*صور «أبو البراء المصرى» بصحبة بعض الضباط فى اعتصامهم أمام «الداخلية» تؤكد تورطهم مع التنظيم *اللواء «نور الدين»: جهات سيادية تعد ملفات للضباط المفصولين لتتبع تحركاتهم وتصرفاتهم بين ضجة إعلامية وأحكام قضائية، ظهر «الضباط الملتحون» فجأة ثم اختفوا -فجأة- فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى، واعتبرهم البعض آنذاك «خلايا نائمة» فى وزارة الداخلية، بلحاهم الطويلة وتدينهم الظاهر وتدخلهم فى السياسة والقوانين مما جعل الساحة المصرية تنقسم بين مؤيد ومعارض لهم. وفى الآونة الأخيرة، عاد الضباط الملتحون مجددًا إلى الساحة الإعلامية بعد مقتل أحمد الدورى ضابط الشرطة السابق الذى أعلن «داعش» عن مقتله خلال الأيام الماضية، حينما كان يقاتل فى صفوف «جبهة النصرة» فى سوريا، علمًا بأنه استقال من جهاز سيادى تابع للشرطة منذ عام 2007، اعتراضًا على تزوير الانتخابات البرلمانية خلال عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، وكانت له ميول إخوانية، وترشح لانتخابات مجلس الشعب فى 2012 عن دائرة حلوان والمعادى والتبين، إلا أنه لم ينجح فى الانتخابات. «الصباح» تفتح هذا الملف الشائك، لتكشف عن رجال الشرطة الذين تم استقطابهم من قبل الجماعات الجهادية، وتم فصلهم من الخدمة الشرطية والعسكرية، وأصبح الكثير منهم الآن «يجاهد» فى مناطق واسعة من سورياوالعراق ضمن صفوف «داعش» وجماعات «جهادية» أخرى بمسميات مختلفة.. فأين ذهب الضباط الملتحون؟!، هل ظلوا فى مصر بعد فصلهم أم سافروا للخارج وما الشبهات التى تدور حول تلك الحركة بعد مقتل «الدورى»؟ نبدأ من البداية، ففى 28 إبريل 2013 التقى وفدًا من الضباط الملتحين مع «مرسى»، رئيس الجمهورية حينها، والذى وافق على عقد لقاء مع وفد منهم بعض أن تظاهروا أمام بوابة قصر الاتحادية وقتها لإيجاد حل لقضيتهم، الوفد كان مكونًا من العقيد أحمد شوقى، والنقيب هانى الشاكرى، والأمين أحمد متولى، والشيخ أحمد فاروق، أحد أعضاء الهيئة الشرعية بالأزهر الشريف. ويجب هنا التوقف للحظات، فمن هو الشيخ أحمد فاروق؟، وما علاقته بالضباط الملتحين؟، إنه إمام «مسجد قباء» بمنطقة جسر السويس فى حى السلام شمال القاهرة، وهو متهم بتجنيد الشباب ومساعدتهم على السفر ل«الجهاد» فى صفوف داعش، خاصة أنه يؤهلهم «إيمانيًا» من خلال دورات شرعية يدرسها لهم قبل السفر، وكذلك يهتم بأسرهم وينفق عليهم. اعتُقل «الشيخ فاروق» أكثر من مرة من قبل «الأمن الوطنى» نظرًا لتشدده ومناداته ب«الجهاد ضد النظام»، كما تم اعتقاله عندما أنشئت «كنيسة العذراء» بالقرب من «مسجد قباء»، حيث كان رافضًا للأمر ودعا تلاميذه إلى عدم الموافقة أيضًا، وتم الإفراج عنه بعد ثورة 25 يناير فى عهد المجلس العسكرى. وفى 8 فبراير 2014، أعلن اللواء عبد الفتاح عثمان، مساعد وزير الداخلية للعلاقات والإعلام، إنهاء خدمة 10 من الضباط الملتحين، لعدم التزامهم بقواعد ولوائح العمل الشرطى، وبالقانون الذى تعهدوا بالحفاظ عليه بعد تخرجهم فى كلية الشرطة، وهم: «عقيد أحمد شوقى محمد عبده، ومقدم يوسف سعد على، ونقيب وليد حسن محمد، ونقيب محمد السيد عبد الحميد، ونقيب هانى صبرى الشاكرى، ونقيب محمد ممدوح محمد، ونقيب محمد جابر عواد، ونقيب أحمد محمود مدحت البدرى، ونقيب حازم أحمد ماهر، وملازم أول أحمد حمدى عبد الحميد». وكان هؤلاء الضباط قد أحيلوا للاحتياط لمدة عامين طبقًا للمادة 67 من قانون الشرطة؛ والتى تنص على أن «يستمر المخالف للانضباط فى الاحتياط لمدة عامين وينظر فى أمره كل 6 أشهر للرجوع عن مخالفته، وإن استمر بعد العامين يتم إنهاء خدمته». وفى31 أغسطس 2014، ألقت أجهزة الأمن القبض على شبكة يتزعمها عادل عبدالعاطى، وكنيته «أبوالبراء المصرى»، أحد الأعضاء المؤسسين لحركة «حازمون» فى محافظة السويس، ويعاونه 4 آخرون من محافظتى الشرقيةوالسويس، مقابل 2000 دولار شهريًا لكل فرد، وألقت