ثالث الثانوية الأزهرية بالأدبي: القرآن ربيع قلبي.. وقدوتي شيخ الأزهر    الجيش الإسرائيلي يقتحم سفينة "حنظلة" أثناء توجهها إلى غزة    تنقلات الداخلية 2025.. اللواء عاطف عبدالعزيز يتولى مسئولية الأمن الوطني    إصابة 3 أشخاص في انهيار جزئي لعقار بالإسكندرية    15 يومًا فقط.. وضع حد أقصى لحسم شكاوى العملاء يعزز الخدمات المصرفية    موعد تنسيق المرحلة الأولى 2025.. هل يبدأ تسجيل الرغبات قبل يوم الثلاثاء المقبل؟ «التنسيق» يجيب    بدءًا من اليوم.. مسؤول إسرائيلي: وقف إطلاق النار بمراكز سكنية في غزة    مفوضية الاتحاد الإفريقي ترحب بإعلان فرنسا اعتزامها الاعتراف بدولة فلسطين    نشطاء «حنظلة» يرددون أغنية «بيلا تشاو» الإيطالية خلال اقتحام الاحتلال السفينة    عض أذنه وقطع جزءا منها.. سوري يهاجم إسرائيليًا في اليونان (تفاصيل)    مدير كولومبوس: كنت غاضبا من هاتريك وسام ضد بورتو.. والأهلي نادي عملاق    البنك الأهلي يعلن رحيل نجمه إلى الزمالك.. وحقيقة انتقال أسامة فيصل ل الأهلي    الجونة يضم المدافع صابر الشيمى لتدعيم صفوفه    احتفاء أوروبي ببطل إفريقيا.. بيراميدز يواصل تألقه في معسكر تركيا ويهزم قاسم باشا    مصدر من اتحاد الكرة يكشف ل في الجول موعد مواجهة بوركينا في تصفيات كأس العالم    تفاصيل اتفاق الزمالك والرياض السعودي بشأن أزمة تيدي أوكو (خاص)    حمدي فتحي يشارك في هزيمة الوكرة أمام أتلتيكو سبتة بمعسكر إسبانيا    إبراهيم صلاح: الزمالك يسير بشكل جيد في ملف الصفقات    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الأحد 27 يوليو 2025    بطاقات الائتمان لا تجد طريقها إلى جيوب المصريين رغم قفزات القطاع المصرفي    أول بيان من النيابة العامة بشأن وفاة 6 أطفال ووالدهم في المنيا: اشتباه تسمم بمبيد حشري    بيان مهم بشأن حالة الطقس وموعد انكسار الموجة الحارة: انخفاض درجة الحرارة 4 مئوية    بدء تظلمات الثانوية العامة 2025 اليوم.. لينك مباشر والرسوم    استخراج 3 مصابين والبحث عن مسنة تحت أنقاض منزل بأسيوط المنهار| صور    التراث الشعبي بين التوثيق الشفهي والتخطيط المؤسسي.. تجارب من سوهاج والجيزة    ثقافة الأقصر تحتفل بذكرى ثورة يوليو ومكتسباتها بفعاليات فنية وتوعوية متنوعة    أطفال الشاطبي للفنون الشعبية يبدعون في مهرجان "صيف بلدنا" بمطروح    سيدة تسبح في مياه الصرف الصحي دون أن تدري: وثقت تجربتها «وسط الرغوة» حتى فاجأتها التعليقات (فيديو)    5 أبراج «يتسمون بالجشع»: مثابرون لا يرضون بالقليل ويحبون الشعور بمتعة الانتصار    تفاصيل بيان الإفتاء حول حرمة مخدر الحشيش شرعًا    عاجل- 45 حالة شلل رخو حاد في غزة خلال شهرين فقط    قطاع العقارات يتصدر تعاملات البورصة المصرية.. والخدمات المالية في المركز الثاني    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. إعلام عبرى يؤكد هدنة إنسانية فى غزة اعتبارا من صباح الأحد.. ترامب يلاحق أوباما بسيارة شرطة.. والرئيس الأمريكى يطلب من كمبوديا وتايلاند وقف إطلاق النار    "الجبهة الوطنية" تكرّم أوائل الشهادة الإعدادية في بنها دعمًا للتفوق والموهبة    طارق الشناوي: زياد الرحباني كان من أكثر الشخصيات الفنية إيمانًا بالحرية    حلمي النمنم: جماعة الإخوان استخدمت القضية الفلسطينية لخدمة أهدافها    سعيد شيمي يكشف أسرار صداقته مع محمد خان: كنا نناقش الأفلام من