الرئيس التركى اجتمع بزعيم الجبهة بعد خروجه من السجن فى لقاء رسمى الجبهة تمتلك شركات بترول تركية تتولى نقل النفط العراقى من حقول يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية كان حدثًا لافتًا، برغم مروره دون أن ينتبه له الكثير من المراقبين.. نتحدث عن لقاء رسمى تم بين الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، و«صالح ميرزا بك أوغلو» زعيم تنظيم «جبهة غزاة الشرق الأعظم الإسلاميين» الذى خرج من المعتقل فى تركيا فى يونيو الماضى، بعد أن قضى 16 عامًا فى السجن بتهمة «محاولة تغيير النظام الدستورى بقوة السلاح» فى القضية التى حوكم فيها عام 1998. أول ما يدل عليه هذا اللقاء العلنى هو أن أردوغان قد انتقل من مرحلة الدعم المستتر لتنظيم داعش، إلى الدعم العلنى، وذلك ببساطة لأن تنظيم «جبهة غزاة الشرق» أعلن مطلع الشهر الجارى فى إحدى المؤتمرات الصحفية أنه يساند تنظيم داعش فيما أسماه «الجهاد ضد الكفار»، برغم أن الواقع يقول إن كل من يقتلهم تنظيم داعش منذ وجد على الأرض وحتى الآن هم من المسلمين. العلاقة بين أردوغان وبين الإرهابى القديم أوغلو ليست جديدة، فالرئيس التركى هو ابن حزب الرفاة الإسلامى، وهو ذات الحزب االذى خرجت منه «جبهة غزاة الشرق»، التى تشكل محورًا رئيسيًا فى دعم الجماعات الإرهابية فى المنطقة العربية بما فيهم تنظيم داعش، وما زالت تعمل فى الخفاء حتى الآن، برغم امتلاكها عشرات الشركات التى تعمل بنقل النفط. حزب «الرفاة» التركى تأسس فى 19 يوليو عام 1983م كامتداد لحزب السلامة الوطنى الذى ألغته المؤسسة العسكرية التركية فى أكتوبر 1981م. الحزب ذات التوجه الإسلامى، سعى إلى توسيع قاعدة مناصريه التى اشتملت على أطياف متنوعة من المجتمع التركى، سواء من رجال الأعمال والصناعيين القرويين أو الجماعات الصوفية وصغار التجار والموظفين والطلبة، بهدف التأكيد على الهوية الدينية للدولة. وبالفعل استطاع حزب «الرفاة» أن يصل إلى السلطة فى تركيا عام 1997، وشكل أول حكومة معظمها من الإسلاميين برئاسة نجم الدين أربكان، الذى بدأ توسيع القاعدة الدولية المؤيدة لمشروع الخلافة الإسلامية، الذى يمثل حلمهم الكبير فى السيطرة على دول المنطقة، وكان العديد من الأعضاء البارزين فى جماعة الإخوان المسلمين يحضرون مؤتمرات حزب الرفاة، مثل مهدى عاكف المرشد السابق للجماعة، وأحمد سيف الإسلام نجل حسن البنا، وكذلك مصطفى مشهور المرشد الخامس للجماعة. أثار توسع الحزب فى العلاقات الدولية، وإقصاؤه بعض الأيديولوجيات الأخرى جانبًا، استياء المؤسسة العسكرية التركية فى ذلك الوقت، وتم حظر الحزب فى 16 يناير 1998مع وضع نجم الدين أربكان و5 قيادات من الحزب ضمن قائمة العزل السياسى لمدة 5 سنوات، بهدف القضاء على مساعى عودة الحزب للحياة السياسية مرة أخرى. تحايلًا على قرار الحظر قام أعضاء من حزب «الرفاة» غير المعروفين بإنشاء حزب الفضيلة، لكن بعد أن