سعر شهادة تغيير الملة بين الكنائس يتراوح بين 30 و 50 ألف جنيه.. والاتفاق عليها يتم مع رئيس الطائفة وكيل المجلس الإكليريكى: لدينا خمسة شروط للتصريح بالزواج الثانى هى الانحراف أو تغيير الدين أو المرض النفسى أو العجز الجنسى أو الإكراه على الزواج لاتزال مشكلة الزواج الثانى للأقباط عصية على الحل، وبينما تتمسك الكنيسة بموقفها الرافض لإعطاء التصريح بالزواج إلا فى حالات بعينها تحددها وفق رؤيتها للعقيدة، تتكدس مئات الشكاوى أمام المجلس الإكليركى وأروقة المحاكم لحل تلك الأزمة التى انتقلت إلى الفضاء الإلكترونى، وظهرت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعى تحمل أسماء ائتلافات وحركات تطالب بحل تلك الأزمة المحتدمة فى حياة أقباط مصر. «الصباح» توجهت إلى مقر المجلس الإكليركى بالكاتدرائية، فوجدت تجمعًا لأصحاب المشاكل الزوجية يقفون فى انتظار دورهم لمعرفة الموقف من طلباتهم، تتعدد حكاياتهم وقصصهم ويجمع بينهم الانتظار، حسابات الهموم لاتعرف الأيام هنا، بل إن السنوات هى الملازم لمعاناة المطالبين بتصريح الزواج الثانى، ومن قبلى إلى بحرى وبين المحامى والمهندس والطبيب والمدرس اختلفت أشكالهم لكنهم اتحدوا فى مشكلة واحدة. يقول أمجد نصحى، إنه تزوج فى سن التاسعة عشرة من امرأة تكبره بعشرين سنة لأنها غنية، معترفًا بأنه فعل ذلك للوفاء بديون والده المحبوس، وبعد زواج أقل من شهر انفصلا، المفاجأة أن زوجته السابقة تزوجت على أساس أنها من الطائفة الإنجيلية بعد أن حصلت على حكم بالخلع، بينما ترفض مطرانية سوهاج إعطاءه تصريحًا بالزواج. ويشرح أشرف أنيس أحد المتقدمين لطلب التصريح بالزواج الثانى ومؤسس ائتلاف «الحق فى الحياة»، أنه تقدم بإنذار على يد محضر للانسلاخ من الكنيسة الأرثوذكسية، مؤكدًا أنه هناك نحو ألف حالة أخرى تقدموا بنفس الطلب -بحسب قوله-، مشيرًا إلى أنه أبدى رغبته فى أن يكون مسيحيًا بلا ملة، وأقام دعوى قضائية للطلاق فى المحكمة مطالبًا بالاحتكام إلى الشريعة الإسلامية، وطالب المحكمة الاستعلام عن موقفه الدينى بعد تقدمه بإنذار الانسلاخ عن الملة، إلا أن الكنيسة بأن الإنذار المقدم عديم الاثر ولا يعتد به. ويكشف أنيس فى حديثه ل«الصباح» أن هناك من يشترى شهادة تغيير ملة من كنائس الطوائف الأخرى، ويتراوح سعرها بين 30 و 50 ألف جنيه، ويتم الاتفاق عليها مع رئيس الطائفة أو محامى كنيسة الطائفة، بحسب قوله. ووصف أنيس، المجلس الإكليريكى بأنه «كيان شكلى» معتبرًا أنه ومنذ إنشائه فى 2008، وتم تعديل لائحة 38 للأحوال الشخصية على يد البابا الراحل، وبطريرك الكرازة المرقسية، شنودة الثالث، كتأديب لمن رفعوا قضايا للمطالبة بتغيير الملة أو الزواج الثانى، مشيرًا إلى أن الكنيسة تحاول الوصول إلى إنشاء المحاكم الملية التى ألغاها جمال عبد الناصر، معربًا عن رفضه لفكرة أن يصبح الكاهن قاضيًا، وداعيًا إلى إصدار قانون مدنى للأحوال الشخصية. ومن بين الصفحات التى انتشرت عبر «الفيسبوك» (ائتلاف الزواج الثانى، وحركة أقباط38، وحركة الحق فى الحياة). ونشرت إحدى الصفحات التى تتناول مشكلة الزواج الثانى للأقباط على موقع «فيسبوك» وتحمل اسم «نعم لقانون مدنى للأحوال الشخصية للمسيحيين فى مصر» شهادات ووثائق زعمت أنها تثبت تلاعب المجلس الإكليريكى فى التقارير التى يصدرها حسب ما جاء بالصفحة لكنها مُجهلة الأسماء. ومن بين تلك الحالات التى قالت الصفحة إنها تلقت بياناتها من صاحب الشكوى، أن المعمل التابع للمجلس الإكليركى أصدر تقريرًا يفيد بأن الزوجة مازالت بكرًا حتى يسهل إعطاؤها تصريحًا بالزواج، وعند الطعن فى التقرير تم تحويلها