الطفولة    وزير خارجية الإمارات : الوضع الإنساني في غزة حرج وسنستأنف عمليات الإسقاط الجوي للمساعدات فورا    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقتحم سفينة حنظلة المتجهة إلى غزة ويأمر المتضامنين برفع أيديهم    تقديم 80.5 ألف خدمة طبية وعلاجية خلال حملة "100 يوم صحة" بالإسماعيلية    جامعة المنصورة تطلق القافلة الشاملة "جسور الخير 22" إلى شمال سيناء    محافظ الإسكندرية يفتتح ميدانين بمنطقة سيدي جابر    علاجات منزلية توقف إسهال الصيف    ميناء دمياط.. 39 عامًا من التطوير    برلماني: دعوات الإخوان للتظاهر خبيثة وتخدم أجندات إرهابية"    هل تجنب أذى الأقارب يعني قطيعة الأرحام؟.. أزهري يوضح    ماحكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟.. أمين الفتوى يجيب    استنكار وقرار.. ردود قوية من الأزهر والإفتاء ضد تصريحات الداعية سعاد صالح عن الحشيش    تعرف على موعد الصمت الدعائي لانتخابات مجلس الشيوخ 2025    غدا آخر موعد للتقديم.. توافر 200 فرصة عمل في الأردن (تفاصيل)    مصر تدعم أوغندا لإنقاذ بحيراتها من قبضة ورد النيل.. ومنحة ب 3 ملايين دولار    سعر الحديد اليوم السبت 26-7-2025.. الطن ب 40 ألف جنيه    وزير الأوقاف يحيل مخالفات إلى التحقيق العاجل ويوجه بتشديد الرقابة    الصحة تدعم البحيرة بأحدث تقنيات القسطرة القلبية ب46 مليون جنيه    وزير الإسكان يتابع مشروع إنشاء القوس الغربي لمحور اللواء عمر سليمان بالإسكندرية    رسميًا إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 بنسبة 53.99% (رابط بوابة الأزهر الإلكترونية)    95 جنيهًا لكيلو البلطي.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر لنا أمورنا وتشرح صدورنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أموال الله فى المساجد والكنائس.. الإيمان للبيع
نشر في الصباح يوم 01 - 02 - 2015

«ما قيصر لقيصر وما لله لله»، و«اللى يعوزه البيت يحرم على الجامع»، كثيرة هى تلك العبارات التى تحاول وضع حد فاصل بين الدين والدنيا، وبين ما يؤتمن عليه العبد، وما يخص الرب، وبقدر تزايد هذه العبارات، التى يحاول المصريون من خلالها التخلص من سلطان جامعى الأموال من رجال الدين، إلا أنها تصطدم بعبارات وحيل أخرى لا تنتهى، من جانب دور العبادة، والقائمين عليها لابتزازهم باسم الرب وسلطان الإيمان.
تعلم المسلمون من الرسول الكريم أن المساجد ساحات لعبادة الله، وليست خزائن لأمواله، أو قاعات لصناديق النذور، وتعلم الأقباط من المسيح أن جنة الله لا تشترى بالمال، لأن الرب أعطى بالمجان، وعلينا أن نعطى بالمجان.
الآن، نعيش فى زمن تتبدل فيه الأحوال والأدوار، وتختلط فيه السياسة بالدين، والإيمان بالتجارة.. زمن ينذر ببيع صكوك غفران جديدة، وقصور فى الجنة، فالمساجد والكنائس توشك على أن تتحول إلى خزائن لجمع الأموال، بينما يتحول القائمون عليها بمرور الوقت، إلى أشخاص تحاصرهم شبهات التربح من الإيمان.
الكنيسة التى وهبها الله أسرار الإيمان يجب أن تنتبه لمحاولات بعض الآباء الكهنة، لبيع هذه الأسرار لمن يدفع، والمساجد التى وهبتها وزارة الأوقاف حق وضع صناديق للنذور، عليها أن تحمى ضمائر من يملكون مفاتيح هذه الصناديق، بالإضافة إلى مراقبة أوجه جمع وصرف التبرعات داخل تلك المساجد، حتى لا تذهب إلى أياد متطرفة تشترى السلاح لتقتل، بدلا من أن تشترى الخبز لتطعم.
