لم يكن حادث اغتيال نجل المستشار محمود السيد، القاضى بمحكمة استئناف القاهرة، أمام منزله بالمنصورة الأسبوع الماضى، هو الحادث الأول من نوعه، فقد بدأت جماعة «الإخوان» مسلسل اغتيال القضاة واستهداف أسرهم عام 1948 بترصد القاضى أحمد الخازندار حينما كان يخرج من منزله فى منطقة حلوان متجهًا إلى محل عمله، إلا أن رصاصات جماعة الإخوان حالت دون جلوسه على منصة القضاء إلى الأبد. وقال قضاة ل«الصباح»، تحدثوا لأول مرة إلى وسائل الإعلام، إن «مسلسل اغتيالات رجل السلك القضائى الذى بدا قبل 60 عامًا مستمر، ولن ينتهى طالما أن وزارة الداخلية لا توفر الحماية الكاملة لهم»، مؤكدين أن «اغتيال نجل المستشار السيد فى المنصورة ما هو إلا عمل إرهابى لتهديد وترويع جموع القضاة». البداية كانت مع المستشار أحمد عبدالنبى، رئيس محكمة جنح سيدى جابر بالإسكندرية، المعروف إعلاميًا بقاضى حركة «فتيات 7 الصبح» الشهيرة، والذى رفض الحديث للصحافة فى أكثر من مناسبة، ولكنه بعد اغتيال نجل مستشار المنصورة خرج عن صمته أخيرًا. قال المستشار عبدالنبى ل«الصباح» «تعرضت ل3 محاولات اغتيال، الأولى أثناء نظر قضية حركة (بنات 7 الصبح) حيث تم إطلاق الخرطوش من قبل مجموعة مسلحة أمام منزلى، والمحاولة الثانية كانت عن طريق رسائل التهديد، ونشر عنوان منزلى وبياناتى الشخصية وصور لى على الإنترنت، وأعقبها القبض على مجموعة خططت بالفعل لاغتيالى، أما المحاولة الثالثة فكانت عن طريق القبض على مجموعة إرهابية بواسطة جهاز «الأمن الوطنى» وبحوزتها تكليف باغتيالى، وحملت القضية رقم 5232 لسنة 2014». وأضاف عبدالنبى أنه «بالتزامن مع القبض على الخلية الإرهابية الأخيرة بالإسكندرية، تم رصد مجموعة كانت تستقل سيارة ملاكى، وظلت واقفة لفترة بالقرب من منزلى وبداخلها شخص يلتقط صورًا للمنزل ولى أنا شخصيًا، ولكن قبل أن أتوجه إليهم فروا من المكان». وتابع عبدالنبى: «وبعد أول محاولة اغتيال خصصت وزارة الداخلية وحدة حراسة لى أثناء نظر الجلسات، غير أنها بعد النطق بالحكم فى قضية متهمات حركة (7 الصبح) تم سحب الحراسة بالكامل على الرغم من استمرارى فى نظر قضية القيادات التى حرضت الفتيات، وقد تواصلت مع عدد من مسئولى الوزارة فى هذا الشأن، إعادة الحراسة مجددًا، إلا أن الرد دائما بأنهم مشغولون فى حملات إزالة الإشغالات وتأمين الامتحانات»! من جهته، أكد المستشار فرج حمودة رئيس استئناف القاهرة السابق ل«الصباح» أن «المتسبب الأول فى عملية اغتيال نجل مستشار المنصورة هو إهمال الداخلية لمسألة تأمين القضاة، فالمنطقة التى شهدت الحادث يقطنها اثنان من أهم مستشارى نادى قضاة المنصورة، وهما المستشار محمود السيد الذى سبق له نظر قضية الكسب غير المشروع لأحمد نظيف، والمستشار حسين قنديل عضو اليمين فى محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسى، وكلاهما بالطبع يحتاج إلى حماية أمنية مشددة». وتابع المستشار حمودة قائلًا: «وأتصور أن عملية الاغتيال سياسية من الدرجة الأولى، خاصة أنها تمت فى وضح النهار، بغرض إرسال رسالة إلى قضاة مصر مفادها أن: تنحوا عن نظر قضايا الإرهاب، ولكن النتيجة ستكون عكسية، لأن القاضى لا يخشى إلا الله مع أن دور الداخلية غائب بالمرة عن المشهد، فلن تخسر الداخلية شيئًا لو أنها قامت بتأمين الحى الذى شهد الحادث بفردى شرطة أو دورية حراسة متنقلة تجوب المكان بين الحين والآخر، وبناء على ذلك ستكون هناك جمعية عمومية فى القريب العاجل لبحث آليات التصدى لمسلسل استهداف القضاة». من جهة أخرى، قال مصدر أمنى مسئول بوزارة الداخلية ل«الصباح» أن «عملية تأمين القضاة تكون داخل المحاكم وداخل مكاتبهم فى النيابات فقط، وبمجرد خروجهم من المحكمة الداخلية لا تكون الوزارة مسئولة عن تأمينهم إلا إذا تقدم أحد المستشارين أو وكلاء النيابة بطلب لتأمينه فى حالة استهدافه من قبل شخص أو جهة معينة، أو تلقيه تهديدات أثناء نظر إحدى القضايا التى يحقق فيها أو ينظرها، وهذا ما حدث مع كل القضاة المسئولين عن محاكمات عناصر جماعة الإخوان أو قيادات الجماعة». ولفت المصدر إلى أن «نجل قاضى المنصورة المستشار محمود السيد لم يكن هو المقصود فى الحادث الذى تعرض له الأسبوع الماضى، بل كان الهدف هو نجل المستشار عضو اليمين الذى يسكن فى أول الشارع نفسه، ولكن لأن هناك حراسة مشددة على منزله أراد الإرهابيون إرسال رسالة إلى نجل المستشار السيد عن طريق أقرب قاضٍ يسكن بجواره». وشدد المصدر على أن «وزارة الداخلية لا تمانع فى تأمين القضاة خاصة أنهم بعد ثورة 30 يونيو أصبحوا مستهدفين، ولكن لابد أن يكون ذلك بالتنسيق مع وزارة العدل، لأن القضاة إذا ما تم استهداف أبنائهم فلن تكون هناك محاكمات عادلة للقتلة والإرهابيين».