فى حلقة جديدة من مسلسل كشف الفساد الذى تواصل «الصباح» رصده فى مختلف قطاعات الدولة، وأبرزها قطاع الأعمال العام، تأتى هذه الواقعة التى تمثل وجهًا جديدًا من أوجه الفساد داخل المؤسسات الحكومية. وتكشف المستندات والصور التى حصلت عليها الجريدة عن تواطؤ «الشركة القابضة للصناعات الغذائية» مع شركة «الشمس للاستثمار العقارى» التى يرأسها رجل الأعمال نجم عواد عيسى، حيث قامت الأخيرة (الشمس) بالبناء على 10 أفدنة زراعية تملكها فى طريق مصر- الإسكندرية الزراعى، وتحديدًا فى منطقة طوخ بالقليوبية، ثم أجرتها لشركتين حكوميتين هما «المصرية لتجارة الجملة» و«العامة لتجارة الجملة» التابعتين للشركة القابضة، حتى تضمن عدم إزالة المبانى المقامة على أرض الزراعية. وقالت مصادر مسئولة ل «الصباح»، «إن رئيس الوزراء المهندس إبرهيم محلب أصدر قرارًا قبل أسبوعين يقضى بإزالة مخلفات البناء فى هذه المنطقة، ومن ضمنها تلك المبانى التى أقامتها شركة «الشمس»، مع العلم أنه تم الانتهاء من 50% من عمليات البناء على كامل مساحة الأرض، ويتم استكمال حاليا البناء عليها. وتشمل المستندات بلاغا للنائب العام تحت رقم 10692 (عرائض) لسنة 2011، تضمن قيام إدارة «الشركة المصرية لتجارة الجملة» بالتعاقد على إيجار 3 مخازن تحت الإنشاء من «الشمس» فى 31 أغسطس 2010 بمساحة وهمية قدرها 3600 متر، ذكر العقد أنها تقع فى زمام مركز طوخ، حيث كان الترخيص صادرًا لاستخدامه كمعلف ومخبز وتم إلغاء الترخيص وصدر قرارى إزالة للمخازن من محافظ القليوبية بأرقام 642 و1762 فى يوليو 2010 أى قبل التعاقد مع الشركة الحكومية، وهو ما يؤكد تورط مسئولين حكوميين فى التستر على قرارت إزالة مبانٍ مقامة على أراض زراعية. كما تشمل المستندات أيضًا تقديم تسهيلات نقدية للغير دون وجه حق، ومنها قيام «المصرية لتجارة الجملة» بسداد مبلغ 60 ألف جنيه قيمة إيجار سنوى مقدمًا فضلا عن «تأمين» قدره شهران خلال شهر سبتمبر 2010، بعد توقيع العقد على الرغم من علم الشركة بعدم تجهيز المخازن موضوع التعاقد للاستخدام. وتؤكد مكاتبة رسمية صادرة عن العضو المنتدب للشئون التجارية والمناطق بالشركة الحكومية فى 26 مارس 2011 وموجهة إلى القطاع المالى، قيام المؤجر السيد نجم محمد عيسى بإنشاء مخازن لتأجيرها للشركة وتحديد أجل تسليم تلك المخازن حتى فبراير 2011 دون حصول الشركة على ضمان مقابل سداد هذا المبلغ، مع العلم أن خطاب الضمان المقدم من المؤجر بمبلغ 51 ألف جنيه يمثل قيمة تأمين ابتدائى لضمان جدية تسليم المخازن موضوع العقد طبقًا للبند الرابع عشر من التعاقد. ومن جهتها، خاطبت الوحدة المحلية بالمنطقة التابعة لمركز طوخ «الشركة العامة لتجارة الجملة» من خلال كتابها رقم 348 فى 11 مارس الماضى، عبر الفاكس، بضرورة إخلاء المخازن لتنفيذ قرارات الإزالة، وأرسلت الأخيرة الخطاب إلى الشركة بتاريخ 19/3/2014 نظرًا لكونها المختصة بالموضوع، لكنها لم تكلف نفسها عناء الرد. وكشفت معاينة أجراها «الجهاز المركزى للمحاسبات» عن أن الموقع يبعد عن الشركة بمسافة 30 كيلو مترًا ويقع فى نطاق «الشركة العامة» وأن المخازن عددها 2 فقط، كما أن المساحة الفعلية تقل عن الموضحة فى العقد ب 33،112 مترًا، فضلًا عن سداد مبلغ آخر بالزيادة نتيجة اختلاف المساحات، كما أظهرت ملاحظات الجهاز وقوع المخزن داخل المنطقة الزراعية وعدم تأكد الشركة من حصول «الشمس» على رخصة للمبانى، كما أن العقد لم يحدد الحدود الأربعة للمكان، مما يعنى أنه «مشاع». وأظهر تقرير «المحاسبات» قيام الشركة بتأجير المخازن على الرغم من وجود العديد الأراضى غير المستغلة فى بعض الإدارات التابعة لها، والتى كان يتعين استغلالها لتوفير نفقات الإيجار الذى تتحمله الشركة، فضلا عن مخالفة أخرى جسيمة وهى عدم الإعلان عن رغبة الشركة فى تأجير أماكن داخل النطاق الجغرافى لمزاولة النشاط بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات. فيما كشف تقرير الجهاز أيضًا أن قيمة العقد 5 ملايين جنيه وأنه قد تم بالأمر المباشر بالمخالفة للمادة 117 من لائحة الشركة، ناهيك عن أن شروط التعاقد ضد مصلحة الشركة بإلزامها بسداد قيمة إيجار الخمس سنوات الأولى فى حال رغبتها فى ترك المخازن قبل هذه المدة كشرط جزائى فيما يدفع المالك 129 ألف جنيه فقط إذا لم يلتزم ببنود التعاقد، وعلى الرغم من أنه لم يلتزم ببنود العقد لم يتم فسخه حتى الآن! والغريب أن المخازن صدر لها قرار إزالة لم يُنفذ، فجميع الإجراءات صورية وتساعد المعتدين على مزيد من التعدى على الأرض الزراعية ومخالفة لقانون المزايدات والمناقصات وللمادة 117 من لائحة الشركة وغير مستغلة استغلالًا يقابل المبلغ المسدد عن الإيجار.