للطب الشرعى الذى أصدر بدوره تقريرًا يؤكد أن الزوجة ليست بكرًا. «الصباح» سألت «مدير الصفحة» عن أسباب نشر التقارير بدون أسماء، فأجاب أن مصادر تلك القضايا هم من طلبوا ذلك حفاظًا على خصوصياتهم. نادر الصيرفى مؤسس «رابطة أقباط 38» قال: إن كل أعضاء الرابطة حصلوا على تصريح بالزواج، وأنهم لايقبلون أعضاء جددًا إلا ممن لديهم تصاريح بالزواج، مشيرًا إلى أن الرابطة تدافع عن قضية عامة وليست شخصية مشيرًا إلى أن هناك العديد من الجرائم التى ترتبت على تلك المشكلة المستمرة منذ سنوات. وأوضح الصيرفى، أن المجموعة لا تطالب بقانون للزواج المدنى لأن الدولة لن توافق عليه -بحسب اعتقاده-، مشيرًا إلى أن الأنبا باخوميوس والبابا تواضروس أقرا فى الإعلام أن أقباط 38 أصحاب حق والبابا وعدهم بحل المشكلة. ولفت الصيرفى إلى أن كثيرًا من الأقباط غيروا ديانتهم للتخلص من المشكلة، متهمًا المجلس الإكليريكى بالتعامل بطريقة وصفها ب«المريبة» لافتًا إلى أن سيدة -لم يحدد اسمها- عانت طوال 12 سنة فى المجلس ولم تستطع الحصول على تصريح زواج ثانٍ، إلا أن أسقفًا جديدًا اطلع على ملفها ووافق على منحها تصريحًا بالزواج فورًا وأصبح المستحيل ممكنًا. ويقول الصيرفى، إن الإنجيل لايوجد به نص يقول إنه «لا زواج الا لعلة الزنى»، لافتًا إلى أن كتابًا للدكتور موريس تواضروس لترجمة الكتاب المقدس من لغاته الأصلية ومعتمد من الأنبا بيشوى ورد فيه أن مضمون هذه الآيات يختلف عما تردده الكنيسة، وتعنى أن الطلاق ليس ممنوعًا، ولكن الزنى هو الممنوع وهدف الآيات هو منع الزنى وليس الطلاق -بحسب قوله-. وتابع الصيرفى، إن جميع اللوائح السابقة تعترف بالطلاق لأسباب قد تؤدى إلى الزنى، وهناك تناقض بين التمسك بفكرة لا طلاق إلا لعلة الزنى وإعطاء تصاريح لحالات أخرى غير الزنى. الأنبا بولا أسقف طنطا ومسئول الأحوال الشخصية فى الكنيسة، أكد أن الكنيسة لن تقبل قوانين تخالف تعاليم الكتاب المقدس، وأنه لابد من تعديل قوانين الأحوال الشخصية لتتوافق مع قوانين الكنيسة، مقترحًا أن يتحول المجلس الإكليريكى العام إلى مجالس إقليمية فى المحافظات المختلفة. من جانبه يقول المستشار القانونى للكنيسة الأرثوذوكسية، رمسيس النجار ل «الصباح» إنه لا يجوز إعطاء تصريح بالزواج الثانى إلا وفق تعليمات الكتاب المقدس ولا يمنح ذلك التصريح لمن أخطأ، وكشف النجار أن أعداد من يطلبون التصريح بالزواج الثانى لا يتجاوزون 1500 حالة، مرجعًا الأزمة إلى سوء الاختيار وداعيًا الشباب إلى التريث فى الاختيار وإجراء الكشوف الطبية اللازمة قبل الزواج. ومن جانبه نفى القمص رويس عوض وكيل المجلس الإكليريكى للأحوال الشخصية ل«الصباح» صحة ما يتردد بأن عدد حالات الزواج الثانى فى الكنيسة تقدر بمئات الآلاف، كاشفًا أن الملفات التى بين يدى مسئولى الإكليركى 5 آلاف حالة فقط لا غير. وأضاف أن المسألة بالنسبة للكنيسة محسومة وفى النصوص الدينية «من البدء خلقهما ذكر وأنثى» و « لا طلاق إلا لعلة الزنى»، ولن تخالف الكنيسة هذه النصوص مهما حدث -بحسب قوله-. ويتابع : الكنيسة حددت خمس حالات لإعطاء تصريح ثانٍ للزواج وهى «الانحراف تغيير الدين، المرض النفسى، العجز الجنسى، الإكراه فى الزواج». ولابد لهذه الحالات أن يتم إثباتها بحكم المحكمة، وما عدا ذلك ليست هناك حلول لدينا.
ويؤكد وكيل المجلس الإكليريكى أن من يريدون تصريحًا بالزواج الثانى غير الحالات الخمس ليس لديهم أى حق، وبشأن شهادة تغيير الملة فإنها لاتوجد لها قيمة لدينا - بحسب تعبيره- إلا فى حالة واحدة أن تكون هذه الشهادة مدروسة لدينا وينطبق عليهم الشروط الخمسة السابقة.