*التخزين بجحور آمنة بسيناء.. وفى فاقوس وكفر الجلابطة بالشرقية.. وداخل منزل «أحمد عرابى » بدمياط * «السلاح » بجانب استراحة الرئاسة فى مرسى مطروح.. وقرى كاملة للتصنيع بالفيوم.. والقليوبية محطة الترانزيت كان سقوط نظام الرئيس الليبى السابق معمر القذافى، فى موجة التغييرات العاتية التى ضربت الشرق الأوسط، نقطة تحول خطيرة فى مسار الثورات العربية، فالنظام الذى كان يملك واحدة من أكبر ترسانات السلاح فى المنطقة، فقد فجأة السيطرة على مفاتيح تلك الترسانات، التى خرجت منها الأسلحة الثقيلة والخفيفة، التقليدية والنوعية، فأصبحت فى يد الجميع، ومع حالة الانفلات الأمنى التى عانت منها مصر، عقب ثورة 25 يناير، دخلت البلاد كميات ضخمة وغير مسبوقة من الأسلحة. وعرفت خلافات الصعايدة القنابل اليدوية وال«آر بى جى»، لأول مرة فى تاريخها، ونفس الأمر بالنسبة للتنظيمات الإرهابية، التى انتشرت كالنار الهشيم بطول البلاد وعرضها، فامتلكت أسلحة نوعية لم تكن يومًا تحلم بها، ما ظهر عندما انهار نظام حكم الإخوان، المتحالف مع التنظيمات الإرهابية، وكشفت عنه العمليات الإرهابية الأخيرة التى شهدتها البلاد، من هجمات الفرافرة غربًا، إلى «كرم القواديس» و«الكتيبة 101» شرقًا، ومن جهتها، رصدت «الصباح» أبرز الأماكن التى تحولت إلى مخازن لهذه الترسانة الضخمة من السلاح. وقال القيادى الجهادى السابق، منصور القواسمى، إن المدن الساحلية، خاصة فى دمياطوكفر الشيخ، من أبرز المناطق المناسبة لتهريب وتخزين السلاح، لحين تسليمه إلى التنظيمات الإرهابية فى سيناء، أو نقله بحرًا لشواطئ غزة، نظرًا للتشديدات الأمنية على عبور شحنات السلاح من معابر قناة السويس، مضيفًا: «انتشرت مخازن السلاح بطول البلاد وعرضها، خاصة فى المناطق الساحلية، وبعضها مملوك لعناصر إخوانية، ويتولى حمايتها شباب القبائل فى صحراء مدن القناة». وأشار إلى أنه «من بين المعايير الخاصة باختيار الأماكن المناسبة لتخزين السلاح، أن تكون قريبة من الشاطئ، لضمان سهولة النقل والتخزين، أو خلف مناطق عشوائية، لتكون حصنًا بشريًا يمنع دخول قوات الشرطة، أو فى الكهوف بالمناطق الجبلية، أو فى قلب قرية أغلب سكانها من المنتمين للجماعات الإسلامية، ما يقلل فرص وجود مرشدين للأمن». وتنطبق المعايير التى حددها القواسمى للأماكن المناسبة لتخزين السلاح، على قرية كفر مغيزل فى كفر الشيخ، وعزبة البرج فى دمياط، باعتبارها مدنًا ساحلية قريبة من حركة المراكب التى تتجه غربًا للصيد فى ليبيا، مما يجعل أصحابها قادرين على التواصل مع عناصر ليبية، أو شرقًا، ما يجعلهم قادرين على التواصل مع العناصر الفلسطينية. أما المعايير الخاصة بوجود المخازن فى الظهير الخاص بالمناطق العشوائية، فينطبق على مناطق مثل أبو زعبل، وعرب شركس، فى محافظة القليوبية، وهما المنطقتان اللتان تم ضبط العديد من المخازن الخاصة ب«بيت المقدس» فيهما، بينما تكون قرية كفر الجلابطة فى الشرقية هى الأنسب لتخزين السلاح فى الدلتا، باعتبار أن معظم سكان القرية من المنتمين لجماعة الإخوان، وفيها تلقى