القبض على أحدهم، ويدعى أحمد عبدالفتاح، موظف فى شركة بترول، واتضح أن «أبو البراء» صديق مقرب للضباط الملتحين حيث ظهر بصحبتهم فى صور فوتوغرافية فى أكثر من مناسبة، وهو ما يثبت تورط بعض أعضاء حركة الضباط الملتحين بالسفر للجهاد فى سوريا. مصادر أمنية مطلعة أوضحت إنه عقب إلقاء القبض على «أبو البراء المصرى»، تبين أن هناك اتصالات تجمعه بعناصر من الضباط الملتحين حوت معلومات يصعب الكشف عنها حاليًا، لضرورة اكتمال المعلومات حول الضباط الملتحين وعضو «حازمون»، مشيرة إلى أن دور الضباط الملتحين فى الوزارة كان لا يتعدى العمل الإدارى. وفى 20 من هذا الشهر أعلن تنظيم «داعش» عن مقتل ضابط مصرى سابق يدعى أحمد الدورى مؤكدًا أنه كان قياديًا بالتنظيم ولقى مصرعه أثناء تنفيذه عملية عسكرية فى العراق، واتضح أنه من مواليد عام 1976 وتخرج فى كلية الشرطة دفعة 1998.، وفصل من «الداخلية» بسبب حصوله على 55 قرار جزاء نظرًا لغيابه المتكرر وعدم انضباطه، وكان يعمل فى مديريات الأمن وأنهى خدمته من مديرية أمن الجيزة، ثم خرج من الخدمة برتبة «نقيب». وبعد كل هذا التسلسل الزمنى والحدثى للضباط الملتحين وبعض الشخصيات المقربين منهم مثل الشيخ أحمد فاروق، وأحمد الدورى، وأبو البراء المصرى، اتضحت الصورة أكثر من ذى قبل وأصبحت القضية لا شك فيها أن بعض أعضاء الحركة متورطون فى تلك القضايا. من جانبه، صبرة القاسمى القيادى الجهادى السابق، إن «داعش يسعى لضم ضباط من الجيوش العربية للاستفادة بخبراتهم داخل صفوفها، وعلى رأسهم أبو بكر الناجى، مفتى التنظيم وصاحب كتاب إدارة التوحش الذى تستعين به جميع التنظيمات الإرهابية، وهو موسوعة فى العلوم العسكرية الحديثة، وتعتمد عليه كل الجماعات الإرهابية فى كيفية اقتحام المدن والسيطرة عليها، وتصنيع القنابل وكيفية القضاء على السلطات». ونوّه القاسمى إلى أن «الناجى، يسعى لضم مزيد من ضباط الجيش والشرطة المفصولين من الخدمة، بعد انضم لداعش كل من أبو معاذ وأبو مصعب، وأبو مسلم وهم قيادات سابقة بالجيش المصرى». فى السياق ذاته، قال اللواء محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية الأسبق، فى تصريحات ل«الصباح»، إن الجهات السيادية تعطى جزءًا كبيرًا من اهتمامها لتتبع رجال الشرطة والجيش بصفة دورية وخاصة إذا بدت عليهم ميول تشير إلى بوادر تطرف دينى، وإذا ثبت ذلك يتم فصل الضابط من الخدمه فورًا بموجب القانون، وليس هذا فقط، لكن وزارة الداخلية تضعه أيضًا تحت التتبع وتعد له ملف المتابعة لمعرفة خط سيره وتصرفاته، ولعل من أشهر الأمثلة لاستقطاب الجماعات الإرهابية للضباط المفصولين هو أحمد طارق عبدالعليم المتهم فى قضية قتل الإمام الذهبى وزير الأوقاف فى السبعينيات من القرن الماضى، حيث كان ينضم عبدالعليم لتنظيم «التكفير والهجرة» الذى كان يقوده شكرى مصطفى والذى كان يُكفّر المجتمع المصرى كله. القيادى الجهادى السابق محمد أبوسمرة، أوضح أنه بعد أحداث 30 يونيو سافر المئات من الشباب المصرى المنتمى للجماعة الإسلامية والإخوان و«حازمون» من أجل الجهاد فى سوريا وبعضهم الآن فى صفوف داعش، خاصة أنهم أيقنوا أن الجهاد لن يجدى شيئًا فى مصر فذهبوا لمحاربة الشيعة والصفويين والعلويين، منوهًا على أن أغلب الجهاديين فى صفوف داعش قيادات شرطية وعسكرية مصرية. وأضاف «أبو سمرة» أن ما يقرب من 10 آلاف مقاتل فى صفوف داعش مصريون الجنسية، و30% من القيادات القتالية فى داعش هم ضباط شرطة وجيش سابقون، مؤكدًا أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تهتم بأن تكون مصر عضوًا فى التحالف ضد داعش لأنها تعرف أن معظم «الجهاديين» هناك قادمون من مصر. وأوضح القيادى الجهادى السابق أن شباب الجهاد رأى فى «داعش» دولة إسلامية مكتملة الأركان لأنها تملك أرضًا فى سورياوالعراق تُقدّر بضعف مساحة بريطانيا 10 مرات، مما يعنى تحقيق حلم عودة «دولة الخلافة».