بيتها الرسمى يجمع 125 مليون جنيه فى شهور ويقضى على أنشطة الجمعيات المشبوهة
الزكاة.. أول أركان «بيزنس الخير»
450 صندوق نذور تجمع عشرات الملايين .. والأوقاف تراقبها بالكاميرات
الإخوان نهبوا صناديق المساجد.."الحسين "يخسر 400 ألف"السيدة"تفقد 280 ألفا
قبل أن تعرف المجتمعات الإسلامية لغة الضرائب، كانت تعتمد على مصطلحات أخرى شرعية فى جمع ما تعتبره «مال الله»، أبرزها «الزكاة»، وتحت هذا المصطلح، جرت حرب شرسة بين ما يسمى «الجمعيات الخيرية»، التى اختصر أصحابها أنشطتهم فى جمع الأموال من الداخل والخارج، وكلما تناقصت الحصيلة يتم البحث عن لافتة جديدة من نوعية «قوافل الإغاثة»، وعادة ما يجرى اختيار دولة تعانى من اضطراب سياسى أو مجاعة، رغم أنه فى النهاية لا أحد يعرف أين تصرف تلك الأموال؟، أو من يراقب أوجه الإنفاق الحقيقى؟
ومع مرور الوقت، تبين أن الكثير من أموال الله تلك، أنفقت فى أمور لا ترضى الله، أبرزها الإرهاب، الذى دفع العالم كله إلى فرض رقابة مشددة على حركة وتحويلات الأموال الخيرية، باعتبارها كانت المورد الأول لصناعة الإرهاب فى العالم، قبل أن يتمكن من السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضى، أمنت له النفط وفرض ضرائب سيادية، وصك عملات.
انتبهت الدولة أخيرًا إلى كوارث جامعى أموال الله، فقررت أن تغلق الباب أمام المتاجرين بها، وأصبحت هناك جهتان رسميتان فقط، يخول لهما القانون جمع أموال الزكاة، الأولى صندوق «بيت الزكاة والصدقات»، والثانية «صناديق النذور»، التى يصل عددها إلى 450 صندوقًا تقريبًا، منتشرة فى المساجد بطول البلاد وعرضها.
وبحسب مصادر فى «الأوقاف» ل«الصباح»، فإن صندوق «بيت الزكاة والصدقات»، الذى وافق الرئيس عبدالفتاح السيسى على إنشائه، بموجب قرار جمهورى فى سبتمبر الماضى، ويشرف عليه الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، له شخصية اعتبارية، ويتمتع بالاستقلال المالى والإدارى، ويهدف إلى قبول أموال الزكاة والصدقات والتبرعات والهبات والوصايا والإعانات الخيرية، بغرض تنميتها وتوصيلها إلى مستحقيها، وفقًا لمصارفها الشرعية.
وأكدت أنه منذ اللحظة الأولى للموافقة على إنشاء «بيت الزكاة والصدقات المصرى»، وتخصيص الأزهر الشريف الرقمين 8888 و7777 للتبرع فى جميع البنوك المصرية، انهالت الملايين على الصندوق من رجال الأعمال، الذين يكنون الاحترام والتقدير للإمام الأكبر، ويثقون فى مؤسسة الأزهر، مضيفة أن تبرعات رجال الأعمال وصلت إلى 90 مليون جنيه، فضلا عن تبرعات رجال الأعمال العرب، التى وصلت قيمتها إلى 35 مليون جنيه حتى الآن.
وأشارت إلى موارد بيت الزكاة هى من أموال الزكاة، التى تقدم طواعية من الأفراد، أو غيرها من الصدقات والتبرعات والهبات والوصايا والإعانات، التى يقبلها مجلس أمناء البيت، مقابل الخدمات التى يؤديها للغير، موضحة أن «بيت الزكاة» سيسحب البساط من الجمعيات الخيرية الأخرى، مثل «الأورمان»، أو «مصر الخير»، التى يترأس مجلس إدارتها، الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، ومفتى الجمهورية السابق.
ووافق مجلس أمناء بيت الزكاة على صرف 18 مليون جنيه لنحو 70 ألفًا من الفقراء المستحقين للزكاة، وتم تحويل المبلغ المذكور، وبياناتهم بالفعل إلى الهيئة القومية للبريد، وتولت الصرف من خلال مكاتبها المنتشرة فى أنحاء الجمهورية، بمناسبة المولد النبوى الشريف، فى ديسمبر الماضى، كما وافق مجلس الأمناء على صرف 3.5 مليون جنيه لدفع ديون 200 حالة من الغارمين والغارمات، وفك حبسهم، بعدما دخلوا السجن لتوقيعهم على إيصالات أمانة لتزويج أبنائهم، وفقًا لبيانات وزارة الداخلية.