القيادى التكفيرى عادل حبارة أول تدريباته على السلاح. سيناء.. الجغرافيا تسهل التخزين والتاريخ يمنح التجار «مخلفات الحروب» أصبحت سيناء منذ سنوات طويلة مرتعًا لتجارة وتخزين السلاح، خاصة فى فترة الانفلات الأمنى التى تبعت الثورة، نظرًا لعدد من الظروف الجغرافية والجيولوجية التى تتمتع بها سيناء، ومن بينها طول الشواطئ، بالإضافة للعديد من سلاسل الجبال، وقربها من عدة دول، ومجاورتها لمنطقة الصراعات الملتهبة فى قطاع غزة. ولسنوات طويلة كانت سيناء المصدر الأول للحصول على المتفجرات فى مصر، حيث اعتاد التجار على استخراجه من مخلفات الحروب التى دارت على أراضيها، وبحسب مصادر بدوية، طلبت عدم ذكر اسمها، فإن امتلاك أهالى سيناء للسلاح أمر معروف للجميع، مشيرة إلى أن الجماعات التكفيرية، خاصة «بيت المقدس»، تخزن الصواريخ المضادة للطائرات فى مناطق «الحسنة» و«صدر حيطان». وتمتلك التنظيمات الإرهابية عدة جحور آمنة بعيدًا عن الأعين لتخزين الأسلحة، خاصة فى المناطق الحدودية والجبلية، قرب جبل الحلال، وعلى الشريط الحدودى، مثل قريتى النصرانية والعجرة، أما قريتى التومة والمهدية فتعدان من مناطق التدريبات البارزة للإرهابيين. مرسى مطروح.. أسهل أماكن التخزين تبلغ مساحة الصحارى التابعة لمحافظة مرسى مطروح الحدودية 166 ألف كيلو متر مربع، ما يجعلها واحدة من أسهل أماكن تخزين السلاح، بالإضافة لوجود العديد من الطرق والدروب الصحراوية فيها، وبحسب مصادر فإن أبرز الأماكن الصالحة لتخزين السلاح فى المحافظة، توجد فى العلمين، وسيوة، ورأس الحكمة، وسيدى برانى، والفوكة، بالإضافة لعمق صحراء السلوم، الخاضعة بالكامل لسيطرة البدو، والذين يحفظون خرائط حقول الألغام، بالإضافة لقدرتهم على الاستفادة من مخلفات الحروب. ورغم أن منطقة «رأس الحكمة» يوجد بها واحدة من الاستراحات التابعة لرئاسة الجمهورية، بالإضافة لمعسكرات خاصة بقوات الجيش، إلا أنها من أبرز الأماكن التى توجد فيها مخازن السلاح، كما توجد مخازن أخرى فى قرى النجيلة، والعلمين، وسيدى عبدالرحمن، وصولا إلى منطقة الكيلو 21، وجميعها خاضعة لسيطرة البدو. السويس.. تخزين السلاح الإيرانى فى «عتاقة» تحت حماية شباب القبائل جبل عتاقة هو كلمة السر فى تهريب السلاح القادم من السودان عبر مثلث حلايب وشلاتين، أو القادم من ليبيا عبر القليوبية، حيث يصل منها إلى جبال عتاقة، التى تخضع أجزاء كبيرة منها لسيطرة الجماعات التكفيرية، وفقًا لوثائق أمريكية كشف عنها موقع ويكليكس، وتعتبر «عتاقة» المحطة الأخيرة قبل إعادة شحن السلاح على متن مراكب الصيد إلى غزة، أو العكس. وفى إحدى الوثائق المسربة عبر «ويكليكس»، اعترفت الحكومة الأمريكية صراحة، بأن أسلحة إيرانية كانت تهرب من السودان إلى غزة، عبر جبال البحر الأحمروسيناء، حيث يتم تخزينها داخل مخازن تابعة للتنظيمات الإرهابية. ومن جهته، قال عضو مجلس شورى الإخوان المنشق، الدكتور سيد المليجى، ل«الصباح»، إن عددًا من أبرز قيادات تنظيم الإخوان فى السويس، يعملون فى تجارة السلاح، ويملكون مخازن لإخفاء