تم حله هو الآخر عام 2001 قام العديد من أعضائه بتشكيل جبهة راديكالية تحت مسمى «جبهة فرسان الشرق الأكبر»، ويطلق عليها حاليًا «غزاة الشرق الأعظم الإسلامى» بقيادة صالح ميرزا بك أوغولو، أكثر أعضائها تشددًا. نشأة جبهة «غزاة الشرق الإسلامى» بعد اعتقال صالح ميرزا بك أوغلوا وأحد مساعديه عام 1998 خلال حكومة مسعود يلماظ، بسبب دعمهم لحزب العمال الكردستانى، ظلوا فى السجن عدة سنوات، حتى تم الإفراج عنهم بعد فوز حزب العدالة والتنمية فى الانتخابات البرلمانية وتشكيل الحكومة برئاسة صديقهم القديم رجب طيب أردوغان عام 2002. عقب خروج أوغلو استمر فى التنسيق مرة أخرى مع حزب العمال الكردستانى، لكن هذه المرة سرًا، وتمكن أوغلو خلال فترة قصيرة من إعادة نشاط الجبهة الإرهابى مرة أخرى، وضم المئات من الإسلاميين الراديكاليين، تحت ستار المساعى لإقامة الخلافة الإسلامية مرة أخرى، وقد اختارت الجبهة الجهاد المسلح بعد اجتماع مع أعضاء من حزب العمال الكردستانى عام 2002. من هو صالح أوغلو ولد صالح ميرزا بك أوغلو، فى أرزينجان فى عام 1950، وتعود أصوله إلى مدينة بتليس التركية. درس القانون فى جامعة إسطنبول، وبدأ نشر بعض أعماله عام 1975 فى بعض الدوريات، ثم نشر كتبًا ذات وجهات نظر سياسية أيديولوجية عامى 1979 و1980، وأسس ما يعرف بمركز إبداع، لنشر فكر تيارات المقاومة الإسلامية والجهاد المسلح، عام 1984 وقد كتب أكثر من 50 عملًا حتى الآن، لهذا فهو يعتبر أحد منظرى العنف فى فكر الإسلام السياسى، مثل سيد قطب فى مصر. وكان صالح ميرزا بك أوغلو، زعيم لحركة ذات توجه إسلامى، معارضة للنظام التركى منذ عام 1975 حتى عام 1980، وهو ما اعتبرته السلطة انقلابًا على الدولة. ثم بدأ بعد ذلك فى نشر بعض الدوريات التى تحث على الثورة ضد النظام ونشر مقالة بعنوان «الظل» ثم تحدث عن القاسم المشترك بين تيارات المقاومة الإسلامية فيما أسماه بمفهوم «رايدر» ثم تحدث عن الإسلام الثورى وقد مجد القادة الذين تحدث عنهم خلال عدة مقالات، وهو ما أسهم فى إطلاق لقب «غزاة» الذى لقبت به الجبهة بعد ذلك. تم اعتقاله عام 1998، بتهمة محاولة هدم نظام الدولة العلمانى وإقامة دولة إسلامية، ووضع فى سجن «بولو» وهو سجن شديد الحراسة. هدف أوغلو الأعظم إقامة دولة «الخلافة»، بدءًا من الأراضى التركية، لتشمل جميع الدول الإسلامية، والتى تقوم على عدم وجود حدود بين تلك الدول، ويعرف نفسه بأنه مثل «الطيور المائية» التى تسير رحلات بين الفكر الغربى والحكمة الإسلامية. الغريب أن وكالة الأنباء الإسلامية التركية، نشرت تقريرًا على لسان مصدر فى الاستخبارات التركية فى عام 2003، عقب عدة تفجيرات قامت بها جبهة غزاة الشرق فى إسطنبول، توضح فيه أن هناك إشارات إلى أن عناصر من الموساد الإسرائيلى تعاون هذه الجبهة الراديكالية وتمدها بالدعم اللوجيستى، كما لفت التقرير إلى أن وجود عملاء للموساد الاسرائيلى ظهروا فى موقع