وفى الطابق الأول من مقر مشيخة الأزهر بالدراسة، توجد لجنة لجمع لتبرعات يطلق عليها لجنة الزكاة، تم إنشائها منذ أكثر من 20 عامًا، وتجمع التبرعات من المواطنين، رغم أنها لم تعلن عن نفسها بإعلان واحد، حيث تجمع سنوياً ما يتجاوز ال50 مليون جنيه، وهى تمتلك قاعدة بيانات تضم آلاف الفقراء والمستحقين، ممن تصرف إعانات مادية لهم فى الأعياد والمناسبات الدينية، كما تحصل مدينة البعوث الإسلامية، التى تشرف عليها مؤسسة الأزهر، على ملايين الجنيهات سنويا كتبرعات من جميع دول العالم، خاصة دول الخليج، بهدف دعم الطلاب الوافدين، وتوفير الرعاية المعيشية والاجتماعية والثقافية والرياضية والطبية لهم.
أما الجهة الرسمية الثانية التى تجمع أموال الزكاة والصدقات، فهى «صناديق النذور»، والتى تجمع عشرات الملايين من الجنيهات، بحسب مسئول فى وزارة الأوقاف، أوضح أن عددها يصل إلى 450 صندوقًا فى المساجد الملحقة بأضرحة لأولياء الله الصالحين، مضيفا أن «مصر فيها 200 مسجد بها صناديق نذور كبيرة، وهى تختلف عن صناديق الصدقة، حيث يبلغ طول الصندوق الواحد مترا ونصف المتر تقريبًا».
وفور تولى وزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة، وضع ضوابط لعملية فتح صناديق النذور، لفرض سيطرة الوزارة عليها، بما يزيد من حمايتها من السرقة أو الاختلاس، وبحسب المصادر فإن صناديق النذور تعرضت لأكبر عملية نهب وسرقة خلال فتحها، فى عهد وزير الأوقاف الإخوانى، الدكتور طلعت عفيفى، حيث تمت سرقة الكثير من أموال صناديق النذور الموجودة فى مسجد السيدة زينب، وتبين ذلك عند اكتشاف وجود عجز فى إجمالى المبلغ، حيث إن الوزارة تجمع من هذا الصندوق ما بين 200 إلى 300 ألف جنيه سنويًا، بينما لم يزد المبلغ فى تلك الفترة عن 20 ألف جنيه، ونفس الأمر فى صندوق مسجد الحسين، الذى كان يورد سنويا نحو 500 ألف جنيه، إلا أنه لم يجمع أكثر من 90 ألفًا فى عهد الإخوان.
وشددت على أن إيرادات صناديق النذور تضاعفت فى عام 2014 بنسب وصلت إلى 460 فى المائة، مقارنة بعهد الإخوان، عامى 2012 و2013، مشيرة إلى أن الآليات الجديدة التى وضعها جمعة لفتح صناديق النذور، تتمثل فى ضرورة أن يحضر العملية 3 مندوبين من مكتب الوزير، وليس مندوبا واحدًا، وتصوير عملية حصر الأموال، بكاميرا فيديو خاصة بمركز معلومات الوزارة، لأن التلاعب كان يحدث أثناء عملية الفرز، كما قرر الوزير أن يكون لكل صندوق قفلان مختلفان، مفتاح أحدهما فى خزينة المديرية التابع لها المسجد، والآخر فى خزينة مخصصة لذلك فى الوزارة.
وأضافت أن الضوابط تهدف أيضًا إلى الحفاظ على نسب كل المستحقين من صناديق النذور، حيث تحصل المشيخة العامة للطرق الصوفية على نسبة 10 فى المائة من حجم أموال النذور، كما يحصل المسجد على 10 فى المائة، لاستخدامها فى تنفيذ أعمال التجديد والترميم والصيانة، بينما باقى النسبة توجه إلى وزارة الأوقاف، للإنفاق على المساجد الأخرى.