الشحنات القادمة من الخارج فيها، وهو ما كان معروفا قبل الثورة، لافتًا إلى استخدام شباب القبائل البدوية الموجودة فى صحراء مدن القناة فى حماية هذه التجارة غير المشروعة. الشرقية.. محافظة المعزول التى تدرب فيها حبارة على الإرهاب مهد نفوذ الإخوان فى الشرقية، التى ينتمى لها الرئيس المعزول محمد مرسى، الطريق أمام التنظيمات الإرهابية للانتشار فى أنحاء المحافظة، وامتلاك أكبر مخازن للسلاح الثقيل داخلها، خاصة فى قرية «كفر الجلابطة» وفاقوس. وقالت مصادر منشقة عن أحد التنظيمات التكفيرية، ل«الصباح»، إن «قبل ثورة 30 يونيو، كانت الشرقية تضم مئات المخازن المملوءة بالسلاح، ومع الملاحقات الأمنية المتواصلة، تم ضبط أعداد كبيرة منها، ولم يتبق سوى القليل منها فى فاقوس وكفر الجلابطة». وحول الطريقة التى يدخل بها السلاح إلى تلك الأماكن، أوضحت «يدخل السلاح إلى فاقوس عن طريق سيارات النقل الثقيل المحملة بإكسسوارات قادمة من الصين، أما كفر الجلابطة فلا تحتاج إلى تمويه، لأن الجزء الأكبر منها يقع تحت سيطرة التنظيمات المسلحة، وفيها تلقى حبارة تدريباته المسلحة، مع طلائع جماعة الإخوان». وأضافت: «مازالت القرية أحد أبرز الأماكن الخاصة بعمليات التدريب، بعدما داهمت قوات الأمن العديد من أوكار التنظيمات الإرهابية فى مقابر بلبيس»، مشيرة إلى أن «الفترة المقبلة سيتم خلالها تفريغ مخازن سيناء من السلاح، ونقلها إلى مخازن الشرقية، بالتزامن مع حملات المداهمة التى تقوم بها القوات المسلحة هناك». الفيوم.. بوابة وادى النيل للقادمين من ليبيا تتميز الفيوم بأنها كانت مأوى للكثير من المجموعات التكفيرية عبر تاريخ تلك الجماعات فى مصر، وأبرزها «الشوقيون» و«الناجون من النار»، و«التكفير والهجرة»، والتى سيطرت لسنوات طويلة على عدد من القرى البارزة، التى تحولت مع الوقت إلى مخازن للسلاح، بينها العجميون، والنصارية، فى مركز أبشواى، وأبو جندير، وعزبة قلمشاه، والجراى، والموالك، والسريرة، وقصر الباسل، فى مركز إطسا، والمظاطلى، والعزيزية، وأصلان، وقصر رشوان، فى مركز طامية، وبهمو، وترسا، وكفر فزارة، وسنهور القبلية، فى مركز سنورس، بالإضافة لعدد من قرى مركز يوسف الصديق. وترتبط تجارة السلاح فى الفيوم بتجارة المخدرات، خاصة أنها تقع على أطراف وادى النيل، مما يجعلها أقرب إلى المسالك الصحراوية المؤدية إلى الحدود الليبية، لتكون إحدى بوابات الوادى، ويطلق أهالى الفيوم على قريتى العجميين والنصارية فى مركز أبشواى، بالإضافة لقرى أخرى متاخمة للجبال، اسم «عواصم جهنم». وتوجد فى المحافظة عدة قرى متخصصة فى تصنيع الأسلحة، مثل منية الحيط فى إطسا، وأبو جنشو، والمنشية، وطبهار، فى أبشواى، وأحياء الصوفى والشيخ حسن والحواتم فى مدينة الفيوم، وزاوية الكرادسة فى مركز الفيوم، بالإضافة إلى أن قرية النزلة وتابعتها الربع فى مركز يوسف الصديق، الذى يعد أحد أبرز مناطق إنتاج «البمب» والصواريخ والألعاب النارية على مستوى الجمهورية. دمياط.. طابية عرابى من ورشة لصيانة المراكب إلى مخزن سرى من عزبة البرج فى