التفجيرات بعد دقائق قليلة، مما يثير علامات استفهام كثيرة. وتصنف أجهزة المخابرات التركية الجماعات الإرهابية والانفصالية والدينية حسب درجة خطورتها، واضعة «حزب العمال الكردستانى» فى المقام الأول يليه حزب الله التركى، ثم الجبهة الثورية، وفرسان المشرق الأكبر، وهى «غزاة الشرق الأعظم». غزاة الشرق وداعش حسب بعض المصادر السورية، فإن هناك ما لا يقل عن 1000 عنصر من جبهة «غزاة الشرق الإسلامى» فى صفوف المقاتلين بتنظيم «داعش» فضلًا عن وجود بعض القيادات المقربة من أبو بكر البغدادى زعيم التنظيم، والتى لا يعرف أحد عنها الكثير، لأنها تعتبر قيادات سرية لا يصرح بأسمائها خلال أية اجتماعات. المصادر ذاتها أكدت أن تلك العناصر هى من تتولى إدارة الجانب الاقتصادى لداعش، وكانت تقوم بجمع التبرعات من تركياوقطر وأيضًا من جميع المنظمات الإرهابية العالمية، وذلك لإرسالها إلى داعش، ثم اصبحت تمتلك عشرات الشركات التركية التى تعمل فى مجال البترول المهرب، بعد سيطرة داعش على عشرات حقول النفط العراقية وصارت تديرها لحسابها عبر تركيا. من جانبه، قال العميد حسام العواك، قائد العمليات فى الجيش السورى الحر إنه بعد فوز حزب العدالة والتنمية عام 2002، أفرج الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الذى كان رئيسًا للوزراء وقتها عن صالح ميرزا أوغولو ومساعده، وهو ما ساعد فى إعادة نشاط الجبهة، مضيفًا أن الجبهة وبعض الحركات التابعة للقاعدة وبعض العناصر العراقية قاموا بتنفيذ تفجيرات 20003 بمدينة إسطنبول التركية، وهو ما دفع السلطات التركية لاعتقال المئات من عناصر الجبهة فى ذلك الوقت. العواك أوضح أيضًا، أنه بعد اعتقال السلطات التركية للمئات من العناصر المشتبه فيهم، قام زعيم تنظيم الجبهة بمبايعة أسامة بن لادن، عن طريق بيان قام بإرساله من مكان اختفائه، ثم ظهر بعد عفو أردوغان عنه. ويضيف العواك، أن الجبهة التركية ظهرت مؤخرًا فى سوريا، واندرجت فى صفوف التيارات المتشددة، بعد أن تلقت تمويلًا من قطر، كما تم التنسيق مع جهازى المخابرات التركية والقطرية، وكان المطلب الرئيس لأجهزة المخابرات هو الابتعاد عن أى ظهور إعلامى أو أضواء. وأشار العواك إلى أن أبو بكر البغدادى الذى يزعم أنه الخليفة الحالى هو أحد أصدقاء صالح أوغلو، وكان على علاقة كبيرة معه، خاصة خلال الفترة التى تم فيها التنسيق بين الجبهة وبعض الحركات الإسلامية فى العراق قبل تفجيرات 2003، كما أن هناك بعض أوجه التنسيق ما زالت مستمرة حتى الوقت الحالى. وأوضح العواك، أن الجبهة هى المسئولة عن توفير الدعم المادى لتنظيم داعش الإرهابى، حيث إنها تلعب دور الوسيط فى عمليات بيع النفط من الآبار التى يسيطر عليها تنظيم داعش فى الموصل والأنبار بالعراق، وفى الرقة ومناطق أخرى بسوريا، وأنها تقوم بنقل النفط عن طريق الأراضى التركية وبيعها لدول الغرب بأسعار أقل من الأسعار العالمية لضمان استمرارية العملية.