عام موازنة وزارة الزراعة، وموقع من ليلى أبو النصر المسئولة عن حسابات المشاريع، يفيد بموافقة وزارة المالية على تعديل الشكل التعاقدى وفقًا للنظام المحاسبى السليم، ونقل رواتب العاملين من الباب الرابع إلى الباب الأول للموازنة، لكن ما حدث هو إبرام عقود جديدة، لنقل المشروع من الباب الرابع إلى الحسابات والصناديق الخاصة، بعيدًا عن أية رقابة، خاصة أن الدولة لا تستطيع حتى الآن معرفة حجم هذه الصناديق الخاصة على مستوى المؤسسات الحكومية. وتقدم العاملون بمشروع مصر الوسطى - العليا، التابع للجهاز التنفيذى لمشروعات التنمية الشاملة (مشروعات برنامج الغذاء العالمى) بعقود تُجدد سنويًا ولا يوجد بينها فاصل زمنى، علمًا بأن العقد الحالى محدد المدة، بالمخالفة للقانون، لمدة عامين فقط، يبدأ من 1/10/2013 حتى 30/6/2015، حيث يتضرر العاملون من عدم تطبيق نص القانون رقم 19 لسنة 2013 وتعليمات مجلس الوزراء بالقرار رقم 641 لسنة 2012 الذى ينص على إلحاق كل من يعمل على الباب الرابع، إلى الباب الأول وبدرجات وظيفية، ومع ذلك لم يتم الرد عليهم من وزارة القوى العاملة، ولا من «الزراعة» حتى هذه اللحظة. «الصباح» تواصلت مع عدد من الموظفين، حيث قال «حمدى. ع»، إن «هذا تكرار لمأساة العاملين بإدارة التشجير بوزارة الزراعة، وتشريد ل600 أسرة تعمل بالمشروع منذ عشرات السنين، وتفضيل الأقارب والأحباء علينا، وهذه محاولة للسيطرة على المعونات التى تأتى للمشروع من الخارج». وأضاف «حمدى» أن «هناك العديد من الأملاك الخاصة بالمشروع، ومنها عمارة مكونة من 25 طابقًا بحى الدقى، تقدر قيمتها بنحو 50 مليون جنيه، ومخازن فى النوبارية بمنطقة جنوب التحرير تبلغ قيمتها 15 مليون جنيه، بالإضافة إلى المخازن الفرعية، وفيللا فى منطقة كينج مريوط بالإسكندرية تقدر ب20 مليون جنيه، وأراض فى الشيخ زايد تابعة للمشروع تبلغ قيمتها 7 ملايين جنيه». وقال «أحمد. ش»: «أرسلنا مذكرة إلى وزير الزراعة منذ أيام، تكشف عن حجم الفساد المالى والإدارى بالمشروع، وأكدنا فيها أن مشروع مرسى مطروح تُكتب له تقارير على الورق فقط، عن طريق مدير مركز بحوث الصحراء حمدى عبد العزيز، زميل المهندس سيد خليفة، ولا توجد تنمية حقيقية، وتم توزيع المواد الغذائية على نشاط الزراعة، على الرغم من عدم وجود هذا النشاط فى اتفاقية مطروح». وأضاف «أحمد»: «قلنا فى المذكرة إنه تم رصد مبلغ 3 ملايين جنيه لتنفيذ الأنشطة لهذا العام المالى 2014/2015، إلا أن الباقى لا يتجاوز العشرة آلاف جنيه تم صرفها على قوافل بيطرية، بسبب عشوائية التنفيذ؛ لعدم وجود خطة حقيقية، والاعتماد على نقل الصورة معكوسة»، مشيرًا إلى أن «خليفة» رافق وزير الزراعة الحالى الدكتور عادل البلتاجى فى رحلة منذ أيام إلى أسوان، ولكنه لم يذهب به إلى مناطق العمل، منوهًا بأن هناك 15 ألف فدان بالمنطقة يجرى العمل بها منذ 1996، وهى حتى الآن ما زالت عبارة عن أراض خراب وبور، وأن الأرض امتلأت بنبات البردى و«الهيش»، وأن مساكن المنتفعين والقرى جميعها باتت خرابًا ولا تصل إليها المياه.
وتابع أن «خليفة لا يعلم موقع المشروع ولم يزره ولو لمرة واحدة، ولا ينتقل من محافظة الأقصر السياحية»، متسائلًا: «كيف يتسنى للبرنامج القطرى أن ينفذ ويشرف على مشروع التغيرات المناخية، ولا أحد يعلم عنه أى شىء، ولا يراقبه الجهاز المركزى للمحاسبات»، مشيرًا إلى أن ميزانية العام الحالى الخاصة بالأنشطة، تدل على أن التنمية بمناطق عمل المشروع لم تتعد نسبة ال8 فى المائة من المستهدف تحقيقه فعليًا.