دمياط، كانت رحلة البداية فى استكشافنا أماكن تخزين السلاح، وقادتنا إليها معلومة وردت إلينا قبل حادث العريش الإرهابى، أثناء تبادل الحديث مع صيادى العزبة حول أوضاعهم المعيشية، والعملية الإرهابية التى استهدفت لنشًا للقوات البحرية، وكانت المفاجأة حينما صارحنا صيادًا عمره 60 عامًا، يدعى جهاد، قائلاً: «بعض مراكب الصيد تعمل فى تهريب السلاح، وبعضها تخزنه». وأضاف: «قبل ثورة 25 يناير كانت مراكب الصيد تكتفى بتهريب السلاح إلى داخل البلاد، لكن مع ظروف الانفلات الأمنى، توسع عدد من أصحاب المراكب فى التجارة المربحة، وبدءوا فى شراء السلاح لصالحهم، وتخزينه، استعدادًا لبيعه فيما بعد، ومن أبرز الأماكن المعروف عنها تخزين السلاح فى دمياط طابية أحمد عرابى، وهو مكان أثرى كان فى الماضى منزلاً لعرابى، وهو منزل قريب من الشاطئ، حيث ترسو المراكب للصيانة، وخلال فترة حكم الإخوان، زادت الأمور عن حدها، فبلغت عدد الشحنات التى تصل إلى البلاد شهريًا إلى 10 شحنات، قادمة من أوكرانيا وليبيا، ويتم تخزينه داخل الطابية فى مخازن تحت الأرض». القليوبية.. «ترانزيت» توزيع السلاح إلى غزة والصعيد وصفت مصادر أمنية محافظة القليوبية بأنها «ترانزيت تجارة السلاح»، نظرًا لموقعها الجغرافى المتميز، باعتبارها «صرة» ربط الدلتا بالعاصمة، فهى قريبة من محافظاتالشرقية والقناة، والصعيد، ووفقًا للمصادر، التى رفضت ذكر اسمها، فإن أبرز الأماكن المناسبة لتخزين السلاح الخفيف فى المحافظة، هى «سرياقوس، والخانكة، وأبو زعبل، وعرب شركس». وعلى أطراف مدينة أبو زعبل، قابلنا عضوًا سابقًا فى جماعة الإخوان «ش. ق»، يمتلك محلًا لتغيير زيوت سيارات، وهو انشق عن التنظيم بعد الإعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس المعزول، ووصف نفسه بأنه كان محبًا وليس عضوًا عاملًا فى الجماعة، وقدم لنا معلومات حول عدد من الأماكن البارزة، التى تحولت إلى مخازن للسلاح فى المحافظة، إلا أنه اشترط عدم الكشف عن اسمه خوفًا من بطش العناصر المتطرفة به. وقال الإخوانى السابق، «بعد ثورة 25 يناير، واقتحام الأقسام والسجون، وسرقة السلاح، كانت منطقة أبو زعبل المخزن الرئيسى للسلاح المسروق، لدرجة أن الأهالى تاجروا فيه، وحققوا مكاسب كبيرة، حتى صعد الإخوان إلى الحكم، وعندها بدأ السلاح الثقيل فى الظهور، وانتشرت عصابات الاستيلاء على الأراضى الزراعية، وتم بناء عشرات البلوكات بالطوب الأبيض عليها، وظلت لشهور فارغة، حتى دخلت مجموعات بدوية للسيطرة عليها، ووقتها قيل إنهم تجار مواشى، لكن من حين لآخر كنا نرى صناديق صغيرة وكبيرة تدخل القرية بعد منتصف الليل، ولم يجرؤ أحد على إبلاغ الشرطة، خوفًا من بطش تلك العصابات، بالإضافة لتنسيق بعض أفرادها مع مسئولين وقتها». وأضاف: «الشحنات التى كانت تدخل المخازن، لم تكن تمكث بها لأكثر من ثلاثة أيام، وعرفت بعدها من صديق إخوانى، مطلع على الأمور داخل الجماعة، بأن خط سير الشحنة يبدأ من القليوبية مرورًا بالسويس إلى سيناء، ومنها إلى غزة، أما الأسلحة الخفيفة فيعاد توجيهها إلى الصعيد».