بنى مجدول، أو «المجادلة» بلغة أهلها.. هى الجحيم الآخر، الذى يبعد عن كرداسة عدة كيلو مترات!
تقع «بنى مجدول» بين كرداسة و «ناهيا».. يفصلها عن باقى قرى مركز كرداسة حزام نارى لايتعداه حتى قوات الأمن!
هى قرية فقيرة.. نسبة التعليم بها ضئيلة، إلى حد كبير.. بها 18026نسمة - أى ثلاثة أضعاف كرداسة تقريباً - وتقع على مساحة 50 فدانا.
كانت «كرداسة»، أرضاً ل «الفن والحرف اليدوية».. وحولها أهل التطرف إلى «شريعة الغاب» والدموية !.. ولم يختلف مصير «بنى مجدول» كثيراً!
سيطر عليها الإسلاميون واتخذوها منطلقاً لمسيراتهم، وخزائن أسلحتهم «حسب إشارات أهالى قرى الجيزة.. جعلوا منابر مساجدها منصات للتحريض على قتل قوات الأمن واضطهاد الأجهزة الأمنية بعد إزاحة محمد مرسى، وفض اعتصامى الإخوان.. أشاع بها السلفيون والإخوان فيروس الإرهاب، وسيطروا فكرياً على أهلها خاصة الشباب.
صعد نجم بنى مجدول بعد إزاحة الرئيس المعزول وسيطرة قوات الأمن على البؤر الإرهابية، وأضحت القرية الوحيدة المستمرة فى إرهابها، والبلطجة على باقى القرى، وبسؤالنا لأهالى كرداسة عن بنى مجدول، خشوا من «المجادلة» بطشهم وملاحقتهم، مما يعكس مدى الإرهاب الذى يعشش فى قلوب قاطنى قرى الجيزة.. لدرجة أن «أم محمد» صاحبة «الكشك» بمجرد ذكرنا ل «بنى مجدول»، أخذت تسب وتلعن أهلها وطبعهم الجاف، ومعاملتهم التكفيرية.
وبعد اقتحام كرداسة - ومع بدء موسم الدراسة - رفضت أم محمد خروج ابنتها الوحيدة إلى المدرسة الإعدادى كباقى زملائها، خشية من مسيرات المجادلة العنيفة، التى طالما نزفت الدماء بسببها.
أحد أهالى كرداسة وصف المجادلة ب«الترسانة»، وقال إن القرية اعتادت على حمل السلاح..ولا يوجد منزل بها يخلو من السلاح بأنواعه، إذ يعتبرون السلاح شيئًا ضروريًا وتجارته مباحة.. ويتوازى السلاح مع الخطاب الدينى المسموم فى بنى مجدول، إذ تجد بها من يحفظ القرآن، ومن يجد فى دماء البشر القربان!
جندت جماعات الإسلام السياسى من إخوان وأنصار أبو إسماعيل والجماعة الإسلامية «تابعى آل الزمر» شبيحة المجادلة لحمل السلاح ضد الأجهزة الأمنية، وشهادات أهالى كرداسة من الشباب خاصة، أكدت أن المجادلة اشتركوا فى مقتل ضباط قسم كرداسة، والاعتداء على الأهالى الذين دافعوا عنهم، وأشاروا إلى أن وجوههم غير مألوفة لأهل كرداسة.
وكان صاحب أحد المحال التجارية بالشارع السياحى، قد أكد أن عبود وطارق الزمر لهما باع فى بنى مجدول.. لقربها الشديد من ناهيا، التى هى محل إقامتهما.
أهالى كرداسة، أكدوا لنا أيضاً أن الإخوان يتجمعون كل يوم جمعة بشكل دائم أمام صيدلية «زيتونة » المملوكة لأحد أعضاء الجماعة، وعددهم يتجاوز المئات أحيانا، وتضم مسيراتهم النساء والأطفال، ويسبون الأهالى إذا اعترض أحد مسيراتهم حماية لأهل بيته، ويتطاولون على الأهالى بالسباب أو بالضرب لمجرد اختلاف البعض مع آرائهم.
الحاج عبد الفتاح الذى تحدثنا له من قبل، كشف لنا أن الكثير من السكان الغرباء جاءوا إلى المنطقة منذ شهور، ويرجح أنهم السبب فى الاشتباكات واقتحام القسم، وأن هؤلاء يتجمعون فى منطقة «بنى مجدول».. وهى منطقة تحت سيطرة السلفيين.
كما أنها مليئة بالبلطجية والمأجورين، وهو ما أكده أكثر من شخص من الأهالى.
وما يؤكد ذلك أكثر.. أن الأهالى تخشى الدخول للمنطقة وتتحاشاها، والأمن لم يدخل لهذه المنطقة حتى الآن، ومن المؤكد أن الأمن يعلم جيداً طبيعة ما يحدث هناك.
أمام كوبرى كرداسة مباشرة، الذى استشهد عليه اللواء نبيل فراج، يوجد «كشك» صغير لبيع السجائر والحلوى، تقف فيه «أم محمد»، سيدة عجوز تحمل ملامحها طيبة كبيرة لا تخلو من ذعر أو خوف مبهم، ومعها ابنتها، طلبنا منها مشروبات غازية وجلسنا لنتحدث معها.
هى سيدة من السنبلاوين.. لكن تعيش فى كرداسة منذ 20 عاماً.. عندما سألناها عن الأحداث الدامية التى وقعت قالت: «أنا كنت فى البيت وشفت الاقتحام على التليفزيون ومرضتش أنزل لما سمعت ضرب النار، وماكنتش عارفة أتصرف.
المكان الوحيد - حسب تحليل الأهالى والأمن - الذى أطلقت منه النيران على اللواء، هو مطبعة قديمة مهجورة فى مبنى من طابقين، تبعد أمتارًا قليلة عن مكان تواجد اللواء، كما أنها تتفق مع زاوية الإصابة حيث أصابته الرصاصة فى الجانب الأيمن.
وبالفعل.. قال الأهالى إن بعد دخول المطبعة وجدوا بها «شبشب» وسلمًا خشبيًا كبيرًا، مما يؤكد إمكانية تواجد شخص بحوزته سلاح نجح فى قنص اللواء من إحدى شرفات المطبعة.
عندما دخلنا «الشارع السياحى» وجدناه مثل «مدينة أشباح.. خاليًا تماماً من المارة.. أغلب المحال مغلقة، وأصحابها يجلسون يتحدثون ويندبون حالهم، ويظهر على وجوههم البؤس والشقاء.. فهذا الشارع أسره وعائلاته تعيش على بيع المنتجات التى ينتجونها.. مثل الجلابيب الشرقى، أو ورش إنتاج وتصدير المنسوجات، حيث يوجد بالشارع أكثر من 325 محلاً، تعول عليها 100 ألف أسرة.