من «النذور» و«العشور» إلى ضرائب على الصلاة والزواج
صلوات للبيع فى الكنائس.. المال مقابل البركة
الكهنة يتفننون فى جمعها بمسميات مختلفة.. وأقباط يتشككون فى أوجه الصرف
القس لوقا راضى: فرض الرسوم عملية تنظيمية.. والكنيسة تعفى الفقراء منها
منذ أن فتح الرئيس الراحل جمال عبدالناصر باب التبرعات لبناء الكاتدرائية المرقسية فى العباسية، فى منتصف ستينيات القرن الماضى، لم يغلق الباب حتى اليوم، وتحولت التبرعات إلى المورد الرئيسى لجمع «مال الله» فى الكنيسة، وبمرور الوقت، تبدلت الأسماء، وأصبحت التبرعات رسومًا يدفعها الأقباط مقابل الحصول على الخدمات، ويتشارك فى ذلك الغنى والفقير، من يدفع النذور، ومن يدفع العشور، من يرغب فى الزواج، ومن يرغب فى الصلاة.
وعلى اختلاف مسمياتها، أصبحت التبرعات هى الباب الشرعى لدخول الأموال إلى الكنيسة، دون أن يسأل أحد عن الأبواب الخلفية لخروج تلك الأموال، فبينما البعض يرجح توزيعها على الفقراء، يتشكك كثيرون فى أوجه إنفاقها، لأن بعض الآباء الكهنة الذين يتفننون فى جمعها بمسميات مختلفة، حين يطالبون شعبهم بمقابل مادى عن تلاوتهم للصلوات، يخالفون تعاليم المسيح، التى تقول «مجانًا أخذتم.. مجانًا تعطوا»، ومن يخالف تعاليم المسيح فى شعبه لا يؤتمن على أمواله.
مخاوف الأقباط على أموال الكنيسة لها ما يبررها، خاصة أن الأمر تجاوز حدود التبرعات التى تدفع طواعية، والنذور التى تساق إلى الكنيسة مغلفة بالرضا، حيث تحولت التبرعات إلى رسوم تجمع بسيف الإيمان، فمن يريد الزواج عليه أن يدفع رسوم فتح لكنيسة، تبدأ من 400 جنيه، وتتجاوز آلاف الجنيهات أحيانا، بحسب الموقع والتجهيزات والشهرة، فرسوم حجز قاعة فى كنيسة المرعشلى بالزمالك، تختلف عنها فى كنيسة السيدة العذراء بإمبابة، ومن يريد الصلاة عليه أن يدفع ليحصل على البركة، ومن يريد زيارة منزلية من الكهنة، عليه أن يدفع رسوما ل«الافتقاد».
وبينما تحتفظ الكنيسة بأسرار الإيمان السبعة، أضيف لتلك الأسرار سرًا جديدًا يتعلق بأوجه إنفاق هذه الأموال، وبحسب عهدى حليم، من سوهاج، «كان أحد كهنة كنيستنا يزور البيوت، ليجمع الأموال، ولم يكن يخجل من الطرق على أبواب المنازل لفترات طويلة، حتى يحرج أصحابها، دون أن تثنيه العبارات القاسية التى يوجهها له البعض، لكن عقب وفاته، خرج الفقراء لوداعه، وهم يصرخون بأنه كان يوزع عليهم الأموال، وقتها أدرك الجميع أنه لم يكن يجمع الأموال لمصالح شخصية، ولم يكن يتشدد فى جمعها إلا لمصلحة من يستحقها، وهو ما جعل الكثيرين ينتبهون لأهمية هذه التبرعات، وإسهامها فى التيسير على الفقراء، وفتح بيوت بمجهودات الكنيسة».
ومنذ عام 2012، أصبحت أموال الكنيسة موضوعًا للجدل، عندما طرحت الدولة فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى، مشروعًا لتقنين أموال الكنيسة، وإخضاعها لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات، وتردد وقتها أن السبب وراء طرح القانون، هو محاولة من جانب جماعة الإخوان لمنع رجال الأعمال الكبار من التبرع للكنائس، وعلى رأسهم نجيب ساويرس، الذى ينفى دائما تقديمه أى أموال للكنيسة، وثروت باسيلى، رئيس المجلس الملى، الذى اختلف مع أعضاء المجلس المقدس فى الأيام الأخيرة من عمر البابا شنودة الثالث، ما دفعه إلى الإقامة فى الولايات المتحدة، ورمسيس يوسف عطية، وكمال سليمان، ورامى لكح، والدكتور ماجد جورج، والمهندس رأفت الهناجرى.
