سرق محطة كهرباء نجع حمادى بعد إجبار مندوب الشرطة على فصل التيار عنها.. واستولى على أكثر من 20 سيارة من أصحابها.. وأطلق النار على مركز الشرطة فأصاب ضابطا تمر الأحداث وتشتعل الثورات وتتغير الأنظمة وتتبدل الوجوه، ويظل الصعيد كما هو.. كيان مهمل، لا يتذكره أحد إلا خلال فترة الانتخابات لاستغلال طبيعته القبيلة فى حصد أصوات أبنائه، الذين لا تتوافر لديهم أبسط مقومات الحياة الكريمة. ولما كان الصعيد بعيدًا عن كل أشكال التمدن والتحضر، ومفتقدًا لأيادى الاهتمام، فقد تحول لوكر يحمى المجرمين والمسجلين خطر وتجار السلاح والمخدرات، الذى يلقب أكثرهم إجرامًا دائما «بخط الصعيد»، ذاك اللقب المعروف الذى ارتبط بالأذهان مؤخرا «نوفل» المجرم الذى لقى مصرعه على يد قوات الأمن بعد أن أفصح عن علاقته بهم.
ولأن شيئا لا يتغير فى الصعيد فقد تكررت أزمة «الخط» ولكن باسم مختلف رغم تشابه الجرائم، فهذا «الخط» الجديد ارتكب العديد من الجرائم ما بين قتل وسرقة بالإكراه وتجارة مخدرات واختطاف وترويع آمنين، وفشلت قوات الأمن حتى اللحظة فى إلقاء القبض عليه رغم تعدد الحملات الأمنية، والتى كان آخرها الأسبوع الماضى، نتحدث هنا عن «نشأت عيضة محمد أحمد» الشهير ب«نشأت عيضة» والذى يعد وريث «نوفل» فى الجريمة كما يراه البعض. ينتمى نشأت، الشاب الذى لم يتخط الخامسة والثلاثين– لقرية حمرا دوم، إحدى قرى مركز نجع حمادى بمحافظة قنا، والتى تسمى بأرض الدم أو سوق الإجرام، وتعد القرية مصدرًا للرعب بين أبناء الصعيد، وذلك لانتشار تجارة السلاح والمخدرات بها، وتفتقد القرية لأى تواجد أمنى. ورغم استقرار حالة والده المادية، لأنه من أكبر عائلات حمرا دوم وهى عائلة «هنداوى»، وكان يمتلك مكتبا للتموين يوفر له ولأبنائه السبعة عيشة كريمة، إلا أن هذا لم يمنع نشأت من دخول عالم الجريمة، والذى بدأت علاقته به منذ أن كان عمره 18 عاما، حيث عرف عنه تجارته فى المخدرات منذ هذه السن المبكرة، وقيامه بالعديد من عمليات السرقة، حتى تم اتهامه بقتل عمدة قرية «الطنان» التابعة لمركز إدفو، وهنا سطع نجم نشأت وبدأ يرتبط اسمه بالعديد من الجرائم الكبيرة، واحترف بعدها تجارة المخدرات والسلاح بتوسع، ولكنه تخصص فى عمليات السرقة بالإكراه. الخط الجديد كوّن أكثر من تشكيل عصابى بغرض السرقة بالإكراه، فكان يتربص بالسيارات ويطلب من السائق توصيله وباقى التشكيل إلى مكان ما، ثم يقوم بسرقة السيارة والتعدى على سائقها، وقد ازدهر نشاط نشأت الإجرامى ما بعد ثورة 25 يناير بسبب الانفلات الأمنى، فقام بالعديد من العمليات منها سرقة محطة نجع حمادى بعد إجبار مندوب الشرطة على فصل التيار الكهربائى عنها، وقد تم الحكم عليه وقتها بالحبس 15 عامًا، كذلك تم إلقاء القبض عليه وسط تشكيل عصابى قام بسرقة أكثر من 20 سيارة وبيعها، ولكنه تمكن من الهرب من داخل مركز شرطة نجع حمادى، كما قام بإطلاق النيران على نقطة مركز نجع حمادى ردا على الحملات الأمنية التى تقوم بها مديرية أمن قنا لإلقاء القبض عليه، وأصيب خلال عملية إطلاق النيران الرائد محمد المهدى. أما أحدث جرائم الخط الجديد فكانت قتل شخص يدعى على أحمد الطيب فى وضح النهار وأمام المارة بهدف الثأر لأبيه، الأمر الذى تسبب بمشكلة بين عائلته وعائلة القتيل انتهت بحصار جماعى لأفراد عائلته مازال مستمرا حتى الآن.
وقد صدر ضده العديد من الأحكام القضائية ما بين حبس تخطى المائة عام وأحكام بالإعدام وصلت لثلاث مرات.
ولا يزال «خط الصعيد الجديد» مستمرا فى عملياته الإجرامية مع استمرار فشل محاولات القبض عليه، كونه يستغل طبيعة المكان الجغرافية الوعرة، التى تحيطها الجبال وتنتشر بها زراعات القصب الطويلة التى تضمن له طرق الهرب والاختفاء وقت الحاجة، مما يجعل الوصول إليه أمرًا غاية فى الصعوبة، خاصة مع اختفاء التواجد الأمنى بالقرية بشكل كامل، وانحصار هذا التواجد فى الحملات الأمنية فقط والتى يعرف بها الخط مسبقا، وكذلك خوف وقلق الأهالى من بطشه فى حال إدلائهم بأى معلومات تسهل عملية القبض عليه.