منذ أيام قليلة، اقتحم ما يزيد على 20 مسلحًا، مقر مجلس مدينة كرداسة فى الجيزة، وأشعلوا النيران فى 4 سيارات داخل المقر، ثم هربوا.. كان الخبر كفيلًا باستعادة السيناريو المرعب الذى عاشته المنطقة خلال الأشهر الماضية، دون التوقف أمام جانب مهم من الواقعة، يخص استعانة رئيس مجلس المدينة بسيارات إطفاء من خارج المنطقة، لإخماد الحريق، لأن المدينة ليست لديها وحدة إطفاء، تستطيع التعامل مع الحادث. وكشف الحادث عن زيف الكثير من التصريحات الرسمية حول تطوير المناطق العشوائية، التى تصنف باعتبارها مناطق نفوذ للتيارات المتطرفة، وهى التصريحات التى صاحبت السيارات توجه سيارات محملة بسلع تموينية إلى كرداسة، بعضها تم توزيعه مجانًا، والبعض الآخر تم توزيعه بأسعار مخفضة، ومع الوقت، اختفى الاهتمام الحكومى، المتمثل فى السلع المدعمة وحدها، وعادت التيارات المتطرفة للظهور مرة أخرى. يقول «محمد.م»، بائع حلويات، إن المسيرات عادت للانطلاق من مساجد كرداسة، وأهمها مسجد القاسم، الذى يطلق عليه «ساحة الثوار»، ويعد المركز الأول لتجمع وانطلاق المسيرات، ويأتى بعده مسجد عثمان فى وسط المدينة، ومسجد عيسى، التابع للجمعية الشرعية، ويقع قرب قسم الشرطة، الذى تعرض للاقتحام والحرق عقب فض اعتصامى رابعة العدوية، فى منتصف أغسطس 2013، فتحول إلى خرابة. وأشار سائق «توك توك»، إلى أن أكبر المظاهرات تخرج من المجادلة أو من بنى مجدى، وبالتحديد من مسجد النصر الذى يقع فى مدخل ناهيا من ناحية كرداسة، وكذلك مسجد أبو سنة، الذى يقع فى منتصف البلدة، مؤكدًا أن المسيرات تجوب الشوارع إلى أن تلتحم بها مسيرات «المجادلة»، القادمة من المسجد الرئيسى للبلدة، ومسجد الشاعر فى بنى مجدول. وأضاف «هناك مكانان رئيسيان لتجمع المسيرات، الأول فى ميدان موقف ناهيا، ويقع فى وسط كرداسة، والثانى أمام كوبرى ناهيا، والذى يشهد أعمال شغب، وتظهر عليه آثار حرائق لإطارات السيارات، فيما تجوب باقى المسيرات الشوارع والدروب، إلى أن تظهر قوات الأمن». ووفقًا للأهالى، لا يوجد شخص بعينه، يقود هذه المظاهرات، أو يدعو لها، بل هناك العديد من الجهات والشخصيات التى تحدد مواقيت وأماكن التجمع، مثل حسام الحصرى، وعادل جوبا، ومصطفى إسماعيل، وإبراهيم زرزور، ومتولى عيسى، وحمدى أحمد، الذى يعمل فى مصنع ملابس جاهزة، وإسلام أحمد، وشهرته إسلام الجيزاوى، وكمال طلبة الزمر، وشحات باوه، ومحمود مصطفى الطاهر، الذى تم القبض عليه، ثم أفرج عنه الأسبوع الماضى، وعبد العزيز صالح عمار، وتختلف انتماءاتهم ما بين إخوان وسلفيين وجماعة إسلامية. ويلعب ما يسمى «تحالف دعم الشرعية»، دورًا بارزًا فى تنظيم تلك الفعاليات، بالإضافة إلى شباب ألتراس ناهيا، وحركة نساء ضد الانقلاب فى كرداسة، وألتراس مصر سياسى، سيكشن كرداسة. أصبحت «كرداسة» منطقة ذائعة الصيت على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، والتى تستغلها التنظيمات الإرهابية فى الدعوة إلى فعاليات من خلالها، وأبرزها صفحة «شباب كرداسة»، التى يتلقى من خلالها أنصار الإخوان والمتظاهرون من التيارات الأخرى مواعيد التظاهر، وأماكن التجمعات، بالإضافة إلى نشرها، معلومات تفصيلية عن الحملات الأمنية، وتمركزات قوات الأمن فى المنطقة، ويوجد للصفحة حساب على موقعى «تويتر» ويوتيوب، تبث من خلاله فيديوهات وصورًا للمسيرات فى ناهيا وكرداسة وبنى مجدول «المجادلة»، كما تبث تنبيهات للمتظاهرين بالحملات الأمنية التى تقوم بها قوات «الداخلية». ويكشف رجل خمسينى من الأهالى، ويعمل فى أحد المقاهى، جانبًا آخر من مأساة المنطقة، بقوله إن «قوات الأمن تشن عشرات الحملات يوميا، لكن هناك الكثيرين ممن يتم القبض عليهم أبرياء، ولا ذنب لهم فيما يجرى، وأغلب الأهالى يتعرضون لتضييق من الداخلية، عند الدخول والخروج، بل إن وجود اسم كرداسة فى بطاقة الرقم القومى لأى مواطن يجعل منه مشتبهًا فيه. ومن جانبه، قال مصدر فى مديرية أمن الجيزة، إن أجهزة الأمن بدأت فى شن حملات موسعة على قرى كرداسة وناهيا وبنى مجدول، قبيل انطلاق الذكرى الرابعة للثورة، لمواجهة أعمال التخريب والإرهاب المحتملة، مضيفًا فى تصريحات ل«الصباح»، «تم ضبط 21 عنصرًا هاربًا من اتهامات بارتكاب أعمال عنف وتخريب وإرهاب».