ورغم نفى عدد كبير من رجال الأعمال الأقباط التبرع للكنيسة، إلا أن عددًا آخر يحاول التقرب من الكنيسة، ودائرة البابا، فيما أكدت مصادر ل«الصباح» أن «الكنيسة تعتمد بشكل كبير على تبرعات رجال الأعمال الأقباط الكبار، باعتبارها المورد الأول لدخلها، وتأتى بعده العشور التى يدفعها باقى الأقباط، أما المورد الثالث فهو أموال الموالد والاحتفالات التى تقام فى ربوع مصر، خاصة فى الأديرة، والمورد الرابع هو الدخل ما تدره مشروعات الأديرة من دخل».
ويقول سمير حبيب، من الإسكندرية، «هناك قاعدة مهمة ذكرت فى الكتاب المقدس، هى: لا يحضروا أمام الرب فارغين، لذلك فالكنيسة تفرض رسما للنهوض بالخدمات المجانية الكثيرة، والصيانة، ورواتب العمالة، وبعض الكنائس فقيرة، وبعضها ميسور الحال، ففى كنيستنا مار جرجس بسيدى بشر، لا يحدد مكتب الخدمات سعرا أو رسوما للخدمات، ويتم ترك الأمر لما يجود به الشخص، وهو المبدأ الذى أراه جيدًا، ففكرة تسعير الخدمات بعيدة عن الأجواء الدينية والروحية، التى ترمز لها الكنيسة».
وفى المقابل، تقول إيمان نظير، من القاهرة، «منذ فترة كنت أسمع الكثير من الحكايات حول فرض كهنة رسوما على ذكر الراقدين فى القداس، ولم أصدق، وفى أحد الأيام فوجئت بأن كاهن كنيستنا يتبع نفس الأسلوب، وتمنيت أن يصل هذا الأمر إلى قداسة البابا، ليقضى على هذه البدعة، التى قد يترتب عليها هجران البعض للكنيسة، لأنها ستكون ثغرة يستغلها الشيطان فى فقد نفس يبحث عنها المسيح»، ودعت الآباء الكهنة إلى اتباع «المسيح» فى قوله «مجانا أخذتم.. مجانًا أعطوا»، وأكدت أن «رجال الدين فى النهاية هم أشخاص لهم أخطاؤهم وعثراتهم، ولا يجب تجاهل أخطائهم، حتى لا تكون مبررا لهدم إيمان الآخرين».
ومن جانبه، يقول جرجس حلمى، إن «الكنيسة لا تحصل على أموال من الدولة، والتبرعات هى مصدر دخلها، لكن المتبرعين والمستفيدين من التبرعات، كلاهما لا يعرف طريقة صرف هذه الأموال، ويتشككون فى أنها تستنزف فى سفريات وانتقالات الأساقفة، وتجهيز المكاتب المكيفة لهم، بالإضافة إلى علاجهم خارج الوطن، وهى تفاصيل تثير الشبهات حول مدى الاستفادة من هذه الأموال».
وتؤكد مارجريت حسنى، أن «أموال الكنيسة تستنزف، والمتسبب فى ذلك عدد قليل من الكهنة»، ما اعتبرته ينذر بظاهرة ضارة وخاطئة، تستلزم من قداسة البابا تواضروس الثانى معالجتها، لحماية الكنيسة من ضعاف النفوس والإيمان، على حد قولها.
ويوضح القس لوقا راضى، من أسيوط، أن «فرض الرسوم من جانب الكنيسة هى عملية تنظيمية، فالفقراء يتم إعفاؤهم منها»، فيما استنكر تقاضى بعض الكهنة أموالا من شعب الكنيسة مقابل صلواتهم، مشيرًا إلى أنه «لا يجوز للكاهن الحصول على مقابل مادى نظير صلاته»، وطالب الأقباط بعدم الاستجابة لمثل هذه الأمور.
ومن جانبه، قال القس شنودة جبرة، إن «هناك رسوما تفرضها الكنيسة على الخدمات، مثل حفلات الزواج»، وأبدى دهشته من الحديث عن هذه الرسوم الرمزية، رغم أن البعض يدفعون الآلاف على مثل هذه الحفلات، التى تقام عقب صلاة الإكليل، كما أشار إلى أن «الكنيسة لا توافق للكثيرين على إقامة مثل هذه الحفلات، وفى الوقت نفسه فإن الكاهن لا يتقاضى أى مبالغ مالية نظير تلاوة الصلوات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.